الوحيد من نوعه في الشرق الأوسط..?الباص العجيب? يحكي قصة نجاح دبي

دبي – أمل سرور
كنهر يتدفق برفق في أحضان طبيعة خلابة، يشق طريقه متهادياً ليزيد المكان نوراً وجمالاً يدوي في الفضاء .
كأيقونة متحركة نحتتها أيدي فنانة تتباهى بين صور جدران تحمل لنا عبق الماضي الأصيل من بعيد، كعود طيب في مبخرة ساحرة تلونت بأريج العطور المنسابة بين جنبيه .
تراه متهادياً يجوب البحر جيئاً وذهاباً دون كلل أو ملل، يشطره إلى نصفين في اتجاهين متعاكسين متوازيين في انتظام لا هوادة فيه .
كقارب يشق العُباب واثقاً يمشي ملكاً، والأمواج من حوله كالجبال تسايره من كلا الجانبين مفسحة له ليمر بسلام .
تراه كعقد لؤلؤ مصفوف مختارة حباته بعناية ارتدته حسناء ليزدها لمعاناً وبريقاً .
هو ذاك العجيب والكبير الذي يجبرك ويدفعك دفعاً إلى الاستسلام إلى تلك الحالة من الصمت والتأمل والهدوء وأنت تدخل إلى عالمه الساحر وسط أجواء المدينة العالمية “دبي” هو الأوحد والأول ليس في العالم العربي فحسب، بل في منطقة الشرق الأوسط بلا منازع، هو “الباص البرمائي”، إليه ذهبت، ومعه تجولت، وعلى مقاعده جلست وتأملت، فوجدتني أمام تحفة فنية فريدة من نوعها، ويبقى السؤال حائراً هل ينجح قلمي في نقل ما رأيته؟ إذا تحقق فهذا كل ما أتمناه وإن فشلت فليبق لي شرف المحاولة .
“ناجي الأماتوري” هو المفتاح الذي فتح لي أبواب تلك الرحلة عبر الباص العجيب، وهو نفس اللقب الذي تحمله الشركة السياحية صاحبة هذا المشروع الضخم، عندما تحدثت مع ناجي مساعد المدير العام للشركة جاءني الرد بالترحيب لخوض غمار تلك الجولة وزميلي المصور، وبسرعة فائقة كنا في الطريق عبر سيارتنا إليها وتحديداً إلى “مول برجمان” حيث بداية انطلاق الرحلة والمقر الرئيسي لشركة “الباص العجيب” .
ها هي السيارة تعدو بنا عبر الطرق المرورية المشتبكة في وقت الذروة، هانحن ننطلق إليها، تلك المدينة التي تعتبر خلاصة الفكر وحكمة الفلسفة وآية الجمال وقمة الإبهار، أرض الأحلام، ومدينة الفرص، ودائماً صاحبة لقب الرقم واحد،أما عن شعبها فحدث ولا حرج حيث صنف أبناؤها بأنهم اسعد شعوب الأرض التي تحمل لقب “إكسبو 2020″، ها هي دبي تستقبلنا بناطحات سحابها ومراكزها التجارية الضخمة، وهانحن ندخل أبواب “برجمان” لنبدأ رحلتنا إليها وإلى معالمها عبر الباص العجيب .
ما إن وقعت عيني عليه حتى أحسست بأنني على مشارف الدخول إلى تجربة مختلفة ربما تأخذني إلى عالم آخر تماماً، وكأنك امتطيت آلة الزمن بشكلها الأسطوري العجيب، وكأنك بالفعل ستعود إلى الوراء أزمنة عديدة لتشم رائحة القديم وتغزو صدرك رائحة التراث التي تحمل معها عبق التاريخ، إحساس يهاجمك بل يحاصرك، ما إن تقع عيناك على تلك العبارة التي كُتبت على الباص – رحلة لدبي التاريخية – حتى تمتطي مقعدك وتستسلم لحديث المرشد السياحي، وتنتظر اللحظة الحاسمة، تلك التي تأخذك من البر لتنطلق بك إلى عالم البحر، لذا كان لقبه “الباص البرمائي”، لحظة بالتأكيد تثير فضولك وتأملك وتجعلك تقع فريسة لحالة من حالات الانتظار، هكذا وجدتني متلبسة بتلك الأحاسيس، حتى إنني نسيت مهمتي الصحفية وقمت بتأجيلها لحين الاستمتاع بلحظة اقتحام الحافلة لمياه “خور دبي” وهي تلك التي كانت منذ لحظات قليلة تغزو بر دبي وتشق شارع الكويت وشارع الشيخ زايد، وتقف أصوات من يركبونها مهللة بجمال وروعة “فندق برج العرب” .
وها هي اللحظة الحاسمة التي تصطدم فيها عجلات الحافلة بمياه الخور، لتجد نفسك فجأة ودون أي مقدمات بعد أن كنت تشق الطريق الأسفلتي، أصبحت تشق عباب البحر، أصوات الكبار قبل الأطفال الراكبين ذلك البرمائي متصدرة المشهد، وأستسلم لإحساس طفولي من المتعة .
نبحر بين ضفاف تحمل بين راحتيها عبق التاريخ، تستطيع أن تشم رائحة الزمن القديم على الرغم من تلك الأضواء البراقة اللامعة التي تخطف القلوب قبل الأبصار، إلا أن الإحساس بأن صفحات تلك المياه تخفي وراءها الكثير من الحكايات والأساطير لا يفارقك أبداً، فهاهو الجانب الآخر من الضفة، يحمل رائحة تاريخ الأجداد، “مثلث دبي” كما كانوا يلقبونه، والذي كان يعد في تلك الحقبة القديمة من أكبر المراكز التجارية النشيطة والمتطورة في المنطقة نظراً إلى موقع المدينة الحيوي، حيث تقع دبي على شاطئ ميناء طبيعي، ويمثل الخور الذي يمتد عشرة أميال أفضل الموانئ الطبيعية في جنوبي الخليج . تقع عيناي عليه فأسترجع أهميته التي كانت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية لسكان دبي القديمة في هذا الوقت، وخاصة لغواصي اللؤلؤ والتجار وصيادي السمك والبدو الذين كانوا يفدون إلى قرى الساحل موسمياً لمزاولة الغوص والصيد، وهاهي المياه تحمل العبرات التراثية القديمة حاملة معها وعلى متنها ألواناً وملامح ووجوهاً وأحلاماً صغيرة بسيطة تنقلها تلك القوارب الخشبية الصغيرة،على حافة مياه الخور تعبر “العبرات” من ضفة إلى أخرى، في رحلات قصيرة مثابرة صابرة ترسم بها صورة حيوية لمياه الخور، وكأنني أقف أمام لوحة إبداعية، وها هي الأماكن في صورتها البدائية الأولى تطل علينا لتمثل بصمة المياه التي تحمل التاريخ بين جنباتها وضفافها .
ساد الصمت الحافلة فالعيون محلقة متأملة منبهرة بما تراه وما تسمعه من “سامح فوزي” المرشد السياحي للرحلة والذي راح يتحدث بحب وعشق عن تاريخ المدينة، سامح درس السياحة والفنادق، عمق تخصصه بالعديد من الدراسات عن تاريخ دولة الإمارات بشكل عام ودبي بشكل خاص، يقول: دبي تستحق أن يبذل من أجلها الكثير من المجهود، فهي تحمل واجهتين الأولى القديمة والتراثية، والحق أنني لم أر شعباً يفتخر ويحافظ على عاداته وتراثه مثل الشعب الإماراتي، والواجهة الثانية العالمية والمدنية والتقدم في كل المجالات، لذا من الممتع أن يعمل من هم في مثل تخصصي في مهنة السياحة، وأنا أعمل مرشداً في الباص البرمائي منذ 3 سنوات، ونظراً للإقبال الشديد عليه من كل الجنسيات العربية والخليجية والأوروبية، فلقد زاد من خبرتي، وبفضل العمل على متنه استطعت تعلم الكثير من اللغات .
“صديق علي” السوداني الجنسية والذي كان يجلس أمامي منهمكاً طوال الوقت في توثيق الرحلة منذ بدايتها بصحبة زوجته صفاء حسن، انتظرت أن تأخذ عدساته قسطاً من الراحة واستمعت إليه عندما بدأ حديثه قائلاً: تلك هي زيارتنا الأولي لدبي، وأنا من السودان ومقيم في السعودية، وحكى لي الكثيرون عن جمال تلك المدينة ووصفوها بالعالمية، ونصحوني بأن أقضي إجازتي مع أسرتي هنا، والحق أنني أعيش حالة من حالات الانبهار وأكثر شيء أعجبني في ذاك البلد هو النظام الذي تفتقده الكثير من البلدان العربية، أما عن الرحلة فهي تجربة فريدة ومختلفة في حياتي، ولم أخض مثلها من قبل .
“صفاء” قطعت حديث زوجها قائلة : الباص البرمائي متعة لم أشهدها في حياتي من قبل، لا أستطيع أن أصف السعادة التي أشعر بها، حيث أعادتني تلك الرحلة إلى طفولتي، وأكثر شيء أعجبني المعلومات التاريخية التي عرفتها، والتي استفاد منها أولادي، فهي تجمع مابين الهدفين الثقافي والترفيهي .
“هالة حسين” جاءت إلى دبي لقضاء إجازتها تقول: أنتظر إجازتي السنوية من الجامعة لكي أزور الإمارات مع أسرتي، فيها أجد كل ما أريد من تسوق وترفيه ورحلات ثقافية وترفيهية، وتعودت منذ عامين القيام بتلك الرحلة التاريخية عبر مياه خور دبي بالباص البرمائي، بل أصمم على زيارة دبي من أجل هذه الرحلة، خاصة أن فكرة الحافلة التي تسير عبر البر ثم فجأة تنقلني عبر صفحات المياه، فكرة تعجبني بل تبهرني أيضاً، وأكون حريصة على توثيق الرحلة بالصور الخاصة والعامة لملامح دبي لكي أنقلها عبر صفحات التواصل الاجتماعي وأعطي فرصة لأصدقائي حتى يتعرفوا إلى تلك المدينة وأيضاً لكي يعرفوا تفاصيل رحلة الحافلة البرمائية .
“سارة أمين” راحت في حالة من حالات التأمل التي قطعتها بسؤالها عن انطباعها عن الرحلة فأجابت في هدوء: مع تلك الجولة البرمائية وجدت السكينة والهدوء، أحسست أنني انتقلت إلى عالم مختلف وزمن آخر، لا أجد ما أقوله سوى أنني سأكرر تلك الرحلة مرات ومرات فهي أمتع ما رأت عيني .
“أحمد عاطف” قال إن أهم ما شده للقيام بتلك الرحلة هو فكرة المواصلات المائية، لأنها فكرة عبقرية وكأننا دخلنا إلى عالم الأساطير، الرحلة برية وفجأة تتحول إلى بحربة، هذا غير أنها تاريخية تتناول جوانب ثقافية، حيث استفدت كثيراً من جولتي، وعرفت معلومات كثيرة عن تاريخ دبي، وأعتقد أنني سأكرر الزيارة مرات عديدة خاصة أنني من سكان الكويت، وهي قريبة من الإمارات، ولا أبالغ عندما أقول إنني شعرت من خلال تلك الزيارة أنني ذهبت لدولة أوروبية لا عربية، وهذا هو الرائع في مدينة دبي التي بدورها تعتبر من أهم المدن الجاذبة للسائحين، وفخر لنا بأننا كعرب لدينا دولة مثل الإمارات ومدينة في عالمية وثقل دبي .
لم أنس ما إن وصلنا إلى البر وتحديداً إلى “برجمان” حيث انتهت جولتنا أن أستمع جيداً إلى “صلاح فتحي” مدير التسويق بالشركة والذي تحدث عن أهمية المواد الإعلانية التي تستعين بها الشركة لتقديم معلومات عن نفسها سواء كان في الفنادق أو الشوارع، والمطاعم الشهيرة، وحتى الإعلانات التي تقوم بها في مختلف الشركات السياحية في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، وأيضاً الدول الأوروبية .
أصحاب الفكرة والجهات المساعدة
يقول خالد الشاهين مدير عام الشركة التي تدير المشروع وواحد من المواطنين الثلاثة الذين أسسوا الفكرة: لأول مرة في الشرق الأوسط في مدينة دبي مركز المال والأعمال والسياحة ينطلق الباص العجيب في رحلات المتعة والإثارة والمرح ليطوف بزائريه حول بعض من معالم دبي الرائعة، رحلة من خلالها يستمتع السائح بمشاهد خلابة امتازت بها المدينة التي استطاعت أن تجمع بجدارة مابين عراقة الماضي وحداثة الحاضر ورؤية المستقبل المشرق .
وأخذت فكرة المشروع من أستراليا عندما كنت هناك بوجود حافلة برمائية وركبتها واستمتعت بجولتي السياحية من خلالها، وعلى الفور وجدتني أسعى لتنفيذ تلك الفكرة هنا على أرض مدينة دبي التي تشتهر دائماً بأنها الأولى في كل المجالات ومحققة الأرقام القياسية، وبالفعل شاركت اثنين من الأصدقاء الذين اقتنعوا بالفكرة وقمنا بعمل دراسة لذلك، وساعدتنا مؤسسة محمد بن راشد لمشروعات الشباب، ويكفي أن أقول أن مساعدتها المعنوية والدعم الذي قدموه لنا كان بمثابة الأهم من الدعم المادي الكبير الذي ساهم في نجاحنا في هذا المجال .
وكنا من خلال مشروع الباص العجيب الأوائل في الشرق الوسط وليس الدول العربية فحسب، ويكفينا القول بأننا نستقبل كافة الجنسيات العربية والخليجية والأوروبية، والتي تجيء لنا كلما زارت مدينة دبي، ولدينا 3 حافلات وهي مكلفة للغاية فالواحدة منها تقترب من 2 مليون درهم، هذا إضافة إلى الصيانة التي نقوم بها بشكل يومي، ولدينا ما يقرب من 15 رحلة يومية من التاسعة صباحاً وحتى السادسة مساء، ونقوم بدراسة فكرة تطوير المشروع لتكون الرحلات على مدار اليوم، هذا يعني أن لدينا ما يزيد على 700 راكب، ونحمد الله أن المشروع استطاع الفوز بجائزة محمد بن راشد كأفضل مشروع سياحي في دبي لعام 2005 والحقيقة أن ما يشغلنا ليس فقط تحقيق النجاح ولكن الحفاظ عليه .
الخليج
كل الكلام الكتير دا فى بص برمائى !!
طيب لو مشيت ناسا كنت حتكتب كم صفحة
صدمة حضارية !!
الموضوع م محتاج تحكي قصة قدر دا – مقال بي حالوا في باص عجيب – الغواصة البرمائية ما اعجب – بلييييييز ما تحكي لينا تجاربك الشخصية احكيها لاصحابك ما هنا