هل ستستولي حماس على الضفة الغربية؟

يوهم زعماء العالم أنفسهم بأن المصالحة بين الحركات الفلسطينية يمكن أن تؤدي إلى السلام. هاذا الاجماع شبه العالمي في أن الوحدة بين فتح وحماس المتطرفة تشكل خطوة إيجابية نحو تحقيق تسوية مع إسرائيل. غير أن هذه الوحدة بين الكيانين الشريرين لا يمكنها أن تؤدي إلى نتائج إيجابية.
إن هذه الوحدة نتيجة تخوف حماس في أنه في ضوء الأزمة الاقتصادية ستواجه ثورة داخلية طالما لم توقف الانهيار والتدهور المتواصلين في صفوفها. لقد وافقت حماس على أن تدخل إدارة غزة تحت المظلة السياسية لـ م.ت.ف، ولكن برغم أن السلطة ستشرف على معابر الحدود، يصر زعماء حماس على أن يبقى الأمن تحت سيطرتهم وأنهم لن يضعوا السلاح. كما أنهم لن يكفوا عن بناء الأنفاق الإرهابية. في عشية المصالحة، رفعت حماس إرهابيين متزمتين إلى مناصب أساسية وعادت وأعلنت بأنها ترفض كل تسوية مع إسرائيل.
من شأن المصالحة أن تسمح لحماس أن تتحكم بالسلطة أو تغيرها ـ وهذا ما يفهم أيضا من الوثائق التي نشرت هذا الأسبوع في «إسرائيل اليوم». فبينما سيسمح بداية لعباس بأن يعرض نفسه بأنه الزعيم الوطني، ستستولي حماس على السيطرة العملية على الضفة الغربية.
عباس مستعد لأن يتقدم بهذا الاتجاه مع أعدائه الألِدّاء كي يتمكن من الادّعاء بأنه يمثل الفلسطينيين جميعهم. كما أنه يقف أمام تهديدات في أوساط صفوف منظمته، ولا سيما من جانب خصمه اللدود محمد دحلان.
يواصل عباس الاصرار على حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل، يرفض العروض لإعادة أكثر من 95 من مئة من المناطق ويفاقم بشكل دراماتيكي التحريض في أثناء السنوات الأخيرة بل ووعد مؤخرا المجلس الثوري لفتح بأن يواصل نظامه تخصيص الرواتب لعائلات المخربين في السجون وعائلات «الشهداء». هذه السنة، أكثر من نصف المساعدات الخارجية التي تتلقاها السلطة وزعت تعويضا للإرهاب.
وفقط بعد دعوة الرئيس ترامب للتوقف عن هذه الدفعات، ألغت بعض الدول الأوروبية المنح التي تقدمها. ومن شأن الكونغرس الأمريكي أن يقلص المساعدات للسلطة طالما لم تتوقف هذه عن تشجيع أعمال القتل.
يتوقع زعماء العالم من إسرائيل أن تقدم تنازلات من طرف واحد في مصلحة هذا المجتمع الشرير. ومحبط على نحو خاص أن نسمع ترامب يواصل الاعراب عن الثقة في أنه يمكن الوصول إلى السلام من خلال الموقف المتصالح.
إن معظم الأسرة الدولية تحيي المصالحة بين فتح وحماس، ولكن النزاع بين الحركتين يقوم على أساس منافسة شخصية وعائلية وليس على الأيديولوجيا. ففتح تتحدث بتعابير أرقى، ولكن للمجموعتين الهدف النهائي ذاته ـ شطب إسرائيل.
إذا صمدت «المصالحة» بين فتح وحماس، فسيتصدر عباس لمشاكل عديدة. حتى الآن، تملص من المسؤولية في كل ما يتعلق بإرهاب حماس. أما الآن، بصفته يقف على رأس كيان موحد، فإنه سيتحمل المسؤولية. هناك شك بالنسبة لمسألة إذا كانت قوت الأمن لديه ستمنع هجمات إرهاب حماس في نطاق الأراضي التي يتولى المسؤولية فيها.
لقد امتنعت وزارة الخارجية الأمريكية عن جدب هذه المبادرة الفضائحية. عليها أن تعترف بأن إسرائيل ستكون ملزمة بالقيام بأعمال وقائية إذا ما سيطرت حماس على السلطة وجلبت قوات من إيران وحزب الله إلى حدودنا الجنوبية. على الولايات المتحدة أن تحذر الفلسطينيين من أنهم سيضطرون إلى التصدي لأعمال رد ذات مغزى طالما لم يكفوا عن اعتداءاتهم على إسرائيل. يجدر بترامب أن يجمد المساعدات الخارجية لإسرائيل طالما لم يتوقف زعماؤهم عن التحريض وعن تمويل الإرهاب.
على إسرائيل أن تؤيد الفلسطينيين الكثيرين الذين يتصدون للإرهاب وتعمل على تحسين شروط حياتهم وجودتها. إذا عمل العالم الديمقراطي بشكل موحد في هذا الاتجاه، فإن قيادة السلطة ستنهض بسرعة وتطلب الوصول إلى تسوية سلام حقيقية.
في هذه الأثناء، علينا أن نبقى أقوياء ومستقلين. وبينما تتوافق التسوية مع مصالحنا، فإن الأمر سيكون ممكنا فقط عندما يكون شريك حقيقي يمثل الفلسطينيين مستعدا لأن يتباحث معنا.

ايزي ليبلار
إسرائيل اليوم + القدس العربي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..