الفنون جنون: حلفاوي.. رسوم تطلُّ على وطن الريح في نفسها

الخرطوم ? عثمان الأسباط
(الفنون جنون) عبارة ظل يرددها طلاب الجامعات السودانية لطلاب كليات الفنون الجميلة باستمرار، ولم يقتصر المعنى على طلاب الجامعات فحسب، بل ظلت جدلية العلاقة بين الفن والجنون مثار اهتمام النقاد التشكيلين والعالم بأثره، لذا يرى كثيرون أن هنالك علاقة وجدانية وروحية بين الفن التشكيلي والجنون بصورة خاصة والإبداع بصفة عامة، وارتبطت حالة الجنون بالفن التشكيلي تحديدا وذلك لحالة الفنان التشكيلي التي قلما تكون في حالة غير مألوفة للإنسان، فالفنان التشكيلي نجده دائما مختلف في سلوكه وأفعاله وأفكاره.
نموذج مبهر
ونجد حالة الفنان التشكيلي الراحل حلفاوي نموذج لهذه الجدلية، فهو فنان تشكيلي عرفته شوارع الخرطوم وتقاطعاتها العامة والفرعية لا يعرف له أحد وجه أو مكان غير توقيعه في نهائية كل لوحة، انزوى (حلفاوي) فنان الشارع الغامض بصمت ولم يحتفِ بالرجل سوى مجموعة من التشكيليين الذين بدأوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) في توثيق لوحاته المرسومة على الحيطان وسط الخرطوم، محتفية بقضايا الحرب والسلام في بلد يئن من الحروب، ويجهل البعض التاريخ الذي لقي فيه الراحل حتفه دهساً تحت إطارات سيارة قرب مستشفى العيون بالخرطوم، كما يجهلون اسمه الحقيقي، فكل ما تبقى من ذكرى رجل أشعث أغبر عاش بين المشردين في العاصمة السودانية، لوحات منثورة في شوارعها، يستخدم حلفاوي في رسوماته (الفحم) فقط والغريب في أعماله أنها تحمل دلالات ومعاني في المكان الذي ترسم فيه فمثلا في الجهة الغربية من شارع القيادة العامة المقابل للقيادة العامة للجيش خصص حلفاوي رسوماته للحرب وقام برسم أسلحة ومدرعات وصفوف للجيش تعبيرا عن حالة المكان ومعناه، وأمام مستشفى الخرطوم قام حلفاوي برسم ماركة الدواء المتعارف عليها عالميا بجانب سيارة إسعاف ورسمه لعدد من المرضى. وأمام موقف (كركر) قام حلفاوي بتصوير حالة ازدحام المواصلات وتدافع المواطنين نحو باصات الوالي وغيرها من المركبات، وأمام سجن كوبر رسم حلفاوي لوحات تعبر عن الحرية، فمثلا قام برسم عصفورة تخرج من قفص ولوحة بها أغلال منكسرة، والطريف في الأمر أن حلفاوي وصل إلى شارع المك نمر قام حلفاوي برسم لوحه بوترية لرجل أصلع الراس يرتدي نظارة مع ظهور ثعبان في وجه اللوحة. ولا تقتصر الرسومات على وسط الخرطوم أو شرقها أو غربها بل في بحري وأمدرمان وأيضا والداخل إلى كبري القوات المسلحة (كوبر) يلحظ وجود لوحات على الحوائط. وتشير المتابعات بأن الاسم الحقيقي للراحل هو محمد عثمان (حلفاوي)، وكان يعمل بالقوات المسلحة سلاح المدرعات بخشم القربة.
قيمة فنية
إن لوحات (حلفاوي) ذات قيمة فنية لجهة أن الرجل لديه موقف تجاه رفض الحرب والدعوة للسلام، كما أنه يلجأ أحياناً للأعمال الدعائية ببعض المناطق مثل أماكن الجزارين، لكنه لا ينسى أن يخلط الإعلان بالموقف ووجهة النظر، وعمد حلفاوي في كثير من لوحاته إلى تجسيد شخصية العسكري الضخم المسطحة، ما يدل على أنه كان فناناً يعبر عن أشيائه مباشرة بلا لف أو دوران، كما أن لوحاته ليس بها بعد ثالث بل بعدان فقط، وكأنه يريد إيصال أفكاره بلا مواربة، وتعمل مجموعة من الفنانين التشكيليين على تجميع لوحاته بتصويرها فوتغرافياً من حوائط وأسوار في وسط الخرطوم وقرب مستشفى العيون وشارع الحرية والخرطوم بحري، إذ أنها كل ما تبقى من الفنان الرحال الذي عاش للوحاته بلا عشيرة أو أصحاب.
تجارب عالمية
والعالم يذخر بفنانين تشكيليين فقدوا عقولهم مثل الفنان الهولندي فان جوخ الذي وصل بجنونه إلى أن يقطع أذنيه ويقدمها لعشيقته راشيل وكانت نهايته الانتحار.. والفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي استغرق في رسم لوحة الجوكاندا أو (لوحة الموناليزا) أكثر من خمس سنوات واتهمه الناس بالجنون ليلحق به الرسام الإيطالي مايكل أنجلو الذي ظل معلقا بالحبال لخمس سنوات ليرسم لوحة (نشوء العالم) والأمثلة كثيرة ومتعددة عن المواقف اللافتة والمدهشة في عالم الفن التشكيلي، وهناك نماذج أخرى تمنح الفنانين التشكيليين ميزة مختلفة وهي أنواع الملابس التي يرتادونها، حيث تختلف شكلاً ومضموناً وتجذب الكثيرين ألوان ملابسهم ذات الخصوصية الغريبة، مما يعبر عن مكنون خاص بهذه الشريحة المهمة في المجتمع، ولا يمكننا أن نقطع بالقول بأن حلفاوي لقي نفس المصير، وما يمكن أن يقال بأنه حالة تستحق الاهتمام والمتابعة والتوقف بعيدا حالته العقلية، فما قدمه من أعمال تنصب في خانة الإبداع، وإن كان غير مرتب أو مخطط أو مدروس. وبعد رحيله لم تبق سوى أعماله المبعثرة بترتيب في دواخل مجتمعات الخرطوم من البسطاء والكادحين
اليوم التالي
بل ظلت جدلية العلاقة بين الفن والجنون مثار اهتمام النقاد
جدلية دي بتديني احساس انها مترجمة !
اتكلموا عربي براحة بلاشش فلسفة !!!
ما اعرفه ان من بدأ بجمع كل الداتا عن فنان الشارع المرحوم حلفاوى هو الاستاذ مامون احمد في مبحث كبير عبارة عن كتاب من جزئين ومازال يجمع هذه الداتا بنية عمل بحث كامل عن الحالة كما أن التحليل المصاحب البسيط هنا مأخوذ من مداخلات الناس في البوستات التي رفعها الاستاذ مامون وهذا المقال ما هو إلا سرقة لمجهود إنسان آخر وهو ممن ذكرتهم (ولم يحتفِ بالرجل سوى مجموعة من التشكيليين الذين بدأوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) في توثيق لوحاته المرسومة على الحيطان وسط الخرطوم )…كان من الواجب على الاقل أن تشير الى اسم هؤلاء من باب حفظ الحقوق .. “وما اعرفه هو ان الاستاذ مامون احمد واصدقائه التشكيليين والمهتمين لا يزالون يقومون بجمع كل ما يجدونه من صور من اعمال حلفاوى