هذا هو الفرق بيننا وبينهم (1/3)اا

هذا هو الفرق بيننا وبينهم (1/3)

بقلم / حسن العبيد مدني

حول اللقاء الذي تم مع الأمين العام لمنبر السلام العادل بجريدة (رأي الشعب بالعدد 1507) بتاريخ 16أكتوبر 2011م.

لا يعنيني من هذا اللقاء كقارئ للجريدة الخلافات الداخلية في الحزب التي أشار إليها في هذا اللقاء السيد محمد عثمان أمين عام المنبر وهيمنة رئيس الحزب السيد الطيب مصطفي ?على كل مفاصل الحزب? ولا على ?ما ستشهد ساحات المحاكم من قضية تزوير كبرى فيما يتعلق بملكية المؤسسة الإعلامية التي تتبع للمنبر ، وما سيكشف عنه التزوير? ولا تعنيني أيضاً ? الخلافات بينكم وبين رئيس الحزب السيد الطيب مصطفى ولا ملابسات قضية التسليح ?مسدسات? ولا عن ?بيت الطلاب? والاعتداء على الصحفي محمد كامل?.

ما يعنني هنا الموقف الفكري ، السياسي ، والاجتماعي لهذا الحزب والذي تكُون كالنبت المنبت بالأمس القريب، وموقفه من قضية الجنوب والانفصال ? حسب ما ورد على لسان أمينه العام في هذا اللقاء والذي نحن بصدده، مقارنة بموقف حزبنا ، الحزب الشيوعي السوداني ، ورأيه المعلن تاريخياً في الداخل والخارج، ومواقفه العملية ، ومقترحاته لكافة القوى السودانية الوطنية في الشمال والجنوب لحل القضية حلاً جذرياً منذ إعلان حق تقرير المصير للشعب السوداني وما قبله، وحتى بعد تنفيذ اتفاق حق تقرير المصير الوارد باتفاقية السلام الشامل ووقوع الانفصال- بعد الانتخابات في يوليو 2011 وإعلان انفصال الجنوب إلا لنا أيضاً رأينا المعلن والذي سيجده القارئ الكريم ضمن هذا السياق نطرق أولاً لما قاله السيد البشرى محمد عثمان الأمين العام لمنبر السلام العادل :- حول قيام المنبر يقول:- (( قيام أو نشوء المنبر هو نتاج طبيعي للصراع الدائر حول هوية السودان الثقافية والفكرية . نحن المجموعة التي أسست منبر السلام العادل كنا ولا زلنا نرى ، أن هذه البلاد تنوعها واختلاف ثقافاتها ولغاتها وأديانها ، يظل الدين الإسلامي هو دين غالبية أهلها ، وتظل اللغة العربية هي اللغة الرسمية التي تعبر عن غالب أهل السودان ، لذلك كنا نرى إنه يجب أن يكون لهذين العنصرين: (الإسلام والعربية) دوراً أساسياً في تحديد المستقبل والطريقة التي يدار بها السودان.)) ويواصل قائلاً ( أيضاً دعاة الاستقرار والسلام في السودان يرون إنه كي تحتفظ البلاد بوحدتها الثقافية والفكرية يجب أن ينفصل الجنوب ذلك أن الجنوب كمكون ثقافي شعر أهله منذ مدة طويلة بأن لهم خصوصية ثقافية تختلف تماماً عن الشمال . وكانوا دائماً يحسون بأنهم في الشمال وسط الأغلبية مواطنون درجة ثانية، ولذلك هذا الصوت المحتج إذا بقى ضمن هذا المكَون الكبير أو الغالبية ، كان ذلك عائقاً كبيراً نحو تحقيق هوية السودان.

وفي سؤال للسيد البشرى من الصحفي المحاور :? لكن الإسلام يدعو للتساكن بين المختلفين? فيجيب السيد البشرى بقوله ? صحيح أن الإسلام يدعو لأن يعيش الناس معاً ، قد عاش اليهود مع النبي (ص) في المدينة. لكن الجنوب إذا نظرت إليه كمساحة أرض ومجموع سكان منسوب إلى باقي الزبدة فهو أقلية. هذه الأقلية ظلت ترفض حصتها كأقلية ، وكان يجب أن تقبل بسيادة وقيم وأعراف وخيارات وقناعات الأغلبية ، لذلك ظلت تحتج?الخ.)

إن جوهر ما جاء في هذا الحوار حول قضية الجنوب بُني بصورة أساسية على:- أن يظل الدين غالبية أهل السودان، ولا يختلف اثنان في ذلك. وكذلك اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة وهي مفترق بها في المنابر الدولية !.. لكن، لماذا ( يجب أن يكون لهذين العنصرين الإسلام والعربية) ?دوراً أساسياً في تحديد المستقبل والطريقة التي يدار بها السودان?..وأين المكونات الأخرى لباقي شعب السودان من ديانات وكريم معتقدات وأعراف ولهجات ولغات مكتوبة؟!

ويرى دعاة الاستقرار والسلام في السودان إنه ? كي تحتفظ البلاد بوحدتها الثقافية والفكرية يجب أن ينفصل الجنوب .ذلك أن الجنوب كمكون ثقافي شعر أهله منذ مدة طويلة بأن لهم خصوصية ثقافية تختلف تماماً عن الشمال وكانوا قائماً يحسون بأنهم في الشمال وسط هذه الأغلبية بأنهم (مواطنون من الدرجة الثانية) ? أوليس كل ذلك حقيقة ما زالت ماثلة يا سيد البشرى؟

أخيراً بطرحنا لهذه الأفكار الأساسية والمواقف العملية لحزب السلام العادل ودعاتها وساهم بالقدر المعُلى في انفصال جنوب الوطن .هذا الانفصال الذي ما كان ليحدث لو طبقت اتفاقية السلام الشامل بحذافيرها وجعلت خيار الوحدة جاذباً ? حسب ما جاء بها- ما كان من الممكن أن يحدث انفصال لو عمل الحزب الحاكم- بعد توقيعه على كل بنود الاتفاقية- وإشاعة ثقافة الوحدة الجاذبة بوطنية حقيقية، وكان قد حذي حذوه تابعه حزب ?منبر السلام العادل?!!

في هذا المقام ماذا قال ، ويقول حزبنا، الحزب الشيوعي السوداني منذ بواكير نشوب وتطور مشكلة الجنوب ، ورأيه الذي طرحه لكل القوى الوطنية السودانية الديمقراطية الوحدوية في الشمال والجنوب منذ منتصف الخمسينات ?بدايات تصاعد المشكلة، وحتى وقوع الانفصال في يوليو 2011م وقد حدث كل ذلك قبل أن يكون هناك أي صوت لأخوان مسلمين أو مؤتمر وطني أو منبر سلام عادل.

فمنذ الخمسينات لم يغمض للقوى الثورية جفن، ففي مجلة الفجر الجديد والتي كان يرأس تحريرها الشهيد عبد الخالق محجوب وبالعدد الثاني الصادر في أكتوبر 1957 ورد رأي الحزب الشيوعي حول مشكلة الجنوب بتحليله لأسس القضية منذ تمرد 1955م وما قبله، حيث تمرد ت الفرقة الاستوائية بتوريث في ذلك الوقت. في ذلك الوقت. وشرح الحزب الأسباب المباشرة للمأساة ودور السياسة البريطانية الاستعمارية في الجنوب منذ عام 1930م والضمانات التي كانت تطالب بها بريطانيا للأخوة الجنوبيين في الفترة مابين 1947-1953م. ويصل تحليل حزبنا في ذلك الوقت 1957م إلى القول:( نحن الآن على أبواب معركة انتخابية جديدة ، تتطلب منا مناقشة مشكلة الجنوب على أساس واسع حتى نستطيع أن نصل إلى حل سليم يجنب الوطن مثل هذه المآسي الدامية ، ويخلق بدلاً من شعور النفور والكراهية وعد الثقة التي بثها الاستعمار البريطاني وربيباته الإرساليات ، لخلق شعور بالألفة والتعاضد والعمل المتكاثف لدعم عجلة التقدم في الجنوب والشمال معاً.

(مجلة الفجر الجديد ص35) . وتعرض حزبنا في ذلك الوقت أيضاً إلى مشاكل القوميات الكبيرة والصغيرة في الجنوب، وتحديد تلك القبائل، وتعداد سكانها، وهل يوجد( جنوب واحد) وأمة جنوبية واحدة- حسب التفسير العلمي لمعني الأمة- وما هو الرابط الاقتصادي لكل هذه القبائل والمدن الجنوبية الكبيرة ووسائل كسب العيش فيها.

في هذا الخصوص يطرح حزبنا في وثيقته المشار إليها ويتعرض لبعض القضايا الهامة ، حيث أشار إلى: ( أن سكان الجنوب لا يكونون أمة واحدة بعد، ،بل يمثلون مجتمعاً قبلياً يتكون من عدة قبائل لها عادات وتقاليد ولغات متباينة وتختلف حياتهم الاقتصادية عن بعضهم البعض، ويختلفون في علاقتهم الاجتماعية والسياسية، وإنهم يمثلون ( تجمعات قومية، أو أقليات قومية شأنها شأن الأقليات القومية الأخرى، ويربط بينها نوع من الحياة الاقتصادية المشتركة كالرعي في حالة واحدة ،والزراعة في حالة أخرى. وعلاوة على هذا كان تقدم المدن في جنوب السودان مع مافيها من وسائل لكسب العيش من صناعة خفيفة، ووظائف أو تجارة قطاعي أو غيرها. ومع ازدهار التعليم في الجنوب ?إلى حد ما- حيث يجتمع مختلف أبناء القبائل في مدرسة واحدة، ومع ازدياد عدد المثقفين زيادة الى هجرة عدد كبير من أبناء القبائل للعمل في مدن الشمال أو الشرق أو الغرب?كل هذه العوامل تقرب بين القبائل المختلفة وتجعل جو التفاهم بينها أقرب ، وتفتح طريقاً واسعاً نحو تكوين (قضية جنوبية) في المستقبل ،ونحو تكوين جنوب موحد.

الميدان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..