إتكلَّم.. ولا يهمك

إتكلَّم.. ولا يهمك

الصادق المهدي الشريف/ صحيفة التيار
[email protected]

?بعد أن رفض البرلمان إقتراحاً بتقليل مخصصات الدستوريين.. وأرجأ النظر في زيادة البنزين.. لم يجد وزير المالية سوى قطاع الإتصالات ليضع عليها إصره والأغلال التي كانت عليه.. جراء ذهاب البترول وعائداته جنوباً.
?لم يكن مُدهشاً أن يرفض البرلمان تقليل مخصصات الدستوريين.. فمن هم أعضاء البرلمان؟؟.. همُ الدستوريون أنفسهم.. في الصباح يرتدي احدهم البدلة
وربطة العنق يذهب بها الى الوزارة.. وفي المساء يرتدي الجلباب والعمامة ويجلس في مقاعد البرلمان ممثلاً للشعب.. وإن لم يكن ذلك كذلك.. فهم إخوان أصحاب جهاد ومجاهدة في الحزب.. ولايكتمل إيمانُ أحدهم حتى يحبُّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه.. وبالطبع كلُّ واحدٍ منهم يحبُّ لنفسه الزيادة لا النقصان.. والله المستعان..
?عجز الموازنة مثل العقرب حين تقع في جلباب أحدهم.. فيهبُّ مذعوراً يلقيها بعيداً عن جلبابه.. وهكذا هبَّ القطاع التشريعي اصالة عن نفسهِ والقطاع التنفيذي (الدستوريين).. حتى لا يقع رتق فتق الموازنة (العقرب) على جلبابه.. فهم لا يحتملون تقليل مخصصاتهم.. لا سيّما في ظلّ غلاء الأسعار.. وهكذا يتقاذفون تلك العقرب السامة.. كلّ قطاعٍ الى القطاع الآخر.
?كنّا بنقول في شنو؟؟.
?نعم.. وزير المالية يعتقد أن شركات الإتصالات تمثل القطاع الأجدر بتحمل (مسؤوليته الوطنية.. اتجاه هذا الوطن الحبيب..وهو يمر بهذا المنعطف التاريخي المهم).. والعبارة بين القوسين مهمة للغاية لأنّها تُواسي من تقع العقرب على جلبابه.
?وبناءاً على ما يعتقده الوزير (بعد التشاور مع الجهات الأمنية).. يمكن زيادة الضرائب على هذا القطاع دون أن تخرج مظاهرات.
?من الذي سيخرج في مظاهرات ضد زيادة ضرائب المكالمات والرسائل القصيرة والإنترنت؟؟؟.. بل أكاد أجزم أنّ عدداً مقدراً من المشتركين لن يعلموا أنّ هنالك زيادة ضريبية عل مكالماتهم!!!.. فقد مرّت رسوم النفايات دون أن يشعروا بها.. وكذلك رسوم صندوق دعم المعلوماتية.
?والحقيقة أنّ الرئيس البشير كان قد تحدّث من قبل عن إهدار الموارد في هذا القطاع.. حين بلغت جملة المكالمات في سنةٍ واحدةٍ (ثلاثة مليار ونصف المليار دولار) ثرثر بها الشعب السوداني مع بعضه البعض..
?بعد حديث البشير مباشرةً.. تحزمت له إحدى شركات الإتصالات في اليوم التالي.. فردّت عليه في إعلانٍ وُزِّع على جميع الصحف (تقريباً) يحمل ترويجاً لمزيدٍ من الثرثرة تحت عنوان (إتكلم ولا يهمك).. وكأنّما تعني (إتكلم عبر شبكتنا ولا يهمك كلام الرئيس).
?نوايا وزير المالية وأعضاء البرلمان لم ترق لمدير الهيئة القومية للإتصالات فقال محاولاً صدّ الهجوم عن قطاعه (هنالك ثلاثة شركات خاسرة.. من جملة اربعة شركات تعمل في قطاع الإتصالات بالبلاد).. واضاف (شركات الإتصالات تدفع 40% من دخلها للحكومة).. كأنّما يقول لها (كفاية.. اتركوا ال 60% المتبقية لشركات الإتصالات والمستثمرين).
?لقد أعجبتني هذه المنافحة الشرسة عن المصالح.. كلُّ ينافح عمّا يليه.. ولو استمرت هذه المنافحة.. سيأتي اليوم الذي يجد فيه هذا الشعب (صابربن).. من ينافح عنه.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..