كانت متنفساً وماتت: السينما الوطنية أم درمان.. توقف العروض نهائياً

أم درمان: درية منير
في العقدين الأخيرين تدهورت السينما بشكل مريب وأغلقت أبوابها التي فتحت في العام 1910م، حيث دُشِّن أول فلم في مدينة الأبيض بحضور اللورد كتشنر وشكل انطلاق السينما وإيذانا بميلاد العديد من دور السينما في الكثير من الولايات، منها السينما الوطنية أم درمان، والسينما الوطنية بالعرضة وسينما كوليزيوم بالخرطوم، وغيره.
وعلى زاوية من شارع الموردة الذي ينتهي عند الجامع الكبير تقف جدران متهالكة تبقت من سينما أم درمان الوطنية التي كان أحد معالم سوق المدينة العريقة، لم يعرف الناس حينها أجهزة التلفزيون، فكانت ملاذاً تجتمع فيه الأسر والأصدقاء محملين بالتسالي والمكسرات يقضون أجمل سهراتهم يشاهدون فيها الأفلام الأجنبية، الهندية وبعض الأفلام العربية، قبل أن تتهالك ويعتريها الخراب وتصير خاوية لم يصمد فيها سوى الباب، فكل ما بداخلها قد اختفى، وتضاربت الأقوال ما بين بيعها لرجل أعمال ثري وما بين بقائها مجهولة المصدر والممالك.
حالة اجترار
عندما يجتر الكبار ذكرياتهم يقف الفكر حائرا مستفسرا عن الأسباب التي حولت دور السينما إلى أندية المشاهدة، فهل ظهور التلفزيون كان أحد أسباب سرقة عشاق السينما، فملاحظ حتى دور السينما التي تستمر في العرض مثل سينما قصر الشباب والأطفال وقاعة الصداقة حتى الإقبال عليها ضئيل، وخلال العشرين عاماً الأخيرة هاجر رواد السينما، شكلوا لأنفسهم مكانا بعد أن مل الجميع انتظار عودتها مرة أخرى، بعد ثورة الإنقاذ التي أتت بقانون عدم إطفاء الأنوار أثناء العرض، وتعد هي الحالة الأولى في العالم إلى أن أُصدر قرار بإغلاق تلك الدور نهائيا.
عكس الثقافات
لنتحدث بواقعية أكثر حتى نوضح دور السينما المهم أفادنا محمد بابكر – سيناريست – الآن ومع التطور الملحوظ في العالم فإن نسبة كبيرة من جانب الترفيهي البشر تعتبر السينما من الأدوات الترفيهية الأساسية لهم، كما توثق أيضاً لكثير من الأحداث في قالب يسهل على الجميع رؤيته خصوصا لغير عشاق القراءة، مشيرا إلى أن الكثير من الدول استفادت من السينما في إثراء السياحة في مناطقها عن طريق عكس المناظر الجميلة التي تستهوي عشاق السياحة بطريقة سينمائية أو عبر الأفلام الوثائقية المعروضه على بروجكتر، وهي أيضا أشبه بالسينما، كما أورد: للسيناريست دور مهم جداً في إثراء السينما وعودتها للساحة من جديد، فالمتلقى حالياً أصبح أكثر مواكبة للسينما. فالعالم الخارجي وما يعرض في أمريكا حاليا يمكن مشاهدته في أمدرمان في نفس الوقت. إذن، لنصل لمستوى يمكن المتلقي السوداني من المشاهدة يجب أن يضاعف الإنتاج أولا، ثم مراعاة خلفية المتلقي السوداني المشبعة بالسينما المحلية والعالمية في السيناريو، ولا ننسى أيضا دعم الدولة وإتاحتها الفرصة لعرض جميع الأفكار خلال السينما وعدم التضييق على المحتوى، وإن كان لا يستهويها، فما لا يعرض في السينما يكمن أن يعرض في أندية المشاهدة التي حلت بديلا لها.
بداية متواضعة وميتة
محمد فتحي – ممثل – قال لـ (اليوم التالي) السينما صناعة كغيرها من الصناعات، تقوم على الكثير من المقومات، الإنتاج واحد من الأعمدة الأساسية التي تستند عليها، في بدايات السينما السودانية كان حينها الإنتاج متواضعا، وذلك هو منوال غيرنا من الدول، مع تقدم السنوات أصبحت السينما تحتاج لإنتاجات ضخمة لتواكب السينما العربية والعالمية، ولكن مع ضعف الفكر التسويقي لدى المنتجين والخوف من الخسائر المادية بدأت الصناعة للافتقار إلى الإنتاج وبالتالي تشبع المشاهدين وعشاق السينما من الإنتاح الخارجي، كما بعث رسالة قال فيها أيضًا يجب على الدولة تشجيع الإنتاج وخلق الفرص المناسبة والتركيز على تطوير الإعلام، وذلك من الأسباب التي أدت لهجر دور العرض والاستفادة منها في أغراض أخرى السينما لها دور كبير في توثيق الحقبة الزمنية التي نمر بها بتفاصيلها الدقيقة، ولها دور ضخم في عكس ثقافات الشعوب، ولها أيضا دور ضخم في عكس ما نريده من صورة جميلة عن السودان للعالم، ناهيك عن القضايا التي لا تعد، ومعالجتها بشكل سلس من خلال الشاشة الكبيرة.
باب التسلية الأول
يقول عثمان الرجل السبعيني الذي يعمل في إحدى المكتبات بالقرب من السينما الوطنية، معبراً عن شدة أسفه حيال إغلاق أبواب السينما في وجوه عاشقيها، ويقول: كنا نقضي سهر كل يوم خميس في السينما الوطنية أو سينما العرضة نشاهد أفلام الكابوي والأفلام العمال الهندية وبعض المسرحيات، وهذا في أواخر السبعينيات إلى أن جاءت ثورة الإنقاذ وتحولت مجريات الأمور إلى سوء بالغ، وقتها لم تعرف المنازل الشاشات ولا نعرف وسائل التواصل الاجتماعية والجماهيرية، فكانت السينما هي المتنفس الوحيد. وأردف: شاخت السينما وشخنا ولكن ماتت قبلنا ومازال البعض يحتفل بمئويتها وهي غائبة عن الجمهور، وبات مكانها تسده العمارات الشاهقة وتتزاحم فيه السيارات بدلا عن الناس

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. بالله ناس الانقاذ قالوا نور السينما ما يطفاء عند عرض الفلم !!!؟؟ طيب يشفوا الفلم كيف !!؟؟

  2. سنما شنو مع الوضع الحاصل ده هسه اي فليم في البيت اكثر من طرشميه قناة في زمنا ده زول عاقل بسوق ناس بيتو السنما نقرز وشماسه وسلسيون فكونا عليكم الله

  3. ما دا انحدار رهيب فى المعرفة التلفزيون ليس بديل للسينما شوفوالدول الاخرى وازدهار السينما فيها بالرغم من تلفزيوناتهم متقدمة نحن ما عندنا تلفزيون من اصله حتى يكون بديل للسينما اتذكر فى نهاية الستينات وانا فى المرحلة المتوسطة ذهبت مع اخى الكبير الى قهوة يوسف الفكى وكان اخوى قطع لى تذكرة لمشاهدة فلم ذهب مع الريح وتركنى ان اتابع الفيلم للوحدى وكان الحفل الدور الثانى اى بعد الساعة تسعة وفى السينما الوطنية امدرمان وكنا ايضا نذهب لكل دور السينما من النيل الازرق فى الخرطوم ونسك الافلام الجميلة مش الهندى والمصرى بالرغم ان هنالك افلام جيدة منها نحن فى عهد فساد ليس له مثيل ارحمونا يرحمكم الله من فتح المواجع

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..