هذا هو الفرق بيننا وبينهم (2/3)اا

هذا هو الفرق بيننا وبينهم (2/3)
بقلم: حسن العبيد مدني
حول اللقاء الذي تم مع الأمين العام لمنبر السلام العادل بجريدة (رأي الشعب) العدد (1507) بتاريخ 16أكتوبر2011م.
لا يعنيني من هذا اللقاء كقارئ للجريدة الخلافات الداخلية في الحزب التي أشار إليها في هذا اللقاء السيد محمد عثمان أمين عام المنبر وهيمنة رئيس الحزب السيد الطيب مصطفي ?على كل مفاصل الحزب? ولا على ما ستشهده ساحات المحاكم من قضية تزوير كبرى فيما يتعلق بملكية المؤسسة الإعلامية التي تتبع للمنبر، وما سيكشف عنه التزوير? ولا تعنيني أيضاً ? الخلافات بينكم وبين رئيس الحزب السيد الطيب مصطفى ولا ملابسات قضية التسليح ?مسدسات? ولا عن ? بيت الطلاب? والاعتداء على الصحفي محمد كامل?.
نخرج من العرض السابق إلى توضيح أركان معنية في المسألة الجنوبية نلخصها في الأتي:
1ـ سكان الجنوب لا يكونون (قومية واحدة) أو (أمة واحدة) بل هم أقليات قومية.
2- إذ أن المسألة الجنوبية هي جزء من مشكلة الأقليات القومية في السودان.
3- إن الظروف الاقتصادية والثقافية السائدة في الجنوب لا تمكننا من تقرير ما إذا كان الجنوب سوف يتطور إلى أمة واحدة أو يظل طريق تطوره هو الطريق القبلي.
4- الخلافات القبلية لا تزال مستمرة بالجنوب ولا يحجبها الآن إلا الكراهية وعدم الثقة المشتركة في الشماليين.
5- شعور الجنوبيين العدائي نحو الشمال حقيقة واقعة وهي نتاج سياسة الاستعمار والإرساليات.
إذا فوجئنا عندما نفكر في حل المسألة الجنوبية أن ننظر إلى جميع تلك الزوايا ليكون الحل الشامل هدفه الآتي: –
الاحتفاظ للجنوبيين بحق تقرير المصير- حتى ذلك الحين الذي يصل التطور بهم إلى تكوين (أمة ) أو ( قومية جنوبية).
العمل على تقدم الجنوب ثقافياً أواقتصادياً وسياسياً في ظل نوع من الحكم يكفل لهم حكم أنفسهم والتمتع بالمساواة الوطنية التامة في جميع الحقوق والواجبات مع بقية الأقليات أو القوميات التي تعيش في الشمال، وأن تستعمل لغاتها المكتوبة والمنطوقة، وأن تعمل على تطوير اقتصادياتها المحلية وعاداتها وثقافاتها وتاريخها وفنونها وآدابها . وأن تعمل على رفع المستوى الصحي وشق الطرق والقنوات والمحافظة على الماشية، وما إلى ذلك من المشاكل المحلية، في حدود ميزانية محلية ضمن نطاق الدولة الموحدة(هذا النظام يُعرف علمياً باسم ( المناطق المستقلة ذاتياً.)
العمل على إحلال المودة محل الكراهية والثقة المتبادلة بين مختلف الأقليات القومية للتوحد والتناصر في سبيل رفعة الوطن وتقدمه وتحرره.
ويتواصل نضال الحزب الشيوعي في تلك الفترة مع المثقفين الثوريين والليبراليين الوحدويين الجنوبيين في كل مواقع الصراع الطبقي والاجتماعي ، في النقابات وغيرها والمناداة بالمساواة في الأجور:( الآجر المتساوي للعمل المتساوي) ? حيث كان الجنوبيون يتلقون أجوراً أقل من رصفائهم الشماليين رغم العمل الواحد والمهنة الواحدة- إلى جانب العدالة في توزيع الوظائف حسب الكفاءة والمؤهلات، وتوسيع فرص التعليم في الجنوب.
وفي ظل الحكم العسكري الأول (1958-1964) وقف الحزب الشيوعي ضد التصفية العسكرية التي كان يخطط لها النظام بالتصفية في الجنوب والتي أوكل أمر تنفيذها للواء حسن بشير نصر. وقف الحزب الشيوعي بصلابة وجسارة ضد هذا المخطط الإجرامي الدموي والذي كان ينوي تنفيذه الحكم العسكري، وللحكام العسكريين في المديريات الشمالية وقتها منددين بالمخطط التصفوي والذي بدأ بالفعل في كثير من مناطق الجنوب. وأمام هذا الاحتجاج الصارخ تم تقديم الكثير من الحزب والديمقراطيين في الخرطوم وعطبرة وبورتسودان وكوستي والأبيض وكثير من مدن السودان في الشمال إلى المحاكمات العسكرية والاعتقالات التحفظية والفصل من الخدمة.
بعد انتصار ثورة أكتوبر 1964 والتي كانت قضية الجنوب هي شعلتها الأولى، حيث عقدت الندوة الشهيرة بجامعة الخرطوم وسقط الشهداء وفي مقدمتهم شهيد الثورة الأول الطالب بجامعة الخرطوم أحمد القرشي طه. فواصلت الجماهير الثائرة في تلك الأيام الخالدات مظاهراتها الداوية والتي استمرت لأكثر من أسبوع إلى أن فرضت على عبود حل المجلس العسكري وعودة العسكر إلى ثكناتهم .. وكانت الهتافات الهادرة في تلك الأيام الرائعات تنادي بعودة العسكر إلى الثكنات، وشعب واحد جيش واحد، ولا شمال بلا جنوب ولا جنوب بدون شمالا?.الخ.
عند انعقاد مؤتمر المائدة المستديرة بعد انتصار الثورة والذي شاركت فيه كل الفعاليات السياسية من أحزاب واتحادات نقابية ومنظمات ديمقراطية وقف في ذلك المؤتمر فمثل الحزب الشيوعي وسكرتيره العام الشهيد عبد الخالق محجوب، وقف داخل المؤتمر مندداً بدعاوى الوحدة القسرية، ودعاوى الانفصال الفوري التي كان يقودها مجموعة من الجنوبيين وهم أقري جادين، وجوزيف أرهو وكلمنت أمبورو وندد عبد الخالق أيضاً بدعاوى تمييع القضية. وينفض المؤتمر دون اتخاذ أي توصيات أو قرارات . لكن الحزب ألقم الجميع حجراً عندما طرح شعار الحكم الذاتي الإقليمي- في إطار السودان الموحد-وهو ذات التصور الذي كان يضغط على أذهان الثوريين الشيوعيين عندما أشاروا في العام 1957م حول ما ورد حول نظام الحكم المرجو والمناسب للأخوة الجنوبيين والذي أشرنا إليه في الفقرة (2) من الوثيقة والتي تقول:( والعمل على تقدم الجنوب ثقافياً واقتصادياً وسياسياً في ظل نوع من الحكم يكفل للجنوبيين حكم أنفسهم بأنفسهم، والتمتع بالمساواة الوطنية التامة في الحقوق والواجبات مع بقية الأقليات والقوميات التي تعيش في السودان).
وفي مؤتمره الرابع في 21أكتوبر1967م، تتطور رؤى وتصورات حزبنا من خلال المعايشة والواقع الملموس ومعه قطاع عريض من الديمقراطيين الوطنيين شماليين وجنوبيين، تتوافق مع طرح الحزب والذي جاء فيه( أن القوى الحديثة أو بالأحرى قوى القطاع الحديث تواجه مشاكل حقيقة في مناطق القطاع التقليدي ومنها جنوب السودان . وإن جماهير شعبنا في الجنوب كأقليات قومية ذات مصلحة حقيقية في انجاز الثورة الوطنية الديمقراطية، ولا حليف لها في الحركة السياسية في الشمال غير الطبقة العاملة والمثقفين الكادحين في الحركة الثورية . ولذلك، ولتطوير الثورة في السودان لابد أن تهيأ الظروف اللازمة لتنمية مراكز العناصر الوطنية والتقدمية في جنوب البلاد وتشجيعها ومساعدتها مساعدة فعالة لبناء الحلف الثابت بين التجمعات القومية الجنوبية والحركة الديمقراطية في الشمال).
ويواصل حزبنا في وجهة تجديد برنامجه ورؤاه حول القضايا السياسية والاجتماعية في السودان حيث تشير وثيقته إلى تحديد المبادئ الموجهة نحو تجديد البرنامج إلي النقلة النوعية في تجديد برنامجه فيما يتعلق بالجنوب وما توصل إلية مع أطراف التجمع الوطني الديمقراطي حول مبدأ حق تقرير المصير في الجنوب كحد ديمقراطي إنساني للشعب ، وعنصر حاسم في قضايا السلطة السياسية وجهاز الدولة الديمقراطية .
وفيما يتعلق بوثيقة المبادئ الموجهة لتجديد برنامجه يشير حزبنا إلي القول : ( لقد تدرج فكرنا السياسي وبرنامجنا من شعار الحكم الذاتي للجنوب في مطلع الخمسينات 1953 واتسعت مداركنا حوله بعد ثورة أكتوبر ، وخلال مؤتمر المائدة المستديرة ولجنة الأثني عشر المنبثقة عنه. وتواصل الصراع مع السلطة المايوية حول الشعار إلى أن تبنته وأعلنته في بيان 9يونيو 1696 . وخلال ذلك الصراع تبلورت الفكرة التي صاغها الشهيد عبد الخالق محجوب عام 1971 في وثيقة (حول البرنامج) حيث كان في معتقله بمصنع الذخيرة بالشجرة وقتذاك . وقد جاء بتلك الوثيقة: (أن يفضي تطبيق شعار الحكم الذاتي الإقليمي كحل ديمقراطي متكامل إلى طرح شعار حق تقرير المصير في مرحلة التحول الاشتراكي .
وفي الفترة ما بعد الانتفاضة ? فترة الديمقراطية الثالثة ? توصل حزبنا في لجنة البرنامج الحزب الذي أُعد للمؤتمر الخامس والذي عُقد في أول سبتمبر 2009م توصلنا إلى صياغة مكملة إلى صياغة مكملة لحل المعضلة القومية في وطننا متعدد القوميات والأعراق والثقافات. وهي صيغة الإدارة الذاتية لمناطق أو جيوب الأقليات في الجنوب والشمال. وهي صيغة مرنة وملائمة تضمنها برنامجنا ويعتمد قبولها أو رفضها أو تعديلها على أدارة ورغبة أهل المنطقة المعنية. إذا أن حل المعضلات القومية كبيرها وصغيرها لا تُفرض قسراً إنما يأتي بالقبول الطوعي والتراضي والوفاق).( من وثيقة المبادئ الموجهة لتجديد البرنامج ص14 و15 ).
الميدان