صحافي سوداني ينشر «العمّة والجلابية» في كل قارات العالم!

صلاح الدين مصطفى

الخرطوم ? منذ عام 1984 لم يرتد الصحافي السوداني محمد عثمان الشهير بـ «أدروب» غير «الجلابية والعمة» في جميع الدول التي عمل فيها في أفريقيا وأسيا وأوروبا وأمريكا وكنت أظن أنه يخفي تحت «العمامة شيئاً» لكن اتضح لي أن شعر رأسه مكتمل..!

ولم يكن «أدروب» وهذا لقب محبب لأهل شرق السودان، يتوقع أن يصبح صحافياً بعد تخرجه في جامعة القاهرة فرع الخرطوم عام 1974م، فالرجل تخصص في قسم التاريخ في كلية الآداب وكان يطمح الى تعيينه معيداً بالكلية بعد تخرجه بدرجة عالية، إلا أن الأقدار جعلته مدرساً في مدرسة أم روابة للبنات التي تقع غربي البلاد.
والصدفة وحدها هي التي قادته إلى عالم الصحافة ويقول في ذلك :»قرأت إعلاناً في الصحف يفيد بتعيين صحافيين من خريجي الجامعات فقدمت أوراقي وكنا «500»شخص وبعد معاينات مضنية تمت تصفيتنا إلى «29» كنت أصغرهم سناً، وفي نهاية الأمر اختير 14 تمت تسميتهم «بالكواكب» وكانت نقلة كبرى للصحافة السودانية التي كانت تعتمد على المواهب فقط، ولم يصمد في هذه المجموعة الآن سوى أربعة هم محجوب عروة ونور الدين مدني والشيخ درويش وشخصي».
بدأ «أدروب» عمله في جريدة «الصحافة» بشكل عادي في قسم الأخبار الخارجية، ويقول :»كنت أداوم على الذهاب للمركز الثقافي الأمريكي في الخرطوم وأقضي الأمسيات هناك، وذات يوم أقيم امتحان عام لجميع الموجودين، فدخلته وكنت الوحيد الذي نجح ونسيت الموضوع، وبعد فترة جاءت منحة أمريكية لدراسة الصحافة ففزت بها وذهبت ومعي عائلتي ودرست في معهد للصحافة ومن هنا بدأت حياتي مع الصحافة الإنكليزية».

ومنذ ذلك الوقت ظل محمد عثمان في حالة سفر وطواف متواصل متمسكاً بالزي القومي السوداني الذي يتكون من العمة والجلابية والشال و»المركوب» وهو حذاء سوداني يصنع من الجلد ويقول: «كنت أرتدي مركوباً من جلد النمر» قبل أن أتخلى عن ذلك لأسباب متعلقة بنشر الوعي البيئي» ومن المواقف الطريفة، أذكر مرة في بلغاريا كنت على «المصعد» ومعي رجل وزوجته فطفقا ينظران لي باندهاش شديد لدرجة أنهما جلسا في الأرض وأخذا يلمسان «المركوب» ويتساءلان هل هو جلد نمر حقيقي؟ فقلت لهما نعم!!».. ويضيف «كنت أقول للأوروبيين إننا في السودان كنا نعيش في الغابة مع الحيوانات جنباً إلى جنب، قبل أن تأتوا إلينا بالبندقية والرصاص فحدثت جفوة بيننا والحيوانات وصرنا نقتلهم برصاصكم، فأنتم الذين علمتمونا قتل الحيوانات».
جاء أدروب للخليج في عام 1980 وعمل مندوباً صحافياً بجريدة «غلف نيوز» الإنكليزية في دبي ثم مؤسس ورئيس مكتب الصحيفة في أبوظبي، وانتقل بعد ذلك نائباً لرئيس التحرير وهو أعلى منصب لسوداني في صحافة الخليج في ذلك الوقت.. يقول: «كنت أرتدي الجلابية السودانية والعمة وكنت مميزاً ونلت إعجاب الجميع ولقبوني «السوداني» وأذكر مرة في ألمانيا كنت في دورة للتدريب وأعجب المحاضر بهذا الزي وجاء في اليوم التالي مرتدياً الزي السوداني»!.
ويصف الزي السوداني بأنه مناسب جداً للعمل الصحافي الذي لا يحتاج لمجهود عضلي فكل شخص يجلس في مقعده ويكتب، لذلك لا يرى أنه معيق للعمل وهو لا يختلف عن لبس أهل الخليج بل يتميز عليه.

وعن سر ارتداء جلابية باللون الأبيض يقول: «إن هذه هي عبقرية أجدادنا في السودان، فبلادنا تتميز بدرجة حرارة عالية، ومعروف أن اللون الأبيض يعكس حرارة الشمس، والأمر نفسه ينطبق على دول الخليج» ويضيف:» كما أن اللون الأبيض يجبرك على أن تكون نظيفاً لأن أي بقعة تظهر عليه، ولم ألبس في حياتي جلابية سوداء، ولا أدري من أين أتى شباب اليوم بمثل هذا النوع من «الجلاليب» فهي لا تتناسب مع الطقس الحار في بلادنا كما أنها تسلبنا ميزة التميز على الآخرين».

وبعد عودة طويلة من دول الخليج وأوروبا وأمريكا لم «يخلع» زيه الأصيل وهو الآن خبير صحافي وعضو لجنة الجوائز في المجلس القومي للمطبوعات والنشر ويساهم مع منظمة تومسون البريطانية في تدريب الصحافيين السودانيين في المركز الثقافي البريطاني وتفرغ أخيراً للكتابة وله مجموعة من الكتب والمسودات المعدة للنشر منها دليل الزائر للهجة السودانية وهو باللغة الإنكليزية وكتاب عن قبيلة الحلنقة وآخر عن انتفاضة الهدندوة الأولى وكتاب بعنوان «مذكراتي في بلاط صاحبة الجلالة».
ويعترف أدروب بأنه ارتدى البدلة الكاملة مرة واحدة طوال تجواله سفيراً للشعب السوداني بزيه المميز، وذلك في احتفال كبير أقيم في استراليا وكان خاصاً بطيران الإمارات وتم فيه توزيع جوائز للصحافيين الذين تميزوا وكان شرط حضوره ارتداء البدلة الكاملة «وكان شرطاً قاسيا لي، وكدت أعتذر لكن توكلت على الله وتخليت عن «الجلابية والعمة» لأول وآخر مرة طوال حياتي العملية خارج السودان».

صلاح الدين مصطفى
القدس العربي

تعليق واحد

  1. الزى القومى السودانى كما بعض الازياء القومية الاخرى جميل, ولكنه للاسف لا يصلح لكل الظروف والمواقف فهو ليس عملى.

  2. العمة والجلابية والشال والمركوب فخر لكل سوداني أصيل .. ولا أٌعمم ولكن كل سوداني يتمسك بالزي السوداني فهو إبنٌ بار ..خصوصاً إذا كان خارج ربوع بلادي .. والمسألة تعويده .. بشرط تكون نظيفة ومرتبة وأنيقة والذي يرتديها يكون أيضاً نضيف . وسلام يابلدي يا حبوب

  3. اقترح عدم لبس الجلابيه والعمه واحيانا العراقى بدون جلابيه عندما يعمل السودانيين خارج السودان ومتهنون مهن متواضعه مثل غسيل السيارات او سائقين أو رعاة أكراما للزى

  4. والله كرهتها من اجل هؤلاء القذرين كل ما تذكرها اتصور تفسي لدي لحية وفم عفن
    تف عليك ي ابو دقن

  5. لحد ما تكمل اللف بتاعك دا
    وتجي السودان
    حتلقي الناس عرايا ….. الجلابية والعمة شنو …. دا نكس حيكون في أزمة …. بسبب الكيزان.

  6. الإخوة الذين يقولون أن الزي السوداني غير عملي يجب عليهم مراجعة هذا الفهم فالزي السوداني عملي حسب المهنة فإن كنت ممتهنا مهنة تحتاج للجهد البدني كأن تكون عاملا في البناء والتشييد أو فلاحة الأرض أو ما شابه ذلك فهوليس عملي وإن كانت مهنتك لاتحتاج إلى مجهود بدني كأن تكون معلماأومحاضراأوتاجرا أو موظفا وماشابه ذلك فهذه مهن لاتحتاج إلى الجهد البدني فيمكن لمن يمتهنها لبس الجلابية والعمة وماذا أنتم قائلون في الأفارقة الذين لايستبدلون زيهم الوطني كالنجيريين والتشاتيين يتميزون بلبسهم الوطني في جميع قارات العالم ولماذا نحن هذه العقدة من لبسنا الوطني نحيي هذا الصحفي الأدروبي لإعتزازه بالزي الوطني السوداني .

  7. التحية للأخ أدروب فى حفاظه على الزى الغالب لأهل السودان ( الجلابية والعمة ) فى زمن تخلى فيه حتى كبار السن من ابناء السودان عن لف العمة حتى يوم صلاة الجمعة ..
    ويوم الأحد كنت عائد من الإجازة وفى المطار شاهدت بعض الإخوة داخل الطائرة بالجلابية والطاقية فقط .. منظر سخيف لأنهم كبار فى السن ومن الشياب ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..