ماركة سودانية مسجلة “صحن الكسرة”.. شيخ المائدة

أم درمان – محمد عبد الباقي

عندما وقفت الحاجة (مريم عبيدالله) أمام ميزان البضائع في مطار الخرطوم وبجوارها ابنها الذي يحمل بين يديه كيس دقيق الذرة (طابت) الذي ألزمته شقيقته المقيمة في الرياض بإحضاره لها، لم يستغرب مسؤول الوزن ما قام به الشاب ووالدته من “توريط” نفسيهما في مثل هذه الحمولة التي لا داعي لها أصلاً بحسب وجهة نظره الصائبة، ولكنه حتماً لن يجرؤ على الإفصاح عن ما يدور بخلده وتنتهي مهمته بإجراء اللازم حيال كيس الذرة الذي سيحط حمولته بعد ساعات في الرياض لينضم إلى مائدة رمضانية في بلد يعلم سكانها أن الكسرة هي الماركة السودانية الوحيدة التي لا نقاش حول ملكيتها في كل بلدان العالم.

يتمتع سوق العيش بأم درمان بسمعة طيبة باعتباره أعرق وأكبر سوق للذرة في ولاية الخرطوم بحسب إفادة التاجر (إبراهيم حمد) الذي تحدث قائلاً: “تجار السوق يجلبون الذرة من معظم ولايات السودان، ومنه توزع على بقية الأسواق داخل ولاية الخرطوم وخارجها في عدد من أسواق شمال كردفان ونهر النيل والشمالية”.

واعتبر (إبراهيم) السوق الشهير شعبياً بـ(زريبة العيش) بجانب أنه أقدم وأعرق أسواق أم درمان قاطبة وهو السوق الوحيد الذي لم يرحل أكثر من مرة، كما فُعل في بقية الأسواق إذ ظل في مكانه الحالي لأكثر من أربعين عاماً دون أن تمسه يد السلطات التي أدمنت (فرتكة) الأسواق بسوء لأهميته الكبيرة لدى كل المواطنين.

الجزيرة.. عود على بدء

تمثل عدد من المناطق الرافد الحقيقي لزريبة العيش بحسب (التوم عبيد) أحد تجار الذرة في سوق أبو زيد بأم بدة والذي قال: “إن هنالك الكثير من المناطق التي الأتي منها الذرة، منها المقينص ، والحمرة أم خويتم ، والمشوطنات التي تقع جنوب ولاية النيل الأبيض وكذلك تأتي من مناطق جبل موية وجروة بولاية سنار”.. وأضاف (التوم) أن هذه المناطق تأتي منها الذرة المسماة بالفتريتة وهي في الغالب مخصصة للعلف فقط وأن الذرة التي تستخدم في غذاء المواطنين تأتي من ولاية سنار ومشروع الجزيرة الذي زال يمثل رأس الرمح في قتل جوع مواطني العاصمة.

وأوضح (التوم) بأن كل تجار العاصمة يشترون حصتهم من سوق العيش أم درمان لأنه يمثل المركز الرئيس لتجار الولايات ومزارعيها.

القضارف.. أهمية لا حدود لها

بجانب ولايتي سنار والجزيرة تمثل ولاية القضارف أهمية خاصة لتجار الذرة في العاصمة فيولون ما تجود به عليهم مشاريعها المطرية الممتدة أهمية خاصة كما أبان التاجر (كرار محمد) من سوق أبوزيد الذي ربط وفرة الذرة في الأسواق بتحسين الإنتاج في القضارف، جازماً بأنه كلما كان الإنتاج في القضارف وفيراً زادت أسواق الذرة بالعاصمة استقراراً في الأسعار وارتاح المواطن على حد وصفه.

لكن تفاؤل كرار بقدوم ذرة القضارف ينسفه حديث التاجر (مقدم إمام) الذي قال بلغة حاسمة: “ذرة القضارف ما قاعدين نشوف إلا القليل منها، وأغلبها يهرب لدول الجوار وفي بعض الأحيان تعبر البحر الأحمر وتصل الرياض واليمن والأردن كمان”.

وختم مقدم بقوله: “كل الذرة الموجودة الآن في الأسواق ليس بها إلا القليل من الذرة القادمة من القضارف”.

الذرة خشوم بيوت وهناك أقليات

تموج الأسواق هذه الأيام بالعديد من الأصناف بحسب (كرار محمد)، الذي قال: “بجانب الفتريتة التي تعتبر العمود الفقري لسوق الذرة يوجد الدخن والهجين وطابت والعطر والزيرزيرة”.

وأوضح كرار أن الذرة الفتريتة تستخدم علفاً للحيوانات وأن طابت والهجين تستخدمان للأكل البشري وكذلك الدخن إلا أن العكر والزيرزيرة تعتبران من (الأقليات) لضعف الإقبال عليهما من قبل المستهلكين.

الغلاء يضرب كل الاتجاهات

واعتبر (كرار) أن شهر رمضان أهم موسم للذرة لأن كل الموائد فيه تحوي صحن عصيدة أو (كورة) مديدة ولهذا قفزت الأسعار بصورة مفاجئة تحت وطأة الإقبال المتزايد من المستهلكين حيث بلغ سعر جوال الفتريت (380) جنيها وسعر جوال ود عكر (350) جنيها وتأرجح جوال الذرة طابت بين (300) إلى (330) جنيها والهجين (340 – 310) جنيها.

لا جديد في الجراب والأسوأ قادم!!

ارتفعت أسعار الذرة هذا العام أكثر مما كان يحدث في السابق كما أكد عدد من التجار، الذين قالوا: “في السابق كانت الأسعار ترتفع في بداية شهر رمضان إلا أن هذا العام ازدادت الأسعار منذ وقت مبكر من العام بسبب قلة الذرة وعدم الوفرة التي يعاني منها سوق الذرة هذا العام”.. وتوقع التجار أن يزداد سعر الذرة أكثر في الأيام المقبلة.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..