اختيار الخرطوم عاصمة لمؤتمر الأمن الغذائي على غرار دافوس

عبدالله عبيد

نشرت صحيفة (أخبار الخليج) البحرينية خبرا في ملحقها الاقتصادي وعلى عنوان بارز وكبير يقول بأن الأمانة العامة لاتحاد الغرف العربية للتجارة والصناعة والزراعة قررت اتخاذ العاصمة السودانية الخرطوم مقرا لاستضافة مؤتمر سنوي حول الأمن الغذائي على غرار المؤتمر الاقتصادي العالمي في دافوس، ومن المقرر أن تستضيف الخرطوم النسخة الثانية من مؤتمر الأمن الغذائي خلال يومي العاشر والحادي عشر من سبتمبر المقبل، بمشاركة 850 من ممثلي الهيئات والمؤسسات الرسمية في الدول العربية والأوروبية.
وقال الخبر الذي نشره الصحفي السوداني عبدالرحيم فقيري “أن المؤتمر سيستعرض وسيطرح مشاريع وفرص استثمارية ثمينة معززة بدراسات الجدوى اللازمة، خلال فعاليات المؤتمر، من قبل عدد من الحكومات والمنظمات والهيئات العربية ذات الصلة، لتنمية واقع الاقتصادات العربية، وخاصة ما يتعلق منها بالأمن الغذائي والثروة المعدنية، حيث تمت دعوة مجموعة من رجال الأعمال العرب للاستثمار المباشر في هذه الفرص والمشاريع الاستثمارية، ووجدنا تجاوبا مبشرا”.
واشار الأمين العام لاتحاد الغرف العربية للتجارة والصناعة والزراعة الدكتور عماد شهاب خلال الحوار الصحفي الذي أجرته الصحيفة “أن تحديد هذه المشاريع والفرص الاستثمارية في الدول العربية جاء نتيجة للتوصيات التي خرج بها المشاركون في النسخة السابقة من المؤتمر، حيث تم تحديد المشكلات والعوائق التي تحول دون إحداث طفرة في الاستثمارات العربية من جانب، والمبادلات التجارية العربية من جانب آخر، ووضعت لها الحلول المناسبة التي ترجمت في صورة مشاريع استثمارية بينية.
بادئ ذي بدء يجمع أهل الاقتصاد في السودان والمراقبون المختصون بأن مثل هذه المؤتمرات هي واحدة من أسباب تدهور اقتصادنا، كما هو واحد من أكثر الأسباب الجوهرية في ترسيخ وتكريس الفساد المالي والاداري في السودان وقد أثرت شريحة كبيرة من حزب المؤتمر الحاكم في الخرطوم من انعقاد هذه المؤتمرات التي يصرف عليها من خزينة الدولة، ويقوم بها تنظيميا تجار الحزب الحاكم ومن خلال يستولون على مبالغ طائلة بعمليات الفساد المعروفة في تنظيم مثل هذه المؤتمرات.
الأمر الاقتصادي المهم في انعقاد هذا المؤتمر بالذات أنه ينعقد بدون دراسة جدوى لدولة الانعقاد، كون الدولة فاشلة اقتصادية وسياسيا، وفي مؤشرات الشفافية تتربع على دول العالم فسادا ماليا، دولة فاشلة كيف يقام فيها مؤتمر كهذا يعول عليه اقتصاديا في توفير الأمن الغذائي، دولة ليس فيها استقرار لا أمني ولا اقتصادي، دولة ينخرها الفساد حتى أخمص دولايب الحكم فيها، وحالة مطار الخرطوم أكبر شاهد على ذلك حيث يظهر الفساد المالي على حقيقيته بسرقة المال العام فإن أكبر واجهة للبلاد تغرق بمياه الأمطار داخل الصالات الرئيسية ..؟!.
هذا الخبر وهذا المؤتمر المعلن عنه يشير إلى أن القائمين على أمر اتحاد الغرف العربية للتجارة والصناعة والزراعة إما جهلة بما يدور في السودان، إما جهلة بما هم مقبلين عليه، أو أنهم فاسدون ويعلمون كل العلم بفساد النظام في السودان ويريدون أن يتكسبوا منه، لكن في كلا الحالات ان المخلصين والحادبين على السودان من المختصين والخبراء سيقفون بشدة ضد قيام هذا المؤتمر في السودان لأنه سيتسبب في الكثير من المعاناة لشعبنا. ان عدد 850 مشارك من ممثلي الهيئات والمؤسسات الرسمية في الدول العربية والأوروبية سيكلفون حزينة بلادنا الكثير. فإذا كانت الكلفة الكلية للمؤتمر 500 ألف دولار، ستفقد بلادنا نحو 5 مليون دولار لتدخل في جيوب قادة وتجار الحزب الحاكم في السودان.
إن ادبيات مكافحة الفساد المالي في الدول الفاشلة تؤكد بأن انعقاد المؤتمرات الكبيرة والفعاليات الضخمة تمثل إحدى اوجه الفساد المالي. حيث يشترك قطاع كبير من الفاسدين في ادخال مبالغ إلى جيوبهم الخاصة. والسودان انعقدت فيه آلاف المؤتمرات في ربع قرن المنصرمة لم تكن هناك أي نتائج ايجابية على اقتصادنا. والراصد المتخصص في المجال الاقتصادي يدرك بخبرته ومهنته بأن الغالبية العظمى من الذين أثروا في السودان وامتلكوا العقارات والأموال كانت مثل هذه المؤتمرات سببا في ذلك. لا يمكن للصوص أن يكسروا خزينة البنك المركزي وينهبوا الأموال، لكن النهب يتم عبر تنظيم المؤتمرات الكبيرة والمناقصات.