إدعاء جديد لدارفور

إدعاء جديد لدارفور

الصادق المهدي الشريف
[email protected]

?أمس.. أصدر السيد وزير العدل قراراً بتعيين مدّعٍ عام لجرائم دارفور.. ولم يصل نصّ القرار الى الصحف.. بل جآء القرار عبر تصريحات في نهاية إجتماع بين الوزير و د.تيجاني السيسي رئيس السلطة الإنتقالية لإقليم دارفور.
?حينما يأتي الحديث عن (العدالة والجرائم في دارفور).. يجب أن يكون الحديثُ أكثر حذراً.. لأنّ مشكلة السودان مع (العالم/المجتمع الدولي) تقوم على اسس عدلية.
?والأساس العدلي للمشكلة يقف على ساقين متراخيين أحدهما قانوني والآخر سياسي.. الأول هو أنّ القوانين السودانية لا تواكب القوانين الدولية ولا تشمل تشريعات تحاسب على جرائم الحرب ولا الجرائم ضد الإنسانية.. هذه الساق الرخوة حاولت الحكومة أن تشدها من خلال توسيع التشريعات القانونية لتشمل مواداً من القانون الدولي تعاقب على جرائم الحرب والإنسانية.
?والشق السياسي هو قول المجتمع الدولي أنّ الحكومة السودانية ليست جادة في المحاسبة على جرائم الحرب التي حدثت في دارفور.. لهذين السببين تمّ تقديم أوراق دارفور للمحكمة الجنائية.. وبتعيين مدّعي عام تحاول الحكومة أن تغلق تلك الثغرة التي تهب منها ريح الإتهامات الدولية.
?سقتُ هذه المقدمة لانّ قراراً سابقاً كان يُسمى (تعيين مدعٍ عام لجرائم الحرب في دارفور).. وأوضح القرار طبيعة التعيين ومرونة الحركة في جرائم الحرب فقط (حتى انّه لم يقل جرائم ضد الإنسانية).. بمعنى انّ المناوشات القبلية لم تكن ? بالضرورة ? تختص بعمل المدعي.. وأيِّ مشكلات وصدامات لاتكون الحكومة أو الحركات المسلحة طرفاً فيها.. تعتبر كذلك ليست ضمن إختصاصاته.
?المنصب شغله مولانا نمر إبراهيم في العام 2008م.. وكان نمرٌ يرفع تقاريره للمدعي العام لحكومة السودان (والذي هو وزير العدل).. كانت تلك هي الثغرة التي لم يفطن لها صانع القرار.. أو فطن إليها بلؤم.. ثمّ تمّت إقالة نمر لاسباب غير معلومة.
?وتمّ تعيين مولانا عبد الدائم زمراوي.. الرجل الذي أمسك بالملف لفترةٍ قصيرةٍ.. وكان كسلفه نمر.. يرفع التقارير لوزارة العدل.. ثمّ فجأة.. قام بتقديم إستقالته.. ولم تبين وزارة العدل سبباً أو تقدِّم عذراً للإستقالة.
?كلّ ذلك الوقت كان المجتمع الدولي يراقب.. والحكومة تتعامل مع ملف الجرائم في دارفور على (اقل من مهلها).. وليس مبشراً أن يخرج المدّعي الأول بالإقالة والثاني بالإستقالة.
?لكنّ القرار جاء هذه المرة مختلفاً.. فالمدَّعي العام لدارفور.. والذي يستمد سلطاته من تمثيله لمدعي عام حكومة السودان.. لن يرفع التقارير هذه المرة الى وزارة العدل.. بل الى (محكمة خاصة) يتم تشكيلها للبت في جرائم الحرب في دارفور.
?كثير من القانويين يرفضون فكرة المحاكم (الخااااصة).. ويرون أنّ المحاكم العامة تكفل العدالة وتزيد.
?وحينما يقولون ذلك.. يضعون في أذهانهم تجارب المحاكم الخاصة مثل (محكمة سوداتل ? محكمة الضرائب ? محكمة الجمارك ? محكمة النفايات ? وهلمجرا).
?إلا أنّ (الخصوصية) مختلفةٌ هذه المرة.. فالوضع في دارفور يحتاج لمحكمة (متفرغة) من القضايا العامة لقضايا الحرب فقط.. وبهذا المفهوم لا يوجد ما يعيب فكرة (المحكمة الخاصة لدارفور) إلا إذا لم تحسن الحكومة طريقة تعيين قضاتها.

صحيفة التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..