الحوار السوداني يبحث عن مخرج في أديس أبابا!

محجوب محمد صالح

قبل تسعة أشهر طرح رئيس الجمهورية دعوته لكافة القوى السياسية السودانية وكافة الحركات المسلحة التي تدير حربا ضد الحكومة إلى حوار حر ومفتوح حول قضايا حددها في خطابه في أربعة محاور على أمل أن يتم توافق حولها بين كافة القوى السودانية حتى يخرج السودان من أزمته الراهنة. الدعوة لحوار سوداني شامل وجامع ظلت تتردد منذ استيلاء الإنقاذ على السلطة في السودان قبل ربع قرن من الزمان عبر انقلاب عسكري أطاح بحكومة ديمقراطية منتخبة دون أن يحرز مشروع الحوار تقدماً لأن الحكومة كانت تريد لحزبها الأحادي أن يظل مسيطرا على الدولة، وغاية ما تطمح له اتفاقات ثنائية مع بعض القوى التي تقبل أن تصبح جزءا من الحكم ولا تعارض الهيمنة الكاملة للمؤتمر الوطني على مفاصل الثروة والسلطة.

الجديد في الدعوة التي أطلقتها الحكومة مطلع هذا العام كانت أنها دعوة جاءت من الحزب الحاكم وليس من قوى المعارضة وجاءت في ظروف وصلت فيها الأزمة قمتها بانفصال الجنوب وفي وسط أزمة اقتصادية كانت وما زالت تطبق على رقاب الشعب ووسط موجات ثورية إقليمية أطلقها الربيع العربي الذي أطاح بحكومات وأدخل دولا عربية قاومت التغيير في حروب أهلية مدمرة، وقد رأى البعض أن تلك المتغيرات الداخلية والخارجية هي التي دفعت بالحزب الحاكم لأن يطرح مبادرته ورغم تجارب سابقة تجعل المعارضين يتشككون في مقاصد الحزب الحاكم، ورغم مناخ عدم الثقة السائد فإن كافة القوى السياسية بما فيها حملة السلاح رحبت بفكرة الحوار حلا لأزمة مستحكمة، ورجحت أحداث التغيير سلما وتفاوضا إن كان ذلك متاحا لتجنيب البلاد مخاطر التغيير بوسائل أخرى ولكنها جميعا كانت ترى أن الحل الحواري التفاوضي له مستحقات ينبغي أن تتوفر على أرض الواقع حتى يكون الحوار جادا وقاصدا ومنتجا لتغيير سلمي يؤسس نظام حكم جديد ديمقراطي وحر على قاعدة من المساواة والعدل والإنصاف والتنمية المتوازنة، وسيادة حكم القانون، واجتثاث الفساد وضمان التبادل السلمي للسلطة، وإعمال مبادئ العدالة الانتقالية.

ومنذ مطلع العام والبحث عن المستحقات المطلوبة لإنجاز حوار بهذه المواصفات تراوح مكانها وتصرفات الحكومة لا تعكس جدية في توفير الجو الحر المحايد المطلوب لإدارة حوار حقيقي وترسل إشارات متناقضة؛ حيث تواصل الحصار لحرية التعبير وملاحقة المعارضين والتعسف في اللجوء لقوانين تضمن ليس محاصرة المعارضين فحسب، بل حبسهم في السجون وليس محاصرة الرأي الآخر بل مصادرته وإغلاق منابره.

النتيجة التي وصلنا إليها الآن هي أنه بات لدينا منبران للحوار أحدهما داخل السودان والآخر خارج السودان؛ إذ اضطر رئيس حزب الأمة القومي وأكبر الداعين لحوار مع الحكومة والسعي لتحقيق التغيير عبر التفاوض بعد أن تعرض للتعسف والحبس أن يغادر البلاد ليصل إلى تفاهم مع الجبهة الثورية في باريس، ومن ثم ينخرط في نشاط سياسي مكثف لبناء قاعدة خارجية وتحالف واسع للمعارضين يستقطب حتى الحركات المسلحة، ويواصل اتصالاته مع القوى الإقليمية والدولية، وينسق مع معارضة الداخل في الوقت الذي انخرطت فيه قوى سياسية داخلية في حوار داخلي مع ممثلي الحكومة على أمل أن تدفع بآلية الحوار من الداخل عبر لجنة إدارة الحوار، وتبنت خريطة طريق اشتملت على جزء من مطالب المعارضة لفتح الأفق السياسي لحوار جاد، ولكنها ما زالت أماني على الورق لم تنفذ الحكومة أي جزء منها، وما زال الحجر على حرية التعبير قائما وما زال المحبوسون في السجون وما زالت قرارات لجنة السبعة حبراً على ورق.

لجنة إدارة الحوار ما زالت تواصل مساعيها، وهي تدرك أن للحوار الآن منبرين أحدهما في الخرطوم والآخر في أديس أبابا؛ ولذلك قررت أن تسعى لتجسير الهوة بين الطرفين عبر لقاء مباشر بين مبعوثيها (د.غازي العتباني وأحمد سعد عمر) الأول يمثل أحزاب المعارضة المشاركة في الحوار والثاني الحكومة، وبين قادة الجبهة الثورية الممثلة لحملة السلاح في أديس أبابا بوساطة لجنة امبيكي، ولكن المبعوثين لم تدعمهما الحكومة بتنفيذ أي من توصيات اللجنة حول تهيئة الأجواء للحوار المضمنة في خريطة الطريق والمجازة بموافقة ممثل الحكومة البروفيسور غندور، فما زال الحصار للنشاط الإعلامي والسياسي قائما وما زال المسجونون في محبسهم، ولو كانت الحكومة جادة لنفذت شيئا من تلك القرارات ليحمله المبعوثان معهما إلى أديس أبابا كعربون لجدية الحكومة، ولكننا ?ونحن نكتب هذه الكلمات قبل أن ينعقد اللقاء المرتقب- لا نتوقع له أن يحدث اختراقا في الصراع الدائر، وغاية ما يمكن أن يصل إليه أن يردد المطالب المعروفة سلفا.

أيّ حوار ناجح لحل الأزمة السودانية لا يمكن إنجازه إلا إذا كانت الحكومة مستعدة للتغيير الشامل، وليس لإصلاحات تجميلية للوضع الراهن، وليس في الأجواء ما يشير إلى أن الحكومة وصلت إلى مثل هذه القناعة، وربما كان بعض النافذين في الحكومة على قناعة بالفكرة ولكن ميزان القوى الداخلية لا يسمح لهم بالتعبير علانية بهذا الرأي، وهذا هو ما يفسر حالة الاضطراب الحكومي تجاه الموقف الراهن من تصريحات متفائلة بشأن انطلاق الحوار، وأخرى تريد حوارا بمن حضر، وربما كان الخيار الأخير المتمثل في حوار جزئي هو الخيار الوحيد المتاح للحكومة تحت هذه الظروف.

العرب

تعليق واحد

  1. الحكومه لن تقبل باى حوار ينتج عنه تغيير شامل وتشكيل حكومه انتقاليه نحن نقول للمعارضه عليكم ان تتوحدوا وتشدوا من اذركم والان توجد تحركات كبيره جدا ودعم سياسى واقليمى لكم ويمكن ان يصل للدعم اللوجستى فما عليكم الا تقدموا العمل المسلح الان وليس غدا ان تقدموه على كل مطالبكم حتى تذعن الحكومه والنظام المترهل اصلا فليس هناك بد من ذلك لان هذا النظام لن يسلك الطريق القويم الا عبر البندقيه وان يعرف ان الخطوة القادمه هى العمل عبر السلاح فقط …………………………….

  2. الحركة الاسلامية لن تضحي ولن تترك الامتيازات التي تحصلت عليها خلال ربع القرن الماضي بأخوي واخوي ولا يهمها السودان يتقطع او تنفصل اجزاء اخرى المهم ان تحافظ البرجوازية الاسلامية على الامتيازات المجتمعية والمالية والسياسية التي حصلت عليها.. ولعل هذا ما قاله نافع في زلة لسان عندما ذكر (ان المؤتمر الوطني لن يقوم بتفكيك حزبه للأحزاب الأخرى في حوار بقاعة الصداقة).
    والحركة الاسلامية (المؤتمر الوطني) لها بنية تحتية قوية تحت الارض وفي الظلام وهي تعلم ان خروج جميع الموجودين في السلطة الآن حتى لو تحول جميعهم الى معارضة لن يؤثر فيها لأن الحركة الحقيقية للأخوان المسلمين والحاكمة والمتنفذة في مفاصل البلد هي حركة تحت الارض حركة سرية حركة ماسونية ربما لا يعلم بها الا القليل جداً من افراد الحركة الاسلامية انفسهم وهو الذي دعا الترابي للعودة للقبض على مفاصل الحركة السرية التي اسسها قبل ان تنفلت من زمامه.

  3. اناشد المعارضة الموجودة الان في اديس ابابا ان ترفض اي شيئ يجئ من احزاب الكيزان او حكومة الكيزان الا بتفكيك الحكومة الخيبانة دي والبديل لازم ان يكون حكومة قومية تجمع كل الوان الطيف السوداني . والتي سوف تشرف على انتخابات حره نزيه تفصي الى حكم ديمقراطي رشيد …

  4. سيادة السيد الصادق المهدي …
    رئيس الوزراء الشرعي المنتخب
    رئيس حزب الامة زعيم طائفة الانصار
    التحية لك في المقام الاول على خطوتك الكبيرة بالتوقيع على وثيقة باريس … فهي قد اصبحت وثيقة قومية و تنادي بتوقيع قوى التحالف وا لاجماع الوطني و الشباب بالاضافة لوثيقة الشباب الحر لتكون بنودها مرتكزا اساسيا لمشروع السودان الجديد …
    وما ذكرته في حديثك عن مراراتك مع عصابة الخرطوم وشلة النظام التي احتكرت الوطن و اختزلته في مجموعة حركة الحرامية المحلية و الدولية … فقد تناسيت عن عمد و اصرار في التحدث عن ابنتكم المناضلة الجسورة و البطلة الكبيرة الدكتورة مريم الصادق المهدي و التي مازالت هي و رفيقاتها المعتقلات داخل سجون النظام …
    و ااكد لك ان النظام قد حبسهم تنفيذا لاوامر غرابهم المنافق العجوز غراب الشؤؤم الترابي … كما فعل و نفذ ذلك عليك في عام 89 في حكاية حبسك و القبض عليك و التحقيق معك بعد انقلابه المشؤم على الديمقراطية و حبس نفسه معكم …
    و كان يؤمكم في السجن في الصلاة نهارا و تاتيه التقارير ليلا من كلبه (( قوش )) وحتى حكاية الكرسي ذو الثلاثة ارجل كان امرا مباشرا منه ( ويضحك عليك و على اذلالك ) ولكنك لم تتعظ و تفهم الدرس .
    هذا الرجل يحمل حقدا دفينا على شعب السودان عامة و ال المهدي خاصة … و لكنك لم تفهم الدرس حتى الان …
    يخطط و يدبر منذ السبعينات تحت سمعكم و بصركم … و لكنك لم تهتم او تتعظ و على العكس جاريته بصحوة اسلامية
    اي صحوة و اي اسلامية !!! و تجمع اهل القبلة … اي تجمع و اي قبلة … وهل كنا نحن في نومة اسلامية و هل يصلي اهل السودان في قبل متفرقة … فالسودان به الاسلام قبل ظهورك انت والترابي و سيظل الشعب المسلم مسلما من بعدكم ان تقول انها مرارات مرت بك … و الشعب يقول انه يعيش في جحيم لا يطاق زاق الشعب فيها مرارة القتل و التغذيب و التشريد و الضياع .. والباب قد اضحى لا يفوت جملا كما تقول و لكنه سيفوت الجموع التي ستخرج في قادم الايام ليس من اجل الحوار فقط ولكنها ستنفذ رحيل و محاكمة افراد النظام
    التحية للمناضل ابراهيم الشيخ و المعتقلين الابطال
    التحية للمناضلة الدكتورة مريم الصادق المهدي و المعتقلات البطلات
    و الخزي و العار لبشرى و عبدالرحمن الصادق المهدي
    التحية لكل شهدائنا الابرار
    التحية لشعبنا العظيم الصابر على كل هذه الاهوال
    و الثورة مستمرة و مليون شهيد لعهد جديد و عاش كفاح الشعب السوداني

  5. (د.غازي العتباني وأحمد سعد عمر) الأول يمثل أحزاب المعارضة المشاركة في الحوار والثاني الحكومة. ياحلاوه ما ترسلوا البشير ممثل للمعارضه والترابي للحكومه ودقي يامزيكا

  6. البشير لايمكن ان يسلم رقبته بتلك السهولة هنالك خياران الاول الاجماع على صك براءة للبشير من المحاسبة والملاحقة والثانى التصعيد المسلح والاقتصاص من البشير فى كل جرائمه التى ارتكبهاوليس هناك طريق ثالث عدا استهلاك الوقت .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..