الصادق المهدي وثمن الديموقراطية

محمد علي فرحات
يقبع الصادق المهدي في سجن «دولة الإنقاذ» السودانية ولا أحد يعرف موعد الإفراج عنه أو حتى محاكمته بتهمة إدانته ارتكابات «قوات الدعم السريع» في دارفور. رأس الدولة وعدَ بإطلاقه وأخلف، والمعارضون في معظمهم يغسلون أيديهم من قضيته، خصوصاً حسن الترابي الضاحك الدائم أمام مآسي السودانيين. يكفيهم التخلص، ولو موقتاً، من منافس مؤهل لتسلم الحكم إذا سقطت دولة «الإنقاذ» كما تسلمه بعد انهيار غير حكم انقلابي في السودان.
الصادق المهدي الديموقراطي والتقليدي والمسالم دائماً، لم يكن وحيداً في إدانة التجاوزات في دارفور، فقد سبقته ولحقت به شخصيات سودانية ودولية، أبرزها والي شمال كردفان أحمد هارون (المطلوب أيضاً للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية) الذي دان «الفظائع المرتكبة باسم الدولة» وبكى أمام الملأ.
وجّه عمر حسن البشير ضربته إلى الصادق المهدي بهدف تحطيم أكبر خصومه السياسيين وللدفاع عن «قوات الدعم السريع» التي شكّلها جهاز الأمن من سودانيين وأجانب لتضرب المعارضين والمتمردين بلا تردد، وهذا دليل تراجع ثقة الحكم بالقوات المسلحة التي تلتزم حداً أدنى من القانون في عملياتها. وينظر السودانيون إلى «قوات الدعم السريع» باعتبارها تشكيلاً عسكرياً غير شرعي، كون جهاز الأمن والاستخبارات الذي شكّلها تنحصر مهامه في جمع المعلومات ووضعها في خدمة الحكومة، ولا صلاحية له لتشكيل قوات مسلحة خارج الجيش والشرطة وإخضاعها لإمرته، يستندون في ذلك إلى الدستور الانتقالي المعمول به في السودان منذ عام 2005.
أقامت السلطة السودانية دعوى قضائية ضد الصادق المهدي بتهمة مخاطبته الجماهير في منطقة الحلاوين بكلام اعتبرته مهيناً لجهاز الأمن والاستخبارات، لكن الجهاز سارع إلى اعتقاله قبل السير في إجراءات الدعوى.
نحن أمام رجل إشكالي يشبه إشكالية الدولة السودانية. يجمع في شخصه الزعامتين السياسية والروحية، ولا يرى تناقضاً بين كونه خريج أكسفورد وصاحب رؤى في أحلامه تجد صدقيتها في الواقع. ومثل السودانيين جميعاً توزّعت عائلته سياسياً فتولى ابنه عبدالرحمن منصب نائب الرئيس عمر البشير فيما تنشط ابنته مريم لإطاحة النظام العسكري المتأسلم. لكن الصادق المهدي يتغلب على المتناقضات بنزعته السلمية واستحضاره مصلحة المواطن العادي في أي موقف يتخذه من الأحداث، فقبل أقل من شهر من اعتقاله كان يحضّ على تلبية دعوة الحوار التي وجّهها البشير محاولاً إقناع سائر المعارضين بذلك وإن على سبيل تجربة ما سبق تجريبه مع النظام.
والحال أن الصادق المهدي يوضع في السجن بأوامر انقلابيين وينتخب رئيساً للوزراء في أي نظام مدني فيشكّل حكومة سرعان ما يطيحها انقلاب عسكري آخر. لكن الرجل هذه المرة أمام عسكرة متأسلمة قائمة على تحالف الأخوين العدوّين، عمر حسن البشير وحسن الترابي، تحالف يستمد قوته من إسلاموية عالمية يقودها الإخوان المسلمون، فلا يأبه بالمصائب التي تتوالى على السودان في حكمه. أليس غريباً أن الرئيس البشير المطلوب للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية لا يشعر بضرورة الاستقالة بعد انفصال الجنوب عن الوطن الأم، بل حتى لضرورة الاعتذار للسودانيين في الشمال والجنوب لأنّ إسلامويته بمشاركة الترابي كانت الدافع الأساس للانفصال ولمزيد من الهشاشة السياسية والاجتماعية في ما تبقى من السودان.
دار الحياة
المهدي من عائله لمعتها الدوله الانجليزيه لمحاربة الدوله التركيه
فصدق نفسه واطلق عليها لقب المهدي ولم انقلب عليها انقلبت عليه
يا استاذي فرحات عذرا ولكنك ابتديت مقالتك بعنوان خاطئ فالصادق ولا اظنه صادقا في الحقيقه لم يدخل السجن ثمنا لديمغراطيته بل لخيانته فقد ازاح الرجل وبصوره تنم عن قصر نظر اثنين من امناء الامانه العامه لا لشي سوي لمجاهرتهم بالوقوف مع مطالب الجماهير الانصاريه وغيرها وبطريقه قمه في الدكتاتوريه اذا كيف لشخص كهذا ان يدفع ثمن شي هو فاقده اصلا ولك تقديري
ماقل ودل .. السؤال هل الترابي والصادق جادين بالجلوس مع شخص مطلوب للعدالة الدولية وفاقد للشرعية لكلا منهما علي الترتيب .
لا يا اخ محمد على فرحات الصادق المهدى لم ياتى بالانتخاب بل اتى بانقلاب انصارى قاده من الجزيرة ابا واتى الانصار بالحمير واللوارى واحتلوا القيادة العامة ومبنى الاذاعة والكبارى حتى اتت الانقاذ او الحركة الاسلاموية فى 30 يونيو وعملت ثورة شعبية اتت بعدها بالانتخاب واها ومن ديك وعيك كل مرة يفوزوا فى الانتخابات واكان ما مصدقنى اسال ربيع عبد العاطى او امين حسن عمر او نافع على نافع ويدوك الاكيدة والاكيدة قالوا البطانة الليلة اترشت ……!!!!
الاخوان محمد والتاج :
الصادق المهدي هو رمز الديمقراطية السودانية ، الم يكن اخر رئيس للوزراء
نختلف ام نتفق معه ، ولكن هذا لا يلغي انه رمز ديمقراطي ومعلم من معالمها
انا لا اتفق مع الصادق المهدي في كل سياساته وافعاله
والمثل السوداني يقول البباري الجداد بوديه الكوشة
اي الذي يتبع الدجاج سيصل الى الزبالة
وهذا ما فعله الصادق بتصديقه لفرية الحوار الوطني.
الأستاذ/محمد على فرحات لك منى كل الود والإحترام،مقالك فى مستوى ممتازولكن هناك إيشارة لا بد منها
وهى إن الزعامات السيا سية فى السودان وفى كل أحزابنالا يؤمنون با الديمغراطيةفى داخل تنظيماتهم السيا سيةولكنهم يدشدقون بها ويألفون كتب ،مثل الديمغراطية نا جحة وغيرها من المسميات ،عند فقد هم للسلطة وكرسى الوزارة والمنصب والوظيفة وكلهم با جثين ولا هثين وراء كراسى وأعمارهم فوق السبعين وأخذو دورهمويحقدللأجيال والشباب والآخرين يكون مثلهم ،المفروض منهم يخلو التشيث با الكراسى والزعامات ويلزمو مقاعد المر شدين والنا صجين ،وخاصة الصادق والمرغنى والترابى والديمغرا طية دايرين يعملو بها شنو ولما كان فى يدهم عنلو بها شنووقدمو بها إى وهم سبب فى إنهيار الديمغراطيةومعهم السيا سينالذين جاوزت أعمارهم الستين وهى اعمار معاش عندنا فى السودان فى الخدمة العامة والدبمغراطيةوسيلة لطلب السلطة وعند ما يمتلكونها يمارس به الفساد والقهرى وتجييش القبائل وتوظيف المحسوبين وقهرى أصحاب الرى ممارسة الغسادبأنواع وأشكال وبنس الطريقة وبنفس الأسلوب منسبقو هم وهكذا الأسطوانة المشروخة فى السودان ،يا أستاذ/ محمد مع تقديرى وإخترامى
صدقت. فالصادق المهدي يدفع ثمناً غالياً للديموقراطية التي عاش من أجلها وكرس كل حياته لإحياء قيمها. حمية الأفرقة التي تجري في دماء السودانيين، تقودهم دون وعي بالتمرد على أي شخص ينادي بالديموقراطية واحترام الآخر. فهم قوم جُبلوا على التمرد، لذا لا يصلح لقيادتهم إلا متمرد مثلهم. هذه هي مشكلة الصادق المهدي مع السودانيين.
بسم الله الرحمن الرحيم الصادق المهدي:سجين أم سجَان؟ (1) واهم من يظن أن الإنقاذ حركة بدأت غرس أظلافها في قلب الوطن ومفاصله بتاريخ استيلائها على الحكم انقلابا في الثلاثين من يونيو من العام 1989م.ذلك أن ما أتته من تمكينٍ وتسخيرٍ للمال والإعلام بدأ منذ وقتٍ أبكر من ذلكم التاريخ بما يقارب العقد من الزمان . بعد فشل حركة يوليو 1976 المقاومة المسلحة بقيادة الجبهة الوطنية ضد انقلاب مايو وحكمه الشمولي ، اتضح لطرفي النزاع صعوبة الاستمرار في العداء بشكله المسلح: بالنسبة للحكومة اتضح أن المعارضة قوة لا يمكن الاستهانة بمقدراتها ، وبالنسبة للمعارضة أدرك أهم طرف فيها وهو حزب الأمة أن المقاومة المسلحة بعد حركة يوليو ستملي عليهم شروط وأجندة الدول التي تساعدهم فكانت استجابتهم لوساطة المصالحة الوطنية في 1977 دون تأخير . الحركة الإسلامية السودانية أو الجبهة الإسلامية دخلت في المصالحة الوطنية ضمن جماعة الجبهة الوطنية بقيادة حزب الأمة ولكنها ارتضت لنفسها الاستمرار في معادلة الحكم الشمولي المايوي دون التزام بأية مواقف مبدئية بعد انسحاب حزب الأمة عند نكوص الرئيس المخلوع نميري عن الاتفاق الذي تمت بموجبه المصالحة :من إتاحة للحريات العامة وغيرها من شروط يجدها من أراد التوسع في كتاب (المصالحة من الألف إلى الياء بقلم الإمام الصادق المهدي) وقد كان قاصمة ظهرها البيان الذي أصدرته رئاسة الجمهورية في 20/10/1978م تأييد لزيارة السادات للقدس واتفاقية كامب ديفيد. منذ ذلك العهد ساعدت الحركة الإسلامية في إبقاء الحكم الشمولي المايوي لمدة ثمان سنوات إضافية من عمره البالغ 16 عاما أي نصف عمره ! وفي الأثناء استفادت من وضعها في السلطة تمكينا وتغلغلا في جسم الوطن. ويخبرنا أ.عصام الدين ميرغني في كتابه (الجيش السوداني والسياسة) كيف تم بناء التنظيم العسكري الإسلامي داخل الجيش السوداني بحيث أنه عندما هبّ السودانيون ضد نظام النميري في انتفاضة رجب/ ابريل 1985 ،كان هذا التنظيم الانتهازي قد تمكن تماما من تثبيت رجليه داخل الجيش وفي كل المواقع الإستراتيجية وقد وفرت لهم غضبة النميري عليهم في آخر ستة أشهر من عمر حكمه فرصة ذهبية مكنتهم من الدخول في صفوف المعارضة ولولا تلك الصدفة البئيسة لكان الكنس لهم مع نظام مايو هو الأولى وهو الأسلم لمستقبل الوطن. تلك المقدمة كانت لإظهار مدى تمكن هذا السرطان بمختلف مسمياته من مفاصل دولة الوطن وقد سخرت تلك الإمكانات الهائلة بمكر ومثابرة لقلب الحق باطلا وترويج الباطل وتزيينه لدرجة أفقدت الحليم صبره وجعلت السودانيين هائمين على وجوههم في بلاد الغربة بعد أن تغربوا في وطنهم ففضلوا (أن يهجوا) غربا وشرقا لا يهم وبلغ الحال بالقاعدين درجة من الإحباط تمكنت منهم حتى تقاعسوا عن العمل واستوت عندهم الظلمات والنور فاكتفوا بالمعارضة السلبية … عملت تلك الآلة الإعلامية الضخمة بأهداف محددة إحداها وأهمها تشويه موقف الحبيب الإمام الثابت الاستراتيجي منذ أن قبض عليه في يوليو 1989 وقد وجدوا مذكرة في جيبه تدعو لمخرج آمن للوطن يحفظه من جراء اصطدام من معهم الحق ضد من معهم القوة لو أرادوا بالبلاد خيرا مثلما ادّعى بيانهم الأول…لكنهم عوضا عن الاستجابة لهذا المخرج لمن خلصت نيته في خلاص الوطن عمدوا الى إهانته ومحاولة إيجاد بينات تحاكمه بالفساد أو المحسوبية أو التورط في صفقات مشبوهة..فلما وجدوا سجله ناصع البياض لا تشوبه شائبة سجنوه افتراءً وتجرأوا على مقامه بالشتم والتجريح والتحقيق المهين والتهديد بالقتل وفي النهاية أطلقوا سراحه لتبدأ لعبة جديدة وهي التلويح له بالاستجابة لمطالب الأمة وأجندة الوطن ومن ثمّ تسخير تلك الآلة الإعلامية الضخمة ذات الإمكانات العالية لتصويره حليفا للإنقاذ! وعملوا على تحريف تصريحاته وأقواله واحتفوا به في أجهزة إعلامهم ومنابرهم بصورة مقصود منها تشويه الموقف الذي كان لا يجب أن ترقى له الشبهات ،وهو موقف لا يهادن في الاستراتيجي برغم مرونته في التكتيكي. ويحضرني الآن من تلك الأقوال التي صرح بها الحبيب الإمام حين صدور أمر القبض على البشير مجرم الحرب المطلوب من المحكمة الجنائية في 2009 قال الإمام:” إلقاء القبض على البشير وهو على سدة الحكم يزعزع استقرار الوطن والسودان بلدنا ما بنجر فيهو الشوك”فتم تحريف هذا القول الواضح ليصبح ما تلوكه ألسنة (الثورجية )الذين انتقدتهم الأستاذة رشا عوض في مقال رصين:(البشير جلدنا وما بنجر فيهو الشوك) ولم يتوقف عاقل ليفكر هل يمكن لسياسي بحنكة الصادق و مبدئية مواقفه ووطنيته ،ودارفور قضيته وهو أم جناها أن يطلق مثل هذا التصريح المغلوط المعيب!حسبنا الله ونعم الوكيل. المتتبع للأسافير وأحاديثها وكثير من الواقع السياسي السوداني يجد أن الإنقاذ قد نجحت إلى حدٍ كبير في تسويق تلك الفكرة التي استطاعت بها تكبيل أو على الأقل الحد من نشاط أهم فصيل معارض وهو حزب الأمة مما أطال من عمرها ردحا من الزمان متطاول . من جانبه عمل الحبيب الإمام على غض الطرف عن المظهر وما ناله من تجريح وإساءات المعارضين ونفذ إلى الجوهر فاستطاع استغلال ما أتيح له من فرص مخاطبة حرة ،وتمكن من تسريب أفكاره البناءة بفاعلية داخل صفوف المؤتمر الوطني وزمرة الإنقاذيين مما عمل على تغذية الصراعات بين المتسلطين على الرقاب وبالفعل في نهاية يومه كسب الرهان على المستوى الاستراتيجي، كما كتب د.يوسف الطيب محمد توم المحامي(الإمام الصادق المهدي:هل كسب الرهان بسياسة الألمي البارد بقد الدلو؟). وفي يوم 15 من الشهر الجاري تم استدعاء الحبيب الإمام لنيابة أمن الدولة على خلفية تصريحاته في مؤتمر صحفي في 7 مايو 2014 في دار الأمة ينادي فيه بعدم اطلاق يد ما يعرف بقوات الدعم السريع والتحقيق فيما قامت وتقوم به من انتهاكات اشتكى منها الضحايا وشهد بها المجتمع الدولي ولم يصبر عليها حتى بعض الجناة أمثال أحمد هارون الذي هدد بإخراجهم من حدود ولايته ويطالب بأن يكون حفظ الأمن حصريا على أيدي القوات النظامية وأطلق سراحه بالضمان الشخصي . وفي يوم 17مايو-أي بعد يومين من الاستدعاء الأول، تم إلقاء القبض عليه هذه المرة بمواد تمكنهم من حبسه حتى محاكمته بمواد إضافية (المواد 50 و63 من دستور البلاد) ?تقويض الدستور والتي ترقى عقوبتها إلى الإعدام في حال الإدانة! فلماذا ضاق صدر الإنقاذ ذرعا بما يقوله الإمام هذه المرة وهو لم يسكت عن قول الحق أبدا !ولماذا ضحوا بهذا العمل المثابر لتسويق الإمام كحليف يمنع عنهم غوائل الزمن- وقد جنوا من هذا التزييف بالفعل واستطاعوا بقدر كبير الحدّ من فعالية المعارضة؟ ولماذا يا ترى بمثل هذه الخطوة الهوجاء (دفق الكديس عشاهو) أو مثلما لخص الحبيب الإمام هذا الموقف الأرعن لمجموعة من أحبابه زاروه في محبسه ليطمئنوا عليه ويطمئنوه أنهم على ثباتهم (لو السما اتكى وجلد النمل اتشلخ)؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في مقال آخر، منقول