من الذي يحكم السودان

من الذي يحكم السودان

زين العابدين صالح عبد الرحمن
[email protected] .

في تطور خطير جدا للنيل من الحريات الصحفية و تقليص مساحة الحرية و الديمقراطية في البلاد و في ظل أسبوعين أغلق جهاز الأمن و المخابرات السوداني و بقرار صادر من الفريق محمد عطا صحيفة ” ألوان ” التي يرأس تحريرها حسين خوجلي و كان الجهاز قد أغلق قبل أيام جريدة المؤتمر الشعبي و صادرت كل ممتلكاتها و أصولها و تقول حيثيات القضية أن سبب إغلاق الصحيفة جاء للمقابلة التي أجرتها الصحيفة مع الأستاذة لبابة الفضل يوم الأربعاء الماضي و معروف أن الأساتذة لبابة الفضل هي من الشخصيات الإسلامية الناشطة في المجال السياسي و هي تنتمي لحزب المؤتمر الشعبي و في انشقاق الحركة الإسلامية عام 1999 خرجت مع الشيخ حسن الترابي .

الغريب في القضية أن جهاز الأمن و المخابرات قد فتح بلاغا ضد صحيفة ” ألوان” وفقا للمواد (24 و 25 د) من قانون الأمن الوطني لسنة 2010 و هي تخول لمدير الجهاز إيقاف و حجز أي مطبوعة يرد فيها ما يهدد الأمن الوطني. و من خلال هذا القانون يجرد جهاز الأمن و المخابرات السلطات القضائية من سلطتها لآن القانون يخوله أن يتهم و يحكم و ينفذ بنفسه و أيضا اعتقال أصحاب الإصدارة و هنا لا يبقي الحديث عن أية حرية و ديمقراطية باعتبار أن جهاز الأمن هو الذي يتهم و يصادر و يمنع و يحتجز و هذا القانون ليس فقط يصادر الحرية بل أنه يهدم صناعة الصحافة في السودان و يشرد الأسر من خلال قطع أرزاق العاملين فيها و هذا يرجع فقط لتقيم العاملين في الجهاز إذا كانت اتهاماته خاطئة أو كيدية باعتبار أنهم بشر و ليس ملائكة لا يخطئون و يهدف القانون لتدجين الصحافيين و يجعلهم عناصر مطيعة تنفذ رغبة السلطة و لا تمثل سلطة رابعة لنقل الحقائق و تمارس النقد للسلطة التنفيذية و التشريعية و السياسية و حتى السلطة الأمنية إذا خرجت علي القانون أو تجاوزته.

عندما يطالب الناس بتعديل القوانين المقيدة للحريات يقصدون هذا القانون الذي يعطي سلطات إضافية للجهاز و يسلب القضاء سلطاته بمصادرة أو عدم مصادرة و بالتالي يصبح الجميع تحت رحمة هذا القانون في كل ممارساتهم السياسية و الإعلامية و غيرها و لا أدري وجود هذا القانون المقيد للحريات في دولة يعتقد قادتها أنهم فجروا ثورة شبيهة بثورات الربيع العربي قبل عشرين عاما و يحتفظون بمثل هذا القانون و معلوم أن ثورات الربيع العربي قامت ضد مثل هذه القوانين و تجاوزات مؤسسات امن الدولة و أجهزة الأمن التي تأخذ القانون بيدها و تطبقه دون قضاء و مثل هذا القانون غير الديمقراطي ليس فقط يقلص الحريات ولا يسمح بنشر الثقافة الديمقراطية في المجتمع بل أنه يرسخ الشعور بعدم العدالة في البلد مما يولد الغبن و الضغائن بسبب الممارسات غير المبررة التي تتم و التي تعد انتهاكا صارخا للحريات الصحافية و هي في ذات الوقت تعطي قبول لتبريرات الذين يحملون السلاح في مواجهة السلطة باعتبار أن السلطة تغلق كل الأبواب و المنافذ للنقد و حرية الرأي إنها لم تجعل لهم خيارا غير حمل السلاح لنيل حقوقهم الديمقراطية.

و السؤال المهم جدا لماذا في هذه الفترة بالذات التي تشهد فيها تحركات لحركة لإسلاميين و يطلبون فيها بالإصلاح السياسي و الإداري و المالي و غيرها من الإصلاحات التي تطال الدولة و تفك ارتباط الحزب بالدولة يقوم جهاز الأمن و المخابرات بتعطيل صحيفتين تعدان من الصحف ذات العلاقة بالمؤتمر الشعبي؟ اعتقد هناك علاقة قوية بين المصادرة و وقف هذه الأصوات في ظل الظروف الحالية التي تشهد تحركا وسط القيادات الإسلامية و معروف أن أية فك للارتباط بين الحزب و الدولة يعني أن يرجع جهاز الأمن و المخابرات كمؤسسة قومية لا تطلع بالعمل السياسي و لا تأخذ القانون بيدها و كما قلت في مقالات سابقة أن العلاقة بين جهاز الأمن و المخابرات و الديمقراطية هي علاقة طردية كلما برز دور جهاز الأمن و المخابرات و أعطي سلطات استثنائية يشكل ذلك تراجعا عن الحريات و الديمقراطية و كلما توسعت الحرية و مواعين الديمقراطية تراجع دور الجهاز و هذا لا يعني أنني ضد وجود الجهاز بل أكد أن وجوده مهم جدا لأمن البلاد و العمل علي تأهيل و تدريب كل العناصر التي تعمل فيه لكي يكون جهازا قادرا علي المسؤولية المناط بها و ليس دوره فقط متابعة المواطنين و السياسيين و حجر حرياتهم.
اعتقد مهما كانت التبريرات التي يسوقها الجهاز لمصادرة الصحف و أصولها يعد بادرة سيئة جدا و عمل غير ديمقراطية و تقليص للحرية علي الرغم من ضيقها و بالتالي تصبح قضية عامة ليس قضية قوي سياسية فقط أنما قضية كل الذين يتطلعون للحرية و الديمقراطية أينما كانت أحزابهم حتى إذا كانوا جزء أصيلا من الحزب الحاكم هل هم مع تقليص الحريات و رفض الديمقراطية أم هم مع دولة تحكم من خلال جهاز الأمن و المخابرات و في الختام نسأل الله أن يوفق دعاة الحرية و الديمقراطية.

تعليق واحد

  1. الهم لاشماته!! الا هؤلاء فنظن انهم يستحقون لانهم منافقون منافحون !لايكفر ذنبهم التهليل والتطبيل فهم شركاء فيما صنعت اياديهم!!فمن لهؤلاء بالمؤسسات والصحف لولاء تغولهم علي اموال الشعب اكان نافخ الكير خوجلي او سرطان البلاد الترابي!!فلاتبكي عليهم في مسرح العبث فسيعودون اشد فتكا للبلاد والعباد ولو انهم زبحوا ماكفانا!!واي اصلاح يتحدثون عنه!!وهل يصلح العطار مافسده الدهر!!الاصلاح الحقيقي ان يختفوا من دائرة الشان لتتوقف ساقية الفشل والتأمر!!فنحن لسنا فئران تجارب يكررون فيها عبثهم باوطان لايملكون فيها غير ارثهم الكليم!!

  2. الذي يحكم السودان يا سيدي هو الفلسطيني الحقير اسماعيل هينة واللص الأشد حقارة صالح كامل لأننا هؤلاء الحرامية بتاعين وداد بابكر أحقر من أن يقولوا لا لأسيادهم

  3. مصادر حرية الرأي وحجب الصحف باعتبارها مهدد للآمن يدل على سطحية مهنية خاصة وان كل سياسة رئيس جهاز الأمن الحالي تنحصر في خنق الصوت المعارض خاصة في الصحف ،بهذه الإجراءات الصبيانية ?باعتبار أن هناك خطوط حمراء ? ممنوع تجاوزها ? هذه الخطوط لازالت تعيش في ذهن عقلية غير مواكبة لعصر انفجرت فيه المعلومات وشكلت فضاء لا حدود له وهو غير قابل لخضوع إرادة فرد او جماعة – ولم يعد هناك حجر على حرية التعبير – فكل واحد يمكنه ان يغرد ويكتب ما شاء وينشي إذاعة او قناة خاصة به على الشبكة العنكبوتية – فود عطا (مسكين) يناطح الصخر ويحرث في الماء إرضاء لديكتاتور ملاحق قضائيا – ويبدو انه لم يقرأ تاريخ الانتفاضات في السودان ولم يسمع حتى بما جرى بالأمس في شمال الوادي وكيف تلاشت الأجهزة القمعية المحترفة في رمشة عين ولكن دعونا نبشره بنهايته ونهاية من يأتمر بأمره كما بشر مربع
    زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا…. أبشر بطول سلامة يامربع

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..