عولمة المسرح “في شنو؟”.. دراما سودانية في قالب هندي

الخرطوم: دُرِّية مُنير

كثيراً ما تنتاب مهووسو المُسلسلات العربية من الجمهور السوداني حالة من (عدم التصديق) ? إن صح التعبير – ما إن يروا ممثلاً سودانياً فاعلاً في أحد هذه المسلسلات. حالة أشبة بالذهول أحياناً، ربما تدفعه للقفز من مكانه بسرعة مردداً (الزول دا سوداني). ربما اعتاد البعض على هذا الظهور (الشحيح) للممثلين السودانيين في الدراما العربية، ويبدو أن هؤلاء أرادوا تعريف العالم بالسودان عبر تلك الأدوار (الطفيفة)، متوسلين بأساليبهم وأزيائهم الشعبية في التعريف بالثقافة السودانية.

بعض تلك الأفكار طرحت في مسرحية (في شنو؟) التي استمرت زهاء ساعتين على خشبة مسرح قصر الشباب والأطفال تحاول معالجة قضايا محلية بقالب هندي.

مشاكل وغزوات

تعاني الدراما السودانية مشاكل جمة، غير متصلة بالموهبة بالتأكيد، وهي في الغالب مشكلات تقنية وفنية وتمويلية، جعلت جل الجمهور السوداني ينسحب من مشاهدتها، لكن غزو الفضائيات أثار في بعض المخرجين حمية العودة إلى المنافسة من جديد، عبر أفكار جديدة تسعى لتطوير الدراما والعبور بها من المحلية.

بجانب هذا يرى بعض المخرجين والممثلين أن استعارة بعض الأفكار والاستفادة منها في الاخراج والتمثيل لإنتاج قوالب درامية مختلفة تساعد في طرح القضايا والمشاكل بأساليب جديدة متسقة مع روح العصر.

تفاصيل سودانية بأزياء هندية

تقول (عرفة حسن الطيب) مخرجه مسرحية (في شنو؟): نحن خريجي الدفعة (30ـ31) كلية الموسيقى والدراما، أنشأنا جمعية (وجوة الثقافية) منذ أن كنا طلاباً، وها نحن ندشن أعمالنا بمسرحية (في شنو؟) للكاتب (منتصر حسين)، المسرحية جسدت شخصيتي (عنترة وعبلة) وأسقطتهما عبر معالجة درامية على قضايا المجتمع. وأضافت: نحاول مناقشة قضايا الشباب خاصة الأجيال الراهنة التي ينظر إليها كثيرون كأنها أجيال (طائشة)، بمن فيهم (أنا).

واصلت (عرفة) مرافعتها قائلة: يعتقدون أننا نسترشد بثقافة غير ثقافتنا، وأردفت: أنتجنا مسرحية سودانية بتفاصيل هندية كاملة لنعكس عبرها ثقافتنا (بأزياء هندية وتفاصيل سودانية)، وأشارت إلى أنه ليست فكرة التمثيل ومعالجة القضايا وحدهما مقتبستان من الثقافات الأخرى بل حتى تدشين المسرحيات أصبح ينهل من تلك الثقافات، فصرنا ندعو قبل العرض بيوم إلى مؤتمر صحفي للتعريف بالمسرحية وأهدافها ما يخلق جواً من الاحتفال والترفية ويهيئ الممثلين نفسياً لأداء عرض مميز.

نحو الخارج

من ناحية أخرى، تقول (عزة محمود) – ممثلة: للتمثيل السوداني سماته الخاصة التي تميزه، إذ تتصف الشخصية السودانية الدرامية بالهدوء والاحترام. واستطردت: مهما استعار المخرج زياً أو فكرة من ثقافات أخرى، يظل الطابع السوداني سائداً ومسيطراً بلغته وفكره والتزامه الأخلاقي، ويبقى اختيار الأدوار بحسب رؤية المخرج، مضيفة: نتمنى للمسرح السوداني التقدم والازدهار، ونسعى إلى تعريف الخارج بثقافتنا وتقاليدنا.

واعتبرت (عزة) استعارة الزي والتفاصيل الفنية الأخرى المتعلقة بالدراما من مواعين خارجية ليست الطريق الأمثل لنجاح الدراما والمسرح السودانيين، واعتبرت أنهم يفعلون ذلك لمرحلة انتقالية: (فترة وجيزة تنقضي مع مرور الوقت)، معللة ذلك بأن الانفتاح الكوني الكبير فرض علينا تفاصيل دخيلة شكلت أمزجة الشباب السوداني، لذلك نعمل على أن نفرض عليهم معرفتنا عبر قوالبهم، ومضت قائلة: الأسرة السودانية أضحت متعلقة بالدراما الهندية المدبلجة بلغة شامية، وصار لها تأثير كبير على معظم الفئات العمرية، ويظهر ذلك في اللغة التي صار يتحدث بها الأطفال.

وتنبأت (عزة) بنجاح مسرحية (في شنو؟) باعتبار أن فكرتها مقنعة ولأن المخرجة كانت موفقة في اختيار البوستر والطابع الهندي، وهذا يدل على ذكائها، إذ أن الكل صار عاشقاً للدراما الهندية.

غير مرغوب فيها

إلى ذلك، يقول الأستاذ (عادل عبد الفتاح): الدراما السودانية لا يمكن إلا تكون بقالب غير سوداني، بحكم اختلاف اللهجة المحلية لكن هذا لا يمنع من الاسترشاد بأفكار من الخارج. وأبدى اعتراضه على أن تكون معرضاً مسرحياً لمدة ساعتين بتفاصيل دخيلة، بحسب تعبيره. وأضاف: هذا يرجح احتمال الفشل.

واعتبر (عادل) الدراما السودانية أفضل من غيرها في معالجة القضايا المحلية. واستطرد: مهما كانت نسبة مشاهدة الدراما العالمية عالية خاصة العربية والهندية، فهذا لا يدعو لتقليدها تقليداً أعمى، لكن عاد ليقول: ربما تنجح المسرحية كونها مستحدثة. وختم قائلاً: بوستر مسرحية (في شنو؟) يشير إلى أنها تعالج قضايا محلية، ولكن المذهل أن الزي كان هندياً وربما فضلت المخرجة أن تأتي بجديد عبر هذا الأسلوب.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..