أخبار السودان

المشاركون في منتدى المؤتمر الوطني حول الحريات الصحفية والمسئولية يجمعون على أهمية تعديل بعض القوانين

الخرطوم ( سونا ) تقاربت وجهات النظر بصورة كبيرة بين المتحدثين الرئيسيين والمشاركين من المختصين في العمل الإعلامي والقانونيين في المنبر الإعلامي الثالث لأمانة الإعلام بالمؤتمر الوطني الذي نظمته الأمانة مساء امس بالمركز العام للحزب حول الحرية والمسئولية الصحفية بحضور عدد من القيادات بالحزب والمهتمين بأمر الحريات الصحفية .
وتوافق المشاركون على ضرورة إعادة النظر والعمل على تعديل عدد من المواد بعدد من القوانين خاصة التي تخص القوات النظامية والقانون الجنائي المتعارضة مع حرية العمل الإعلامي .
وأجمع معظم المشاركين على أن تراجع مناخ الحريات الصحفية في الفترة الأخيرة مرتبط بالمناخ السياسي والامني الذي تعيشه البلاد بجانب الوضع الاقتصادي المتردي .
ورفض أمين الإعلام وزير الدولة للإعلام الأستاذ ياسر يوسف وصف الواقع بالتراجع وقال إن ما يتم يعد تطورا طبيعيا للممارسة السياسية بالبلاد وشدد على أن كل ما تم ويتم من اجراءات يعتبرها البعض ضد حرية الصحافة يتم وفقا للقانون الذي سلم بإمكانية قيادة حملة للنظر فيه وتعديل مواده التي يتفق على انها تتعارض مع الحريات الصحفية التي توافق مع الجميع على انها لا توجد على اطلاقها في اي دولة .
ونوه إلى أن المؤتمر الوطني يتعامل مع قضية الحريات باعتبارها قيمة متأصلة في طبع الإنسان وخلقه .
وأبان أن حرية الإعلام نابعة من وثيقة الحقوق المضمنة في دستور عام 1998م والدستور الانتقالي لعام 2005م وقال إن الوثيقة تمثل رؤية الحزب للحريات بما فيها حرية الإعلام الذي يمثل سلطة اجتماعية مكملة لنشاط الحكومة .
وقال يوسف “من هذا المنطلق أتت القناعة بضرورة إطلاق حرية امتلاك وسائط الإعلام من صحف وقنوات فضائية وإذاعية” .
وابتدر النقاش الاستاذ معاوية ابوقرون المحامي الذي ركز حديثه على توضيح المدخل بين الصحافة والقانون، مؤكدا أن الحوار حول الحريات الصحفية وحدود المسؤولية أمر شائك ومعقد يحتاج لنقاش وحوار مستفيض من اجل الوصول لرؤى مشتركة .
واعتبر الوصول لهذه الرؤى يمثل دفعة للحوار الوطني الذي أكد ضرورة أن يحقق التقاسم العادل للسلطة والثروة والتبادل السلمي للسلطة .
وأكد ابو قرون أن دساتير السودان منذ الاستقلال وما صدر من مراسيم خلال حقب الحكم العسكري أكدت حرية الصحافة مؤكدا انه لا حريات أو تقييد مطلق .
واكد ابو قرون أن تحقيق الموازنة بين الحرية والمسؤولية يتطلب الممارسة الصحيحة للحرية .
واقر ابو قرون بوجود مواد في القوانين السارية تتقاطع مع حرية الصحافة والتعبير التي أتاحها الدستور وأضاف أن أهم مقومات ممارسة حرية الصحافة هي الالتزام بالمهنية التي تقوم على الممارسة وفق مواثيق الشرف الصحفي والصدقية وعدم الخلط بين الخبر والرأي وعدم تأثير الناشر على الحرية الصحفية وأعتبر هذا التأثير من الأمور المسكوت عنها والتي أضاف اليها تأثيرات بيوتات الإعلان .
وقال أبو قرون إن أحد اأهم مقومات الحرية تتمثل كذلك في ممارسة حق التعبير وفق ضوابط القانون خاصة على مستوى نقد الشخصيات العامة بعيدا عن إشانة السمعة ونشر أسرار الحياة الخاصة ، والنشر الذي يمس العقائد والشعائر الدينية أو الإضرار بالأمن والاقتصاد الوطني مؤكدا أن كل هذه المخالفات لها نصوص ومواد تعاقب عليها بعدد من القوانين السارية .
وأكد الأستاذ فيصل محمد صالح الكاتب الصحفي المعروف ضرورة إيجاد معايير للاحتكام اليها لتحديد حجم حرية الصحافة بالبلاد والتي أشار إلى أنها متوفرة في المواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية ومبادئ اليونسكو واعتبرها تطورا طبيعيا لحرية الصحافة والإعلام .
وقال إن الدستور الانتقالي لسنة 2005م نص بشكل واضح على الحقوق والحريات التي صادق عليها السودان وقال إن هذه المعاهدات والمواثيق الدولية والاقليمية بنص الدستور أضحت معياراً محلياً لا مفر من الالتزام به .
وأمن الاستاذ فيصل على أنه من العيب التحدث عن حرية الصحافة دون ربطها بالبيئة السياسية القائمة بالبلاد، مؤكداً أن الحرية المطلوبة لا تتحقق الا في ظل نظام ديمقراطي يتحقق فيه الفصل الكامل في السلطات الثلاثة عن بعضها .
وقال إن السودان يعيش مشكلات في هذا الجانب الذي يلقي بظلاله على حجم الحرية المتوفرة للصحافة . ووصف صالح وثيقة الحقوق التي يحويها الدستور الانتقالي للعام 2005م بأنها الأفضل على مدى تاريخ السودان وبمقارنتها مع بعض دول الجوار .
وأشار الأستاذ فيصل الى أن مثلث حرية الإعلام يقوم على حرية الحصول على معلومات ونقلها وتداولها ونشرها .
وقال إن تقارير تقييم الصحافة على مستوى العالم التي تصدر سنوياً تقوم على تحديد حجم المعوقات في اضلاع هذا المثلث كمعايير عالمية .
وقال إن تأخر السودان في هذا التصنيف الدولي لا يأتي من فراغ أو عبثاً، مؤكداً في هذا الصدد ضرورة مراقبة عدد من القوانين التي قال إنها تتعارض بعض موادها مع الدستور .
وانتقد الأستاذ صالح ممارسة السلطات للرقابة القبلية على الصحف التي قال انها أمر أصبح من التاريخ لمعظم دول العالم .
واكد أن الصحفى ليس فوق الأحكام أو الدستور أو حقوق الناس وقال إن الحاكم في ذلك ( ان حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين ) وشدد على انه ليس من حق الصحافة أن تنتهك حقوق الآخرين سواء أكانوا افراداً أم جماعات أم أحزابا أم مؤسسات وحرية الصحافة تنتهي عندما تمس حرية الآخرين .
وأقر بوجود القيود المتعددة على الصحافة في الدول المختلفة وطالب في هذا الصدد بإيجاد تفسير دقيق لماهية الأمن القومي والأخلاق والقيم والآداب حتى لا تستخدم كستار لكبت حرية الصحافة .
وقال ( ليس هناك حكومة سعيدة بوجود الصحافة الحرة ) لأنه في الدول الديمقراطية يكون الجهاز التنفيذي إزاءها مشلول اليد وعاجزا عن إتخاذ إجراءات للحد من حرية الصحافة وقال ( هناك الخطوط الحمراء ليست مزاجية أو مطلقة بل محددة في الدستور وان الجهاز التشريعي المستقل المرتبط بقيم المجتمع هو الذي يضع الشروط والخطوط، الامر الذى يجعل من تطبيق القانون هو الضامن .
واشار لأهمية ممارسة الروابط والاتحادات النقابية لعملية الضبط والربط المهني بجانب دور مواثيق الشرف المهنية .
ودعا صالح الى إيجاد ما وصفه بالقوانين الغائبة التي تحمي حرية الصحافة بالبلاد ، وفي مقدمتها قانون حق الحصول على المعلومة مشيرا الى أن سرية المعلومات تحدد بقانون ولا يترك الأمر لمزاج الموظف المسئول .
وأنتقد الاستاذ ضياء الدين بلال رئيس تحرير صحيفة السوداني مبدأ المقابلة بين الحرية والمسئولية في ممارسة العمل الصحفي والرهان على القوانين رغم اقراره أنها تحفظ المصالح المتعددة .
وقال إن الرهان يمكن أن يكون على البيئة السياسية والممارسة الديمقراطية ونشر ثقافة الحرية في المجتمع .
وقال إن التجربة السودانية الراهنة في العمل الصحفي نتاج طبيعي لما يوصف بحالة الانتقالية والهجين حيث لا يمكن وصف النظام القائم بأنه ديكتاتوري مطلق أو ديمقراطي يتيح الحريات وقال إن الوضع الراهن يمثل حالة انتقالية هجينا .
وقال إن البلاد عقب دستور عام 2005م الذي عبر عن فترة الإنتقال الأولى بعد الحرب أتاح قدرا من الحريات عبرت عنه الظروف حينها وقال إن هذه الفترة أعقبتها مستجدات وظروف جديدة تمثلت في تفجر حروب وصراعات وأزمة اقتصادية، وأن هذا انعكس على حجم ومدى الحريات .
وأضاف أن هذا يحتم عدم محاكمة الواقع الراهن على مقاييس وتجارب أخرى .
وأضاف أن الواقع السياسي الآن ذو طبيعة مختلفة عبر عنها خطاب الوثبة والمائدة المستديرة لرئيس الجمهورية .
وأشار إلى أننا في هذا الظرف لا نتوقع سقفا مرتفعا للحريات رغم أن الخطاب الحكومي هو ما يرفع هذا السقف، واصفا المناخ في الحريات الآن بأنه منحة وليس حقوقا، مبررا ذلك بأن الواقع السياسي العام للحكومة لا يحتمل هذا في ظل حالة الحرب المعاشة .
وشدد بلال على انه لا مجال للحديث عن صحافة حرة إلا في حال حدوث التغيير السياسي الكبير المطروح عبر الحوار .
وقال إن الاعتراف بالواقع المأزوم لا تمثل فيه أوضاع الحريات الصحفية إستثناء .
وأقر رئيس تحرير صحيفة السوداني أن الوضع الراهن له أسباب أخرى تتعلق ببعض المؤسسات الصحفية التى اشار الى انها تعانى ضعفا وغيابا لأصول المهنية وقصورا في تدريب الكوادر، ودعا لضرورة التعاون بين الحكومة وهذه المؤسسات لتهيئة البيئة المناسبة لممارسة إعلامية صادقة ونزيهة يستفيد منها
الوطن .
واشار رئيس اتحاد الصحفيين الدكتور محيي الدين تيتاوي الى أن القوانين السارية الآن تصب في مصلحة الصحافة والحريات الصحفية وشدد على ضرورة التوافق على ميثاق شرف اخلاقي يلتزم به الصحفي ويعمل به، وامن على ضرورة الاهتمام بالتدريب والتأهيل المستمر للصحفيين ، وانتقد تيتاوي ممارسة السلطات احيانا لإجراءات بإيقاف ومصادرة الصحف دون علم المجلس المعني بالصحافة والمطبوعات ، وعبر عن امله في توقف مثل هذه الممارسات، منوها الى امكانية تعديل بعض المواد في القوانين التي تتعارض مع الحريات الصحفية خاصة قانون الأمن .
واشار مدير مكتب قناة الجزيرة بالخرطوم الملسمي الكباشي الى أن امر الحريات الصحفية يتعلق في المقام الأول بالمناخ السياسي السائد اكثر من تعلقه بالقوانين وتطبيقها ، ومضى في ذات التوجه الداعي لمراجعة وتعديل بعض مواد القوانين المتعارضة مع الحريات الصحفية .
وطالب الاستاذ مكي المغربي باستباق المؤتمر القومي الثاني لقضايا الإعلام بالسماح بإعادة صدور صحيفة الصيحة وشطب البلاغات المفتوحة في مواجهة بعض الصحف .
وعبر الاستاذ محمد لطيف عن اعتقاده بعدم وجود نص صريح في القانون يتيح للنيابة حق حظر النشر، مؤكدا أن الصحفي يستصحب المسئولية ولا يخشاها، مشيرا الى أن الإشكال يتمثل في مدى التزام الحكومة بالمواثيق التى تحكم كل الأطراف ، ونوه الى ما وصفه بالظاهرة الغريبة المتمثلة في مصادرة الصحف بعد الطباعة كعقوبة لاحقة لعمليات نشر في عدد سابق وقال إن هذا يضر بالاقتصاد الوطني ويقضى على الموارد الشحيحة لهذه الصحف .

تعليق واحد

  1. عجبا يتحدثون عن حريات صحفية في ظل نظام سلطوي استبدادي قمعي …وانظر لفذلكات وتفسيرات الانتهازي الضو البلال وتعجب لتنظيرات نسيب البشير محمد لطيف وشطحات تيتاوي …فاقد الشيئ لا يعطيه ويا هؤلاء …الحريات تنتزع يوم انتزاع الوطن السليب من ايدي هذا النظام الفاسد …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..