محاولة لفهم الغميس في ميثاقي (مستريحه) و(باريس)

عبد الفتاح عرمان
كان توقيع الحركة الشعبية-شمال برئاسة القائد مالك عقار ومجلس الصحوة الثورية بقيادة الشيخ موسي هلال لمذكرة تفاهم بينهما بمثابة زلزال هز الساحة السياسية في بلادنا نظراً لحالة العداء المستحكمة بين الطرفين. وأهم من ذلك كله، الهوة الفكرية الشاسعة بين التنظيمين، ومنطلقات كل منهما كانت حائلاً يعوق من عملية إتفاقهما على ماهية الدولة التي يريدان إقامتها بعد تصفية النظام الحاكم. ولكن على الرغم من حالة العداء المستحكمة بين الطرفين، استطاعت قيادتهما كسر حاجز “حلفاء الحرب” التاريخي، إذ عمد نظام الديكتاتور البشير إلى توظيف بعض القبائل العربية لصالحه في مواجهة القبائل الغير عربية المتهمة بالتعاطف مع الحركات المسلحة- لاسيما في دارفور- لضرب النسيج الإجتماعي في مناطق النزاع.
جُوبه الإتفاق بأسنة حداد من قبل بعض نشطاء حقوق الإنسان والكتاب، وبكل تأكيد لكل إنسان الحق في نقد ما لا يتفق مع مبادئه التي ينادي يؤمن ويبشر بها، ولكن ليس من حق أحدهم فرض وصاية على الأخرين بغض النظر عن توفر حسن النوايا.
بعض المعترضين على الإتفاق عابوا على الحركة الشعبية الإتفاق مع “مجرم حرب وقاتل” والحبل على الجرار، ونسي أو تناسي بعض هؤلاء النشطاء أن مشروع الحركة الشعبية يرتكز على مشروع السودان الجديد، وهو حلم لبناء دولة متجاوزة للديانات والأعراق؛ تقبل بالجميع في حالة إتفاقهم معها- الحركة الشعبية- حول دولة المواطنة ووقف الحرب والقبول بأن يكون الناس سودانيون أولاً قبل أن يكونوا عرباً أو أفارقة. فالحركة الشعبية لم تتخلى عن مشروعها بل توافق الآخرون معها. مثلما جاء الراحل داؤد يحي بولاد الإسلاموي إلى الحركة الشعبية وقبلت به بإعتباره كان أحد قيادات المهمشين التي غرر بها النظام. فاليوم، تقبل الحركة الشعبية-شمال بالتحالف مع الشيخ موسي هلال لتعرية وكشف ظهر النظام الذي ظل يسخر القبائل ضد بعضها البعض. فهلال يسيطر على أربع محليات في شمال دارفور وله قوة مقدرة أعاقت مدفعيتها تقدم قوات الحركات الثورية في الميدان، وهم أمر ربما صعب إداركه لـ”طقاقي الحنك” في الخرطوم والمهاجر الباردة. وليس بخافٍ على أحد أن الإتفاق على العمل المشترك لوقف الحرب في كافة أنحاء البلاد، والعمل على إنهاء النظام الشمولي وإحلاله بنظام ديمقراطي، والعمل على وقف سياسة فرق تسد واستخدام القبائل ضد بعضها البعض، والعمل على رتق النسيج الإجتماعي الذي دمرته سياسات (الإنقاذ)- بعض ما ورد في الإتفاق- يجعل من المهمشين على ضفتي النهر يصوبون بنادقهم للعدو الحقيقي- النظام الحاكم- وليس صدور بعضهم البعض. وما لا يدركه البعض أن الشيخ موسي هلال قد أعطي أوامره لقواته بعدم التصدي لاي هجوم تقوم به قوات الجبهة الثورية على مواقع النظام لأن الحرب ضد النظام وليس ضدهم. فهل ندعم مثل هذا التوجه أم نطالب هلال بتسليم نفسه للمحكمة الجنائية للقبول به في المعارضة؟! وهل هناك شخصية ذات أهمية ومسؤولة عن جرائم الحرب والخراب الذي أحل بالسودان أكثر من رأس النظام- الديكتاتور عمر البشير؟! اذا، لماذا لم نر نفس ردة الفعل تجاه تفاوض أحزاب المعارضة معه؟! وهل نص الإتفاق مع هلال على منحه صكاً للإفلات من العقاب؟ اذاً، لما الجلبة؟! ومن يستطيع القبض على موسي هلال وتسليمه للجنائية فليفعل ذلك، ساعتها سيصفق له الجميع.
نفس الجلبة قوبل بها إتفاق (باريس) بين الجبهة الثورية وحزب الأمة القومي، ورأينا الكثير من الغث والقليل من السمين حول قيمة الإتفاق مع الإمام الصادق المهدي. مارس البعض وصاية على قيادة الجبهة الثورية، وبعضهم كان مشفقاً عليها من مصير طيب الذكر التجمع الوطني الديمقراطي الذي أتهم المهدي بذهاب ريحه، مما يعني إعتراف خصوم المهدي الضمني بأهمية الرجل وحزبه في الساحة السياسية. وفات على البعض أن قادة الجبهة الثورية ذو شهامة فيما يناط بهم ولديهم حسن الكفاية فيما يوكل لهم. وأعيننا ليست مغضوضة عن كل ما ساءنا منهم، وهي بكل تأكيد، مرفوعة إلى كل ما سرنا منها.
لا جدال أن حزب الأمة القومي يملك قاعدة عريضة في الشارع السوداني والإتفاق معه ساهم في قبر حوار “الوثبة” الذي كان يريد النظام عبره التقاط انفاسه ومواصلة المسير، كما صرح بذلك نافع علي نافع الذي أكد أن حوار نظامه لن يسمح بتفكيك مفاصل النظام في طاولة بقاعة الصداقة على أيدي بني علمان!. على الجبهة الثورية أن تمضي في إتفاقها مع المهدي وتوسيع دائرة الإتفاق لتشمل كل المتضررين من النظام لبناء وطن يرى فيه الجميع نفسه وليس وطناً لتبديل الضحاياً وتقطيع ما تبقي من أوصاله. بل نذهب أبعد من ذلك، ونقول أن الإتفاق يجب أن يشمل غلاة المتطرفين الإسلامويين الذين رحبوا بالإتفاق. إذ أن الغاية وقف الحرب وإتفاق الجميع على فترة إنتقالية يتم عبرها عقد مؤتمر دستوري يشارك فيه الجميع لوضع دستور لحكم السودان وإجراء إنتخابات حرة ونزيهة والإتفاق على آلية على محاسبة كل من إقترف جرماً في حق الشعب السودان.
الجبهة الثورية لم ولن تسطيع هزيمة النظام عسكرياً ولن تستطيع تغيير النظام بمعزل عن القوى المعارضة الأخري. لذا، يجب تشجيع أي خطوة تصب في توحيد القوى المعارضة بشقيها السلمي والمسلح. وكما قال الراحل الكبير الدكتور جون قرنق دي مبيورمن قبل أن ما تستطيع التوصل إليه في طاولة المفاوضات هو أقصي من يمكن أن تصل إليه نيران مدفعيتك- أو هكذا قال.
ما قلته هو حديث السياسه اما من يعارضك هم من تحكمهم روح الانتقام وهي ابعد ما تكون عن العمل السياسي .
يسلم يراعك يا شفيف مقال تحليلى وافى وشافى
كـان مـن الـممكـن الإكـتفاء بوثيقة الفـجـر الجـديد .. الـذي اجـمـعـت حـولـه كـل القوي الوطنيه الحيه ، لأن وثيقة الـفجر الجديد تمثل اختراقاً تاريخياً وإستراتيجيا في إطار العمل المعارض ، لإيجـاد البديل لنظام الخرطوم الـدموي الـظـالـم ..
هي نقلة نوعية من حيث شمولها لكل القوى المعارضة لنظام البشير وأنها جمعت بين المعارضة المدنية والمعارضة المسلحة في الداخل والخارج .
ميثاق الفجر الجديد افضل من اعلان باريس ، كان ميثاق الفجر الجديد اكثر تفصيلا ومعالجة للقضايا السودانية ، كما ان ميثاق الفجر الجديد شامل حيث وقعت عليه غالبية القوي السودانية الاساسية وشخصيات قومية ومنظمات شبابية ومنظمات مجتمع مدني وشخصيات دينية .. وكان اثره بالغ في الساحة السياسية والاجتماعية والثقافية ، كما ان ميثاق الفجرالجديد حسم قضية اعادة هيكلة الدولة السودانية من خدمة مدنية وجيش .
كما ان من ايجابيات الفجر الجيد حسم قضية تجارة الدين السياسية ، واثره علي الحكومة جعلها كالـكـلـب المسعور .
ومـن اهـم القضايا التي حسمهـا ميثاق الفجـر الجديد .. مسـألـة العدالة الإنتقـاليه والمحاسبة .. حـيث أكـد على مبدأ العدالة والمحاسبة ، بما فيها من مفاهيم وآليات العدالة الإنتقالية ، وبما يتفق و السياق السوداني ، و وضع حد بصـورة نهـائيه وحـاسـمة لظاهرة الإفلات من العقاب بالمحاسبة على إقتراف الجرائم الجسيمة وإنتهاكات القانون الدولي الإنساني ، والقانون الدولي لحقوق الإنسان .
ولأن الـسـيد / الـصـادق الـمهـدي لا يؤتمن جـانبه ، ولايمكن أن يثـق به أحــد لتصـرفاته ومبادراته خـلال خمسة وعشرون عاما الـعـجاف ..
ولأنـه دأب بإسـتمرار عـلي تســويق ومـقايضـة قضـية ضـحـايا الـنظـام بالـمحكمة الـجـنائيه الـدولـيه !!. كان ومـازال وسـيظـل يـدغـدغ عـواطف نظام الـظـلـم والـبـغـي والـعـدوان بإعـفائه مـن الـملاحقه الـقانونيه الـتي يدرك ويـعـي الصادق المهدي أنهـا هأجسهم الأكـبر ، وذلك مـقابل اشـراكه بالسلطه ، وإن كـان يـغـلفهـا بحكومة إنتقاليه ، ولكـن كـل الـشـعـب الـسـوداني الـفضـل يدرك ويـعـي أن الـصادق الـمهـدي يفصـل الإنتقاليه عـلي مقـاسـه ، ويقصــد تحـديدا أن يرجـع ( لملكه ) كرئيس وزراء ، وكـرسـي الـحـكـم ؟؟!!.
إن قضـية ضـحـايا نظام الـبـغـي والـعـدوان هـي قضية مـقـدسـه ، وخـط أحـمـر دونه الـمـوت الزؤام ولا يحــق لأي قـوة عـلي وجـه الأرض أن تســاوم أو تقايض بـدم ضـحـايانا !!.
لا صــوت يـعـلـوا فـوق صــوت أولياء الـدم .. أهــل وذوي الـضـحـايا الـذين نحـرهـم وذبحـهـم هـذا الـنظـام الـدموي الـحـاقـد غـيلـة وغــدر مـنذ بداية الـنكـبة وحـتي الـيوم !!.
إبتداء بضـحـايا بيوت الأشــباح ، ومـذابح رمضـان ، إنتهـاء بشــهـداء ثورة سـبتمبر مرورا بثلاثه مليون ونصف المليون ضـحية مـن خيرة أبناء الـجـنوب والـشمـال فـي محـارق ومذابـح جـنوبنا الـحـبيب مما أدي لتمـزيق وتفـتيت البلاد وهـلاك الـعـباد !!.
مـرورا بنصـف مليون ضـحـية ذبحـت وقصـفـت وحـرقـت حـتي الـمـوت بشـرق التسـودان !!.
مرورا بمليونين ونصـف المليون ضـحـيه ذبحـوا واغـتصـبوا وحـرقـوا فـي دارفــور .. جـرح الانســانية النازف حتي السـاعـة ولا مـن بـواكـي عـليهـم !!.
مرورا بالجـنوب الجـديد .. جـنوب كـردفان ، والـنيل الأزرق الـذين مـاتزال دمائهم تشـخـب حـتي الـســاعـه ..
لـم يتورع الصادق الـمهـدي في حمـل جماجم وأشـلاء ضـحـايانا فـي قفـه عـلي ظـهـره ، ويدور بهـا عـلي الأسـواق ، عـارضـا مقايضـتهـا بكرسـي حـكـم .. حـتي لـو يموت عـليه وهـو فـي ارزل الـعـمر و عـلي حـافة الـقـبر !!.
حـتي الـحـيوانات تدافـع عـن صـغـارهـا بشـراسـة حـد الـمـوت .. إلا الـصـادق الـمهـدي ، لـم يتورع عـن الـتضـحـيه بإبنته والـدفـع بـهـا للـتهـلـكـه ، لـيري كــيف يكـون خـطـف الـتمســاح ، وفضـل الـنجـاة بجـلـده فـي مـلـحـمة ( تهـربون ) جـديده !!.
لـكل مـن يحـمل رأسـه بين كـتفيه .. دمـاء ضـحـايانا خـط أحـمـر مـقـدس دونه الـمـوت ، لاصــوت يـعـلـوا فـوق صــوت أولياء الـدم شــرعـا وقانونا وعـرفا ، أخـلاقيا وإنسـانيا !!.
كـل مـن تلطخــت اياديه الآثمـه بدمـاء ضـحـايانا .. ضـحـايانا يتقلبون فـي مـراقدهـم ينتظرون القصـاص !!.
كـل مـن إمـتدت أياديه الـمجرمه للـمــال الـعــام .. ستناله محـاكـم الـعـدالة الإنتقاليه !!.
كـل مـن شــارك هـذا الـنظـام الـمجـرم الدموي بأي شـكل مـن الأشـكال ، بنفســه ، برأيه ، بقلمه ، بصــوته ، بهتافـه ، بتهليله وتكبيره ، بـغـنائه ، بشـعـره ، برقصـه .. حتي لـو بالإشـاره.. ستطاله الـعـدالـة الإنتقاليه ؟؟!!.
لا مقايضـه لا مســاومـه بالـعـدالة الإنتقاليه والمحكمة الجنائيه الـدوليه ؟؟!!.
الخوف تطلع “مستريحه” عارفه عزّها !