لماذا نجحت القوى الدينية في السيطرة على السودان

لماذا نجحت القوى الدينية في السيطرة على السودان

عبدالعزيز النور
[email protected]

لا زالت حكومة الإنقاذ في مسماها المؤتمر الوطني تردد ذات الشعار الذي أدعت إنها إنقلبت على السلطة لأجله والتي لاتختلف السلطة المنقلب عليها آنذاك في الشعار نفسه ” تطبيق الشريعة الإسلامية ” أو تحكيم شرع الله كما يقولون والذي لا يمكن لأحد كائن من كان أن يحدد الطريقة التي وصل إليهم بها ، والتي كانت نتائجها أن ابيدت شعوب بأكملها ” قتل أكثر من خمسة ملايين سوداني ” كما شرد أضعاف هذا العدد من الشعب السوداني علاوة على تفكيك الروابط المجتمعية و تدمير البنى التحتية للدولة ناهيك عن نهب المال العام والتآمر ضد البلاد من خلال حشد المجموعات الإرهابية العالمية وبالتالي جعل البلاد ملاذ ومستنقع للإرهاب العالمي والفساد المنظم بعد خلط الدين بالسياسة وأصبح الأول مصدر الثاني بعد أن كان مصدر الأول مزاج السلطة لتصبح كل السلطات ” التشريعية ، التنفيذية ، و القضائية ” بيد الحزب الحاكم والذي عادة ما يستقي فلسفته من إحتياج ومصالح افراده والتي تتبلور في حزمة خاصة ضمن الميزانية العامة ثم إسقاطها بالقياس في الزمن الماضي عهد الخلافات النبوية لتتطابق مع اي من النصوص الدينية المشابهة لضرورات الزمن الغابر ووضع النص المعني بديلا للأرقام الفلكية ثم الإعلان عنه من تحت المــــــــــــــــــــــــآزن لوضع الصبغة الإلهية لتدجين المساكين ودبجها بالختم القدسي حتى لايتجرأ أي عارف بالحقيقة لكشف أوراق اللعبة وإلا ، الوصم بالكفر والخروج عن الملة والتي لم يكن لها قط صلة بالسودان يوما ما .
الواضح أن معظم القوى السياسية في السودان بإستثناء بعض التي تم تصنيفها يسار ، لم تكن تختلف في ما بينها أصلا لولا مسألة السلطة ، لذلك كان التركيز طوال فترة الحكم ما بعد 1956م ، في مناقشة قضية السلطة في أن تأتي بواسطة صناديق الإقترع أو بواسطة إنقلاب عسكري وأحقية كل منهما في إتخاذ القرارات المصيرية للدولة ، بغض النظر عن القوانين التي تتم بها إدارة الدولة – طالما لا تتعارض ومصالحهم بل وتضمن حمايتها – أو حتى بدون أ ي إهتمام فيما يتعلق بتعريف المواطن ببرامج القوى التي تطرح نفسها لمناوبة السلطة والتي عادة ما تخلو من اي جانب وطني يتعلق ببناء قدرات الإنسان السوداني في الوقت الذي تلملم فيه تلك القوى القدرية كل الكليشيهات التي قد تزيد من غرق وعي الشعب السوداني في الجهل وذلك بتصميم مواد إعلامية وهمية تخديرية ” وجه النهار ، الدين النصيحة ، راي الدين ،…………..الخ ” وغيرها من الشعارات التي من شأنها صرف الناس عن قضاياهم وإشغالهم بقضايا حياة أخرى يزهد السلطويون أنفسهم فيها ، وتوطين بعض المفاهيم الخاطئة على شاكلة ” الحياة قسمة ونصيب ” التي تجعل من الإنسان السوداني مجرد آلة تحتفظ بخانة الإستسلام كوضع طبيعي له حتى يتم تحريكه متى إقتضت الضرورة من الذين يزهدون حياة الآخرة ويرغبون الحياة الآنية ، وهذا ما تم تكريسه من خلال مناهج تربوية بالية لا تتجاوز خلفيتها المعرفية بضع مئات السنين ، ممجوجة ملئى بالأكاذيب والتزوير والخرافات التي كان لها القدح المعلى في تمزيق المجتمع ، خالية من أي مضمون يتعلق بالتربية الوطنية وحب الوطن أو حتى عن أدنى فكرة ترتبط بمفاهيم إدارة الدولة ، وحجب المعرفة البشرية والفكر البشري والإستدلال على ذلك بمقولات ليس لها أي صلة في ما يعتقدون كـ ” مقولة عمر بن الخطاب : التي أمر فيها بحرق مكتبات بلاد فارس أثناء الغزو الخلافوي ” ، ثم الإصرار على أن كل ما يمكن إكتشافه أو صنعه أو معرفته قد تم تضمينه في ما عناه البادئ ، وفوق كل هذا صياغة منهج تضليلي متكامل بغرض طمس ماهية ومعالم وتاريخ السودان وخلق أزمات مجتمعية على غرار فعل المستعمر الغربي وسياسة فرق تسد لضمان سلامة السلطة وحمايتها بواسطة ذات النصوص التي تحض على القتل والنهب والسلب والسبي والإسترقاق مستغلين في ذلك يقين وجهل هؤلاء التام بظاهر وباطن الأديان الوافدة وخصوصا بعض المقطوعات الشائعة الإستهلاك التي تصر على أن كل ما هو متاح لم يكن من عند غير الله ” هنالك فرق ما بين السلوك والنصوص لأنه : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ” ، حتى إستطاع المسجد السيطرة على شمال السودان ، ليكون البديل للنافر من ممارسات هكذا دين ضرورة الإرتباط بالمنافس الضد في المناطق التي ظلت مكان إستهداف آلية قوى المركز الإبادية في هامش السودان الجغرافي لتطبيق كل ما كان قد حدث في بواكير غزوات الإسلام ، لتسيطر الكنيسة على أكبر مساحة عجزت مرحلات الغازي الشرقي بلوغها ، لتتجلى هذه المأساة في بداية النهاية المزرية لبلاد كان يسمى السودان .
لذا فلو كان من الضروري الحديث والحرص على مستقبل السودان وشعبه فلا بد من إستبدال طريقة التعليم بوضع أولوية للمؤسسات التربوية الأولية و وضع مناهج علمية حقيقية ذات قيم إنسانية وبلغات المجتمعات الأم ، وكذا المؤسسات العليا ، بدلا من تلك الكاثولوكية الجامدة التي لا تزيد إلا الحقد والكراهية والعنف ، ووقف كل الشائعات والإنطباعات السيئة في المجتمع بتوسيع مراكز نشر الوعي الثقافي وتبني مادة إعلامية مسئولة تعكس واقع السودان المتنوع بالتركيز على إرث السودان الحضاري وإسهاماته التاريخية في حراك المعرفة والفكر البشري ، وإزالة السقوفات الفكرية وسط المجتمع السوداني لخلق مجتمع مترابط و متجانس معرفيا خالي من الشوائب ومعافى من العقد المجتمعية ، يفخر بإنتمائه لبعضه ولوطنه ، طموح يحرص على أن يحل محله بين العوالم الأخرى رافعا رايته عالية بإسم السودان .

تعليق واحد

  1. يا ناس الراكوبة إتقوا الله وما تجيبو لينا كلام الملاحدة ده انتو مختلفين مع الحكومة ما مع الدين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..