لا نكهة لرمضان : اختفاء “قمر الدين” واستقواء عضد الأسعار

الخرطوم: سارة المنا

يلحظ الجائل في سوق أم درمان انخفاضاً بالغاً في حركة البيع والشراء لا يتناسب مع قدوم شهر رمضان، وبطء في حركة الزبائن وسلحفائية في البيع مقارنة بحراك تجهيز أغراض رمضان في الأعوام الماضية، وبدا واضحاً أن الأسواق مصابة بكساد كبير، كساد لم يستثن حتى سوق التوابل فسدد إليه ضربة قاضية بيد الأسعار الباطشة.

ليست البهارات من شمار وكزبرة، هبهان، قرفة، وخلافها، من تعرضت لصفعات يد الأسعار القوية، فحتى الويكة، البلح، العدس، الكبكبي، العدسية، الدكوة وقمر الدين أصيبت بأذى بالغ.

وما كشفت جولتي (اليوم التالي) بسوقي أم درمان وأركويت، عن حقيقة ارتفاع الأسعار، جسدته شكوى إحدى السيدات وهي تذرف الدمع مدرارا من الغلاء الطاحن الذى ضرب السوق والفلس غير المسبوق الذي ضرب الخزائن والجيوب.

بين الركام

ثمة إجماع بين المواطنين على أن مُناسبات مهمة تضافرت وتعاضدت هذه السنة، فاجتمعت في وقت واحد لتعصف بالمواطنين، فبجانب جنون الأسعار، فإن تزامن رمضان مع بداية العام الدراسي، وزيادة الرسوم الدراسية على قطاعي التعليم الخاص والحكومي ومنصرفات الترحيل وارتفاع أسعار الأدوات المدرسية، كلها عوامل ألقت بحمل ثقيل على الأسر المنهكة، فأضحى المواطن يرزح بين الركام هذا وكأنه كوم زبالة لا يأبه لها أحد.

زيادة متوهمة والناس مفلسة

لكن التاجر (عبد الرحمن النعيم) نفى بشدة أن يكون هنالك ارتفاع في الأسعار بالقدر الذي يروج له البعض، وأضاف: لا توجد زيادة كبيرة، وما يُردد عن الارتفاع الكبير للأسعار أمر متوهم لا وجود له إلا في أذهان المواطنين فقط، بحسب رأيه. واستطرد (عبد الرحمن): لا يوجد غلاء لدرجة تحرم الناس من الشراء، فالأسعار عادية جداً ولكن الناس مفلسة، لكنه عاد ليؤكد أن هنالك زيادة بالفعل، لكنها طفيفة جداً وفي سلع محددة كالقرفة والهبهان .

اختفاء قمر الدين

بالنسبة للتاجر(حسين محمد)، فإن ارتفاع الاسعار يعد أمراً طبيعياً في ظل الأوضاع الحالية، فقلة السيولة المالية الناتجة عن ارتفاع الدولار لا بد أن تتسبب في ضعف القوة الشرائية، وأشار إلى أن اسعار الويكة قفزت بشكل كبير حتى بلغ سعر الربع منها (200) جنيه، بجانب الارتفاع الملحوظ في البلح الذي تتراوح أسعاره ما بين (120 -160) حيث تبلغ قيمة صنف البلح البركاوي (80 ? 120) جنيهاً والقنديلا (140 ? 160) جنيهاً، واستطرد (حسين) موضحاً: سعر ربع البليلة العدسية وصل سقف الـ (50) جنيهاً، بينما طار الكبكبى إلى (60) جنيه، لكن (حسين) يرى الأسعار بشكل عام تعتبر أفضل من العام الماضي، عدا أن (القمر دين) معدوم تماماً إلا من بعض منتجات المصانع المحلية الرديئة بحسب تعبيره.

ومن جهته، يرى (رضوان) أن تزامن المدارس مع رمضان أرهق المواطنين، وكان يفترض أن يتم تأجيل المدارس إلى ما بعد رمضان حتى لا تتأثر الأسر سلباً. واستطرد: لقد بُح صوتنا ونحن ننادي على الزبائن ولكن دون جدوى، وختم: نسوي شنو، غايتو الإقبال ضعيف شديد.

الرقي والتحضر

في جولة ثانية بسوق الجمعة بأركويت التقينا التاجر (محمد العاقب) فقال: والله يا بتي زمان كان أحلى شيء الجلوس على التبروقة، لكن الزمن اتغير كتير، وأضاف: كانت البروش والتبروقات تجينا من الصعيد والرصيرص والدمازين ودارفور وبعض مناطق البطانة وريفي شندي، لكن الناس بقت تعتمد على السجاد والموكيت، وهذا يدل على الرقي والتحضر، واليوم الواحد لو اشترى تبروقة إلا عشان عايز يعملها اكسسوار للبيت وبس.

بين السجاد والبروش

في السياق، يقول السيد (محمد عبدالله) السبب في اختفاء التبروقة والبرش الاستيراد هو السبب في انتشار السجاد والناس اعتمدوا عليه، ونحن مفروض نحافظ على التبروقة المنسوجة من السعف وحتى لو انعدمت، وقال محمد إن الأسعار متفاوتة السجاد (5متر) بـ (75) جنيهاً و(3متر) بـ (60) جنيهاً والمصلاية بـ (20) جنيهاً .

لكن (سعاد أحمد) التي تفرش بضاعتها بأحد الشوارع قالت بأسى تصحبه ضحكة حسيرة: رمضان! يا حليل زمن البروش لما كان الخير باسط والزحمة مافي، هسي الناس اتغيروا والزمن اتغير، لكن ما في أحلى من البروش والتبروقات لما تقول (ياولد جيب التبروقة وافرش البرش دا) لمن تتكيف ذاتك، وأضافت: بقينا نزهج من السجادة والموكيت لأننا معتادين على البرش المريح لكن هسي الفرشة كل يوم تغسلها

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..