في شرح العملية الجراحية.. حكومة عطا المؤقتة : محاوله لفهم مايجري

صديق محيسي

قبل ان يخضع الرئيس عمر البشير لعملية استبدال ركبتيه كان علي محمد عطا وفريقه المشكل من جهاز الأمن والدائرة المقربة من الرئيس ان يشرعوا في وضع خطة امنية تضع كل الإحتمالات لما بعد العملية, ومن بين تلك الإحتمالات المفترضة أوالمتوقعة الا تنجح العملية فيموت الرئيس فينفجر فجأة الصراع حول السلطة سيما وان لاعبا قديما جديدا هو الدكتور حسن الترابي يظهر بقوة في المشهد السياسي منذ تخليه عن المعارضة وإنضمامه الي عدوه التاريخي الذي اطاحه من سدة القيادة قبل خمسة عشر عاما, يري المراقبون للحالة السودانية إن السلطة اودعت بكاملها لرئيس جهاز المخابرات متجاوزا كل اجهزة الدولة بأعتبار ان الجهاز تابع مباشرة للرئيس ولكون رئيسه محمد عطا يريد ان يثبت له انه حارسه الموثوق به في ظل الأخطار المحدقة بالسلطة من كل االأطراف ومن داخل الحزب الحاكم.

الي ذلك فأن الحاكم الفعلي الان في الخرطوم هو محمد عطا رئيس الجهاز يستمد سلطانه من الرئيس طريح الفراش , ويتقرب منه الجميع خوفا من تقاريره بعد ان ينهض البشير معافا, علي ان عطا بدوره يحصن نفسه منذ الان من اي تغييرات محتملة مثل ان يحال الي الشارع كما جري من قبل مع نظيره السابق صلاح عبدالله قوش .

اذن وبعين فاحصة, فأن عمليةإستقدام عطا للجنجويدي حميدتي وقواته الي قلب عاصمة الخرطوم لم تكن مصادفة محضة و لم تكن لتتم اصلا إلا بموافقة البشير الذي اقتنع بخطة عطا.

في علم المخابرات هنا ك مايسمي بالضربة الإستباقية ,او الفعل التحوطي وهي ان تخلق حدثا وهميا يجعل الشارع في حيرة من امره , فيسعي الناس الي تاليف الأسباب لهذا الحدث كل حسب إجتهاده ,وهذا بالفعل ماقام به عطا حين اعلن حالة التأهب في العاصمة واطرافها مستخدما قواته ومستعينا بقوات الجنجويد, والرسالة هنا واضحة وهي موجهة في الأساس الي اي مجموعة داخل القوات المسلحة تفكر ,او تنوي الإنقلاب علي النظام في غياب الرئيس في المستشفي , وغير إحتمالات حدوث ذلك من تنظيم سري غير مريء قد يظهر فجأة من داخل القوات المسلحة فأن عيون عطا تصوب الان نحو الدكتور الترابي الذي له اياد داخل هذه القوات منذ كان في المعارضة , فالحذر المتبادل لايزال يسيطر علي المتصالحين الترابي والبشير وان غطت عليه ابتسامات مجاملة مزيفة.

جاء عطا بحمديتي الي قلب الخرطوم في رسائل للجيش والشارع والمعارضة, للجيش ينذره ضمنا بأنه سيواجه جيشا اخر اذا حاول احد المساس بالسلطة , وللشارع اذا خرج اي احد لتكرار تجربة إنتفاضة سبتمر, وللمعارضة غير المستأ نسة اذا تجاوزت حدود ما اعطي لها من حركة وشرعت او فكرت في اللجوء الي الشارع, ثم رسالة الي موسي هلال باننا نملك البديل واذهب انت في طريق تمردك علي السلطة كيفما تشاء ,وقد اصدرالرئيس الجديد المؤقت عطا ” قرارا بنشر ثلاثة آلاف من عناصر قوات الدعم السريع حول الخرطوم، على أن تبقي على حالة استعداد بنسبة 100%. ونفى مدير دائرة الإعلام بجهاز الأمن السوداني وجود أي تهديد للعاصمة، معتبرا أن نشرها “يأتي في إطار أدائها لبعض المهام”. وتعبير المهام الاخري المقصود منه ردع كل من يفكر في المساس بالنظام ورئيسه طريح الفراش بالمستشفي .

ومافعله الرئيس المؤقت عطا يعد في تاريخ السياسة السودانية يعد امراغريبا لم تقدم عليه سلطتان شموليتان مرتا علي السودان ,سلطة الفريق عبود الذي ابقي علي الجيش كما تركه البريطانيون ,وسلطة النميري الذي جرب في بداية عمر نظامه تشكيل كتائب اطلق عليها كتائب مايو ,ولكن وظيفتها لم تتعد طابور الصباح ,ولم تك تمتلك دبابات ,او عربات مدرعة ,او حوامات كما يمتلكها جيش عطا الجديد المزود بأحدث الاسلحة الصينية والإيرانية والأوكرانية ,ويرجع مراقبون خطوة عطا هذه الي الهوة العميقة بين ما تبقي من الجيش الرسمي للبلاد وبين الجيش الإنكشاري الذي يستخدم زخيرته مقابل ذخيرة من الدولارات جلبها عطا من حاويات المخدرات.

في قراءة للمشهد السياسي الذي امامنا نكتشف تفكك دولة الإنقاذ الإن الي دوليات ,فهناك دولة عطا المركزية تتناسل منها دوليات حميدتي الذي صنعت منه صحافة النظام نجما سياسيا يخوض في السياسة ويحقر الجيش الرسمي علنا بل ويتحداه ويأمر بإعتقال الصادق المهدي, كذلك هناك دويلة موسي هلال , ودويلة كبر في دارفور ودويلة احمد هارون في جنوب كردفان ,ودويلة أيلا في شرق السودان.

في بيان نشرته صحيفة الراكوبة السودانية اللكترونية المعارضة تحت عنوان ماطلقوا علي انفسهم الضباط الإصلاحيون نفي هولاء ان تكون للجيش الرسمي علاقة بجنجويد حميدتي, ولكن في الوقت نفسه صرح وزير الاعلام احمد البلال عثمان ان القوات المسلحة هي التي تشرف علي الجنجويد وتعمل تحت امرتها, وإن كان نفي هؤلاء الضباط صحيحيا او غير ذلك فهو اشارة الي ضيق ما تبقي من الجيش حين يجد نفسه قد تم إستبداله جهارا بجيش اخر ,وتلك تجربة نقلتها الإنقاذ من الحرس الثوري الإيراني الذي انشأوه الأيات في ايران حتي يحدون من خطورة الجيش الرسمي, اما “الإنقاذ ” فهي سعت منذ اليوم الأول من انقلابها الي إجراء عملية نسف شامل لبنية الجيش التقليدي المتوارث وتحويله الي جيش عقائدى اي “اسلمته” ليصبح جيشا “مسلما ” يدافع عن “العقيدة” وكان ثمن ذلك إحالة المئات من الضباط الي الإستيداع تحت ذريعة السن القانونية, ومع كل ذلك وحتي لايفكر هؤلاء المحالون للمعاش في اي عملية انقلابية امطرهم النظام بإمتيازات لاحصر لها مثل حقوق مابعد الخدمة التي تصل الي ملايين الجنيهات ,وقطع الااضي السكنية في ارقى احياء المدينة, وتستمر عملية التأمين للنظام خوفا من نظرية إنحياز الجيش للشعب في ثورتي اكتوبر وسبتمبر ليؤسس جيشا اخر هو جيش جهاز الأمن الذي بناه صلاح قوش واستكمله محمد عطا والذي حسب التقارير انه اصبح اكثر تفوقا في التسليح من الجيش الرسمي ,فصار هناك ثلاثة جيوش, جيش عبد الرحيم, وجيش عطا ,واخيرا جيش حمدان حميدتي الذي يعضدد الجيش الثالث لينتهي الأمر الي القضاء علي نظرية إنحياز الجيش الي الشعب اليت كانت سائدة حتي ثورة ابريل وإستبدال ماتبقي من الجيش الرسمي بجيوش قبلية بديلة .

في غمرة هذه الأحداث المتلاحقة يتسائل كثير من المراقبين اين يقف الترابي عراب النظام القديم والمتصالح الجديد بلاشروط مع البشير؟, لماذا اختفي الرجل ولم يعد يسمع له صوت وهو الناصح ان يستمر البشير في مشروع الحوار حتي النهاية, وهو كذلك الذي لايزال يتمسك بخيوط رقيقة مع قوي الإجماع الوطني ,بل ان ناطقه الرسمي كمال عمر يذهب ابعد من ذلك عندما اعلن اكثر من مرة انهم دخلوا الحوار بأجندة قوي الاجماع الوطني بالرغم من ان قوي الإجماع نفت ذلك بل واعلنت فصلهم من هذا التجمع ,وتتدافع الأسئلة ليبرز سؤال اخر وهو ما هو موقف الترابي مما يجري إعتقال عدوه ” الكيمائي” الصادق المهدي,؟ حتي الان لم يسمع احد منه هو شخصيا ولا من حزبه إدانة ,او تأييدا للإعتقال,فهل الترابي اضاف الي قائمته الإنتقامية المهدي كمنافس له في الركض تجاه النظام بعد ان شهد تلامذته العاقون يتساقطون واحدا تلو الأخر؟, هل حدد لنفسه مساحة الحركة في ظل الصراعات الخفية التي تعصف بالحزب الحاكم ولايريد ان يكون طرفا فيها ؟

من واقع قراءة متاحة مستمدة من طبيعة الرجل الذي خاض حربا شعواء ضد الإنقاذ لمدة خمسة عشر عاما انه لا يريد ان يخلط اوراقه بأوراق المتصارعين ,فهو يفضل الانتظار الي ان ينجلي غبار المعركة متعددة الرؤوس ليختار بعد ذلك علي اي طاولة يجلس , ولو ان مراقبين اخرين يرون ان الترابي يريد ان يجلس الجميع علي طاولته هو ينظم صحونها ويختار عينات طعامها للجالسين.
ثمة حقائق يعبر عنها الحراك السياسي وهي ان الإنقاذ تجد نفسها في ورطة لا تحسد عليها , فرئيسها اصدر قرارا جمهوريا سمح بموجبه للأحزاب السيايسة ان تنظم لياليها في الساحات العامة, اي ان تصل جماهيرها مباشرة بعد ان خرجت من جدران دورها, وبالفعل ورغم المضايقات الأمنية استطاعت هذه الاحزاب ان تعطي الجماهير مزيدا من الوعي السياسي مسلطة الضوء علي قضايا الفساد الغارق فيها النظام حتي اذنيه ,وتلك غلطة يراها المعارضون داخل المؤسسة الحاكمة لما يسمس بالحوار من شأنها ان تعصف بالنظام كله إذا اطلق لها العنان ,والي ذلك فأن المعارضين لهذا المشروع قلقون من ان تؤدي هذه المساحة من الحرية الي إنتفاضة جديدة تطيح بكل مكاسبهم “سرقاتهم”وهو امر سيقاومونه بشدة وهو ما تجلي حسب المراقبين في إعتقال الصادق المهديي الذي فسره البعض بأنه اولي العصي في عجلات مشروع الحوار وفسره اخرون بأنه محض مسرحية سيكتشف الناس بعد مدة منتجها ومخرجها وممثليها وكومبارسها.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. و فى اطار تفريغ الجيش الرسمى تم ايداع ضباطه فى العمارات المكيفة و تم صرف لهم العربات المكندشة فاصبح كل واحد منهم صاحب كرش تنافس الحوامل

  2. برافوا هذا هو التحليل الذي يلامس الحقيقة ولا تنسى عطا استلم قريشات الوليد السارق
    وكل تلكم الاجراءاj الاحترازية والي الخرطوم لا يعلم بها فاذا والي الخرطوم لا يعلم فمن يعلم غيره على امر ولايته؟

    وهناك إشارة غير تحويط الخرطوم تم التشديد بتحويط اماكن البترول والهلمجرا
    ولكن هذا الامر سيفتضح بمرور الايام فموت عمر أصبح كل يوم اكيد لانه لم يظهر حتى واذا كان طريح الفراش وما قلته انت الرئيس الجديد او الوقتي فهذا امر محتمل ولكن لن يصبح عطا رئيسا ولا أبو ريالة بكري الذي أصبحت صورته شعار مضموغ لاخبار المخدرات فاذا اتضحت وفاة طريح الفراش هناك تسابق من نجباء ما تبقى من بقية الشوية الوطنية الفجيش اذا وجدت؟

    فامر تعتيم هلاك الرئيس الان اصبح بدرجة 70% وسبب التعتيم هو أسباب احداث موت قرنق كمثال في وقتها وايضا المثل الثاني التعتيم الذي صاحب موت مليس زيناوي

    ولكن نقول إن الايام حبلى بما تحمل .

  3. قلنا ان الرئيس الدائم يخطط لان يحكم السودانيين ليس فى الحياة الدنيا فحسب بل فى الدار الاخرة ايضا والتى لا نعرف ان كان فيها نظام رئاسى يستوعب المشير الاعرج الذى لن تلد النساء مثله ولن تلد فى المستقبل ..والكل يطلب وده ويلحس التراب الذى يدوس عليه .والكل عبيد فى خدمة سلطانه وعائلته المالكه للبلاد الكل يهرولون اليه الترابيون والمهديون والميرغنيون عله يرمى لهم بعظمة من سلطته ..اما اهل الاسلام السياسى فعندما يظهر لهم يقولون الله اكبر وعندما يختفى يصمتون ورأينا رئيس اتحاد طلابه يسجد امام سيارته والحادثة موثقه.. اليست هذه عبادة للبشر من دون لله ؟ المشير كاى طاغيه يذل الرجال ويحتقرهم ويلفظهم كما يشاء بعد ان يفنوا اعمارهم فى عبادته وخدمته ..ومحمد عطا المولى احد هؤلاء يستغله لتحقيق السرمديه فى السلطة ويأتى بغيره فهم رجال مثل مناديل الورق يستعملها المشير فى غسل قاذوراته مرة واحده ..

  4. تحليلات سليمة، أزالت لنا بعض الغموض و فسّرت ما يجري بمنطق قوي و مترابط. إنها إضاءة عميقة … يديك العافية يا صديق محيسي!!!

  5. أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ فقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ ؟
    كم يستغيث بنا المستضعفون وهم قتلى وأسرى فما يهتز إنسان ؟
    ماذا التقاُطع في الإسلام بينكمُ وأنتمْ يا عبادَ الله إخوانُ ؟
    ألا نفوسٌ أبياتٌ لها هممٌ أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
    يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهمُ أحال حالهمْ جورُ وطُغيانُ
    بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم واليومَ هم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ
    فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
    ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
    يا ربَّ أمّ وطفلٍ حيلَ بينهما كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
    وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت كأنما هي ياقوتٌ ومرجانُ
    يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
    لمثل هذا يذوب القلبُ من كمدٍ إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ

  6. عطا المنان فضل المولى فاكر نفسه وليم كيسي يعني الود بيطاقش البيضة مع الحجر.
    اللهم شتتهم وفرق شملهم.أتمنى أن يستمرأ هذا الراعي المأجور وجوده في الخرطوم ويرفض العودة مرة اخرى من حيث أتى وتتحارب هذه الأجهزة فيما بينها ويبيدون بعضهم بعضا وتنشأ فتنة وفوضى فيما بينهم ويهلكون ونخلص من شرورهم جميعاً.

  7. الم يكن موسى هلال مع الحكومة اقرب من قرايب زى اعز اثنين حبايب ثم فرنب ودقش الخلا الم يكن مناوى مستشارا فى القصر بلا اعباء فرنب ودقش الخلا وموسى هلال كان اكثر قربا طيب ايه اليخلى حميدتى مستمرا على المحبة هو كمان بعد ما يستجم من عناء الصحراء والبداوة ويعرف مداخل الانقاذيون ومخارجهم برضوا حيفرنب وستكون ضربته قاصمة وصاعقة وهالكة اكثر من ابن عمه ومن مناوى فرنسى اللسان ليه ؟ لانه موسى ومناوى قواتهما كانت خارج الخرطوم وحتى ان فرضنا ان بعضها جوة فليست فى حجم قوات حميدتى وليبحث عطا حينذاك عن قوات تواجه حميدتى غايتوا يجهز ناس داعش وحماس وبوكو حرام وشباب الصومال وفى النهاية هم ذاهبون ذاهبون فليترجلوا ويرحلون

  8. لا أدري لماذا فقدنا التعاطف مع الجيش

    الانقلابات والحروب الداخلية زهدت الناس في الجيش
    قوات عطا .. خدم السلطان .. بكرة كان جاء الترابي بحموه

  9. الترابي قاعد يحفر في حفره كبيره ثم اولا منو البخاف من هذا التور عشان يعمل انقلاب من وراه يعني الا يسافر الخارج ولا يكون عيان عشان يعملو انقلاب فوقو لا دا كلام ما منطقي كم مره عملو انقلاب وهو نصيح قاعد مكنكش في الكرسي الرجال ولا تهاب الموت بل هو الذي يخاف ويهاب ان تنقلب عليه ويعذب كما يتلذذ الان بعذاب الاخرين ونحن دايرنو نصيح عشان نقطع ركبتو دي بي منشار ونرتاح منها ونحاكمو باعدام زي ما بحاكم في الابرياء

  10. انّ ما يفعله ( الرئيس الضروره ) القائد لحكومة ( رزق اليوم باليوم ) يدل علي ( وثبة ) عاليه في الشأن السياسي .. حميدتي ( مجمجه ) ومهدي ( متعتونا ) والوزير ( اللمبي ) وكل السودان دخل داخ الاقواس
    خلاص :/

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..