تصريح مثير للدهشة

نبيل أديب عبدالله المحامي

في مجال تأكيده لعدم وجود صلة بين إجازة قانون الإنتخابات والحوار الوطني، صرح السيد رئيس المجلس الوطني، أنه ضرب من الوهم أن يحاول أحد تفكيك دولة الإنقاذ. هذا التصريح هو تصريح غير موفق من حيث صدوره من رئيس أحد مجلسي السلطة التشريعية، لأنه لا يؤكد فقط أنه لا جدوى من قانون الإنتخابات الذي يدور النقاش حوله، بل يؤكد أيضاً ما ذهب إليه غلاة المعارضين، من أنه لا جدوى من الحوار الوطني أصلاً. عن ماذا يتحدث السيد رئيس البرلمان حين يتحدث عن عدم جدوى محاولة تفكيك دولة الإنقاذ. دولة الإنقاذ هي، فيما نعلم، نظام الحكم الذي أقامه الإنقلابيون الذين إستولوا على السلطة في صباح ثلاثين يونيو عام 1989 والذين عندما لم يعودوا في حاجة للأقنعة، بعد أن إنقشع الغبار عن إنقلابهم بعد عام أو يزيد، ذكروا أنهم في واقع الأمر هم عسكريو الجبهة القومية الإسلامية، وأنهم إستولوا على السلطة تنفيذاً لأوامرها. الجبهة الإسلامية، وهوالإسم الذي كان يتسمى به تنظيم الأخوان المسلمين. جرياً على عادتهم في عدم الإستقرار على إسم منذ أيام إتخاذهم لإسم جبهة الميثاق الإسلامي بديلاً عن إسم جبهة الدستور الإسلامي فقد إختار حكام السودان الجدد لأنفسهم أسماً جديداً وهو المؤتمر الوطني. إذا فدولة الإنقاذ هي دولة المؤتمر الوطني الذي كان فيما مضى من الأيام الجبهة القومية الإسلامية. فهل الدولة التي لن تتفكك في نظر السيد رئيس البرلمان هي دولة الجبهة القومية الإسلامية التي أقامتها بفرض إرادتها بقوة السلاح على البلاد والعباد في فجر ثلاثين يونيو منذ خمسة وعشرين عاما؟ً إذا كان ذلك ما يعنيه السيد رئيس البرلمان فعلي أي أساس يقوم المجلس الذي يرأسه سيادته بإجازة قانون للإنتخابات على أساس تعددي حزبي؟ هل يعنى ذلك أن الأحزاب الأخرى، وهي أحزاب مدعوة للمشاركة في الإنتخابات، لا فرصة لها في الفوز بالإنتخابات التي أصدر قانونها مجلسه الذي يسيطر عليه حزبه؟ إذا كان ذلك كذلك، فما هو جدوى قانون الإنتخابات نفسه ولماذا تتكبد الدولة كل هذه المصاريف الباهظة؟ وما الذي يدعو الأحزاب المعارضة للمشاركة في إنتخابات ديكورية لن تؤثر نتيجتها على السلطة السياسية؟ وإذا كانت الإنتخابات ليست إنتخابات ديكورية، بل هي إنتخابات تعطي الأحزاب الأخرى فرص حقيقية في المنافسة فيها، ألم يكن من حق من يفوز بها، وفي إطار التفويض الممنوح له، أن يفكك ما يطلق عليه السيد رئيس البرلمان مصطلح دولة الإنقاذ؟ لكن قبل ذلك كله هل ما زالت الدولة التي أقامها إنقلابيو 89 قائمة، حتى يصرح رئيس البرلمان بإستحالة تفكيكها؟ الدولة هي المؤسسات التي تمارس السلطة وفق دستور معين، والسلطة التشريعية التي يرأس صاحب التصريح أحد مجلسيها تمارس سلطاتها وفق دستور 2005 وهو دستور لا يتحدث عن دولة الإنقاذ التي يؤكد صاحب التصريح عدم قابليتها للتفكيك، بل يتحدث في مقدمته عن إقامة ?نظام لا مركزي وديمقراطي تعددي يتم تداول السلطة فيه سلمياً? وتنص المادة 4 (د) من ذلك الدستور على ما يلي ? تُستمد سلطة الحكم وصلاحياته من سيادة الشعب وإرادته التي تُمارس عن طريق الاستفتاء والانتخابات الحُرة المباشرة والدورية التي تُجرى في اقتراع سري عام لمن بلغ السن التي يحددها القانون.?إذا كان الدستور الذي تمارس السلطة التشريعية سلطاتها بموجبه هو دستور لا يحتكر السلطة لأحد، ويؤسس لتبادلها سلمياً عن طريق الإنتخابات الدورية، ألا يعني ذلك أن التفويض الإنتخابي، الذي منح السلطة لحزبه هو تفويض محدد من حيث السلطة، ومن حيث الزمن، بالحدود الدستورية؟ إذا كان الحال كذلك، فإن الدولة القائمة والتي يرأس صاحب التصريح أحد مجلسي سلطتها التشريعية هي الدولة التي أقامها دستور 2005 وهي دولة السيادة فيها للشعب يمارسها عن طريق الإنتخابات الدورية وليست دولة الإنفاذ التي أقامها إنقلابيو الجبهة القومية الإسلامية، للإستيلاء على السلطة، وإحتكارها لحزبهم. الحديث عن دولة الإنقاذ هو إصرار على رفض أحكام الدستور.

الميدان

تعليق واحد

  1. الاخ العزيز نبيل اديب
    تحية طيبة

    الحوار الوطني”المزعوم” اصلا من اجل ان يتم (( تصفير العداد)) للبشير من اجل ولاية ثالثة بالغاء الدستور ونيفاشا والبداية من جديد
    البمشي في الامر ده يا ما بفهم في االسياسة يا محلوج…يا مؤلفة جيبوهم
    عشان كده حقو المعارضة تتفرز
    1- المعارضة الغوغائية-قوى السودان القديم ودي لافة صينية ساكت ماعايزة تغيير حقيقي عايز تتضاير مع الجماعة ديل بس..الترابي ده ما عامل فيها منقط الدساتير غالبو يصلح الدستور ويخليه منسجم مع الاعلان العالمي لحقوق لانسان !!
    2- المعارضة الديموقراطية-قوى السودان الجديد:تلتزم بي نيفاشا والدستور بتاع 2005 الذى ينهي ولاية البشير في 2015 وتلزم المجتمع الدولي ودول الاقليم باتخاذ قرارات صارمة في مماراسات النظام غير الدستورية وتسعى بنفسها لنظافة الدستور من القوانين المعيبة وتنزلو للشعب في ندواتها وتعرف به دول الاقليم والمجتمع الدولي -المعركة القدمة الدستورية يجب ان يكسبها الديموقراطيين الحقيقيين
    اسقاط نيفاشا والدستور الانتقالي والبحث عن حوار او خوار ده مضيعة وقت ساكت ..يفتح البلد طوالي على الفوضى الخلاقة والعالم ينظر الى السودان فقط عبر هذه الاتفاقية والدستور المنبثق عنها- راجع خطاب اوباما الاخير في قضية مريم-
    وليس لي نيفاشا والدستور2005 ادنى علاقة بالمؤتمر الوطني وممارستاه المشينة سوا انه كان الطرف الرديء الذى وقعها
    الازمة في ناس حقي سميح وحق الناس ليه شتيح واعجاب ذى كل ذى راي بي رائه والشح المطاع والهوى المتبع-نفس الناس المدورين بينا من 1964

    عشان كده انت والمحامين الديمقراطيين-نظفو الدستور بتاع 2005 بالكلوركس -شيلو منه كل القوانين المعيبة واسعو لتفعيل المحكمة الدستورية العليا برفدهابتسعة قضاة محترمين..بتكونو دقيتو اول مسمار في نعش قوى لتحلل والفوضى الخلاقة-النخبة السودانية وادمان الفشل- وخطوة في طريقنا الى سودان المؤسسات الخلوهو لينا الانجليز في 1 يناير 1956

  2. يا استاذ نبيل ، والله كلوا بالضراع، لو كان في عقل الجبهة الاسلامية ذرة من الديمقراطية لما اقدمت على الانقلاب، لكن لذة السلطة والمال وضعف الاحزاب الحاكمة اغرتها بالانقلاب وكان هينا، وهم فعلوا نفس الشيء لاسترداد حكمهم المسلوب تآمروا مع اليسوي والما يسوى واتخذوا جيوش لرد الملك الضائع وفشل كل هذا والانقاذ تعرف وكلنا يعرف، اما ما يدور في الساحة للاعلام والاستهلاك فقط، فالقوم لا يأمن بعضهم بعضا.

  3. الكيزان اصلا حزب ماسوني سردابي يعمل من تحت التراب وكل القوانين التي يعملونها هي قوانين من اجل استمرار بقاءهم في السلطة والحمد لله ان الحركة الشعبية الجنوبية انتزعت حقها منهم وبعد دا الله يعين اهل الشمال على هؤلاء الاوغاد والله ديل تاني ما يفكها الا بعد ان تصبح قاعا صفصفا. ديل الكيزان مستعدين يعملوا اي شئ في سبيل القرش والكرش والحكم .

  4. * محاجة هذه العصابة عدم التزامه بالدستور لا جدوي منه، ما دام هي قد وصلت للحكم بخرق الدستور، وكتبت دستورا لم تعمل به، و هي قادرة علي تعديله أو إلغائه؛ فما ال(المثير للدهشة) التصريحات القولية أم الممارسات العملية!!!!

  5. أصلا ما قصرت أيها الأستاذ الكبير نبيل أديب ودائما كلامك بالمنطق والقانون وملتزم بالتهذيب والذوق الرفيع … ولكن لمنو؟ كل المعايير دي هم ما أهلها ولا بتنفع معاهم … شوف زي كلام الأهبل المرتزق الوصولي أحمد البلال بتاع “لو راجل وله مره خليهم تاني يكتبوا ف الصحافة الالكترونية ” يا هو دا المستوى المطلوب وإنت يا نبيل أجرك على الله

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..