احتفالات الأستقلال ومخادعة النفس

قولوا حسنا

احتفالات الأستقلال ومخادعة النفس

محجوب عروة
[email protected]

ظللنا نحتفل بالأستقلال مايقرب من ستين عاما ونحن نخدع أنفسنا بأننا قد استقلينا من الأستعمار البريطانى ولكن ظلت الحقيقة المرة تقول أننا نخادع أنفسنا، نعم ذهبت الأدارة البريطانية بكل مؤسساتها السيادية والأدارية والأقتصادية ولن للأسف أحللنا محلها مؤسسات مشابهة جعلت من نفسها سيدا على لمواطن وليست خادما له.صارت الخدمة المدنية التى كنا نفخر بها كأفضل مؤسسة فى المنطقة العربية والأفريقية، صارت مثالا لعدم الكفاءة والفساد وكابحا للتقدم والأزدهار. تمزق وطننا وأصبح قسمين ورغم ذلك ندعى أنه انجاز! أصبحت السلطة والأحتفاظ بها بأى وسيلة هو الهدف. تدهور الأقتصاد تدهورا مريعا وتدهورت معه قيمة عملتنا الوطنية وصار عدم الأستقرار النقدى فالأقتصادى هو السمة البارزة فى اقتصادنا بل يبشرنا بعض المسئولين بأننا سنعيش أوضاعا أصعب فى الأعوام الثلاثة القادمة ويدعى وضع اقتصادى أفضل بعدها فى وقت يعجز فيه اقناعنا بما فعله عائد البترول فى سابق أعوامنا ولا ما هى الضمانات فى تحسن الوضع الأقتصادى. عمّ الفساد حتى أصبح حالة سرطانية فى مرحلته الأخيرة. ضعفت بل أضعفت عن سبق الأصرار والترصد مؤسساتنا السياسية والدستورية و الرقابية. صارت القبلية والجهوية وأخيرا الطائفية والأنتماء لها و الولاء للسلطة لا الكفاءة ولا المصلحة الوطنية هى مصدر تولى المناصب.
صارت الحروب الأهلية أوضح مظهر للأخفاق السياسى والأنفاق المالى العالى الذى يؤثر على المستوى الأقتصادى، كما صار الصرف السياسى والبذخى من أكبر معوقات التنمية ومظهر العجز المالى لأى موازنة.
من جهة أخرى مازالت أحزابنا لم تطور نفسها كأحزاب حقيقية معارضة أو حاكمة مؤهلة لتولى المسئولية كعادتها منذ أن ظهرت للوجود فكانت النتيجة تشققها وتبعثرها وضعف أداءها، وخص بالذكر الحركة الأسلامية التى استولت على السلطة بالأنقلاب على الديمقراطية دون استعداد حقيقى وبرنامج واضح فانقسمت الى قسمين بسبب الصراع على السلطة من يديرها وكيف يديرها فانعكس ذلك على أدائها وغرقت فى وحل الصراع العسكرى والتمردات والشباك الدولية والفشل الأقتصادى الأمر الذى أثر بشكل مباشر على صدقيتها ومستقبلها!
رغم الزيادة فى كمية التعليم العام والعالى لكنه ظل دون المستوى بسبب ضعف الأنفاق عليه والأهتمام به كأقوى عامل لتجاوز حالة الفقر وتقوية الأقتصاد ونفس الشئ ينسحب على قطاع الصحة. أما الأنتاج الزراعى والصناعى كقطاعين حيويين فى الأقتصاد فحدث ولا حرج ونظرة واحدة للأرقام وتصريحات المسئولين والعاملين فى هذين القطاعين تقطع نياط القلب.
صحافتنا، نقاباتنا، مؤسساتنا المختلفة تتأرجح بين الضعف والأنهيار وعدم الفاعلية لأسباب اقتصادية وسياسية. البطالة والعطالة المنتشرة بين الشباب أصبحت سمة بارزة فى وضعيتنا الأقتصادية والأجتماعية ولذلك آثاره السالبة خاصة فى ظل وضع اقتصادى يتسم بالركود والتضخم الواضح.
بالله عليكم كيف لبلد كهذا يجرؤ أبناؤه أن يحتفلوا بالأستقلال؟ ماهى معايير الأستقلال؟ انى أدعو للتوقف عن الأحتفال به وتوفير أى قرش لذلك حتى يتحقق الأستقلال الحقيقى: سلام حقيقى فى كل ربوع البلاد ونظام فدرالى حقيقى، اقتصاد قوى وانتاج زراعى وصناعى وافر ومعيشة أفضل وحياة كريمة وفرص عمل أكثر، حكم راشد وممارسات سياسية ديمقراطية حقيقية وتبادل سلمى للسلطة ،محاربة للفساد، مؤسسات سياسية وسيادية فاعلة وتوزيع عادل للسلطة والثروة بين كافة أقاليم البلاد وزوال التهميش، تعليم متطور وقطاع صحى أفضل. حين يتحقق ذلك لا بأس أن نحتفل أما الآن فلا وألف لا.. كفاية خداع للنفس.

تعليق واحد

  1. يا استاذ عروه .. وباختصار شديد جدا .. جدا .. كل الشعب السوداني .. يتمني لوان البريطانين عادوا الي استعمارنا .. لان استعمارهم هدفه الاساسي الاستفادة من خيرات السودان .. دون المساس بعزة وكرامة الشعب السوداني .. وذلك من اصلهم لانهم يحترمون البني ادم كبني ادم .. له كل التقدير والاحترام عن كونه انسان .. فهل سمع من عاصروا الاستعمار البريطاني .. انهم هتكوا عرض اي امرأة سودانية .. فالاجابة تاتي من المستعمرين السودانين لشعب السودان وهم ابالسة وملاقيط الانقاذ .. الذين نهبوا جميع اموال السودان .. بل والاكثر استفزازا .. تبدلت حياتهم امام اعين الشعب السوداني .. وسكنوا القصور والفلل والعمارات الشاهقة وركبوا اخر موديل في العربات .. والاخطر .. استقلالهم لحاجة حرائر السودان .. اللائي باعن اجسادهن .. بسبب الحاجة والعدم .. واتفق معك ياعروة في انه لاداعي للاحتفال باعياد الاستقلال .. فالشعب السوداني مازال تحت قبضة استعمار سوداني صرف ..

  2. بشرونا بثلاث سنين عجاف وبعدها ………….الثلث في المقابر والثلث الثاني في المنافي والثلث الاخير من الليل == لا زال طفلآ يجبو =مسطول واتعود

  3. للأسف هذه الأبجديات السياسية لم تخطر على بال السياسيين عندنا في السودان. لو أخذنا نظرة لدولة كالهند مشابه تماما للسودان من حيث تعدد الثقافات والديانات والأعراق والملل، مع كل هذا التباين استطاعت هذه الدولة التي كنا في السودان نضرب المثل بالهندي في الغباء. عندما يتكلم معك واحد ولم يكن مقنع كلامك بالنسبة لك تقول له أنا هندي. وحتى هذه اللحظة تتحكمم فينا هذه العقلية المتخلفة ليست عند العامة فقط بل عند السياسيين اللذين يعتبرون أنفسهم أفضل من الهنود. لكن الأفضلية تأتي بالتطبيق السليم للنظم والقوانيين التي تتلاءم مع متطلبات حياة الناس.

  4. اعزائى(القراء والكتاب)..

    عايز اتكلم معاكم شوية فى اشكالية الاصطلاح و دورها فى تشويش الفكار و

    الوجدان..ناخد مصطلح الاستعمار كمثال لذلك.

    المصطلح منحوت من الفعل عمر ،يعمر ،اعمار.. اطلقه المحتلون ليبرروا احتلالهم

    وقهرهم لهذه الشعوب ..

    لذلك يجب الانتباه ومخاطبة القراء بمفاهيم واضحة لايشوبها اى التباس وتشويش..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..