عام تربع على عرش التاريخ

أشياء صغيرة

عام تربع على عرش التاريخ

أمل هباني
[email protected]

العمر قطار نركبه ….ويمر سريعا موكبه
نتعارف عند بدايته …..ونودع عند محطته
ولتبقى الذكرى منارته ….والذكرى نار من شوق
تدفي الانسان حرارته
عام لا كالاعوام ……عام الاحداث العظام …..يتمازج فيه الخاص بالعام ،والوطني بالاقليمي والعالمي ….والاشياء الصغيرة تقود لتغييرات كونية مذهلة ….والانفصال والتشرذم يقود الى حالة من السكون السلبي المدهش لشعب كان اقدر واحق من الجميع بربيعه الخاص والعاجل ….
في بداياته قلت ليت روحي قبضت قبل أن أرى وطني ممزقا منفصلا …..في اواسطه قلت حمدا لله الذي جعلني ادرك هذا العام وارى المنطقة العربية تفجر براكين الغضب ارادة للحرية والتغيير الديمقراطي ….في منتصفه وجدت نفسي مجابهة حلقة اخطبوطية من المحاكم والاعتقالات ….في خواتمه نستعد لعام الحسم والتغيير ……ولربيع نصنعه من جفاف خريفنا وقيظ صيفنا ودفء شتاءنا …..ولنستعرض عامنا هذا
وتوشحنا بالبياض والسواد حزنا على وطن لم يسع الجميع ….
حزن عاصف على وطننا الذي انفصل ونحن نتفرج ….احساس بالحزن والخزي والفشل في كل شئ ؛ اعلنت في عمودي أني ساتوقف عن الكتابة السياسية حال انفصال الجنوب تحملا مني ككاتبة وحدوية لمسئولية فشلنا كدعاة وحدة في ان نستقطب ولو 5% من اصوات مواطني الجنوب ..ولولا رفض ادارة الصحيفة وغيمة الامل التي امطرت في الاقليم العربي لتركت الكتابة السياسية بلا عودة …. ثم جاء اقتراح الاستاذة هادية حسب الله الذي تبنيناه في مبادرة لا لقهر النساء وهو حملة الحداد المتبصر على وطن لم يسع الجميع والذي كان مخرجا ومتنفسا لنا عن كثير من مشاعر الاسى والاحباط والحزن وقلة الحيلة تجاه اهم قضية في وطننا وهي وحدة ارضه وانسانه مع احترام تنوعه …حاولنا خلال تلك الحملةأن نحول الحزن الى طاقة ايجابية وأن نتبنى حملة (الأمل في مواجهة الألم ) .
خلال هذه الحملة ارتدينا الثياب البيضاء والسوداء كل حسب ثقافتها في الحزن ولبسنا شارة سوداء طوال شهر باكمله قمنا خلاله بعمل ندوات في الجامعات وزرنا الاخوات الجنوبيات النازحات في بعض الاماكن واكلنا معهن (ملح وملاح) حتى لا ننسى أننا شعب واحد وأن ذهب بعضنا جنوبا …ثم طرقنا الابواب خلال حملة (من بيت لبيت) نوعي النساء بخطورة الانفصال وامكانية تكراره مالم تتغير القوانين والتشريعات التي تقهر النساء وتضدهن…
عشان الحاجات تبقى كويسة
صفية اسحق واحدة من اشجع النساء السودانيات وقضيتها هي القضية الاخطر والاكثر جدلا طوال هذا العام …فمنذ ظهورها وهي تحكي قصة اغتصابها على ايدي رجال الامن والى الآن تتداعى هذه القضية وتتواصل فصول انتهاكات جهاز الأمن لحق الكتاب والصحفيين في التعبير عن رأيهم في القضية فحتى الآن مازالت محاكمات الكاتبات والكتاب مستمرة ومازالت مرمطة جهاز الامن عبر محكمته الهزلية للدكتورة ناهد محمد الحسن والاستاذ فيصل محمد صالح والدكتور عمر القراي ومحاميهم نبيل أديب الذي يثبت ان المحاماة مازالت مهنة النبل والانسانية على الرغم مما اعتراها في عهد فساد العدالة والمنظومة العدلية هذا …
وعلى الرغم من أني واجهت جهاز امن الدولة في قضيتين متعلقتين بالكتابة في موضوع صفية احدهما برئت منها والاخرى ادخلت فيها السجن ….وفصلت من عملي عندما فتحت في بلاغات من جهاز الامن بحجة انني ناشطة ولست صحفية ،واعتقلت في الثامن من مارس من وقفة سلمية مع زميلاتي في مبادرة لا لقهر النساء ونحن نطالب بالتحقيق في اغتصاب صفية اسحق … وأنا اعتبر صفية أمراة تنحني لها الهامات والجباه اجلالا واحتراما وأنها تصلح لان تكون رمزا لنضال المرأة السودانية ضد الاستبداد والقهر والبطش وهي تواجه اعنفه واسواءه ….اتمنى لصفية حياة كريمة سعيدة في مقر اقامتها وأن تواصل ما بدأته من كفاح والهمتنا به قوة وشجاعة (عشان الحاجات تبقى كويسة)
هتفنا ولم نجدكم ….
في المسيرة السلمية التي دعت لها قوى المعارضة في التاسع من مارس الماضي .. وفي ذات اللحظة التي قيل أن الاستاذ نقد تناول ورقة كرتون من الارض وهم بكتابة حضرنا ولم نجدكم ….كنا نقف في الجانب الآخر من ميدان ابو جنزير طالب جامعي بدأ الهتاف ودكتور في الفلسفة بدأ يهتف الشعب يريد اسقاط النظام ثم زميلتين شقت زغاريدهما عنان السماء …بدأنا بالهتاف (الشعب يريد اسقاط النظام ) كنا حفنة لا يكمل عددها اصابع اليد الواحدة وبدلا من أن يعم الهتاف عمت قوات الأمن والشرطة وانهال علينا رجالها ضربا وركلة وجرجرة …الامر الذي لم اجد له تفسيرا هو ..لماذا هتفنا ولم نجدكم ….ومئات البشر من عضوية تلك الاحزاب كانت تتحلق حول المكان ؟؟؟
في يوم آخر وامام مبنى بعثة يونميس(رحمة الله عليها) جئنا لنقول لا للحرب في جنوب كردفان ونطالب بعدم قصف المدنيين الذين معظمهم نساء واطفال ..هذه المرةوقبل قولة (بغم) وجدنا نفسنا في بكاسي جهاز الأمن ومن محكمة الى محكمة ظللنا (ممرمطين ) حتى برئنا انا ورفيقاتي ورفقائي من تهمة (المطالبة بايقاف الحرب) …
ثم عادت الى سطح المحكمة قضية شرطة النظام العام التي فتحتها ضدي ايام قضية الزميلة لبنى احمد حسين …وهي قضية تدار بطريقة (عصايا نايمة وعصاية قايمة ) وفي يوم المحكمة صدر امر قبض في حقي انا والاستاذ عبدالله الشيخ باعتباره كان يرأس تحرير جريدة أجراس الحرية وافرج عني بالضمان بينما لم يحضر الاستاذ عبدالله الشيخ وبعد عدة جلسات نامت العصى وحفظت القضية ..
الربيع يسكن جوارنا :
معجزة لم تخطر على بال اقدرهم على قرأة الاحداث والتاريخ …اشعلها شاب اسمه البوعزيزي بجسده ومضى غير آبه ولا مدرك بأن حرقه لجسده كان يحرق خوف ملايين المواطنيين وأن اللحظة التي اشعل فيها النيران اشتعلت نيران الحرية والكرامة في شعوب كنا نظنها ماتت قهرا ،وخرست خوفا ،وعميت ذلا ،وامتدت تلك الثورات حتى عمت كل ارجاء الكون من وول ستريت الى لندن الى باريس ..و2011 الذي مضى سيتربع على عرش التاريخ لا لشئ الا لأنه عام الأحداث العظيمة …
موت خليل ابراهيم …حكمة القائد تغيب..
ودعنا العام باغتيال الدكتور خليل ابراهيم قائد الحركة المسلحة الأشجع والأقوى فمن غيره خلخل اركان النظام وارعبه هو يدخل بقواته الى قلب الخرطوم ….
التقيت خليل ابراهيم في ملتقى ابناء دارفور في عام 2004 وهو اول لقاء لليبيا مع حركات دارفور واول لقاء بين قذافي وخليل …واول لقاء بين الحركات والمجتمعات المحلية والادارة الاهلية الدارفورية ….وفي ذلك المنبر حاولت الوصول الى دكتور خليل بعد نهاية احدى الجلسات لكن حرسه تعامل معي بمنهى الشراسة وهو يمنعني ..فما كان منه الا أن طلب مني أن اقترب وبدأ يرد على اسئلتي وعدد من الصحفيين بصبر وبصوت خفيض هادئ …التقيته مرة أخرى في حفل عشاء اقامه الشحومي على شرفه وكانا يجلسان على منصة منفصلة فناداني وتجاذب معي اطراف الحديث وسائلني عن بعض اقاربي من رفقائه في مراحل حياته …وخليل رجل فيه حكمة القائد وتواضعه وحنكته ….وقد يكون مقتله بهذه الطريقة مدخلا لحرب من نوع جديدة يثأر فيها للقائد بالقائد وللرئيس بالرئيس ..وقد يكون غياب رجل في قامته غياب لصوت تلك الحكمة والتعقل …فالحركات المسلحة قادتها هم سادتها وصفاتهم الشخصية والكارزمية تلعب دورا كبيرا في انضباطها (الثوري) اي تعامل منتسبيها كثوار لهم قضية وليسوا كقطاع طرق أو لصوص يستبيحوا كل من وما يلاقيهم في طريقهم … وقد كان الزعيم الراحل قرنق يحرص على مخاطبة جنوده بأنهم ثوار وليسوا لصوص أو قتلة ويحذرهم من استباحة المواطنين وممتلاكتهم …رحم الله الدكتور خليل ابراهيم وسلم هذا السودان واهله في كل انحائه من ويلات الحروب والفقر والمرض والجهل بصياغة سودان جديد يجد فيه كل فرد انسانيته وكرامته ومواطنيته دون اراقة دماء ابنائه واهدار حياتهم …
وعام سعيد للجميع نتذوق فيه طعم الخلاص والحرية ونواكب ايقاع التغيير الذي بدأ ولن يتوقف وسيغشانا حتما ….
ونفتح النوافذ …نكسر الحواجز …ليدخل الضياء في نفوسنا المعتمة
ويشرق الصباح …ليشهد الضياء ….نهاية الكابوس الذي في صدورنا جثم
هناك في مدينة تحفها الظلم ….يجرها الموت يسوقها الى العدم
الكل تائهون …متعبون …سائرون ….نحو الهم ..
الكل في ضياع ضيعة الهمم …الكل في انكسار سيطرة الوهم
لكنهم حتما سيسعدون ….وتفتح النوافذ …تكسر الحواجز …يضأ كل الكون

تعليق واحد

  1. الرائعة أمل هباني
    كم افتقدنا كتاباتك الرائعة@@@@@ كم افتقدنا نصال كلماتك وهي تعري هؤلاء الظلمة حتي من ورقة التوت التي يسترون بها فضائحهم وانتهاكاتهم لكل القيم الانسانية النبيلة.
    واتمني ان لايمنعك اي سبب مستقبلا من الكتابة

  2. الدكتور خليل الانسان فى شخصه جيد ولكن لا يعنى اننا نتفق فى القضايا المصيريه للوطن يلاحظ القارى انه لايجدى نفعامزيد من الحروب اداة للتغيير

  3. عوداً حميداً أستاذة أمل فقد افتقدت كتاباتك ونضالاتك والله ولا أسكت الله لك حساً . كثرت الآن الكتابات المنادية بالتغيير أو بالأحرى الكنس والإزالة لهذا الطاغوت الشقي المتطفل المتعفن المجرم الخائن ، مثلما كثرت وتكثر وتكبر كل يوم جراحات ومآسي بلادي العزيوة التي يحاول هؤلاء عبثاً إفقادها عزتها وإبائها وشممها .
    فياااااااااااااا ياااااااااا إخوتي هيا بنا جميعاً – بكل أطيافنا وبكل تصنيفاتنا يداً واحدة فعدونا واحد لنقتعله من جذوره ونغتسل من عارهـ لأنه ليس منا ، إذ كما قال أديبنا الراحل : من أين أتى هؤلاء ؟؟؟!!! فهلا وضعنا الأقلام وتحركنا جميعاً سوية لتعود عزة كما كانت

  4. الصحفي الذي لا يدين المليشيات كآداة للتغيير السياسي لا يحترم ارادة شعبه والذي يكتب بهذه العقلية حتى يخرج فيجد نفسه معزولا من الشعب كـ"بيان بالعمل" عليه أن يدرك أنّه غير جدير باحساس االوعي حتى يلهمه لشعبه.إذن عليه أن يبحث عن وظيفة أخرى إن لم يتعلم أن أول الخطوة تجاه الربيع الذي رأيناه أمام أعيننا وما زلنا نراه هو ادانة القادة الذين يشجعون المليشيات سواء مباشرا أو من وراء جدر.تأكدي أن هؤلاء القادة بنوعيهم ما كان لهم أن يفعلوا هذا لولا يأسهم من قاعدة شعبية يقفون عليها من ناحية وتجردهم من الحس الأخلاقي من جهة أخرى. هل فكرتي لماذا -على سبيل المثال- لم تتحرك طائفة الانصار لتقتلع النظام عن طريق العنف وهم لهم من المبررات والخبرة ماليس لغيرهم سيما وهم الذين اقتلعت الجبهة منهم الحكم اقتلاعا؟ هل تعلمي أن رؤساء هذه المليشيات وبمختلف اتجاهاتهم ابتداءا من عرمان وانتهاء بالترابي الكبير نفسه (الزراع السياسي للمرحوم خليل) هم أول من خرج على النظام الديمقراطي؟ الفرق الوحيد أن عرمان وجماعته (الذين أظن يمثلون أشواق ناشطين من طينتكم لا علاقة لهم بروح الصحافة الحرة) خرجوا قبل الترابي ليستعينوا على جيش الديمقراطية بالقوة الخارجية بينما الترابي فعلها من الداخل. أنا مع ذهاب البشير وقبل أن ينقضي أجله ولا أراه شخصا جديرا بحكم السودان لكن ليس على طريقة الشعبية والشعبي أولئك الذين يدعوننا أن نرحل من العاصمة؟؟؟

  5. لن يعدم شخص سبب لتبرير راية ايا كان خلة فى هذا البلد الت…تمنيت لو لحق كل الذين حملو السلاح ضد الوطن منذ زمن اولئك الذين قدمو مع الجيوش الانجلزية بخليل.مع اللم ان لهم مبررهم للعمالة وزريتهم لا زالت حكم الف اف

  6. وطن لم يسع الجميع … مفردة تخصك وحدك وتميزك عن جميع الكتاب وخاصة الكتبة ، من غيرك الان يتزكر ان هذا الوطن لم يستوعب الجميع .. لقد نسيى الجميع ان هذا الوطن كان اوسع وكان اطول وكان اشمل وان خريطته كان تشبه قرن الغزل فصارت بفضل ملوك الظلام تشبه شطور البقرة (عفواً ) …
    تظلين مميزة حتى فى مفرداتك ونظل نفتقد اشياء صغيرة كل صباح … فلا الصباح عاد صباح والقهوة عاد لها طعم البن ولا الارضى ظاهرها عاد بافضل من باطنها فقط تبقى لنا الخوف ، خوف من ان نستيقظ صباحاً فنفقد حتى احلام النوم ، الخوف من ان نستنشق الهواء فتمتلى رئتينا المتحجرتين بروائح الجثث وتصم اذاننا صرخات الاطفال وعويل النساء واهات قهر الرجال … نحن جميعا مغتصبون ، منهكون ، خائفون ، اتدرين لماذا لم يهتف معكم ياحفنة لا تزيد عن اصابع اليد ، اتدرين لماذا ؟! لان الجميع خائفون ، لا محبون ولا داعمون للنظام كما يدعى النظام … انهم كارهون ومقهورون فى كرههم للنظام ولكنهم خائفون من معارضة تبيع شعاراتها بكراسى وزارات ثانوية و معارضة تتنابذ و تتشاجر وتتلون كما الحربوية … انهم كارهون للنظام و لا يثقون فى معارضة امثال الامام ، انهم لم يهتفوا فى انتظار هتاف الشماسة فابريل لم تكن منتظرة عندما هبت وشهر ربيعنا او شتاءنا او صيفنا لا ندرى متى يهب ولكن حتماً سيهب وليس بمشئة الامام او الخليفة فقد سرق هؤلاء ربيع ابريل ولم يزرعوا فى ذاك الربيع ورة او يشمو شمة بمبان واحدة لهذا لم يهتفوا معكم وان كنتم منهم …..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..