المهندس يطلقها .. قسما بالوابلات .. بالراجمات يا نافع

المهندس يطلقها .. قسما بالوابلات .. بالراجمات يا نافع

شريفة شرف الدين
[email protected]

رغم إني أتعاطى الكلمة و بها أشتغل .. رغم إني قرأت في اللغويات عن قوة الكلام و تأثير البيان في إشعال النار من الرماد (الداقيهوه المطرة) لكني لم أسمع قط مثلما سمعتم في شريط الفيديو المصور عن الكيفية التي تحدث بها المهندس محمد حسن عالم.

إن الهيستريا حالة سالبة تلازم الشخص كنتاج لإحساس أو مؤثر زائد الشحنة فتجعل المرء فاقدا السيطرة على أفعاله و أقواله و لا يكف إلا إذا انصهر فيوزه و ذهب في غيبوبة أو حقن بمخدرو لكن الرجل لم يكن تحت تأثير الهيستريا و إلا لما كان الجمع بمن فيهم الدكتور نافع منصتا و لا أقول البتة سامعا أو مصغيا و الفرق حتما كبير .. كان منصتا و يدون بين الفينة و الأخرى على ورقته .. ألجمهم و أفحمتهم كلماته الرصاصية فما حركوا ساكنا .. و كان بمقدورهم ضربه أو فصل الكهرباء أو انتزاع الميكرفون عنه أو أتخاذ أي وسيلة قذرة احترفوها خلال مسيرتهم سيئة السمعة .. لكن هيهات .. إنها إرادة الله التي أرادت أن يمشي الورى و يشاهد نافع الذي طالما لدغ الناس بفاحش قوله و بذيئ لسانه.

و لكن ألم يكن الباشمهندس محمد حسن عالم قاسيا فوق الفوق مع الدكتور نافع الذي يتأدب في حضرته الكبار؟ هل استحق الدكتور نافع كل تلك الصفعات و الركلات و اللكمات؟ لا لم يكن قاسيا البتة .. و إن ضاعف جرعة خطابه القوية لما أوفى نافعا حقه الذي نسأل الله أن يكون أسوأ ممن نتخيل و نريد له.

لم تكن تلك الوابلات خاصة بنافع فحسب .. بل لكل كوز و إنهم الآن خائفون و لن يرتادوا منابر الكلام إلا و قلوبهم واجفة و أعينهم زائغة .. يتصببون عرقا في شتاء البؤس الذي أقحمونا فيه .. و تلك رسالتنا.

ما الذي أنطق المهندس؟ هل أحسستم أنه بركان يغلي؟ أنه أسد يزأر و جبل تيصدع؟ ..هل أحسستم لوهلة أن الرجل ناطق رسمي بحالنا؟ هل أحسستم أنه أيقظ هممنا النائمة؟ هل صدقتم أن كلمة الحق أمضى من أن تعيقها السلطة و إن تجبرت و تكبرت و استحشدت بكل قوات أمنها و استجيشت بكل مدرعاتها و كلاب أمنها بنوعيه؟

بالأمس كتبت مقالا تحت عنوان (لا إله إلا الله) دعوت فيه إلى مقاطعة البشير داخليا بعدما مرمط سمعتنا في قطر .. نسمعه فقط أصوات الإستهجان .. ندير له ظهورنا في صمت .. ننكس أمامه إبهامنا .. نضع أشرطة لاصقة على أعيننا و أفواهنا و نجعل أصابعنا في آذآننا حذر أن نسمع ترهاته و تفاهاته .. لكني اليوم أرجع و أقول .. هي المواجهة .. فليكن هذا جزاء كل كوز يريد أن يخطب فينا … ما لنا و خطبهم و قد سمعنا غث قولهم و مأفون لفظهم و فعلهم لثلاث و عشرين سنة؟

إن لم تكن هذه هي الشرارة فلا اندلعت ثورة .. إن لم تكن هذه الواقعة هي الضوء الأخضر لربيعنا فسنواتنا كلها شتاء .. فقط دعونا ننهج طريقته و نتبع أسلوبه و لا تحدثوني عن أدب و أخلاق .. ذلك عهد نبذه الكيزان وراء ظهورهم .. فليجرعوا من أيدينا مما نغرف لهم من جنس صنيعهم ..

علينا أن نعمل كلنا على حماية المهندس الجسور .. علينا أن نريهم ردة فعل مزلزلة إن أصابه مكروه .. علينا أن نأويه .. علينا أن ندعوا له .. علينا أن نزود عنه .. كلٌ بطريقته و إنها ثورة حتى النصر.