الشريف الهندى

سم الله الرحمن الرحيم

مع خليل فرح وقفت الايام الماضيه و مع الشاعر الوطني الاديب الراحل الشريف الهندي والفنان كابلي.. وابريت السلام..جلست

الاستماع المتعه الوحيده التي لاتحتاج الي جهد بل تحتاج لمزيد من الاسترخاء والراحه… وتتطلب حضورا ذهنيا مريحا… جلست مسترخيا امام التلفاز… الصوره امامي… الفنان الكابلي يتانق بالزي السوداني الجميل!! كان ممسكا بالة العود… الجميع من حوله متانقين بالالات الموسيقيه المختلفه (فكره) (تظهر) ان الامر يستحق وكانت الاستجابه لدعوة الاستماع… ولان العرب جعلت للشعر ميزانا وجرسا منظوما لمد الصوت والدندنه كان الفنان كابلي “وجوقته” الموسيقيه يدندنون شعرا ولحنا وجرسا وصوتا… وبدأت مقطوعة السلام… الاوبريت من كلمات الراحل المقيم الشريف الهندي وتلحين الكابلي… امر عجب لايتكرر! هذه الريشه التي انغمست في تلك المحبره… لم يخط بها الشريف الهندي حروفا بل كان يرسم بها لوحات مصوره وموصوفه وصفا مرسوما تحملها سلاسه الموسيقى الصادقه… الحنينه…

فالنغم فضل “بقي” من النطق لم يقدر عليه الكلام… ولم يتمكن اللسان على استخراجه، فاحتوته الانغام والالحان… ان الله لم يخلق شيئا احن للقلوب واشد سبيا للعقول اكثر من الصوت الحسن الرخيم…

اسرج الفنان الكابلي خيول ابداعه ميمما الولوج داخل مفردات الهندي ليخرجها انغاما ذات رونق والق .

وانساب اللحن العبقري البديع يرفل بكلمات الشريف الهندي المنساقه في اوبريت السلام…

لحن ينطلق من دواخل المهج السودانيه الاصيله، تلك المنبثقه من تراب الوطن الحبيب… لوحه مبهره رسمتها كلمات محببه… اخرجها كابلي في كوكبه صور ومشاهد مشاهد لايقدر على تصويرها سوى مصور قدير ومخرج فذ بديع يعرف روعه الاداء… لوحات وتصاميم رائعه تبحث عن الراحل المقيم جادالله جباره ليوثقها انشوده للاجيال… مقتنيات اثريه تقف المتاحف تحيه واجلالا لها… وتلك الصالات التي شهدت سكب العروض مابرحت تنادي بعضها البعض لبلوره مالم يكتب من قبل عن السودان.. ( ) الوطن.. التراب.. الجبال.. الانهار.. الانسان.. الحيوان.. الطير.. التاريخ والجغرافيا.. وعلم النفس!!.. والقبائل.. الشعراء.. الادباء…

استمتعت للكابلي وطربت ترنيماته لكلمات الشريف الهندي… فسافرت في الليل الطويل عبر فيافي الوطن المتسعه… وشاهدت القمر غرقان في “جوا ” السحاب… بيصارع الظلام.. ويراقب الصباح.. يحمل سيف النصر.. بيرق للعزه.. يتذكر هنا “مهيره” وقصة حملة الباشا!! مهيره!!

صوره يتجسد فيها عشق الوطن وحب التراب السوداني.

يعود وسيف العود والدم البيرشح… ولان السوداني المحب للوطن المعروف بالعمه والثوب والسروال كان لابد من التقاط صوره هنا… قبل ان يبدأ الهيام بعيون النيل!! والتاريخ المخضر لوطن السودان ومساراته عبر الاجيال…

ويقول ماينساك علشان يطراك… الوطن ببقى في الفؤاد… الوطن جبال قيزان.. ماء دارفور.. كوبري سنار.. خزان سنار… وهنا الصوره لاتكتمل الا بظهور طائر السمبر!

مااروع الكلمات حين تقول للسودان “منو الزيك الولد ويستاهل الاولاد؟! اصل موروث من الاجداد أم الحر… الضنبو وراءه بجر… ويذهب الى الاشجار.. الهجليج..والمهوقني.. وصمغ الهشاب والتبلدي.. الاراك.. الطلح.. وشجر الدوم…

يظهر في المشهد الفيل… والعنز والجاموس والتيتل والاصله.. والدابي واسد العرين رب العراك.. والنمور…

ويرفع راسه الشريف الهندي… فيرأى صقر الكواهله العينو كالفانوس وريل الوادي… ثم يرأى الطاؤوس…

وعلى الشاطئ يرأى العشارى… من ماء النهر الازرق البهد القيف..

صوره تلون نفسها بسحاب الخريف التعاش والرذاذ الما بقيف في اعالي النيل الازرق… ولاينسى النهر الابيض… قال عنه الهندي… “ماشي منطرح مابقيف” انظر لهذا المشهد… لم اقرأ من قبل وصفا للمشي بحركة “المنطرح” مابقيف!! والانهار الكثيره… الرهد… وخص الهندي الاتبراوي بانه “للسواقي اليف”!! والدندر ورعد القاش والفشقه وسيولها..

ثم تنقلك كاميرا الرؤيا الى صوره خلابه… الى “ملوال” وهو غارز رمحه يقف تحت سماء الجنوب والسحب الركام الممتلئه بالماء فوقه… وتنقلك الكاميرا سريعا الى داخل النهر.. “شبل النوير” ومركبه الصغير وشراعها الابيض القصير… تملاءه الريح…

وعلى الشاطئ رث الشلك لابس عاجو سوار ويهز بعزيمه ضراعو… صور لاتتكرر في بحر الجبل والرجاف وبحر الغزال والزراف وسوباط… حتى خور ابوحبل… وقف عنده الهندي…

وعبر البلدات.. كانت سمسم وسهل قوز ود زائد… وقدندبليه، وكمبو6 الفاو بقت ترع وجناين وموارد… وتشاهد لون الكركدي الاحمر وصفاء الصمغ العربي (الهشاب) والعيش والسماسم والدخن… وفجأه ينقلك المديح لا اله الا الله الى على دينار… ابو زكريا وللكفره وصحاريها ودار الريح… مرورا “ببارا ” وجبال النوبه… السلطان عجبنا… وناس حبوبه… وفرسان الدواس ثم الى دار المجاذيب… وللانتقال من تلك الفيافي الى داخل الوطن من جديد استعان الكابلي بكلمات لحنا “كوجو..كوجو” في موسيقى سلسه في حركاتها قبل ان تدخل الى ارض البطانه… الى ابو سن ومحمود وناس عوض الكريم.. رجال واقفين في الشمس “دايرين ” يغطو شعاعها!!

عزك يابلد معزور بدماء وعظام الابهات ودائما متقريفه لقهواتنا…

في الشروق ارض خير ومعادن… سواكن والاركويت وغزال جبيت..صمت واربعات…

ويظهروا ناس اوشبك… “بالربابه” يغنوا… واوهاج وشتالوا والتمباك… ادروب ابوك كيفنو!!

في رياح الهباباي… اروما… حامد “منتظر”!.. وحلفا وبري المحس وتوتي… العلاقه الازليه بينهما…

ويرتاح الهندي بنفس طويل لم يتقطع يخاطب نخيل… النيل… واولاد شايق… والباوقه ومروي والسواقي ودمعها…

وصقر الجو يحلق في السماء “جيعان”…

المك نمر… والباشا… وعند مقرن النيلين… العديل والزين… محكره في الفؤاد والعين… مغسله بطهور مويتين… هي (ام درمان )… المهدي… ولابد من تكبيره هنا… واسد عبدالله ود النجومي… وعثمان… سواكن… رجال “حرروك” بلانتماء والدين… والازهري رجال “سودنوك”… ونكسوا العلمين …

ام درمان… الادباء والعشاق والفنانين… الاسكله… عازه وفلق الصباح.. وكرومه..وخليل فرح… وود الرضي “القلبو انقسم نوصين”.. والعبادي ماسك( ) وابو صلاح والكهربائي الزين.. الأمي والمساح والعمرابي ويسأله الهندي… “رماليك قاعد وين؟!؟”

حدباي شاعر الجمال وود الريح وقاسم وودعبدالعزيز وعمر البنا سيد الكلمه والتلحين والسر ووهبه… وبدر الدين… الحاج سرور الفراق لمتين…

ويتسأل عازه المفارق قدمو…

ووقف الهندي كثيرا عند الجزيره… وقال ياحليل كلو واحد على وطنيتو قابض مابين سوبا وسنار ومحصولك الذهب القطن وارضك “بالاشبار” محسوبه وطنيه “يامدني” من ايام المؤتمر ناديه “قويه”..

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. جميل منك أيها اللواء المثقف أن تعزف على هذا الوتر، وأن تسلط الضوء على إبداع موسوعية الشاعر الراحل، وعبقرية الملحن المؤدي العملاق الكابلي، الذي يجري حب السودان في شرايينه مجرى النيل في أرضه الشهباء..وهذا الأوبريت ملخص نادر ينم عن دراية موسوعية جغرافية تاريخية ووجدانية نادرة ببلد أشم.. جمع بين الثراء الاقتصادي ، والتنوع البشري، لكنه وأعذرني أن أبثك ما خطه يراعي الآن ولعلك توافقني البلد بلد السياسيين كل البلد ساسة ومنظرون في السياسة.. كل يريد منصبا.. وما أكثر أسماء المناصب.. مساعد رئيس، وزير دولة، والي، معتمد ..مئات من الزعماء.. والكل يقدح في الكبير.. منذ الاستقلال ونحن نتراجع .. نتقاتل.. نتحارب.. والمدارس تهدمت .. والمستفيات خربت .. والمشاريع الزراعية صارت يبابا.. ونحن نتصارع ونتنافر .. والعمل والنماء والتطور غائب.. حاربنا الديموقراطيةوسبعتاشر هب الشعب طرد جلادو طرد لظلمالله لا عادوا.. ثم قاتلنا العسكر، و(هبت الخرطوم في جنح الدى، ثم بلا وانجلا ، ولا زلنا.. ضرب الشيوعيون وحورب الإسلاميون.. والتنمية بحححح..
    أطيب وأنبل شعب.. لكنه انشغل في نفسه..
    صارت الهند دولة عظمى..
    وجنوب إفريقيا من مجموعة العشرين..
    وكوريا الجنوبية
    والصين التي مات ملايينها من المسغبة ، صارت ثاني اقتصاد في العالم.. وتطورت ونمت صاروخيا أوربا بعد دمار الحرب العالمية الثانية وأنت يا وطني وآآآآه نتقاتل نحن على اللاشئ .. فاصحوا يا إخوتي وابنوا البلد ، ودعونا من هذا التشذم فقد ضاع الكثير..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..