بعد إعلان نتيجة الشهادة السودانية: مرحلة جديدة من القلق والتوجس.. “ورطة اختيار التخصص الجامعي”

الخرطوم – زواهر الصديق

بعد أن هدأ قلق طلاب الشهادة السودانية عقب إعلان النتيجة دخلت الأسر والطلاب مرحلة جديدة من القلق والتوجس ليس بأقل من سابقتها بشأن اختيار التخصص الجامعي الذي يُعد مرحلة مفصلية في حياتهم، ليجد الطالب نفسه في حالة من التوهان والإحساس بالتحدي والمُخاطرة، ويصبح مواجهاً بين ميوله ورغبته الشخصية ورغبة الأسرة ونظرة المجتمع وانتشار المفاهيم الخاطئة عن بعض الكليات بما يسمى بكليات القاع والقمة.

كل ذلك جعل اختيار التخصص أمراً شائكاً ومحفوفاً بمخاطر كثيرة قد تزج بالطالب في تخصص لا يتناسب مع ميوله ولا قدراته الذهنية الأمر الذي يجعله يتجرع مرارته طوال حياته.

رهائن المجتمع

وفي السياق، كشفت دراسة أجرتها جمعية تعليم بلا حدود إن 50% من الطلاب يدرسون تخصصات عكس رغباتهم و25% منهم يعيشون حالة من اليأس والتعاسة، من جانبها حاولت (اليوم التالي) تسليط الضوء على بعض جوانب هذه القضية بالجلوس إلى المختصين لعلهم يعينون الطلاب ويقدمون لهم دعماً في رسم مسارات واضحة يمضون خلالها نحو مستقبل أكاديمي باهر بعيداً عن عثرات الطريق.

قال الدكتور (معاذ شرفي) اختصاصي علم النفس، إن المشكلة تكمن في التنشئة الاجتماعية، إذ تجعل الشخص ليس ملكاً لذاته، بل رهيناً لنظرة المجمتع وأحلام الوالدين وأسيراً لرغباتهما التي فشلوا في تحقيقها، وذلك كله يؤثر في سلوك الطالب ما يجعله ضعيفاً في اتخاذ القرار وقرارته ليس نابعة عن قناعاته الذاتية، لذلك فكثيراً ما يدفعه التيار الاجتماعي ويرمي به في كليات لا يرغب بها فيعاني عدم ملاءمتها لميوله وقدراته وملكاته. وأضاف (شرفي): بعض الأسر ترى في التحاق ابنها بكلية معينة نجاحاً لها. وأوضح: أن التربية الجيدة ليس في الانتساب لكليات محددة إنما التربية في بناء الشخصية ومدى قدرتها على العطاء، ويواصل (شرفي): الحكمة ليس فيما تملك بل فيما تعطي، والشمس قيمتها في إنها تعطي الضياء.

تثبيط الهمم وتحطيم الرغبات

ويشير شرفي إلى مشكلة أخرى تشترك فيها الأسرة والأصدقاء، وهي تتعلق بتثبيط أو تحطيم الهمم، فمثلا إذا رغب الطالب في دراسة كلية محددة يتعرض للاستهزاء والسخرية، وهنالك كليات مصنفة تصنيفاً خاطئاً ينبني على نظرة اجتماعية غير سليمة، توصف بأنها مجالات للفاشلين. واستطرد: أن الذي يحدد نجاح الشخص ليس تخصصه بل قدراته الشخصية بجانب المهارات المهنية، واعتبر (شرفي) أن هناك مهارات شخصية يتطلبها أي عمل. وأشار إلى انعدام مادة دراسية تعرف الطالب بواقع التخصصات المتاحة في الجامعات والمعاهد والكليات والشروط المطلوبة لكل تخصص وطبيعة الدراسة فيه.

وذكر شرفي من المعوقات التي تواجه الطلاب هي فرصة الحصول على وظيفة لاعتقادهم أن بعض التخصصات تضمن لهم فرص الحصول عليها في المستقبل. وكشف عن أنه في بعض دول العالم يتيحون للطلاب دراسة الصفين الثاني والثالث من المرحلة الثانوية داخل الجامعة كي يتعرفوا عن قرب على التخصصات كافة وتكون اختياراتهم مبنية على رؤية واضحة. وطالب (شرفي) بضرورة إلحاق الطلاب بدورات تدريبية تعرفهم على قدراتهم وإمكاناتهم التي تجعلهم يختارون التخصص المحدد دون الآخر حتى لا تهدر طاقاتهم سدى هدرا، وبالتالي تضيع وتتبدد الموارد البشرية.

ليست لتوفير وظيفة

من جهته، قال (ناظم كمال الدين) من منظمة تعليم بلا حدود، إن اختيار التخصص الجامعي بات يُشكل هاجساً كبيراً وتحدياً بسبب عدم إلمام الطلاب بالتخصص. وأوضح ناظم إن الدراسة التي أجرتها منظمته كشفت عن أن 50% من الطلاب يدرسون تخصصات عكس رغباتهم والبعض يحاول تغيير تخصصه، وهو بالجامعة. وأرجع ذلك إلى أسباب مختلفة منها طغيان رغبة الأسرة وتأثير الأصدقاء. واستطرد (ناظم) قائلاً: مثلا إذا حصل الطالب على نسبة 90% فما فوق ليس ضرورياً أن يدرس تخصصا الطب أو الهندسة إذا لم يكونا متناسبين مع ميولهم وخاصة أن الطلاب لا يكتشفون المجال الذي يدرسونه إلا بعد انخراطهم في الدراسة، ثم يجدون صعوبة في تغيير المجال بعد السنة الأولى. وأضاف أعتقد أن ذلك أفضل من ضياع سنوات كثيرة. واستطرد (ناظم) أن الدراسة الجامعية ليس هدفها وتوفير عمل بقدر ما هي توفر مهارات حياته تساعد الفرد في حياته ليقدم لمجتمعه والإنسانية ومعظم المشاهير والأغنياء في العالم لم يلتزموا بتخصصهم الجامعي، وإلى ذلك نادت منظمة تعليم بلا حدود بضرورة أن تكون هناك آلية معينة لاختيار التخصصات مبنية على الميول والمتابعة اللصيقة للطالب أثناء دراسته من الصفوف الأولى وإعطاء الطالبة حرية واختيار تخصصه بناءً ميوله رغبته، وبلاشك سيتيح له هذا التميز في العمل والوظيفة التي ستأتي بعد التخرج في مستقبله العملي بصفة عامة.

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. كلام ممتاز.. يجب ترك الطالب يحدد رغباته والتخصص الذي يود دراسته وقد ينجح ويكون لبى طوحاته ونفع اهله ووطنه.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..