جنوب السودان والصراع العبثي

صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية

لطالما كان تحويل جنوب السودان إلى دولة لها مقومات البقاء، بعد إعلان استقلالها عن السودان عام 2011، بمثابة تحدٍ هائل.

وقد جعل كل من رئيس جنوب السودان سيلفا كير، وزعيم المتمردين ريك مشار، تلك المهمة أكثر صعوبة إلى حد كبير. فمنذ اندلاع الحرب في ديسمبر الماضي، حَوّل هذان الخصمان السياسيان وأتباعهما المسلحون، البلاد لساحة قتل، فذبحوا ألوف السودانيين الجنوبيين، وعرضوا ألوفاً آخرين للخطر، وبددوا الآمال بتحقيق مستقبل مستقر.

وفي إطار أحدث المؤشرات إلى مدى ما آلت إليه الأمور من سوء، صرحت “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، بأنها ستباشر أول عملية إنزال جوي للمواد الغذائية والإمدادات، منذ نحو عقدين، لمساعدة الأسر في معسكرات الإيواء المؤقتة والمناطق النائية، إذ أعاقت الحرب الأهلية عمليات تسليم الشحنات عبر الطرق البرية والأنهار.

وحاليا، يواجه المجتمع الدولي مشكلةً ذات شقين، الأول هو مساعدة المدنيين المعرضين لخطر المجاعة، والآخر هو الضغط على كل من رئيس جنوب السودان وزعيم المتمردين، لإنهاء حربهما العبثية التي تعود لدافع عرقي. وعلى صعيد المساعدات الإنسانية، بدا العالم مغلول اليد على نحو مثير للاشمئزاز، ليساهم فقط بنحو 500 مليون دولار من أصل 1.27 مليار دولار، ذكرت الأمم المتحدة أنها مطلوبة بحلول منتصف العام الجاري.

وأدى تدخل وزير الخارجية الأميركي جون كيري وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، خلال الأسابيع الماضية، إلى توقيع كل من رئيس جنوب السودان سيلفا كير الذي ينتمي لقبيلة “الدينكا”، ونائبه السابق رياك مشار الذي ينتمي لقبيلة “النوير”، على اتفاق لوقف إطلاق النار، والسماح بدخول المواد الإغاثية. غير أن وقف إطلاق النار بدأ بالانهيار على الفور، تقريبا.

لذلك، على مجلس الأمن التحرك بسرعة لتعزيز بعثة حفظ السلام الدولية في جنوب السودان وتوسيع نطاقها. وقد جمدت الإدارة الأميركية أرصدة لحلفاء كلا الزعيمين في الولايات المتحدة، وعليها زيادة الضغط بإضافة المزيد من الأسماء للائحة العقوبات تلك. وبينما يُعرّض كل من سيلفا كير ورياك مشار، ملايين المدنيين الأبرياء لعمليات القتل والفوضى، فإن عائلاتهما وأرصدتهما المالية بأمان في الدول المجاورة.

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..