بارجتان بدأتا بقصف بنغازي ..وجنود يفرون بالقوارب الى مالطا

بدا العقيد معمر القذافي مساء أمس الثلاثاء أكثر اصرارا على مواجهة تظاهرات شعبية عارمة تطالب بتنحيه، بينما تتوارد أنباء عن خروج مدن ومناطق بأسرها في شرق ليبيا عن سيطرته واتساع نطاق عزلته الداخلية والدبلوماسية.
واعلن القذافي الذي بدا عصبيا ومرتعش اليدين، انه اعطى اوامره الى الجيش للقضاء على الثورة الشعبية، داعيا انصاره الى الخروج بـ’الملايين لتطهير ليبيا شبرا شبرا’ ممن وصفهم بـ’الجرذان’ و’الجراثيم’.
وقال القذافي في كلمة استغرقت اكثر من ساعة القاها من امام منزله في باب العزيزية (قصر الرئاسة) في طرابلس ‘اعطيت اوامر الى الضباط الاحرار للقضاء على الجرذان’.
واضاف مخاطبا انصاره في كلمته التي نقلها التلفزيون الليبي الرسمي ‘اخرجوا من بيوتكم الى الشوارع غدا، انتم يا من تحبون معمر القذافي، معمر المجد والعزة، واقضوا على الجرذان’.
غير أن خصومه في الداخل والخارج أبلغوا وسائل إعلام بأن العصبية التي بدت على القذافي وهو يلقي كلمته دليل على عزلته داخليا ودبلوماسيا وعجزه عن التعامل مع الثورة الشعبية المستمرة.
وألقى القذافي خطابه بعد ساعات من قصف الطيران الحربي الليبي المتظاهرين، ومن استعمال المدفعية والأسلحة الثقيلة عليهم في طرابلس ومدن أخرى.
وقال معارض ليبي بارز امس الثلاثاء ان بارجتين حربييتين مواليتين للعقيد القذافي بدأتا بقصف مناطق في مدينة بنغازي المحررة بعد دقائق من انتهاء الزعيم الليبي من خطابه.
وقال فائز جبريل ليونايتد برس انترناشونال في القاهرة ان بارجتين قصفتا بشكل عشوائي عدة مناطق سكنية في بنغازي، ثاني اكبر مدينة في ليبيا، والتي كانت سقطت بأيدي محتجين على نظام القذافي.
واضاف جبريل نقلا ان اهالي المدينة اتصلوا به مستنجدين من ان البارجتين خرجتا من القاعدة البحرية في سرت التي لا تزال موالية للقذافي.
واكد جبريل الذي يعتبر احد مؤسسي جبهة الاتقاذ الوطني في ليبيا التي عملت على الاطاحة بالقذافي قبل تفرغه للعمل الفكري والسياسي، ان عددا كبيرا من الضحايا سقطوا في القصف الذي جاء بعد تهديد القذافي بضرب المدن الليبية التي ترفض الاستسلام.
وبينما كان القذافي يلقي كلمته، كان اجتماع الجامعة العربية على مستوى المندوبين في القاهرة، يجمد عضوية ليبيا على كل المستويات. وطالب القذافي الثوار بـ’تسليم الاسلحة واطلاق سراح الاسرى والقبض على المشاغبين واعادة الحياة الطبيعية في الموانئ والمطارات’. وقال مهددا ‘ما لم يتحقق ذلك سنعلن الزحف المقدس’.
ودعا الى تشكيل ‘لجان الامن الشعبي في المدن لحفظ الامن’ واعتبر انها ستكون ‘لجان الدفاع عن الثورة وعن كل مكتسباتها في كل المدن الليبية’.
ولوح القذافي بخطر تنظيم القاعدة عندما قال، مخاطبا الحكومات الغربية على ما يبدو، ان مدينة درنة (شرق) ‘يحكمها اتباع بن لادن’ وان عدم عودة الهدوء الى البلاد سيعني ان ‘الوحدة الليبية ستكون معرضة للخطر او لقوى معادية للحرية والديمقراطية تشوه الاسلام مثل القاعدة بالذات’.
وتستعد المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة ‘لنزوح كبير’ محتمل من ليبيا وحثت دول الجوار في شمال أفريقيا وجنوب اوروبا على عدم صد اللاجئين الفارين من الاضطرابات.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين سيبيلا ويلكس ان المفوضية تستعد لارسال موظفي طواريء وامدادات مساعدات تشمل خياما ومستشفيات متنقلة لتعزيز وجودها في مصر وتونس.
وأضافت ‘حتى الان لم نشاهد نزوحا كبيرا. لكننا نشعر بالقلق البالغ استنادا الى التقارير التي نتلقاها عن العنف العام والعنف المستهدف واننا قد نرى نزوحا كبيرا من ليبيا.’
وخرج وزير الداخلية الليبي عن النظام ودعا الجيش للانضمام الى الشعب والاستجابة الى ‘مطالبه المشروعة’. كما انشق اكثر من عشرين دبلوماسيا ليبيا في الأمم المتحدة وعدة دول عن العقيد القذافي ودعوا الدول الاجنبية للمساعدة في وقف ما وصفه الكثيرون بأنه مذبحة ضد المحتجين المناهضين للحكومة.
وقال علي العيساوي سفير ليبيا في الهند الذي استقال احتجاجا على حملة القمع العنيفة إنه يناشد القوى العالمية مساعدة شعبه الذي قال عنه إنه يقتل على أيدي مرتزقة وجراء قصف بالطيران.
واشار إلى أن عددا من أفراد الجيش غيروا ولاءهم لأنهم لا يستطيعون أن ‘يروا أجانب يقتلون ليبيين.’
وعقد مجلس الأمن اجتماعا مغلقا لبحث الوضع في ليبيا بطلب من إبراهيم الدباشي نائب سفير ليبيا إلى الأمم المتحدة الذي سحب هو الآخر تأييده للقذافي منددا به بوصفه ‘طاغية’.
لكن سفير ليبيا لدى الأمم المتحدة عبد الرحمن شلقم الذي لم يكن موجودا في نيويورك أمس لم يوقع على بيان مناهض للقذافي اصدره الدباشي وآخرون. وقال للصحفيين إنه ما زال يؤيد القذافي.
ووصل شلقم إلى مجلس الأمن مع انتهاء المشاورات في الجلسة الصباحية وقال للصحفيين إنه ناشد المسؤولين الليبيين إنهاء العنف ضد المحتجين. ولكن ‘أنا مع القذافي.’
وقال سفير ليبيا لدى الولايات المتحدة علي العوجلي لبرنامج تذيعه محطة (إيه.بي.سي) إنه لم يعد ممثلا لحكومة بلاده ودعا القذافي للتنحي لتجنب إراقة مزيد من الدماء.
وقال مسؤول مالطي امس الثلاثاء إن هناك زورقا في طريقه إلى مالطا يعتقد أنه يحمل جنودا يعتزمون إعلان الهروب من الخدمة في قوات الأمن التابعة للزعيم معمر القذافي.
ومن المتوقع أن يكون وصل الزورق الليلة الماضية بعد نحو 24 ساعة من فرار طيارين ليبيين اثنين إلى مالطا وهبوطهما بطائرتين نفاثتين على أراضي الجزيرة المتوسطية.
وقال مسؤول حكومي مالطي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، إنه لم يتضح بعد عدد الجنود على متن الزورق.
ميدانيا تخضع طرابلس لتعتيم إعلامي كامل وتعاني من صعوبة واضحة في الاتصالات السلكية واللاسلكية. وفي الشرق قال جنود انشقوا عن القذافي امس الثلاثاء ان المنطقة فلتت عن سيطرته. وتحدثت تقارير عن وصول عدد الضحايا الى اكثر من 700 قتيل.
وقال مقيمون في طبرق ان المدينة في أيدي الشعب وأنها أصبحت كذلك منذ ثلاثة أيام. وقالوا ان الدخان يتصاعد فوق المدينة من مخزن ذخيرة قصفته قوات موالية لابناء القذافي. وتحدث انفجارات من وقت لاخر. وقال الرائد السابق بالجيش هاني سعد مرجا ان كل المناطق الشرقية خارج سيطرة القذافي وان الشعب والجيش أصبحا يدا واحدة.
في سياق متصل قرر مجلس الجامعة العربية في ختام اجتماع عقده على مستوى المندوبين الدائمين بعد ظهر الثلاثاء في القاهرة تعليق مشاركة ليبيا في اجتماعات الجامعة وجميع مؤسساتها احتجاجا على استخدام العنف ضد المتظاهرين الليبيين.
وقال المجلس في بيان انه ‘قرر وقف مشاركة وفود حكومة الجماهيرية العربية الليبية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة إلى حين إقدام السلطات الليبية على الاستجابة’ لمطالب المجلس بوقف العنف ‘وبما يضمن تحقيق أمن الشعب الليبي واستقراره’.
وندد البيان بـ’الجرائم المرتكبة ضد التظاهرات والاحتجاجات الشعبية السلمية الجارية في العديد من المدن الليبية والعاصمة طرابلس والتي تتناقل اخبارها وكالات الانباء الدولية والعربية والتعبير عن استنكاره الشديد لاعمال العنف ضد المدنيين والتي لا يمكن قبولها او تبريرها وبصفة خاصة تجنيد مرتزقة اجانب واستخدام الرصاص الحي والاسلحة الثقيلة وغيرها في مواجهة المتظاهرين والتي تشكل انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان والقانون الانساني الدولي’.
ودعا مجلس الجامعة العربية الى ‘الوقف الفوري لاعمال العنف بكافة اشكاله والاحتكام الى الحوار الوطني والاستجابة للمطالب المشروعة للشعب الليبي واحترام حقه في حرية التظاهر والتعبير عن الرأي وذلك حقنا للدماء وحفاظا علي وحدة الاراضي الليبية والسلم الاهلي وبما يضمن سلامة وامن المواطنين الليبين’.
وطالب مجلس الجامعة العربية السلطات الليبية ‘برفع الحظر المفروض على وسائل الإعلام وكذلك فتح وسائل الاتصالات وشبكات الهاتف، وتأمين وصول المساعدات والإغاثة الطبية العاجلة للجرحى والمصابين’.

القدس العربي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..