أنهكته بوعودها

نمريات

أنهكته بوعودها

اخلاص نمر

٭ المكفوف لم يختر قدره بيده.. وشاءت الأقدار أن يبقى نظره حبيس الظلام… لم يستسلم الكفيف وشق الطريق الشائك متسلحاً بالإرادة القوية والرغبة في كسر جدار المستحيل، فبرز عدد من المكفوفين في مجال العلم والمعرفة ونيل الدرجات العليا والأمثلة في وطني كثيرة، ولكن ماذا قدمنا لهم نحن المبصرين؟ لا شيء، فلقد أضاعت الدولة «عمداً» حقوقهم وأهدرت ملكاتهم الإبداعية بلا أدنى محاولة لتوظيفها في المجالات التي يمكن أن تخرج هذه الطاقات المدفونة إلى النور وتحت شمس الوطن الذي يجب ألا يصنع تمييزاً أو يضع حداً لقبول المبصر في وظيفة ?مكن أن يؤديها الكفيف أيضاً وبنفس الكفاءة، خاصة أن العالم كله يمنح الكفيف حق العمل في الدولة.
٭ تمييز الكفيف بمحاولات ومداولات لا تفضي إلى وضع «حد» لمجيئه وذهابه صباحاً ومساءً لمكاتب الدولة التي وعدتهم يوماً ما بنسبة مئوية معينة «01%» في وظائف الدولة إبَّان حاجتها لمن يكمل «الانتخاب والاقتراع» وذهب وعدها بـ «الجزم» لـ «نصب» الشواغر أمامهم «مفتوحة» من أجل التوظيف الجاد بـ «جر» المكفوفين للإسراع نحو الصناديق للإدلاء بأصواتهم، لكن جاء فيه «عدم الالتزام سريعاً» ثم «التنصل التام» عن النسبة التي تقلصت بقدرة الدولة إلى خمسة بالمائة فقط، ويا ليتها تحققت!!
٭ بالأمس القريب ثار طلاب جامعة الخرطوم داخل حرمها «اعتصاماً» مطالبين بحقهم في المكتبة الصوتية التي أغلقت أبوابها في وجوههم، ولكن باستصحاب الحكمة في «حل» المشكلات تم «الاحتواء» الذي أدخل الضوء إلى قلوبهم فزاد بصيرتهم نقاءً على نقائها.
٭ واضح أن جامعة الخرطوم قد بلغ بها الاقتناع مداه بمطالب المكفوفين، فمنحتهم حقهم الذي يجب «أن يكون»، وإذا فعلت غير ذلك فإنها ستكون حتماً قد سلبتهم الحق وهي منارة العلم والحقيقة.
٭ مازال الكفيف يدخل استقبال مؤسسات الدولة لمقابلة المسؤولين ويخرج «صفر اليدين»، رغم رحلاته المتعددة في سبيل نيل حقه الضائع بين استقبال هذه المؤسسة وتلك التي تمثلها الرعاية الاجتماعية التي تركته «يلف ويدور» حول نفسه، وأمنيات التوظيف تسربل خطاه وتدفعه نحو «حلم» بـ «لقمة العيش» التي تنتظرها أسرة بكاملها، بينما أولاد «المصارين البُيُض» تحجز لهم المقاعد في المؤسسات والوزارات «الخارجية» منها و«الداخلية».
٭ الكفيف في مفهوم الدولة ــ وبعد أن أنهكته بوعودها الكاذبة وجرجرته إلى استنفاد ماله في المواصلات اليومية ــ شخص غير مرغوب في توظيفه، والحمد لله أنها جاءت على عدم الرغبة في التوظيف ولم تدخل في عدم الرغبة في وجوده في هذا المجتمع، وإلا لكان للحديث استفهام آخر.
٭ للكفيف حقوق يجب أن ينالها باندياح ويسر، ولكن حكومتنا التي تتحدث كثيراً عن «مشروعها الحضاري» لم تعرف بعد أن قمة الحضارة هو منح كل ذي حق حقه، وأن الدولة المتحضرة تمنح الكفيف وظيفة في الدولة، فيعمل ويكتشف ويبدع فتتباهى به… أين أنتم من هذا!!
همسة:
أسرجت خيلي إليك يا امرأة الشموخ التي اشتهي
يا امرأة العطاء والكرم الحفي
يا امرأة تغير وجه الدنيا
لوجه جديد بهي

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..