وداعا زمن سويسرا وأهلا بعصر فرنسا الأول في دولة الفساد الكروي

هناك مفردات عبر الزمن ترتبط بمعان معينة ومحددة رغم عدم الترادف الفعلي، فكم من الناس يطلقون على حافظ المياه الساخنة اسم “تيرموس” وعلى حافظ المياه الباردة اسم “كولمان” وكل منهما ليس معنى أو اسم المنتج وانما اسماشركتين مصنعتين للمنتج ضمن آلاف الشركات ولكن اشتهر المنتج بعلامتهما التجارية فاصطلح تسمية المنتجين باسم شركتهما، مجرد ترادف لا يدل على المعنى الحقيقي ولكنه صار اصطلاح.

وضمن الاصطلاح ففي السنوات العشر الأخيرة صار هناك ارتباطا ذهنيا بمجرد ذكر اسم “الفيفا” بالفساد، ورغم التقارب الحرفي بين كليهما في العربية ولكن انتشار الحديث عن الفساد في أرجاء الاتحاد الدولي لكرة القدم ورغم أن الفيفا مليء بالفساد منذ سنوات طويلة وتحوم حوله آلاف من شبهات التربح، إلا أن السويسري جوزيف بلاتر صار العلامة التجارية الأشهر للفساد في الاتحاد الدولي لكرة القدم.

أصبح اسم السويسري مرادفا كترموس وكولمان كل في مجاله رغم أنه ليس الأول ولا الأوحد، فمنذ بداية عهد السويسري العجوز بدأت تطفو للسطح الاتهامات بالرشاوي والفضائح المتعلقة بالعمولات والشبهات حول مشاريع الاتحاد الدولي لكرة القدم.

طفت على السطح الشبهات في كل شيء حتى أن سويسرا موطن بلاتر الدولة المغمورة في عالم كرة القدم صارت ضيفا أساسيا في المونديال رغما عن الجميع ومنذ 2002 تقع سويسرا في مجموعة سهلة مؤهلة لكأس العالم، وعندما تتأهل إن -تأهلت- تكون مجموعتها الأسهل في المونديال وحتى لو واجهت فريقا صعبا تكون آخر مباريات المجموعة حيث يكون فعليا قد تم حسم التأهل وتلعب الدولة القوية بتشكيل من الاحتياطيين

ربما تكون صدفة متكررة بغباء منقطع النظير، كل شيء وارد ولكن، تصادف قبل انطلاق المونديال أن يدب الخلاف الأول بين رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ونائب رئيس الاتحاد الدولي مع رئيسه، حيث بدأت الصراعات بين بلاتر وبلاتيني مبكرا تمهيدا للانتخابات المقبلة، وقال الفرنسي ميشيل بلاتيني قبل انطلاق كأس العالم:

في إشارة من الفرنسي إلى أن هواء الاتحاد الدولي غير نقي مع بلاتر مما يعد تلميحا بالفساد للمرة الأولى من رئيس الاتحاد الأوروبي الداعم الأكبر لبلاتيني لسنوات مضت، ولكن يبدو أن الأجواء قد تعكرت بينهما وصارت أطماع بلاتيني أكبر من مجرد رئاسة الاتحاد الأوروبي وصار كرسي الاتحاد الدولي مطمعه الخاص، مستغلا حكايات الفساد وشبهاته التي تحوم حول بلاتر والاتحاد الدولي.

ولكن في الاتحاد الدولي ومسابقاته واختياراته الصدف المشبوهة تتكرر مرار بإصرار غريب، فللمرة الأولى تقع سويسرا موطن بلاتر مع فرنسا موطن بلاتيني.

ولأن الصدف المريبة تتكرر فقط في الفيفا فللمرة الأولى بعد أن دب الخلاف بين الرئيس ونائبه تكون مباراة سويسرا مع فرنسا هي الثانية في مباريات المجموعة وتلقن بلاد بلاتيني درسا قاسيا لسويسرا بخماسية كادت أن تكون سداسية لولا تعاطف حكم اللقاء مع بلاد بلاتر وألغى هدفا صحيحا لبنزيمة بحجة انتهاء وقت المباراة قبل دخول الكرة لمرمى سويسرا.

ومع ذلك وحتى رغم فوز فرنسا بنتيجة مذلة مازال المنتخب السويسري قريب من الصعود لدورالـ16في المجموعةالأسهل في كأس العالم بوجود هندوراس الوافد الجديد الفقير والإكوادور المغمورة كرويا، ففوز فرنسا المتوقع على الإكوادور، وفوز أو تعادل سويسرا مع هندوراس يصعد ببلاد بلاتر مباشرة لدور الـ16، رغم أنه فريق يعد الأضعف بين الفرق الـ32.

هي ربما صدف تتكرر مرارا وتكرارا، رغم أن قانون الصدفة لا يبيح التكرار ولكن الاتحاد الدولي فوق مستوى القوانين وتتكرر معه الصدف مرارا، عموما بزوال عصر بلاتر الذي اقترب من نهايته على الأغلب ستزول ظاهرة سويسرا التي ربما نجدها في التصفيات المقبلة مع صفوة الفرق الأوروبي كي لا تصعد مجددا للمونديال، وربما لن نجد فرنسا مجددا مهددة بالغياب عن كأس العالم.. ولكن إن حدث فعلى الأقل هو من المنتخبات الكبرى ومن حق الكبير “يتدلع”!

يوروسبورت

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..