الامام في باريس..!!

عبدالباقي الظافر

في السادس عشر من يناير من العام 1979 كان الشاه محمد رضا بهلوي يغادر طهران ..نظر الملك المخلوع من نافذة الطائرة الى الجموع البشرية التي خرجت عليه وسال مرافقه” هل كل هؤلاء ضدي”.. التاريخ يؤكد ان الشاه لم يسقط في ذاك اليوم .. بدا السقوط بمراحل حينمااندلعت في العام 1963 انتفاضة شعبية في مدينة قم الإيرانية بعد ان أقدمت السلطات على اعتقال رجل مرموق..بعيد عام كان ذات الرجل يبحث عن وطن بديل ..تحركت قافلة الامام الخميني الى تركيا ومن ثم الى النجف بالعراق..من منفاه الجديد ظل الامام يحارب الشاه..حرب تبدو غير متكافئة..سلطان يملك القدرة ورجل دين ليس له الا المواعظ..بلغ تأثير الامام الخميني على الإيرانيين حد الإبهار.. خطبه السياسية كانت تسجل في أشرطة كاسيت وتباع في الاسواق..ثم بلغ به مبلغ ان يطلب من الجماهير إطفاء أنوار المنازل تعبيرا عن الغضب وكانوا يفعلون.. من فرنسا التي أتاها مبعدا قاد الامام ثورته التي أطاحت بشاه ايران.

في مستهل اغسطس الجاري كان الامام الصادق المهدي يصل لذات العاصمة الفرنسية باحثا عن تغيير النظام في الخرطوم..بعد جلسات مشتركة مع الجبهة الثورية جاء اعلان باريس تتويجا لأفكار استعصى توفيقها على الذين صاغوا البيان الختامي ..من الديباجة تبدو الأزمة .. حزب الامة بتاريخه الكبير جاء معطوفا على الجبهة الثورية التي لم تبلغ الفطام بعد..ليست الملاحظات الشكلية كل ما يفسد ملتقى باريس ..بل هنالك قضايا أعمق تجاهلها الاعلان.

قبيل ان نخوض في التفاصيل يجب ان ننوه ان الجبهة الثورية كانت قد اعتذرت بلباقة عن استقبال الأمام في كمبالا في سبتمبر من العام الماضي …جاء الاعتذار بعد ان تأهب الامام للسفر وحجز مقاعده في رحلة طيران كان من المفترض ان ترافقه كريمته مريم..الجبهة الثورية لم تكن راضية عن كثير من مواقف الامام الضبابية والتي كان آخرها رفضه دعم المظاهرات الشعبية التي خرجت في ذاك الشهر وجعلت عرش الحكومة يهتز.. ولكن ماذا تغير وجعل قادة الجبهة يقابلون الامام بالأحضان والابتسامات الواسعة.. ليس هنالك الا سجن الامام المهدي وخطوات التقارب بين الاسلاميين.

تحصلت الجبهة الثورية على فوائد تكتيكية من تقاربها مع اخر رئيس وزراء منتخب .. حسب الاعلان قد تم نقاش مرارات الماضي بصراحة.. تلك المرارات إشارة دبلوماسية الى عتاب يكنه اهل الهامش للإمام المهدي يوم ان كان رئيساً ووزيرا للدفاع وجعل قبائل التماس تحمل السلاح لتدافع عن نفسها ثم تتقاتل فيما بينها لاحقا..حتى المواقف الضبابية للإمام المهدي تجاه حكومة الإنقاذ نالت نصيبها من النقاش.. بل ان نصر الدين المهدي طالب ابن عمه الامام بالتبروء من موقع ابنه عبدالرحمن في القصر الجمهوري..الجبهة الثورية الان يمكن ان تزعم انها تحظي بدعم وتأييد أكبر حزب في السودان.. ولكنها ربما تخسر صورتها كقوة ثائرة على القديم المتلفح بالطائفية الدينية .

الامام الصادق المهدي ذهب في هنالك وفي ذهنه كيف سيعود للخرطوم..بل قبل ان يجف مداد الوثيقة كان الامام يهاتف مصطفى عثمان القيادي بالمؤتمر الوطني ليشرح له فوائد الاعلان.. اما متن الاعلان فقد جاءت لغته هادئة تتحدث عن الفساد بعموميات ..تتحدث عن العدالة وعدم الافلات عن العقاب دون ان تشير الى ما يغضب الخرطوم في شان المحكمة الجنائية بلاهاي ..الا ان الامام افلح في انتزاع تعهد مهم يحتاجه في الخرطوم حينما أعربت الجبهة الثورية عن استعدادها لوقف العدائيات وهو تعبير غير مطابق لوقف اطلاق النار الشامل..كما تحدثت الاعلان عن الانتفاضة السلمية كوسيلة للتغيير دون ان يشير صراحة الى تجاوز السلاح.. نجح الامام في توصيل رسالة مهمة لحكومة الإنقاذ انه شخص له وزن ويصعب تجاوزه في اي معادلة تسوية سياسية قادمة.

اعلان باريس لم يتحدث صراحة عن علاقة الدين بالدولة وفي ذلك إشارة الى احترام اللحية التي تكسو وجه الامام الصادق المهدي و منها يكتسب بعض من مشروعيته السياسية والدينية ..الا ان مقابل ذلك نالت الجبهة الإقرار بخصوصية الأقاليم المتأثرة بالحرب وهى إشارة لدارفور ومنطقة جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق ..الخصوصية يقابلها التزام بتمييز إيجابي يعيد للأذهان اتفاقية نيفاشا التي رسخت فقه المحاصصة القبلية والجهوية في السودان .

في تقديري ان الاعلان لن يتطور الى عمل سياسي يسعي بين الناس الا اذا تهورت الحكومة وأودعت الامام مجددا غياهب السجن ..من سوء الحظ ان هذا السيناريو واردا.. وفي تقديري أيضاً ان الامام لم يكن يحتاج غير ان يلوح بإمكانية التقارب مع جبهة تنافسه في مناطق الولاء التقليدي في أطراف السودان الغربية والجنوبية.. بنادق الجبهة الثورية ان نجحت لن تحمل الامام الى السلطة أبدا وستتجاوزه الجبهة الثورية في اقرب تسوية كما حدث للتجمع الوطني عشية توقيع اتفاق السلام الشامل بين الحركة الشعبية والحكومة السودانية..الامام الصادق يمتلك ما امتلكه الامام الخميني حينما فحر ثورة الغضب في ايران.. ولكن الامام يعطل تلك الطاقة الشعبية بتردده الشديد.
(التيار).
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. قلت لي الجبهه الثوريه لم تبلغ الفطام ؟
    بعد 25 سنه مع الانقاذ وضِعفها مع الجبهه الاسلاميه لسع لابس (حفاظة) المشروع الاسلاموي
    بعد الفشل الذريع للاسلام السياسي جاي تتفلسف لينا عن منو الاتفطم سياسيا ومنو ما الاتفطم؟
    كدي امشي شوف شيخك الدجال البزه في خشمه ولالابس بمبرز

  2. يا جماعة الامام دا كوز اكتر من الكيزان . والرجل مرسل من الكيزان
    لإفشال المؤتمر كما فعل من قبل مع التجمع

  3. الظافر الما ظافر ان شاء الله
    كنت اسمع انك كوز وغواصة بس الحين تاكدت تماما انك كوز وكوز مصدى
    ده تخذيل واضح ومكشوف والغرض منو وااااضح!!!!
    مشكلتكم يا كيزان السجم تفترضون السذاجة والغباء فى الشعب السودانى
    تفتكر الصادق لما طلع من السودان الحكومة ما عندها خبر؟؟؟؟؟
    وماشى وين الحكومة ما عارفة؟؟؟؟
    وتفتكر عبد الرحمن ولد الصادق عينوهو مساعد رئيس عشان كفاءته؟؟؟؟
    قوم لف!!!
    ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين

  4. صحيح أن الامام رجل عالم ورجل حكيم لكن زى المؤتمر الوطنى ماسك عليه حاجه فهويخرج بأذن الحكومة ليفركش المعارضه ويعود طائعآ ليضع القيد على يديه والكل يعرف أن الامام رجل مسالم وليس دموى كالاخرين

    يجب أن تستثمر المعارضة السلمية والمسلحة تلك الصفات السمحة فى الامام والوقوف خلفه فى الانتخابات القادمة ليكون رئيسآ للبلاد طالما أن الهدف الاسمى والاساسى للجميع هو أسقاط هذا النظام الاسـتبدادى لننعم بالسلام

  5. إزداد عدد خيآلات المآته بصفر على الشمال.. وهم ليس لهم رقم رقم جلوسهم في الفنادق عشرة نجمة.

  6. ي عزيزي جيلنا وجيل الانقاذ اصبحوا اليوم رجال ف لا يملك المهدي الثاالث والميرغني الثاني الا العواجيز اما الجيلين المذكورين لا يؤمنون بهم وا يعرقونهم خاصة جيل الانقاذ الذي لا يؤمن بالفنانون احمد المصطفي وعثمان حسين ووردي والعاقب احمد والتاج مصطفي وحسن عطية وابوداؤد في اعتبارهم دقة قديمة ويفضلون عليهم الحوت واولاد الصادق وابوضرس سليمان وفرفور كان قاعدة الامام الثالث الشعبية في دارفور وكردفان والنيل الابيض والاخر في الشمالية والشرف تلك مناطق نفوذهم وكانوا يترشحون بها حتي الامام الثالث يترشح في اماكن الجهل اما اماكن النور لم ولن يجربها انهم يحكموننا من الاقاليم واحترقت تلك الاقاليم بسبب الحروب وعد حنكة الامام الثاني وتخليه عنهم في احلك ا الظروف والايام السوداء ف انتحر الامام الثالث بتقاعسة وتردده وشب جيل الحرب كبر والديهم او توفوا في لعلعت الرصاص صمت اذنيهم فلا يعرفونة ولا يريدون

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..