عيسي الحلو احتفاء بخمسين عاما من الكتابه

محمد الصافي

عند يذكر الادب السوداني , وعلي مدي تاريخه الطويل الحافل بالانجازات ,وبمبدعيه الكبار
يذكر دائما وبكل حفاوه, الملاك الجميل , عيسي الحلو , صاحب
ورده حمراء من اجل مريم واخيرا وليس اخرا الورد وكوابيس الليل
خمسون عاما من التوهج قضاها عيسي الحلو في غياهب ومتاهات السردالجميل والكتابه
ممثلا قيمه ابداعيه وقامه سامقه في تاريخ ادبنا السوداني الحديث. .
اذكر باني التقيت به مصادفه ذات يوم صيفي حارق
في منتصف التسعينات من القرن الماضي , كنت وقتاها في زياره بحي العباسيه
وفي الطريق باتجاه شارع المورده
لاح لي علي منحي الطريق من البعد شيخنا واديبنا الرائع مترجل بكل وسامه وقار وهدوء
وعلي محياه تبدوالوداعه والا لفه
هرولت باتجاه / استوقفته وعرفته بنفسي ……
قلت له باني من اشد المعجبين باعماله الروائيه والقصصصيه ,والحق يقال استقبلني اديبنا بحفاوه كبيره
حدثته عن حبي وولعي بنصره في قصه الرائعه نافذه علي الشمس .، وعن انجلينا والمراكب ,
وشاشه في سقوف المدن ومريم في ورده حمراء …………
اذكر وقتاهاتحدثنا عن الاغنيه الرائجه في ذلك الوقت البنت الحديقه ومن ثم سالته
عن الحديقه اوالنبع الذي يستمد منه
شخصياته الروائيه والقصصيه , رد علي بجديه شديده
أنا لى ما يشبه متحف الشمع… اذ أصنع كل
شخصيات قصصى وروايتى داخل قاعة هذا المتحف . واستعين بها مرة ومرات فى أعمالى الجديد
..أى أننى أجى بشخصية قديمة لأضعها فى موقف جديد وزمن جديد لأكشف عن المتغيرات
التأريخية والحضارية لهذه الشخصية , وذلك لأن عالمى القصصى هو عالم محدد بأفكار وقناعات
وتجارب تمثل روايتى الفلسفية والاجتماعية والثقافية وبذا أكشف فى ذات اللحظة
عن التحولات التى ألمت به .
وتحدثنا كثيرا وقليلا في حوار لم يمتد لاكثر من عشرين دقيقه , من ثم تركته متجها صوب
الهيئه القوميه للثقافه والفنون , حيث كان حيناها مجتهد ا ونشطا في تحريك الساكن الثقافي
عبرمجله الخرطوم في تلك الحقبه .
ودعت الملاك الجميل وعلي امل الوعد بان ازوره , واحتسي معه كوب شاي بمنزله بالعباسيه
لنكمل ما بدانه من حوار ,

محمد الصافي / الولايات المتحده – فيرجينيا

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. بحمسين عاماً وليس بخمسون (مجرور بالياء وعلامة جره اليائ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم) . ثم الكتابة وليس الكتابه. والله لم اقرأ الموضوع(وليس لدي اي رغبة قراءته) فهذا تعليق على العنوان فقط ومؤكد ستكون هناك أخطاء لغوية وإملائية وتركيبية وصياغية . هذا هو مستوى الصحفيين في بلادنا في زمن المعجزات الإنقاذية والعياذ بالله

  2. الاخ عبدالماجد / شكرا للك علي هذا المقال النقدي القيم . الذي يدل علي ثقافه وحساسيه نقديه حديثه , انت بلاشك ناقد كبير
    وعلي ذات الاثر اهديك مقال نقدي لعيسي الحلو , يدل علي خبرته النقديه والسرديه الكبيره التي اشرت اليها. وعلي انه اول من طرق باب الحداثه في المشروع السردي السوداني منذ بدايتهالاولي والمبكره في ريش الببغاء وحتي الان في مشروعه الحديث الورد وكوابيس الليل

    اللغه والرؤيا مابين المرئي واللامرئي
    عيسى الحلو

    كثيرون منا ..يخدعون..احيانا..بذلك الملمس الناعم للغة الادبية..(الشعر /القصة/الرواية).يظنون..ان اللغة هي هذا الزبد..ناعمة تورق الورد، ولكن على الجانب المقابل، فحتى رقة الورد تحمي نفسها بالشوك.
    في الاعمال الابداعية(الكتابة)..ليست هناك ملة ناعمة وأخرى فظة.فالفنان لا يختار كلمات جاهزة ومعلبة.ولكن يقوم بتفريغ الكلمة الشائعة من معناها المستهلك والذي فقد قدرته فى التوصيل..ومن ثم يملأ الكلمة بكهرباء القدرة والدهشة..وكل هذا تأخذه الكلمة من وضعها الجديد والمكتشف، من خلال بنية النص في تركيبه الكلي.
    وفي كتاب الناقد البنائى(رولان بارت)(هسهسة اللغة)..وعلى ضوء هذا يقول..(ان المنطق الذي يضبط النص ليس افهاميا بل هو كنائى يهدف الى تحرير الطاقة الرمزية فى النص. ويؤكد(بارت) ان النص هو رمزى، وجذري فى رمزيته، وعلى ضوء هذا ايضاً فالنص ينجز عملية جمع المعنى.
    ومن هذا كله تصبح اللغة هي الفضاء المشترك الذي تعمل فيه حرية كاتب الكتابة(المؤلف) وقارىء الكتابة(القارىء)، وبذا تصبح اللغة هسهسة او همهمات ندية تولدها اللغة عند القارىء، منها لذة المعرفة، ولذة الانشداد للنص الذي تكونه اللغة واللذة الاخيرة تولدها مغامرة الكتابة والقراءة معاً(حسب رأى بارت).
    واللغة ليست كلمة..بل هي مجموعة كلمات نظمت في سياق..ومن هنا تصبح اداة من الادوات التي يشتغل بها الفنان الكاتب وهي قد تستخدمه كما فى الشعر(على حد قول سارتر)..او ان الكاتب هو الذي يستخدم اللغة كما في النثر (سارتر)..واختيار الكاتب لاحد الموقفين بصدد استخدامات اللغة او خلطه للموقفين معا..وهو موقف يحدده ويشرطه موقفه الرؤيوي للاشياء، والذي يتكون منذ وقت مبكر كطريقه للوعي..وعي الاشياء.
    وهناك فنانون(شعراء/روائيون)من ذوي المزاج الحار..يناضلون في الحياة بعنف وقوة، وهناك فنانون مسالمون جدا، فمنهم من يكون عنيفا مع موضوعه، ومنهم من يكون لطيفا، وبالقطع ان هذه الطبيعة الخاصة بوجدان الفنانين هي الاطار الانفعالى الذي يحدد الاطار العام للموقف الرؤيوى للمبدعين هنا..او هناك..وهذا الموقف هو الذي يطبع الابداع بطابعه هنا او هناك.
    همنجواي..ينتمى لسلالة المكتشفين الاوائل لامريكا الوعرة والبدائية..وهو تلميذ للروائي الامريكي(جاك لندن) الذي ينتمي لحركة اليسار السياسي الأمريكي تدور موضوعات جاك لندن حول خليج هدسن..اصقاع شبه قطبية..بطله هو ذاك الانسان المعزول في الاصقاع الثلجية..ذهب بحثاً عن الذهب او الخبز..ولكنه يموت تحت الثلج وتنهشه الذئاب.ويقول تاريخ همنجواي الشخصى انه شهد معارك الحرب الكونية الثانية في اوربا.كان مراسلا حربيا لجريدة شيكاغو.كان يراسل صحيفته برقيا.
    فنطبع اسلوبه الروائي بالطابع التلغرافي الموجز والمركز، وكل هذه العوامل ..الحرب..وتأثيرات جاك لندن الفظة..شكلت فيما بعد طريقته في الكتابة..والحب والحياة والموت.كان همنجواي يكتب مخطوطات رواياته على الآلة الكاتبة واقفا زهاء عشرات الساعات..كان لا يتعب ..ولا يناله الجهد..وفى هذا كان يقول..عندما ادخل غرفة المكتب، فأنا انسى جسدي عند الباب.
    الشاعر محمد عبد الحي، كان يتحمل الأذي فى صبر بطولي..بعد اصابته (بالقلب) شل جانبه الأيمن، فتعلمت يده اليسرى الكتابة بخط جميل، وكان بذات اليد يقود سيارته..كلاهما..عبد الحي وهمنجواي..كان رواقيا..شديد القدرة على تحمل الأذى، وعبد الحي في (السمندل يغني)..كان يراقب ميلاد الأشياء..وتكويناتها الأولى..وتحولاتها..وكان يخترع لها الأسماء والمعاني عبر جهد عنيف..اذ يصارع الاشياء العجماء..كان يبحث عن لغة عنيفة لغة نضرة وجديدة..وكانت اللغة تحت هذا العنف كأفراخ الطير التي تكسر القشرة لتطل على هذا الوجود..فاللغة هنا تستولد حياتها من بين ركام العادة..وفي هذا المكان كان بعض من شعراء السودان يحاولون ذات المحاولة وان كانوا لا يكتفون بالنص اللغة بل يضيفون الجهد للعمل الادبى كمضمون..الا ان التطور اللاحق بعبد الحي كان الشاعر عاطف خيري..وكان ان صاغ النقد الجديد موقفه بين الأبداع والاتباع في اللغة.
    عاصر همنجواى..المسرحي تنسي وليامز، والذي وضعه النقد في الجانب المعاكس لهمنجواي، كان تنسي وليامز يهتم بدواخل البطل المسرحى والجنس هو الدعامه التي كان يقوم عليها كل عالمة الفني..فكان العمل الفني هنا يعبر عن مجتمع مديني معقد في تشابكات علاقاته الاجتماعية فكانت اللغة تصعد لرؤيا وايقاع الشعر مما جعل اللغة كلها تصبح مجازا للواقع.
    اما همنجواى وعبد الحي وكمال الجزولي وعاطف خيري فهم يعكسون الوضع بجملته..فهم يقومون بانقلاب كامل فى وضع هذا المجاز اذا يرتفع الواقع لمستوى المجاز رنين كما يقول(كونديرا) (وكل كلمة محاطة بموكب غير مرئى من كلمات اخرى، لا تكاد ترى..لكنها ترن معها).
    كان همنجواي..في كل قصصه القصيرة..يأتي بمثل هذا المجاز..ففى قصته(تلال كالفيلة البيضاء ) يدور هذا الحوار بين بطلة القصة وبطلها).
    تقول البطلة..انظر الى تلك التلال التي تلوح كالفيلة البيضاء.
    يقول البطل..هل هنالك فيلة بيضاء اصلا؟
    اننى لم ار فيلة بيضاء مطلقا!
    كان البطل(بطل القصة) عاجز عن رؤية المستوى الباطن للواقع..هو عاجز عن رؤية المرئى لانه لا يستطيع من ثم رؤية اللا مرئى الذي يختبىء خلف قناع الواقع.
    ان هذا المعني الخبيء للقصة هو المسكوت عنه..وهمنجواي يطالبنا بأن نكشف المعني المستبطن خلف المظاهر الواقعية، وذلك عبر لغة مباشرة تدفعنا دفعا لان ندخل في قلب الاشياء..دون ان يقدم لنا معلومات ضرورية هنا.فكل عمل ابداعي يدعونا ان ندخل فى صميمه حيث يختبىء المعنى..كما يختبىء الرحيق في البرتقالة..او كما يختبىء البستان في الوردة..فشاعرنا محمد المكي ابراهيم يشتغل فى هذه المسافة: حيث تختفي الحدود بين الواقعي والمجازي الشىء ورمز الشىء.
    ومن الغريب جدا، ان الناس يحولون الواقع الى رموز..ويتعاملون في حياتهم اليومية بيسر ويتفاعلون مع هذه الرموز..ولكنهم لا يستطيعون بذات السهولة ان يحيلوا الرموز الى واقع..ولهذا لا تدخل القصيدة في هذا الواقع الا بوصفها مجازاً ولكن محجوب شريف يقول(احبك حقيقة..واحبك مجاز) والحقيقة هنا مقصود بها الواقع اليومي المعاش.
    وما بين الواقع وبين المجاز يجىء ويذهب العمل الفني الجيد الصنع.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..