إلى قوى التغيير: هل نعيدُ اختراع العَجَلَة؟!

الواثق كمير

مقدمة

في وقت تتسارع فيه الخطي المحلية، والإقليمية، والدولية، لمعالجة التركة المثقلة لبلادنا، غدا الحوار بين المكونات السودانية أمرا لافتا للنظر، وجالبا للاهتمام. وكما ظللت أشدد، في كل كتاباتي السابقة، فإن الحوار، بكل مدلولاته المعرفية، والمجتمعية، هو سبلينا الوحيد لتجنب تمزق البلاد، وأقصر الطرق نحو السلام، والاستقرار، وبناء دولة المواطنة السودانية. وقد وفرت وسائط الميديا الحديثة، لقطاعات واسعة من السودانيين، خاصة المتواجدين في الخارج، منابر للتداول الخلاق حول الشأن الوطني. وقد كنت خلال الشهرين الماضيين مشاركا ضمن مجموعة واتساب نشطة من الشباب السودانيين المهتمين، والمهمومين، بقضايا الوطن، إذ لمستُ فيهم حماساً شديداً، وإحساسا عاليا بهموم الوطن، والمواطن السُّوداني. ولهذا كان ذلك الحوار الذي ابتدرته تلك المجموعة عبر الأثير محرضا لي للدلو بهذه المساهمة، بعد طول انقطاع، والتي ما اتمني الا أن تحرك الحادبين من نشطاء شعبنا، وتستثير فيهم كوامن العصف الذهني، ذلك دفعا للقضية الوطنية للإمام، وتحقيقا لتطلعات مواطنينا الكرام.

تتناول هذه المساهمة المتواضعة، ولو بمنظور مختلف و”خارج الصندوق”، موضوعات، وقضايا جوهرية، خاصَّة تلك المتصلة بقضيَّة التغيير، وتحقيق التحول الديمقراطي الحلم، والسلام العادل، وطبيعة الدولة السودانية المنشودة. ولاشك أن نفس هذه القضايا تتداولها مجموعات أخرى عبر “الواتساب، أو الفيس بوك”، أو البريد الالكتروني. كما لا تخلو منتديات السودانيين السياسية، وجلساتهم الاجتماعية العفوية من التعرض بالنقاش، والجدال عما يكابده الناس من فقر، ومشقة، وعسر، وهي كذلك جلسات تتناول أوضاع البلاد السياسية، والأمنية المضطربة، ومآلات المستقبل، وما هو مخبوء في قابل الأيام.

وتهدف المساهمة هذه أساسا إلى تقعيد الحوار، واستثارة الأسئلة حول قضية التغيير، وآلياته، ومآلاته، واستحقاقاته، حتي نتوصل إلي توافق حول مشروع وطني يخرج بلادنا من أزمتها الوطنية المحتدمة. ولو كان لدي أمل هناك، فهو أنني بهذه المداخلة أرنو الي أن يقوم الأخوة والأخوات من أبناء وبنات شعبنا بإكمال ما انتقص من حيلتي للم شعث أطراف، وذيول القضية التي نحن منشغلون بشأنها. وهي قضية تستبطن الكثير من التعقيدات الكأداء، والتعاريج الخفية، بقدر دخولها إلى منعطف حرج، وذلك ما يتطلب منا جميعا المصارحة والمكاشفة، لكي نضمن انتقال بلادنا إلي بر الأمان.

فالحوار في جوهره يدور حول التعلُّم learning وليس الكسب winning، ويقوم على عدَّة افتراضاتٍ، من بينها: أن الآخرين يمتلكون جزء من الإجابة، والبحث عن فهمٍ مشترك، والتوصُّل إلى أرضيَّة مشتركة، والكشف عن فرص، وخيارات جديدة. إن الديمقراطية لن يعلو شانها لتصبح أساسا لحياتنا السياسية إن لم نبدأ من أنفسنا كأفراد، فنتقبل الآخر، ورأيه المختلف، في حواراتنا. مثلما أنه من الأجدر أن نمارس الديمقراطية، ونحتكم لقيمها، وقواعدها بين بعضنا البعض قبل أن نطالب بها الآخرين.

اولا: وحدة المعارضة وإسقاط النظام
يبدو أن هناك تيَّارا عريضا، من بين المنتمين او غير المنتسبين حزبيا، علي حد سواء، شديدُ الحماس لهدفٍ تمَّ تحديده في: المساهمة في توحيد قوى المعارضة السياسيَّة، مدنيَّة ومسلَّحة، على حدٍ سواء، بقصد إسقاط النظام عن طريق الانتفاضة الشعبيَّة.

1. ابتداءً، إن تفصيل وصياغة الهدف في إسقاط النظام ينطوي على مدلولاتٍ سالبة، إذ يُوحي ضمنياً بالتركيز علي الهدم بدلاً عن التعبير الإيجابي، والسعي للبناء والتغيير. فالهدف الذي يجب وضعه نُصْبَ أعيُننا، في رأيي، هو التغيير والتحوُّل السياسي والاقتصادي الاجتماعي، مجسَّداً في التحوُّل الديمقراطي والسلام العادل نحو بناء دولة المواطنة السُّودانيَّة الحقَّة.. أما إسقاط النظام، قد يكون أحد الطُرُق لإنجاز مهمَّة التغيير. حقاً، فقد صدق سقراط – في رواية أخرى Dan – في التعبير عن هذا الموقف بقوله: «سِرُّ التغيير يكمُنُ في تركيز كُلِّ الطاقات ليس علي محاربة ?القديم?، بل على بناء ?الجديد?»!

2. الأهم، هو انه بالرغم من التعريف الدقيق للهدف بهذه الصيغة، إلاَّ أن الواقع السياسي المُعاش، بما في ذلك ظروف المعارضة الحاليَّة نفسها، مقرونة مع قراءة متأنية لوقائع لتجربتي أكتوبر 1964 وأبريل 1985، وكذلك تجارب ?الربيع العربي?، كلها تقدحُ في إمكانيَّة قيادة عمليَّة إسقاط النظام فعلياً عن طريق أحزاب وتنظيمات المعارضة ?الرسميَّة?، وبالتحديد ?قُوى الإجماع الوطني?، مع استثناء القوى الخارجة على التحالف، كما يُلقي بظلال كثيفة عل أطروحة كهذه. فالرِّهان على، وضع كل البيْض في سلَّة المعارضة يقوم علي افتراضٍ غير صحيح، في رأيي، مفاده أن القوى السياسيَّة المعارضة هي التي تتكفَّل بالتخطيط والتدبير وصناعة الانتفاضة المُفضية لإسقاط النظام، ومن ثمَّ تأسيس البديل. ولا يعني ذلك، بأي حالٍ من الأحوال، التقليل من شأن، أو غضِّ الطرف عن وحدة المعارضة، فهي لا شكَّ ركيزة ضروريَّة لتحقيق التحوُّل الديمقراطي والاستقرار السياسي، إنما لم أجد حُجَجَاً قويَّة للتعويل على المعارضة، بتعريفها الضيِّق هذا، لإنجاز مهمَّة الانتفاضة وإسقاط النظام.

3. فمثلاً، ودون تشكيكٍ في دور ومساهمة هذه الأحزاب في ثورتي أكتوبر وأبريل، إلاَّ أن هذه الأحزاب لم تصنع الانتفاضة الشعبيَّة في الحالتين، كما لم تكُن الأحزاب السياسيَّة في مصر أو تونس قد خطَّطت لتنظيم الانتفاضة، أو حتى نادت بها، أو جعلت إسقاط النظام شعاراً لها، إلاَّ بالطبع بعد أن أضحَت الكتابة واضحة على الجُدران. وأيضاً لم تُبادِر بإشعال أو قيادة الثورة الشعبيَّة في البلدين، بل التحقت الأحزاب بعمليَّة الانتفاضة، بعد أن اشتعل الشارع، وصمَّمت الجماهير على الإطاحة بالنظام. لذلك، فكُل التجارب المُقارنة تؤكِّد على أن الأحزاب السياسيَّة ليست هي التي تُسقِط الأنظمة الحاكمة الاستبداديَّة والقمعيَّة، ولكن الشَّعب، بقُواه المدنيَّة المتعدِّدة، هُم الذين يتحمَّلون دائماً مسئوليَّة الإطاحة بالأنظمة الديكتاتوريَّة العسكريَّة، من خلال الانتفاضات الشعبيَّة. وأكرِّر، أن تجربتنا في 1964 و1985، وكذلك تجارب الربيع العربي تدُلُّ بوضوحٍ على أن الأحزاب السياسيَّة لا تقرِّر الانضمام إلى الثورة في الشارع، إلاَّ عندما يتبيَّن لها أن سقوط النظام الحاكم قد بات وشيكاً.

4. وهذا أيضاً لا يعني أن عضويَّة الأحزاب لم تشارك في الانتفاضة ضمن الجماهير الثائرة وقوي الشعب الحيَّة والعاملة في كل المجالات، والشباب والمرأة والطلاب. كما لا يجوز إلا لمكابرٍ أن يُنكر مساهمات الأحزاب السودانيَّة في مقاومة نظامي عبود ونميري ومعاركها التراكُميَّة عبر مجرى النضال العام ضد الحكومات العسكريَّة.

5. من جانبٍ آخر، أنا أفهم أن يكون العمل المسلَّح وسيلة لتحقيق الأهداف السياسيَّة للحركات المسلَّحة، فهي تملك السلاح بغضِّ النظر عن مصدره، ولها المَقدِرَة علي التسليح والتدريب وخوض المعارك، دون اعتبارٍ لفعاليَّتها. ولكنني لا أستوعب كيف تكون الانتفاضة ?الشعبيَّة? سلاحاً تمتلكه المعارضة الحزبيَّة الرسميَّة، وتلوِّح بإشعالها حال رفض النظام الرضوخ لمطالبها. الانتفاضة، بحُكم مُسمَّاها، هي سلاحُ الشَّعب السُّوداني ممثلاً في كل قواه الحيَّة وشبابه على امتداد ربوعه، وهي تعبيرٌ عن إرادة شعبيَّة كاسحة تتجاوز الفَواصِلَ الحزبيَّة، لا يُخَطَّط لها ويصعُبُ التكهُّن بميقات اندلاعها.

6. حقيقةُ، أرى بأنَّ المشكلة ليست في عدم وحدة مُكوِّنات المعارضة، المدنيَّة والمُسلَّحة، بل جوهر الأزمة يكمُنُ في ضَعْفِ مُكوِّناتها المُؤسِّسَة لتحالف المعارضة من أحزابٍ وتنظيماتٍ منقسمة على نفسها إلى فصائل وبطون، لا يسُرَّ حالها لا صديقٍ ولا عدُو، بسبب انعدام الديمقراطيَّة الداخليَّة وضعف – إن لم يكُن غياب – المشاركة الحقيقيَّة في عمليَّة اتخاذ القرار، والصِّراعات حول أجندة ومصالح ضيِّقة، وشُحِّ التواصُل مع قواعدها، إلاَّ في مواسم الانتخابات فقط.

7. فإن كانت جماهير الأحزاب هي حقاً صاحبة القرار، وأن قياداتها تعبِّر بصدقٍ عن أشواق وتطلُّعات قواعدها (مع أن بعض الأحزاب بدون قواعد يُعتد بها)، لما كانت هناك حاجة أصلاً لمجهودات وساطة بغرض توحيد هذه القيادات. فلو كانت قيادات الأحزاب متَّحدة، وفي وحدة مع جماهيرها، لأصبح الطريق معبَّداً نحو وحدة المعارضة في الهدف والفعل السياسي. فالمشكلة، إذن، ليس في توتر العلاقة بين أطرف المعارضة فحسب، ممَّا يستدعي معالجتها، بل في اهتزاز العلاقة بين قيادة الأحزاب المعارضة وقواعدها، وهي الجديرة بالمخاطبة.

8. فالمعارضة كانت على أعلى درجات الوحدة من ناحية الرؤية والبرنامج (مقرَّرات أسمرا للقضايا المصيريَّة، يونيو 1995)، والهيكل التنظيمي على حدٍ سواء، تحت مظلة التجمُّع الوطني الديمقراطي، التي جمعت تحت سقفها الحركة الشعبيَّة والجيش الشعبي والأحزاب والتنظيمات المدنيَّة، والتي بدورها استجابت للعمل العسكري كوسيلة من وسائل ?اقتلاع النظام من جذوره?، فشكَّلت فصائلها المسلَّحة وشاركت في العمليَّات، بغضِّ النظر عن درجة المُشاركة.

9. فهل استطاعت الأحزاب المتحدة سياسياً، والملتحمة ميدانياً مع الجيش الشعبي، إشعال الانتفاضة، ومِن ثمَّ إسقاط النظام، ناهيك عن اقتلاعه من جذوره؟! وذلك، بالرغم من ما لقِيَتهُ المعارضة من تأييدٍ حاشدٍ من قِبَلِ السُّودانيين في الداخل والخارج، خاصَّة بعد نجاح التجمُّع الوطني في التوافُق علي، وحسم التداوُل حول قضايا السُّودان المصيريَّة. هذا، في رأيي، سؤالٌ جديرٌ بالبحث عن إجابة وافية له!

10. وللمفارقة، فإذا لم تستطع الأحزاب السياسيَّة السودانيَّة، خاصة تلك التي كانت مشاركة في الحكم، أن تدافع عن النظام الديمقراطي، وهي على سُدَّة الحُكم وقمَّة السُّلطة، فهل تمتلك القدرة على الحشد والتعبئة لاستعادة الديمقراطيَّة؟! فقد خيَّبت هذه الأحزاب ظنَّ الشَّعب السوداني لإخفاقها في توجيه ولو بضعة آلاف من عضويتها ومناصريها للخروج إلى الشارع في مواجهة حفنة من الضُبَّاط الانقلابيين، وفي تفعيل ?ميثاق الدفاع عن الديمقراطيَّة?، الذي وقعت عليه كل القيادات الحزبيَّة، ما عدا المنتمين للجبهة الإسلامية، في ليلةٍ أمدرمانيَّة حاشدة، في 17 نوفمبر 1985. ولماذا نذهبُ بعيداً، فكل قوى الإجماع الوطني، وأحزابه خاصة، لم تخرُج بخطابٍ واضح يُؤيِّد خروج قواعدها إلى الشارع، وأضحى مسجد الأنصار في ودنوباوي مركزاً للمظاهرات في أمدرمان بغير قرارٍ من قيادة حزب الأمَّة؟! أما شيخ حسن، فقد صرَّح بأن الأحزاب لا تصنع الثورة، ولكن تخطط لما بعدها، كما أن قادة الجبهة الثورية لم يُحرِّكوا جماهيرهم في أطراف الخرطوم بحُجَّة أن جماهيرهم غير مدرَّبة على أساليب النضال السلمي، وهمس بعض قادتها للصحفيين الأجانب: «لن نهز الشجرة ليقطف الثمار آخرون»!

ثانيا: إصلاح حال الأحزاب: التحدِّي الرئيس

1. الآن، يُصبِحُ من الأجدر إعطاء الأولويَّة لبذلِ الجهود من قبل كُلِّ الأحزاب المعارضة حتى توحِّد صفوفها وتلم شملها وتعالج انشقاقاتها، وهي مهام يستحيل تحقيقها بدون التواصُل المنتظم والالتحام مع قواعدها، والتعبير عن نبض جماهيرها ومطالبها وتطلعاتها لمستقبلٍ أفضل. فالجماهير هي مصدر قوَّة هذه الأحزاب الحقيقيَّة، ولكنها ظلَّت مستبعدة من دائرة الفعل، بينما تستخدمها القيادات مطيَّة لتحقيق مصالح ضيِّقة. فالدعوة لوحدة المعارضة ضروريَّة في كُلِّ الأحوال، ومع ذلك، فإن لم تُخاطِب الأحزاب مشكلاتها الداخليَّة وتُؤسِّس كياناتٍ متماسكة، تقوم على العلاقة الشفَّافة بين القيادة والقواعد، فإنها لن تكون مُؤهَّلة حتى لمجرَّد المساهمة الملموسة في تحقيق هدف إسقاط النظام، وهكذا يُصبِحُ السَّعي لتوحيد قوى المعارضة حرثا في البحر.

2. فالتحدِّي الحقيقي الذي تواجهه كل الأحزاب والقوى السياسيَّة، هو الخروج من حالة العُزلة التي تعيشها حالياً، وتعبئة قُدراتها وحَشْدِ كُلِّ طاقاتها، وتسخير إمكانيَّاتها، لبناء هياكلها وإعداد برامجها وسياساتها. والمدخل الصحيح، هُو أن تهيِّئ هذه الأحزاب نفسها لعقد مؤتمراتها العامَّة، وأن تبدأ بالانتخابات في داخلها قبل أن تحسم تحالفاتها ومعاركها مع الغير. فدون اقتناع جماهير هذه الأحزاب بجدوى وفعاليَّة تنظيماتها، لن تستطيع الحفاظ علي عضويَّتها، ناهيك عن استقطاب عضويَّة جديدة. فمُعظم هذه الأحزاب والكيانات السياسيَّة لم تنظم مؤتمراً عاماً منذ أمدٍ طويل، كما أن بعضها لم يعقده أصلاً، والبعض الآخر من الصَّعب تقدير عدد المُنتسبين له! وقد يُعزي المرء هذا الوضع المُتزَعْزِع في الأحزاب السياسيَّة السودانيَّة لما عانته من تاريخٍ طويل تحت هيمنة حُكم الحزب الواحد، الذي ساد في البلاد منذ الاستقلال في عام 1965، والذي شهد حظر الأحزاب السياسيَّة، فضلاً عن المناورة معهم بما ينسجم مع أجندة الأنظمة غير الديمقراطيَّة المتعاقبة. خلال هذا التاريخ المُضطرب، تمَّ حرمان الأحزاب السياسيَّة من الموارد الحيويَّة، سواء الماديَّة أو البشريَّة، مِمَّا جعلها دائماً في حاجةٍ للبدء من الصِّفر في نهاية كُلِّ عهدٍ ديمقراطي.

3. ومع ذلك، لا يجد المرء عذراً للقوى السياسيَّة المعارضة في تضييع الفرصة التي أتاحتها الفترة الانتقاليَّة (2005-2011)، المُترتبة على اتفاقيَّة السلام الشامل، بما أشاعته من حريَّاتٍ نسبيَّة في التنظيم والتعبير والتواصُل مع القواعد. فبدلاً عن تركيز الأحزاب علي مخاطبة ومعالجة مشكلاتها التنظيميَّة، وإعادة بناء لُحمَتِهَا الداخليَّة بعد طول انقطاع عن قواعدها، أضاعت وقتاً ثميناً في توجيه النقد صوب الاتفاقيَّة، خاصَّة قسمة الثروة والسُّلطة. وأصابت الصحفيَّة النابهة، رشا عوض، بقولها: «إن الذي أدَّى إلى تهميش أجندة التحوُّل الديمقراطي في تسوية اتفاقيَّة السلام الشامل ?نيفاشا? هو إخفاقُ المعارضة المدنيَّة المُفترض أن تكون صاحبة المصلحة الراجحة في التحوُّل الديمقراطي، إخفاقها في أن تفرض نفسها كمتغيِّر مستقلٍ في معادلة توازُن القوى» (رشا عوض، تحليل سياسي: إعلان باريس ومعضلة قلب الطاولة علي التسويات المعطوبة، صحيفة ?التغيير? الإلكترونيَّة 20 أغسطس 2014).

4. ينطبق هذا، طبعاً، على الحركة الشعبيَّة – شمال، التي كانت تمارس النشاط السياسي قبل الانفصال باسم ?قطاع الشمال? في إطار شراكة الحركة في الحُكم. فقد تدافعت نحو القطاع أعدادٌ غفيرة في كل ولايات السُّودان، تجلَّت في الاستقبال الحاشد غير المسبوق الذي لقيه الزعيم الراحِل د.جون قرنق في السَّاحة الخضراء. ومع ذلك، فشلت قيادة القطاع في الاستفادة من الظروف المواتية، والموارد المتاحة نسبياً، في تحقيق هدفها الرئيس، المتمثل في بناء حركة شعبيَّة ديمقراطيَّة قويَّة في شمال السُّودان، ويرجع ذلك لإخفاقاتٍ تنظيميَّة ورهن تطوُّر الحركة في الشمال لأجندة الجنوب. وهو أيضاً ما لاحظته رشا عوض، في معرض تحليلها لمُعوِّقات التحوُّل الديمقراطي خلال الفترة الانتقاليَّة، في: «انصراف الحركة الشعبيَّة إلى حدٍ كبير عن قضايا التحوُّل الديمقراطي في الشمال نظراً لهيمنة الأجندة الانفصاليَّة على جدول أعمالها» (رشا عوض، نفس المصدر).. (يمكن الرجوع لمقالاتي السابقة: ?قطاع الشمال: تمثيل مؤسسي أم إشراك مظهري؟ ?-? الشماليون بالحركة الشعبية: تحويل الخصوم إلى أصول?).. ويظلُّ هذا هو التحدِّي الذي يواجه مستقبل الحركة الشعبيَّة – شمال، فإمَّا أن تسعى لتحويل نفسها من جيشٍ شعبيٍ في جنوب كُردُفان والنيل الأزرق إلى حركة سياسيَّة ديمقراطيَّة، منفتحة على الجمهور المدني، أوتكون قد عرَّضت مصيرها إلى اضمحلالٍ، ثم زَوَال.

5. إذن، على كل طرفٍ أن يُصلح حاله أولاً، ويرتب بيته الداخلي، ويقوم بواجبه المنزلي، حتى يتمكَّن من أداء الدور الأصيل والمنوط بالأحزاب السياسيَّة كدعامة أساسيَّة للتداوُل السلمي للسُّلطة والقيام بواجباتها الدستورية في النظام الديمقراطي ?المرتقب?. ولا شكَّ أن هذه القُوى الحزبيَّة تمتلك قواعد شعبيَّة يُعتَدُّ بها، بالرغم من صعوبة تحديد الأوزان بدقَّة، في الوقت الذي تشهد فيه الآن ديناميكيَّة داخليَّة وتحرُّكاتٍ إصلاحيَّة استجابة لمطالب القواعد الشعبيَّة الداعية للمشاركة والشُمول في عملية صنع القرار.

6. ولعلَّنا نُدرِكُ جيداً بأن المؤتمر الوطني لا تهزَّه مواقف القيادات الحزبيَّة، التي خَبِرَهَا وتفاعَلَ معها خلال العقدين ونصف المُنصرمين، بل يهاب ويتخوَّف من قواعدها الجماهيريَّة، ويراقب حراكها وتحرُّكاتها بتوجُّسٍ (الهبَّة الشعبيَّة في سبتمبر 2013). فعلى الأحزاب أن تُثبِت مصداقيَّتها وجديَّتها حتى يلتفَّ الناس حولها، وتطمئن الجماهير العُزْل لقيادتها حين تخرُج إلي الشارع لتواجه البنادق بصدورٍ عارية.

7. ولتعميق الحوار حول هذا الموضوع، والدَّفع به إلى الأمام، أشيرُ إلى دراسة عن سُبُل تقوية الأحزاب السياسيَّة السودانيَّة (الواثق كمير ود. مصطفى بابكر) بطلبٍ من صندوق الأمم المتحدة الإنمائي UNDP والمعهد الدولي للديمقراطية والدعم الانتخابي IDEA، 18 ديسمبر 2006.

ثالثا: المقاومة المسلحة: الجدوى والمآلات

1. وبنفس القدر، تجابه كلٌ من الحركات المسلَّحة ذات المشاكل التي تعاني منها القوى المدنيَّة من احتقاناتٍ داخليَّة واختلالاتٍ تنظيميَّة وتعقيداتٍ في التواصُل مع قواعدها المُباشرة في الأراضي الواقعة تحت سيطرتها، أو مناصريها في بقية أنحاء السُّودان. كما أنَّ هذه الحركات توافقت على العمل المشترك تحت راية ?الجبهة الثوريَّة?، والتي لا تزال، في رأيي، تمثل تحالفاً هشاً، يقوم على التكتيك وليس الإستراتيجيَّة، متنافر المُكوِّنات، وبدون هيكلٍ تنظيمي وإداريٍ فعَّال، مع افتقارٍ ملموس للمُؤسَّسيَّة والخلاف حول القيادة الدوريَّة وفقاً لدُستُورها. وبغضِّ النظر عن إعلان الجبهة الثوريَّة التزامها بتكامُل النضال المسلَّح مع العمل السياسي والمدني، إلا أنه منذ أيام التجمُّع الوطني الديمقراطي، ظلَّ هذا التكامُل مجرَّد شعار وهدف بعيد المنال. كما أنه يفتقر إلى المنهجيَّة الواقعيَّة، أو آليَّة للتنفيذ على أرض الواقع. فالجبهة لم تكشف النقاب عن أي إستراتيجيَّة واضحة في هذا الصدد. كذلك، فانَّ الجبهة ومُكوِّناتها مُطالَبَةٌ بأن تحدِّد أولاً الهدف من المقاومة المسلَّحة لنتيجة المتوقعة، وآفاق وسيناريوهات المفاوضات. فهل تهدف إلى تحطيم القوَّات المسلَّحة السودانيَّة، وفي سياق هذه العمليَّة، تقوم بالاستعاضة عنها بالجيش الذي يُناسب خصوصيَّات السُّودان الذي تسعى لبنائه؟! كانت هذه هي الأطروحة الأصليَّة للدكتور جون قرنق.

2. ولكن، مع تطوُّر الصِّراع المسلَّح ضد نظام ?الإنقاذ? تبيَّن له أن هذا الأمر غير واقعي، ولا يمكن تحقيقه، مِمَّا جعله يتراجع عنه، مُفَضِّلاً التسوية السياسيَّة المُتفاوض عليها. وبالتالي، دعت اتفاقيَّة السلام الشامل إلى تشكيل الوحدات المشتركة المُدمَجَة، كآليَّة لدمج الجيش الشعبي والقوَّات المسلحة السودانيَّة، لتكون بمثابة نواة لجيش السُّودان القومي، في حالة اختيار الجنوبيين لوحدة السُّودان. وكان موقف الدكتور جون قرنق المبدئي، منذ عام 1972، يُشدِّد على أن أي حلٍ في إطار ?السُّودان الجديد? المُوحَّد، يجب أولاً وقبل كل شيء، أن يعترف بالـ?أنيانيا?، والجيش الشعبي في وقتٍ لاحق، كجيشٍ مشروع لشعب جنوب السُّودان. هذا هو بالضبط ما جرى التأكيد عليه في اتفاقيَّة السلام الشامل. فقد كان المنطق الأساسي هو ضمان أن يكون لجنوب السُّودان ?جيشٌ وطني? في حال أن اختار الجنوبيون الانفصال. هذا هو أيضاً بالضبط ما تبيَّن في نهاية المطاف. ولذلك، كانت الرؤية مقنعة وثاقبة، والهدف من الكفاح المسلَّح محدداً بدقة ووضوح.

3. ولكن، يظلُّ هذا النهج غير قابلٍ للتطبيق على الوضع في المنطقتين، إلاَّ إذا كان الهدف النهائي هو توحيد جنوب كُردُفان والنيل الأزرق ودارفور في دولة فدراليَّة جديدة، وهذا أمرٌ يصعُبُ تحقيقه على أرض الواقع، ولم تدعُ له أي من الحركات المسلَّحة.

4. وإلاَّ، فهل يهدف العمل المسلَّح، على شكل حرب عصابات، إلى ممارسة ضغوطٍ متواصلة، جنباً إلى جنب مع جهود المعارضة السلميَّة لبقيَّة القُوى السياسيَّة السودانيَّة، من أجل إسقاط النظام في الخرطوم، أو إرغامه على الاستجابة للتغيير؟! إذا كان هذا هو الحال، يظل من المهم التطرُّق لعددٍ من الأسئلة التي تبحث عن إجابات، ومخاطبة بعض التخوُّفات والهواجس، علي شاكلة: كيف يتحقق ذلك؟! فالتحدِّي الحقيقي الذي يواجه الحركات المسلَّحة (وبقية القوى السَّاعية للتغيير) في هذا المنعطف التاريخي الحاسم، لا تكمُنُ ببساطة في مسألة ?إسقاط النظام?، بل في ?صناعة البديل? المُقنع والمُلهم والقادر على حشد الشَّعب السُّوداني من حوله، وبالتالي تجنب سقوط الدولة السُّودانية نفسها (للتفاصيل، انظُر مقالي بعنوان: ?نحو بناء دولة المواطنة السودانيَّة: إسقاط النظام أم صناعة البديل؟? – المركز العربي للبحوث ودراسة السياسات، الدوحة، مايو 20102).

5. وعلى الرَّغم من محاولات التقارُب المختلفة بين الجبهة الثوريَّة والقوى الحزبيَّة، وصلت لحدِّ توقيع ?ميثاق الفجر الجديد? و?إعلان باريس?، إلاَّ أن هذه الخطوات لم تُسفِر بعد عن تقديم الدَّعم السياسي اللازم للعمل المسلَّح، والذي سبق أن وفَّرته معظم القوى السياسيَّة، تحت مظلة التجمُّع الوطني الديمقراطي، للجيش الشعبي لتحرير السُّودان، والمقاومة المسلَّحة بشكلٍ عام، في التسعينات من القرن المنصرم. فقد كانت لدى الزعيم الراحل، جون قرنق، قناعة كاملة بأن أي من هدفي ?السُّودان الجديد? المُوحَّد، أو ?الانفصال? لن يتحقَّق أبداً بدون مشاهدة ومباركة كُلِّ القُوى السياسيَّة السودانيَّة، خاصة الحزبين التقليديين.

6. تجربة الحركة الشعبية والجيش الشعبي، خاصة بعد اتفاقيَّة السلام والمشاركة في الحُكم، وتخليها عن المثابرة على تحقيق هدفها المُعلن، ?السودان الجديد?، دفعت بكثيرين للتوجُّس من مصداقيَّة الحركة الشعبية ? شمال، وكذلك الحركات المسلَّحة الأخرى، هذه المرَّة. يتساءل هؤلاء: ما هي الحيثيَّات والشواهد على اختلاف قيادات الجبهة الثوريَّة عن من سبقهم من قادة الحركة الشعبيَّة، خاصَّة بعد الوصول للسُّلطة، في نمط التفكير والمنهج والسلوك؟! فأغلب هذه الحركات نهلت من نفس المدرسة، وتمضي سالكة ذات الطريق. إن التحدِّي الرئيس، الذي تواجهه الحركات المسلَّحة، هو مدى مقدِرَتِها على تحويل نفسها إلى حركة (حركات) سياسيَّة ديمقراطيَّة، حتى لا تقع في فخِّ الحركة الشعبية في الجنوب. وبنفس القدر، فإن قيادات الأحزاب السياسيَّة، وقد ظلَّت في الواجهة لعُقودٍ من الزمان، مطالبة بإقناع الرأي العام أن سياساتهم وتوجُّهاتهم قد تبدَّلت بعد استخلاص الدروس من تجاربها الفاشلة، وأنهم لن يعودوا إلى قديمهم!

رابعا: الانتفاضة: هل تُفضي إلى التغيير المنشود؟!
1. مِن منظورٍ آخر، يبدو وكأننا ?نُعيدُ اختراع العَجَلَة? ونبذل جهوداً عظيمة ونُفسِحُ وقتاً مهولاً، كما يقولون، لنمضي في نفس الطريق، وبذات المَسْلَك، لنعيد إنتاج ما حدث في أكتوبر 1964 ومارس/أبريل 1985.

2. ابتداءً، هل سيناريو كهذا يبقي ممكناً وقابلاً للتحقيق؟! أي هل من المُمكِن إعادة إنتاج تجربتي أكتوبر وأبريل؟! وبكُلِّ وضوحٍ، أنا لا استبعد أن ينتفض الشَّعب بإرادته ويخرُج إلى الشارع بكُلِّ فئاته وطوائفه، ففي نهاية الأمر الشَّعب سيِّد قراره. ولكني أبني السيناريوهات، ليس على العمليَّة process، بل على النتيجة النهائيَّة للعمليَّة outcome، بمعنى هل ستُفضي الانتفاضة إلى تفكيك النظام، وهكذا نحو التغيير المنشود، أم ستقود إلى تفكُّك الدولة وتمزُّق البلاد؟! والذي وصفتُهُ في مقالٍ أخير ?الكرة في ملعب الرئيس? بالسيناريو الأكثر ترجيحاً، وما زلتُ، بل أصبحتُ أشدُّ يقيناً، إذ أنَّ الشواهد عليه باتت تتري يومياً. فعلى سبيل المثال، ظلَّت الثورة الشعبيَّة المدنيَّة والمسلَّحة مستمرَّة في سوريا لأكثر من ثلاث سنوات، استشهد خلالها حوالي 200000 سوري، فهل سقط نظام الأسد، أم أن سوريا تسير على طريق التمزُّق؟! واندلعت الانتفاضة الشعبيَّة أيضاً في اليمن، واستمرَّت شهوراً، وبلغت أعداد الشُهداء والمُصابين والمُعاقين الآلاف، ولكنها أيضاً لم تُفلح في الإطاحة بالنظام، بل ارتضت كافة القوى السياسيَّة تسوية سياسيَّة، تنحَّى الرئيس بموجبها، وأخذ نائبه مكانه، مع مشاركة الحزب الحاكم في إدارة عمليَّة انتقال السُّلطة سلمياً.

3. لذلك، فانه يتوجَّب علينا أن نُلقي نظرة فاحصة علي الظروف الموضوعيَّة والشروط الذاتيَّة اللازمة للانتفاضة، والتي توفَّرت في أكتوبر 1964 وأبريل 1985، مقارنة بواقع المشهد السياسي الرَّاهن، وطبيعة وموازين القوي السياسيَّة والاجتماعيَّة. ففي وقتٍ كانت فيه المعارضة في أوج قوَّتها وقمَّة وحدتها، وعلى أعلى درجات التماسُك، علي المستويين التنظيمي والبرامجي، مع تفهُّمٍ ومساندةٍ إقليميَّة ودوليَّة مُقدَّرة في النصف الأخير من التسعينات، لم يغِب عن بالها الصعوبات والعراقيل التي قد تحول دون الانتفاضة.

4. في أواخر عام 1997، وفي معرض تحليله وتقييمه لاحتمالات وقوع انقلابٍ عسكري أو انتفاضة شعبيَّة، حدَّد الزعيم الراحل، جون قرنق، ثلاث عقبات رئيسة أمام الانتفاضة، تجعل احتمال حدوثها ضعيفاً، وهي: أولاً، مشكلة تتعلق بمن يُفترض توجيههم للانتفاضة، خاصَّة الحركة النقابيَّة التي عمل النظام على تحطيم استقلاليَّتها، والأحزاب التي تمَّ اختراقها أيضاً.. ثانياً، في 1964 و1985، أيَّدت جميع القوى السياسيَّة والنقابيَّة بمختلف الأطياف، يميناً ويساراً، الانتفاضة وشاركوا فيها، ولو كل بمقدار، بينما بعد 1989 أصبحت الجبهة الإسلاميَّة في الحُكم وهي تمتلك نسبة مقدَّرة من المناصرين والمُوالين، مِمَّا يُعرِّض المظاهرات الشعبيَّة للقمع المباشر من قِبَلِ قوَّات الأمن، بلباسٍ مدني، لإيذاء وسحق المتظاهرين.. أما الصعوبة الثالثة، فتتصِّل بموقف القوَّات المسلحة السودانيَّة، وبحدِّ قول الزعيم الراحل: «يمكن الاستمرار في التظاهُر لمدَّة أسبوع أو لشهرين أو ثلاثة أو لستة أشهر، ولكن لا بُدَّ من أن تسقط الحكومة».. ولكن، كيف تسقط؟! فسُقُوطها يُحدِّده الموقف الذي يتخذه الجيش. فهكذا، في عام 1964 أعلنت حكومة عبُّود وقف إراقة دماء السُّودانيين في شوارع العاصمة، وأصدرت الأوامر للجيش بالعودة إلى ثكناته. هذه هي الطريقة التي سقطت بها الحكومة. فلابُدَّ أن تكون هناك وسيلة لتغيير الحرس. وفي 1985، أذاع سوار الذهب بياناً في الإذاعة والتلفزيون أعلن فيه قرار الجيش بالانحياز لجانب الشَّعب، ومع أنها كانت كذبة، إلا أن حكومة نميري سقطت بهذه الطريقة. فإن لم تتخذ قيادة الجيش ذلك الموقف الواضح، لما سقطت الحكومة. ففي زائير كانت هناك انتفاضة أضخم ومظاهرات أكثر حشداً مِمَّا حدث في الخرطوم في أي وقتٍ من الأوقات، ومع ذلك لم تسقُط الحكومة، لأن الجيش ظلَّ داعماً للرئيس موبوتو حتي النهاية، وبالتالي لم تنجح الانتفاضة. أما في الوقت الراهن، فلدينا في السُّودان جيشان في داخل ما دُرِجَ على تسميته بــ?الجيش السُّوداني?، فهناك مُكوِّنُ الجبهة الإسلاميَّة وعناصر الجيش?القديم?. فإن حدثت مواجهة صداميَّة بين المُكوِّنين، فستكون الغلبة لعناصر الجبهة الإسلاميَّة، ?إذ لديهم ميزة تفضيليَّة?.. (الواثق كمير، جون قرنق ورؤيته للسُّودان الجديد وإعادة بناء الدولة السودانيَّة، دار رؤى، القاهرة، 2005).

5. فالسؤال الذي يطرح نفسه بشدَّة، هو: هل زالت هذه العقبات، أو حتى قُمنا بدراستها والمُفاكرة حولها، فاستخلصنا أن الظروف أضحت مواتية تماماً للانتفاضة والإطاحة بالنظام؟! هل لدينا، مثلاً، قوَّة بديلة للحركة النقابيَّة ودورها المِفصَلي في انتفاضتي أكتوبر وأبريل في قيادة تنفيذ الإضراب العام والعصيان المدني؟! أم هناك عوامل أخرى أكثر قوَّة وفعاليَّة تُرجِّح كفَّة الانتفاضة وتجُبُّ هذه الصعوبات الثلاث.! في رأيي، أن هذه العراقيل ما زالت قائمة، بل وأصبحت أكثر تعقيداً..
i. أولاً: منذ 1997وحتى الآن، تمكَّن نظام الإنقاذ من إحكامِ قبضته وفرض هيمنته علي الحركة النقابيَّة، والقضاء على استقلاليَّتها بالكامل، وإكمال تبعيَّتها التامَّة للسُّلطة التنفيذيَّة. فالجبهة الإسلاميَّة / المؤتمر الوطني كانت تُدرِك جيداً، من واقع تجربتي أكتوبر وأبريل، أن النقابات تشكِّل رأس الرُّمح والمُحرِّك الرئيس للانتفاضة، فكان لا بُدَّ من تحييدها أو تدجينها بالكامل لصالح النظام، وهي سياسة أتت أُكلِهَا في نهاية الأمر. أما اختراق سُلطة الإنقاذ للأحزاب السياسيَّة، فقد أدَّى إلى، ونجح في، تقسيمها إلى أجنحة متصارعة، بعضها يُشاركُ في الحكومة والبعض الأخر يعارضها.
ii. ثانياً: انعكس هذا التشرذُم على وضع المعارضة نفسها، إذ هي الآن تفتقر إلي التوافُق على إسقاط النظام، حيث يُفضِّل البعض تغيير النظام وإقامة النظام الجديد، وبالتالي غياب إجماع القوى السياسيَّة كشرطٍ أساس لنجاح الانتفاضة. وللمُفارقة، فالمعارضة أيضاً غير متفقة حتى على الحوار، كوسيلة لتفكيك النظام. فالأحزاب المتبقية ضمن قوى الإجماع الوطني ترفُض أي حوار لا يقود للتفكيك، وهناك أحزاب أخرى تشترط المشاركة بإجراءاتٍ مكتملة لتهيئة المناخ وآليَّة تنفيذ مخرجات الحوار، بينما انخرطت أحزابٌ أخرى في آلية (7+7)، وتوافقت على ?خارطة طريق?، (مع الوضع في الاعتبار بأنَّ التحالُفات السياسيَّة في الوقت الرَّاهن على درجةٍ عالية من السيولة وعدم الثبات)، والسُؤال قائم: كيف نُسقِط النظام بينما هناك بعض القُوى الرئيسة التي لا تتفق ابتداءً على مفهوم إسقاط النظام؟! وهل تمتلك القُوى المتبقية تحت مظلة الإجماع الوطني القُدرة على إسقاط النظام لوحدها وبمفردها، حتى ولو نجحت مساعي وجهود توحيد هذه القوى؟!
iii. ثالثاً: يبدو أن جُلَّ النقاش يركِّز على عمليَّة توحيد المعارضة وتأهيلها لقيادة الانتفاضة لإسقاط النظام، بينما أغفل الجانب الآخر، وربَّما الأكثر أهميَّة، المتمثل في عمليَّة انتقال السُّلطة، ومن ثمَّ، نقلها لمن؟! فلنفترض أن الانتفاضة قد اندلعت ووصلت الذُروة، هل نتوقع أن ينحاز الجيش، الذي تشكِّك خطابات المعارضة نفسها في قوميَّته للشعب؟! وهل هذا هونفس الجيش السُّوداني في 1964 و1985؟! ذلك، إضافة إلى أنه، ومنذ حديث جون قرنق في 1997، أنشأت قوَّات موازية جديدة، بما فيها قوَّات الدَّعم السَّريع وقوَّات الدِّفاع الشعبي، وتحوَّل جهاز الأمن الوطني لقوَّة عسكريَّة ضاربة.. وفوق ذلك، المليشيات القبليَّة المنتشرة.. فكيف يتم انتقال السُّلطة في ظِلِّ هكذا أوضاع سائبة؟! وما هي القُوى التي ستتكفَّل بعملَّية الانتقال في ظِلّ ِتعدُّد القوى المسلَّحة والمتصارعة على السلطة؟!

6. فوق كُلِّ ما طرحه جون قرنق من صعوباتٍ تواجه الانتفاضة، فلنُمعِن النظر في التحوُّل الجذري الذي أدخلته الإنقاذ في النظام التعليمي، مِمَّا أفضي إلي إضعاف الوعي والتفكير النقدي واستقلاليَّة الفرد. فالأجيال التي قادت ثورتي أكتوبر وأبريل كانت نتاجاً لتعليمٍ عالي الجودة، مسلحة بمهاراتٍ ومعارف واسعة، ومُلمَّة بأوضاع البلاد ومنفتحة على العالم الخارجي. أمَّا الآن، فالشباب في الفئات العمريَّة من 18 إلى 40 سنة، الذي كان عليه قيادة الانتفاضتين، والمحرِّك الرئيس لثورات الربيع العربي، هُم مَن توفر غالبيَّتهم قاعدة الإسلاميين والمُناصرين لنظام الإنقاذ. ومع ذلك، يشير البعض إلى احتمال اندلاع ?انتفاضة الجوع? أو ?ثورة الجياع? بحَسَب الأوضاع الاقتصاديَّة المتردية، وتدهور الأحوال المعيشيَّة وتفشِّي الفقر. ولكن، هل تُعَدُّ هذه ثورة للتغيير الذي ننشده؟! فالانتفاضة أو الثورة هي نتاجٌ لوعي الجماهير بتظلُّماتها ومطالبها وتطلُّعاتها لمستقبلٍ أفضل، وليست فقط استجابة للظروف الماديَّة القاسية وتدهور الأحوال المعيشيَّة. ففي أكتوبر 1964، كان الاقتصاد السُّوداني قوياً نسبياً، والوضع المعيشي أفضل حالاً، مع ازدهارٍ في أوضاع رأس المال العالمي، ونُمُوِّ طبقةٍ وُسطَى متعلِّمة ومتطلِّعة وطموحة، ولو أن الأوضاع كانت أسوأ في 1985، ولكنها لم تبلغ ما وصلت إليه الآن من بُؤسٍ شاملٍ وقاعٍ سحيق.. أم هل نُخطِّط لصناعة انتفاضة مختلفة الشكل والمضمون هذه المرَّة؟! وحُكماً على طبيعة القوى وأوزانها الجماهيريَّة، هل قُوى الإجماع الوطني، حتى ولو توحَّدت، مستعدَّة لمُنازلة القوى الأخرى في انتخابات ما بعد الفترة الانتقاليَّة، وإن جاءت مبرَّأة من كُلِّ عيب؟!

7. لا شكَّ أن الإطاحة بالنظام، عن طريق الانتفاضة الشعبيَّة، تهدف في نهاية الأمر إلى الانتقال بالشعب السُّوداني إلي واقعٍ سياسيٍ تتغيَّر فيه موازين القوى، وعَقدٌ اجتماعيٌ جديد يُفضي بالبلاد إلي دولة ديمقراطيَّة تعدديَّة، قائمة على حقوق المواطنة المتساوية وحُكم القانون. ومع ذلك، أعتقد بشدَّة أنه أزَفَ الوقت للمراجعة النقديَّة الصارمة، والتأمُّل العميق في نتائج الثورتين في 1964 و1985 مقارنتها بالأهداف المُعلنة، وأن نتعلم من تجاربنا ونستخلص الدروس، بقصد تجنُّب الوقوع في نفس الأخطاء. فثمَّة سؤالٍ آخر يُطِلُّ برأسه ويستدعي التأمُّل والتفكير: ما هي الضمانات هذه المرَّة أن لا تترتب على الانتفاضة أوضاعٌ انتقاليَّة لا تُفضي للتغيير المطلوب، من تحوُّلٍ ديمقراطي وسلامٌ عادل، بل تجهض الانتفاضة وتعود بالبلاد إلى ?الدورة الخبيثة?؟! فقد سبق الشعب السُّوداني الشعوب العربية الأخرى إلى ?الربيع العربي? بتحقيقه لثورتين/ انتفاضتين شعبيَّتين، أسقطتا نظامين عسكريَّين استبداديين.. الشَّاهد، أن الحرب الأهليَّة في جنوب السُّودان ألقت بظلالٍ كثيفة على أسباب ودوافع الانتفاضة الشعبيَّة، كما للحرب الدائرة حالياً في دارفور، كُردُفان والنيل الأزرق تأثير مشابه. ولكن، لم تبلغ الثورة، في التجربتين، هدفها الرئيس في تأسيس واستدامة نظام حُكمٍ ديمقراطي حقيقي، يلبِّي طموحات قوى التغيير، بل ارتدَّت على أعقابها، ليعود حُكمُ الفرد أو الحزب الواحد، ويتعثَّر بناء دولة المواطنة والديمقراطيَّة، المستوعبة لتعدُّد وتنوُّع مُكوِّنات السُّودان السياسيَّة والإثنيَّة والدينيَّة والثقافيَّة، والفشل في معالجة كافة أشكال الإقصاء والتهميش لشعوبه.

8. إذن، الحاجة ماسَّة لإدراك الأسباب التي أدَّت لفشل كلتا الثورتين في تحقيق أهداف الشَّعب مُفجِّر الانتفاضتين، والحوار حولها بعُمقٍ، قبل الشُّروع في تجربةٍ أخرى تُدخِلُ البلاد في نفقٍ مظلم جديد، لا تَكسَبَ القُوى الثوريَّة منها إلا إقصاء على نحوٍ جديد. فموازين القُوى، بقدر تنظيمها وقُدرتها على حشد وتعبئة جماهيرها ساعة انفجار الانتفاضة، هي التي تحدِّد من تؤول له السُّلطة بعد فترة الانتقال. ففي كلتا الحالتين عادت الأحزاب السياسيَّة ?التقليديَّة? للسلطة، بحُكم أنها أكثر تنظيماً، والأهم فهي المُخوَّلة للتنافُس الانتخابي، وهكذا الوصول للسُّلطة وحَصْد ثمار الانتفاضة، وتكييف النظام السياسي وفقاً لحساباتها الحزبيَّة، ومن ثمَّ، الإخفاق في معالجة مشاكل البلاد المتراكمة من منظورٍ وطني، خاصة الحرب الأهليَّة التي توسَّعت رُقعتها الآن. كذلك، قدَّم لنا ?الربيع العربي? درساً مهماً، فبعد سقوط النظام الحاكم، تحقق القُوى السياسيَّة الأكثر تنظيماً الفوز في نهاية الأمر بحُصُولها على نصيب الأسد من قسمة السُّلطة، في مقابل خيبة ظن ?القوى الثوريَّة?. إذن، هل أعدَّت الأحزاب المطالبة بإسقاط النظام العدَّة لما بعد الإسقاط، وحدَّدت موقفها في خريطة توازُن القوي التي ستتشكَّل وفقاً لنتائج الانتخابات؟! بمعنى آخر، هل تمتلك ?القوى الثوريَّة? المبعثرة قوَّة انتخابيَّة voting power يُعتَدُّ بها؟! فقد اعتمدت هذه القُوى في 1964 و1985 على النقابات وشرائح ما أُطلق عليه ?القُوى الحديثة?، ولكن خاب أملها، إذ أوضحت التجربة أن ?النقابة? لا يمكن أن تكون حزباً، أو تلعب دور الحزب في الحياة السياسيَّة.

خامسا: كيف يتم انتقال السُّلطة سلمياً؟!
1. أنا لي رأيٌ قديم، بأن هدف المعارضة ?إسقاط النظام? ظلَّ يشوبُهُ الغُموض، ويمضي دون تعريف دقيق لمعني الإسقاط المقصود، خاصَّة عندما تتحدَّث قيادات المعارضة عن ?تفكيك? النظام عن طريق الحوار في مقابل إسقاطه بواسطة انتفاضة شعبيَّة، قد تحتاج للحماية المسلَّحة. ومع ذلك، يبدو أن إسقاط/تفكيك النظام في نظر المعارضة يعني وضعاً وترتيبات انتقاليَّة كاملة الدَّسم، تديرها القوى السياسيَّة المدنيَّة والعسكريَّة المناوئة، بالاحتكام لمبادئ وثيقتي ?الفجر الجديد? و?البديل الديمقراطي?، تقود إلي تفكيك النظام السياسي برُمَّته وتنظيم انتخاباتٍ حرَّة ونزيهة، على شاكلة الأوضاع الانتقاليَّة التي تنتجها الانتفاضات والثورات الشعبيَّة بعزلِ الحزب الحاكم تماماً، وإقصائه من المسرح السياسي، كما في حالات الاتحاد الاشتراكي السُّوداني والحزب الوطني المصري والتجمُّع الديمقراطي الدستوري التونسي.. (لا يعني ذلك تطابُق الآراء بشأن الانتقال بين كل هذه القوى).

2. أفهمُ جيِّداً أن تفرض المعارضة وضعاً انتقالياً كامل الدَّسم، في حالة نجاحها في الإطاحة بالنظام، سواءً عن طريق الانتفاضة الشعبيَّة أو العمل المسلح، أو الاثنين معاً، وحسمها لآليَّة الانتقال، ولكن يستعصي عليَّ الفهم في التمسُّك بنفس المطلب، حينما يتمَّ التوافُق على انتقالٍ سِلمِي للسُّلطة عن طريق الحوار والتسوية السياسيَّة الشاملة. ولذلك، يُبغِضُ المؤتمر الوطني مجرَّد الإشارة لـ?الانتقال?، طالما ما زال حاكماً ولم تُقصِهِ من السُّلطة انتفاضة شعبيَّة أو يطيح به انقلابٌ عسكري، كما يحسب انتقال السُّلطة، في 1955، 1964، 1985 و2005 حدث في ظرفٍ غير الظرف، وزمانٍ غير ما نعيشه الآن، إذ لا يستقيم في نظره أن يُسلِّم أي حزبٍ حاكمٍ السُّلطة لمعارضيه هكذا على طبقٍ من فضَّةٍ على مائدة حوار!

3. يتوجَّب علينا في هذه المجموعة، وعلى كل المهمومين والمهتمين بالشأن الوطني العام أن نتداول بشفافيَّة ونتناقش بعُمقٍ وتبصُّر فيما إذا كان الانتقال المُكتمِل الأركان خيارٌ على قدرٍ راجحٍ من الواقعيَّة السياسيَّة، على خلفيَّة ما يجابه قُوى التغيير من تحديَّات جِسَام وحاجة ملحَّة لقيام كتلة تاريخيَّة وتيَّار وطني عريض، يصنع بديلاً مقنعاً وجاذباً للجماهير. فأنا اعتقد بشدَّة أن أمر ?الحوار الوطني? المطروح لا يستقيم، ولن تقود نتائجه إلى توافُقٍ وطنيٍ حول كيف ننتقل بالبلاد إلى مستقبلٍ أفضل، وإن شارك فيه الجميع، إلاَّ إذا اتفقت كافة القوى السياسيَّة، بما في ذلك المؤتمر الوطني، وقوى المجتمع الحيَّة على مدى scope التغيير المطلوب في البِنيَة (البِنيَات) السياسيَّة والمُؤسسيَّة للدولة السودانيَّة بعد أكثر من رُبع قرنٍ من الزمان من هيمنة الحزب الواحد علي مفاصل ومؤسَّسات الدولة.

4. وبنفس القدر، من جهة النزاع المُسلَّح، نجد أن معضلة التباعُد في المواقف بشأن ?مدى? مواضيع وأجندة التفاوُض بين الحكومة والحركة الشعبيَّة/شمال، هي التي ظلَّت دوماً تهدِّد المُفاوضات بالانهيار. فالجدل يدورُ حول: هل تقتصر المحادثات فقط على قضايا ?المنطقتين?، كما تنظر الحكومة للأمر، أم مخاطبة النزاع من منظورٍ شامل، بما في ذلك مناقشة المسائل القوميَّة الدستوريَّة، كما ترى الحركة؟! وكما في حالة الحوار السياسي العام، فلن يُكتَبَ النجاح لجولات التفاوُض المرتقبة في الوصول لاتفاقٍ بدون توافُق الطرفين على طبيعة ومدى المُخرجات المتوقعة من المفاوضات. فلكُلِّ طرفٍ تصوُّره وتوقُّعاته لنتائج التفاوُض وطبيعة ومدى التغيير الذي سيُفضي إليه، كما أنه من الضرورة أن يتفق الطرفان على المحطَّة التي ستقود إليها رحلة التفاوُض في نهاية المطاف، فيُقبِلَ كلٌ منهُما على الحوار بعقلٍ مفتوح، وبثقة فيما قد يُسفِرَ عنه من نتائج. هذا ما يجب على المؤتمر الوطني إدراكه.

سادسا: الدولة العلمانيَّة في مقابل الدولة الدينيَّة.. أم دولة المواطنة؟!
1. تعرَّضَت مداخلات المجموعة إلى موضوعٍ في غاية الأهميَّة، هو علاقة الدِّين والدَّولة، كقضيَّة دستوريَّة محوريَّة، يُشكِّل التوافُق السياسي والمُجتمعي حولها إحدى ركائز بناء دولة المُواطنة السُّودانيَّة. إذ لا شكَّ أن السُّودان، بالرغم من ذهاب الجنوب بأغلبيَّته غير المُسلمة، سيظلَّ متنوِّعاً دينياً، مِمَّا يستدعي إعادة صياغة العلاقة بين الدِّين والدَّولة، ومراجعتها معاً، للاستفادة من تجارب الآخرين في التوفيق بين مصادر التشريع ومستحقَّات دولة المُواطنة. ومع ذلك، فقد دار معظم نقاش المجموعة حول هذه القضيَّة من منظور الدولة الدينيَّة، التي يرفُضها الجميع، في مقابل الدولة العِلمانيَّة. وأحسبُ أنَّ الحوار في ضوء هذه الثنائيَّة لن يكون مُجدياً أو مُنتجاً، خاصَّة وأن مثل هذه المفاهيم والتداوُل حولها غير مألوف أو مهضوم لسواد السُّودانيين، بينما الواجب يُملي علينا استخدام لغة يفهمُها المواطن العادي. أودُّ هُنا أن أُشرِكَكُم معي فيما توصَّلنا إليه حول علاقة الدِّين والدَّولة في مداولات ?لجنة رؤية وبرنامج الحركة الشعبية شمال?، التي تشرَّفتُ برئاستها في مايو 2011، والتي لم تَرَ مُخرَجَاتِهَا النُور بسبب اندلاع الحرب في جنوب كُردُفان في 5 يونيو 2011.

2. لقد ظلَّ مفهوم الدولة الدينيَّة عَظْمَة نزاعٍ في السياسة السودانيَّة منذ ستينات القرن الماضي. ورغم صعوبة تطبيقه في بلدٍ متعدِّد الأديان مثل السُّودان، ورغم إلغائه فعلياً في دستور 1998، ما زال الذين يُعاودَهُم الحنين لتلك الرُؤية يتصرَّفون من منطلق أن الدولة السُّودانيَّة الراهنة هي دولة دينيَّة. المُغالطة بشأن فكرة أثبتت التجارب عدم جدواها في مجتمعاتٍ متعدِّدة الأديان لا تفيد أصحابها، ولن تفيد السُّودان في شيء. فإن سيطرة الدولة أو هيمنة أجهزتها الرسميَّة على الدِّين، اعتقاد أو ممارسة وطقوس أو مُؤسَّسات، حسب تجارب السُّودان، لم تُفِدْ الدين في شيء، بل أصبحت وسيلة لتسويغ القهر والاضطهاد السياسي باسم الدين. على أن عدم الاعتراف بالدولة الدينيَّة لا يُنكِر حق أي مجموعة دينيَّة في أن تُعبِّر عن أفكارها سياسياً، وأن تُنشِئ أحزاباً لذلك، تعكس عًبْرَها أفكارها، طالما احترمت هذه الأفكار التعدُّد السياسي، وطالما لم تلجأ إلى مصادرة الحقوق الأساسيَّة للآخرين، وطالما نأت بنفسها عن احتكار الدين من أجل إضفاء طابع مقدَّس على المُمارَسَات السياسيَّة، وكثير منها لا تبيحها الأديان.

3. إنَّ المعالجة السليمة لقضيَّة العلاقة بين الدين والدَّولة والسياسة تشترط التسامُح والاحترام في المُعتقد الديني كمقدِّمة للمُساواة في المواطنة، حيث لا تخضع المعتقدات لمعيار، وعلاقة الأغلبيَّة والأقليَّة. وتشترط أيضاً، إقرار حقيقة أن الدين يُشكِّل مكوِّناً من مُكوِّنات فكر ووجدان شعب السُّودان، ومن ثم رفض كل دعوة تنسخ أو تستصغر دور الدِّين في حياة الفرد وفي تماسُك لُحمة المجتمع وقِيَمِهِ الروحيَّة والأخلاقيَّة وثقافته وحضارته. وتحديداً، يلتزم الجميع بالمبادئ التالية:(أنظر الشفيع خضر، الدين والسياسة، الراكوبة، 28 فبراير 2013)
– المُساواة في المُواطنة وحريَّة العقيدة والضمير بصرف النَّظر عن المُعتقد الديني.
– المُساواة في الأديان، على أن تعترف الدَّولة السُّودانيَّة وتحترم تعدُّد الأديان وكريم المُعتقدات، وتُلزِم نفسها بالعمل على تحقيق التعايُش والتعامُل السِّلمي والمُساواة والتسامُح بين الأديان والمُعتقدات، وتسمح بحريَّة الدعوة السِلميَّة للأديان، وتمنع وتجرِّم استغلال الدينٍ في السِّياسة، أو الإكراه أو أي فعل أو إجراء يُحرِّض على إثارة النعرات الدينيَّة أو الكراهيَّة العنصريَّة في أي مكان أو منبر أو موقع في السُّودان.
– الشعب مصدر السُّلطات والحُكم يَستَمِدَّ شرعيَّته من الدُستور.
– سيادة حُكم القانون واستقلال القضاء ومساواة المواطنين أمام القانون، صرف النظر عن المُعتقد أو العُنصُر أو الجنس.
– ضمان الحقوق والحريات ال

تعليق واحد

  1. ياكمير اسحاق احمدفضل الله فى عمود امس مستدل ب كلامك ده ..( ونفاجأ بأن الكاتب ليس هو أحد دراويش الإنقاذ.. الكاتب هو ــ الواثق كمير ــ من تورنتو.. كندا.. يكتب سبتمبر هذا.. رسالة «إلى قوى التغيير: هل نعيد اختراع العجلة»؟
    .. وما بين الأقواس هو عنوان المقال الأحمر الضخم.. وتحته صورة للكاتب.. الواثق كمير.
    .. وكمير يكتب ليقول حرفاً بحرف أن
    : «سيناريو تفتت الدولة «الذي يعني تمزق البلاد» ليس مجرد فزاعة يستخدمها المؤتمر الوطني لإثناء الجماهير عن الخروج إلى الشارع والمطالبة برحيل النظام..».
    .. ويقول في مكان آخر
    : إذ يمكن لسقوط النظام وما قد ينجم عنه من فراغ في السلطة أن يقود حتماً إلى صراع دامٍ على السلطة من قبل المنظمات المسلحة من أجل السيطرة على الخرطوم و…».
    على انو الانقاذ افضل السيئين….

  2. (سِرُّ التغيير يكمُنُ في تركيز كُلِّ الطاقات ليس علي محاربة ?القديم?، بل على بناء ?الجديد?) والجديد لا ياتى الابمحاربة الفساد والمحاباه و…وقديم الكيزان لايكن ان تبنى فوقه الجديد

  3. ًبعد كل هذا الاسترسال المطول اتتضح الكاتب فى المنفى البعيد ولك أن تعلم الدولة هى انهارت بالفعل وصنفت فى المرتبة الثالثة بعد الصومال وافغانستان من حيث الفشل والفساد العالمى ,فلم يكن شيئ سوى الدجل والشعوزة.
    ثم يجب عليك أن تقول الحق ولاتدفن الرأس فى الرمال,
    1-أن مشكلة السودان هى مشكلة هوية بين أفارفة وعرب من سلالة نبويةملوك وساسة,هم من يقرر مصير السودان والاخرين.
    2-اذا وصل السودانين العرب والافارقة الى قاسم مشرك الدين إلى الله والوطن للجميع يمكن التعايش فى الوطن الواحد.
    3-أن الانغاذ لن تتخلى عن الحكم بالحوار أو التسوية ولواجتمع أهل السماء والارض إلا بقوة السلاح وكان ذلك فى اتفاقية نيفاشا فط خياران؟ لاثالث لهما إما نيفاشا أو خيار الحرب , فبتالى باركة نيفاشاوهى تعلم مصيرها إنفصال الوطن لكن هذا الخيار كان أفضل لأنه يضمن بقائها في السلطة فبتالى فليذهب الوطن.

  4. ومن الصعوبات في المخرج المطروح
    تصور امكانية تسليط الضغوط على النظام بمستوى يجعله امام خيار السقوط او تقديم تنازلات تغير تركيبته( بمعنى انه لن يعود موجود ).
    1. الضغوط البمستوى ده هي مساوية للضغوط المحتاجة لاسقاط النظام، وبالتالي هو مواجه بنفس الصعوبات الموضوعة امام دعاة الانتفاضة.
    2. اذا افترضنا امكانية تحقيق هذه الضغوط، فحتى تقديم التنازلات من النظام في تلك اللحظة لن يجبر القادرين على اسقاطة بتغليب المصلحة والموافقة على التنازلات(( تجربة تنازلات مبارك واستمرار المظاهرات حتى اسقاطة كشرط وحيد )).
    3. المتنازل في النظام يظل سؤال الركن.. من في النظام المقدم للتنازلات بمعنى هل سيقدم الاسلامين البشير كقربان للحوار في نتيجته النهائية بعد انتصار الضغوط..؟
    هل الإسلامين حيشيلوا البشير ويفتحوا الطريق للاصلاح ؟ وبالطبع التصور ده مصاب بنفس مشاكل مواجهة الجماهير للنظام وحيفتح المجال لذات الازمات والمخاطر المرتبطة بالانتفاضة.
    ام حيشيل البشير الاسلاميين ويتحول لرئيس وفاقي( وده مقترح كمير الأساسي الباني عليه مقالوا ده.. مبني على مقاله السابق ) وده بالطبع حيتعارض مع التسوية مع المجتمع الدولي مع صعوبة ايجاد تكييف للتعامل مع مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية ، بالاضافة بارتباط البشير مع مراكز الفساد في الانقاذ وهي مراكز قد تقبل بتحول شكلي يتفادا الازمه الحالية ويخفف الضغط الاقتصادي، ولكن لن تقبل اي تحول يهدد استمرار الامتيازات الاقتصادية ومصالح الفساد، وده بيقود الى نفس ما انتهت اليه نيفاشا تجدد الازمات وانفجارها باشكال اكثر حدة.
    عشان كده بشوف انه بعول على الهداية والتوبة اكثر من استكمال التحليل بتاعو لنهايتو والغوص في التفاصيل وهي نفس التهمة اللي رمى بيها دعاة اسقاط النظام من طرف خفي
    لكن اعتقد المقال يكتسب اهمية شديدة في رفض خيار الانتفاضة لأسباب اكثر عمق حول هل الانتفاضة الشعبية على نمط اكتوبر وابريل هي ممكنة اصلا”، وهل هي بتنتج التغيير المطلوب… يعني انو الانتفاضة مرفوضة مش بالمقارنة مع الحوار مرفوضة لانها لا تؤدي للمطلوب اصلا”… وافتكر ده راي مختلف.

  5. الواثق ظل يلف ويدور حول نقطه واحده وفزاعه يرهبنا بها وهو ان اسقاط النظام او تفكيك الانقاذ يعني انهيار الدوله!
    وانه علينا ان ننتظر تكرم الانقاذ والاسلامويون ليهبونا الحريه والديمقراطيه!
    دون ان يجيب علي سؤال هل المؤتمر الوطني والاسلامويون علي استعداد لاشراك الاخرين في السلطه واجراء انتخابات غير مخجوجه؟ ام هل سيفضي الحوار معهم للوصول للديمقراطيه الحقيقيه؟
    فهل ياكمير بقاء الانقاذ يؤدي الي عدم تفكك السودان حتي ترهبنا بان اسقاطه او ذهابه دون رضاءه سيؤدي الي انهيار الدوله؟
    ان كان بقاء الانقاذ سيؤدي الي نتيجه حتميه وهي تفكك السودان ( وما انفصال الجنوب عنا ببعيد) فمالذي يمنعنا من تجريب اسقاط النظام ولو بفرصة واحد في الميه من انقاذ السودان من التفكك؟
    هل هذه المقالات مدفوعة الاجر! لاني لا افهم كيف تريد منا عدم اقصاء من كانت استراتجيتهم الحزبيه مبنيه علي اقصاء الاخرين وعدم الاعتراف بهم؟ قليل من المنطق حتي تكسب احترام القارئ لن يضير

  6. بعدين نظام الأسد في سوريا لحد الآن ما سقط لأنو الحاصل هناك ما انتفاضة شعبية بالطريقة السودانية المتفردة وإنما الحاصل في سوريا هو ربيع عربي مصطنع كغيرها عبارة عن مجموعات مسلحة من جهات إقليمية ودولية فتضارب مصالح هذه الجهات حول المجموعات والنظام نفسه هي التي أطالت من عمر المعاناة وبقاء النظام ولا أظن هذا السناريو يحصل في السودان.

  7. والله الواثق شكلك بقيت عدمان نفاخ النار والإسهال اللفظي ًتنظير الفارغ المحتوي وبعداك تعال هنا انتقدت كل الأحزاب الا المؤتمر الوطني وكمان الحالة وصلت بيك لدرجة الاستشهاد بالكتاب المغمورين وإنصاف الموهوبين ياخي لو راحية ليك سلطة ابقي راجل واكب ليك الشر واتابط سلاحك زي الرجال ولا كمان بيع نفسك للكيران وانت عارف لباقي القصة

  8. وظل طول الليل يحرث فكرته ولما اصبح فسر الماء بماء فنحن في الهامش انهارت الدولة عندنا منذ ذمن طويل والغريق لا يخوف ببلل

  9. إقتباس….ظللت أشدد، في كل كتاباتي السابقة، فإن الحوار، بكل مدلولاته المعرفية، والمجتمعية، هو سبلينا الوحيد لتجنب تمزق البلاد، وأقصر الطرق نحو السلام، والاستقرار، وبناء دولة المواطنة السودانية.
    هذه العبارة التي كتبتها توضح تماماً ما تسعي إليه والرد عليك بإقتباس أخر مع التعديل
    السيف أصدق نتائج من الحوار…. ففي حده الحد بين الجد والحوار
    يا كمير قل ما شاء ولكن نحن لن نترك دماء أبناءنا المسفوكة تضيع هدراً .

  10. أسوأ ما في شأن السودان الآن النظام القائم والذي فسد من الساس للرأس وعلاج المكشلة يبدأ بإقتلاع النظام من جذوره وبقاء جذرة واحدة ستفسد الحل وتعيد القضية إلى المربع الأول إذن الهم الأوحد اقتلاع النظام الفاسد الظالم القاتل المتهور من اساسه بأي طريقة وباي سبيل ياخي النظام من شدة الفساد والرعونة التي به يأكل بعضه بعضاً بعد أن أكل من في خارجه ولم يجد ما يأكل أقل سبب لذهاب النظام بالدارجي كدهـ راح ليهم الدرب وفقدوا البوصلة واصبح غير معروف من يفعل وبتفويض من يفعل وماذا يفعل ولم يفعل

  11. نحن نتفاوض مع النظام في الخرطوم لوقف الحرب وتحقيق السلام في السُّودان،فهل يعني سؤ ذلك أن أتفاوض فقط مع?القساوسة?وأتجنَّب الحديث مع?البابا?
    نحننتفاوضمعالنظامفيالخرطوملوقفالحربوتحقيقالسلامفي السُّودان،فهليعنيسؤالكأنأتفاوضفقطمع?القساوسة?وأتجنَّبالحديثمع?البابا?
    البس كذلك

  12. كلام الطير في الباقير كتابة كمير,, ذكرتنا بخطاب وثبة بشبش ,,تحتاج الي خبير في الترجمة من اللغة الاردية الي اللغة الغربية الي اللغة العربية بالاضافة للاخطاء الاملائية الفاضحة والكثيرة ,,ايها الكتاب رجاء …رفقا بناوبعقولنا

  13. أخي د. الواثق، يبدو أن المثل الانجليزي Much Cry Little Wool
    ينطبق صورة وصوت علينا معارضة وجماهير
    ربع قرن من الزمان قد مضى، والوطن يتشظى يوما بعد آخر
    وما أخذ بالانقلاب لايسترد إلا بالانقلاب

  14. اقترحت على احزاب تحالف قوى الاجماع الوطنى مافحواه :
    أنه فى ظل وضع السودان الحالى المهدد بالانهيار والضياع لامعنى لنشاط خاص لأي حزب طالما وجود الوطن نفسه مهدد ، ثم ان الاحزاب المكونة للتحالف احزاب صعيفة وليست ذات تأثير ملموس كل على حدا ، عليه ، على كل احزاب التحالف ان تجمد نشاطها الحزبي الخاص وان تنخرط جميعها فى تنظيم سياسي وطنى واحد يعمل على الخروج بالوطن الى بر الامان وهو اقامة دولة ديمقراطية تنعم بالسلام والتقدم والرفاه وهو الهدف الذى ستمتد جهود تحقيقه وربما لعدة دورات انتخابية مابعد اسقاط النظام ، ثم بعد ان يبلغ الوطن بر الامان لاضير ان تعاود الاحزاب نشاطها الخاص كل فى رؤاه التى يراها ، هذا المقترح اسميه ( برنامج بر الامان )

  15. عزيزي الدكتور الواثق رغم تحليلك المنطقي والواقعي والاحاطي يكاد يكون بكل جذور المشكله الا انني اري ان المؤتمر لا يؤمن بالاخرين وانه يوسف هكذا لعلمه بان الازمة ازمة بين النخب تجاه الحكم كما قال غندور ( كلنا نتصارع من اجل الكراسي ) اذن الحوار كما في مقال لي كما يقول اهلنا بالشمالية (سمبهار الله سبمبهار يوصل الكير ينقلب فار ) هذه هي الاشكالية الحقيقية واول اشارة لذلك ما حدث في انتخابات اتحاد الصحفيين الناحية الاخري وقد لمستها وهي النظرة للمستقبل لابد ان تضع المعارضة خريطة المستقيل للاصلاح متدرجة قصيرة ومتوسطه وطويلة وبتفصيل ينزل للقواعد وغني عن القول ان ما هو عاجل جدا لعامة الناس المعيشة الحالية ثم الصحة والتعليم اضف الي ذلك ان المعارضة تغفل جذور الحزب الحاكم الداخلية والخارجية واذا تغلبنا علي الداخلية فكيف باستثماراته بالخارج سيوجهها لخنق الديمقراطية اذا كان في خانة المعارضة …استسهال العودة لدولة ووطن متماسك كما في السابق علي علاته هو ضرب من ضروب الخيال فالوطني لو عاش علي الخرطوم فقط سيتمسك بالسلطه لاعوام طويله صدقني واتفق معك ما لم تتداركنا عناية الله فالتفتيت هو الاقرب والايسر خاصة الولايات الطرفية الشرق والغرب حيث الولاه هناك لدعم ذلك فمن يستطيع ان يقيل ايلا من الشرق !!!او كبر في الغرب وسيكون وكر القبيلة هو البيت القادم للدولة سيبقي وادي النيل وبعضا من الجزيرة واخشي من اسالة دماء باتجاه الوادي في ظل عصبية هوجاء بثارات تاريخية معممه علي كل الشمال كما جاء بمقال الاخ صديق الغالي ونقول نحن كعامة براء مما حدث للسودان ولكن هل هذا كافي لحقن دماء من غليان اخري فائرة بغير اناه !!!المحنة اكبر!!!

  16. لا احد لا يريد لسوداننا ان يخرج سالما من هذه المحنة القاسية. لا احد يريده ان يتفكك وينهار وتعمه الفوضى. وكلنا نطمح لسودان ديمقراطي مستقر تكون المواطنة فيه هى مناط الحقوق والواجبات. ولكن وآه من لكن هذه. هنالك استحقاقت يجب ولا بد من دفعها. دماء الشهداء الذين اغتيلوا بدم بارد، حق اولئك الذين عذبوا في بيوت الاشباح باساليب وحشسة لم يعهدها الشعب السوداني ،اعراض حرائر السودان التى انتهكت بوحشية ودون اي وازع من ضمير ودين وخلق. اموال الشعب السوداني التى نهبت وتحولت الى ارصدة بالبنوك الخارجية وعمارات وفلل ومزارع بالداخل. اذا كانت خارطة طريقك تنطوي على اليات محددة وواضحة وبدون لف دوران لدفع هذه الاستحقاقات كاملة غير منقوصة بدون ذرة من مقولة عفا الله عما سلف فنحن معك قلبا وقالبا. اما دون ذلك نقول لك شكر الله سعيك.

  17. من نكد الدنيا علي الحر ان يري صديقا ما من صداقته بد
    هذا المقار من اكثر المقالات
    موضوعية
    وعمقا
    وجرأة
    و وطنية
    وتحليلا منطقبا
    و رؤية ثاقبة
    حتما سينال سخط الحكومة لانها لا تريد شريكا واعيا يكشف الفساد او يصلح شؤون البلاد والعباد
    حتما سينال سخط الاحزاب لانها لاتريد ان تعترف بضعفها وقصورها وكفرها بالديمقراطية التي تفتقدها في كياناتها الطائفية والعقائدية فالاسلاميون لا يؤمنون بحكم الشعب (الديمقراطية) وعتقدون بان الحاكمية لله واليساريون يعتبرون الديمقراطية احدي افرازات النظام الرأسمالي الليبرالي البرجوازي و الاحزاب الطائفية لا تؤمن الا بسيادة ال البيت بيت الطائفة
    حتما سينال سخط الحركات المسلحة التي تهدف لاحد هدفين
    اما تلبية مصالح ومشاكل جهات معينة دون سائر الوطن
    او الارتزاق والمتاجرة بقضايا المهمشين
    او الهدفين معا
    بقيت جهة واحدة لو كانت حية لسمعت هي القوي الحديثة (النقابات والطلاب والمثقفين ) لكنهم هل يسمعوووووون؟ الله المستعان

  18. “أن السودان يمر بازمة سياسية مستفحلة؛ تضع البلاد على شفير الهاوية، وحذر المشاركون من انقسامات يشهدها المجتمع السوداني على أساس عرقي وجهوي وطبقي، إن السودان أصبح يمر بحالة من الإحباط وفقد الناس الأمل وفي حالة كبيرة من اليأس فضلاً عن انعدام الأمن والاستقرار، مع ازدياد معدلات الجريمة والميل الزائد للعنف بالإضافة إلى أن السودان اصبح يعيش في علاقة مأزومة مع العالم يدفع كلفتها حالياً!!! وان الحوار هو أقل تكلفة للتغيير” -المعارضة السودانية!! والمحاسبة والمساءلة العدلية لأبالسة أئمة النفاق الوطني والكسب التمكيني لا تترك مجالاً للأخوان للتغير الناعم اذن فلا بد من المصادمة ولو بعد حين أين كاودا هيا الى الانتفاضة المحمية!!!!!!!!!

  19. نحن السوادانيين ليه متعبيين انفسنا اذا لم يوحد حزب صالح او معارضةصالحة اوحملة سلاح صالحيين للخروج من ازمة الاسلاميين فلماذا نلا ننخرط كلنا تحت لواء الموتمر الوطني ونقبل بالتوالي السياسي الذي طرحة الدكتور الترابي في اوائل التسعينات ؟
    اني من وحه نظر خجولة لا اري طحينا لكل المقومات السياسية في الساحة فاذا كان الموالاة داخل المؤتمر الوطني تخرج البلد من ازمته الحالية فلنجرب الانصياع علي شرط ان يوفروا للمواطن العيش الكريم دون المساس والسؤال عن الحكم
    فحسب راي الدكتور علي مهمته انه لايوجد مخرج فعندئذ ما قام به الامام المهدي من الاستسلام للخروج من السجن ضرورة حتمية لكل السودانيين حتي يعيشوا في سعادة تحت ظل المؤتمر الوطني والاسلاميين مع التأسلم بافكارهم والانصياع دون الخضوع ومجاراتهم ولو علي سبيل المنفعة لتجنب المضرة للشعب اما اذا اردتم الكرس كما قال الاخ عندور فعليكم يالقتال مثل ذكر الرئيس وعندها ابعدوا من المواطنيين البسطاء لانهم هالكون لا محالة كما فعل ابنائنا في دارفور والنيل الازرق طاع الشعب ولم نكسب الحكم

  20. هذا مقال تخذيلي ليس الا ليت الاخ الواثق قراه بعد كتابته ومقارنته مع ما يجري من تطورات على الارض .. لم يعد حديث المهادنين والملامسين لاشواق الاسلاميين التي باتت تبحر في بحور الياس والتردي ودليلي تصريحاتهم الخائرة البائرة المتناطحة العنترية البهلوانية .. استمعت بالامس للبروف البوني يحتفي بالمقال فحرصت على قراءته فلم اجد شيئا يدعوني للخوض في التفاصيل .. نحترم كل من يدلي برايه بالطبع كقراء للراكوبة الوارفة الظلال فمعذرة د. الواثق

  21. “أن السودان يمر بازمة سياسية مستفحلة؛ تضع البلاد على شفير الهاوية، وحذر المشاركون من انقسامات يشهدها المجتمع السوداني على أساس عرقي وجهوي وطبقي، إن السودان أصبح يمر بحالة من الإحباط وفقد الناس الأمل وفي حالة كبيرة من اليأس فضلاً عن انعدام الأمن والاستقرار، مع ازدياد معدلات الجريمة والميل الزائد للعنف بالإضافة إلى أن السودان اصبح يعيش في علاقة مأزومة مع العالم يدفع كلفتها حالياً!!! وان الحوار هو أقل تكلفة للتغيير” -المعارضة السودانية!! والمحاسبة والمساءلة العدلية لأبالسة أئمة النفاق الوطني والكسب التمكيني لا تترك مجالاً للأخوان للتغير الناعم اذن فلا بد من المصادمة ولو بعد حين أين كاودا!!!!!!!!!

  22. رغم اختلافنا مع بعض النقاط التي وردت في هذه الورقة الا انها بحاجة لقراءة ثانية ونقاش جاد … نرجو ان يتوفر الوقت لاهميتها.

  23. مقال الدكتور الواثق كمير تحليل دقيق و سرد ينطلق من تجربة الرجل في البحث الاكاديمي والتجربة العملية في الحركة الشعبية و قد اختار له مواضيع و عناوين متراكبة على بعضها البعض من مثل وحدة المعارضة و إصلاح حال الاحزاب وكما يمكن مزاوجة جدوى و مآلات المقاومة المسلحة مع الانتفاضة هل تفضي الى التغيير المنشود منتهيا الى كيف يتم انتقال السلطة سلميا و محاور اكاديمية من مثل الدولة العلمانية في مقابل الدولة الدينية أم دولة المواطنة ..الحوار الوطني وختامايدور فيه الجدل عند الدكتور حول ما وقع فيه نفسه من إنذار تحذيري ALERT NOTIFICATION (في سيناريو تفتُّت الدولة وتمزُّق البلاد ليس مجرَّد فزَّاعة يستخدمها المؤتمر الوطني لإثناء الجماهير عن الخروج في الشارع والمطالبة برحيل النظام، وإن لجأ الحزب الحاكم لاستدعائه بغرض التخويف والتخذيل من الانتفاض ضده.)
    د. الواثق صدق الشيخ حسن كما أوردت حين قال ( الاحزاب لا تصنع ثورة و لكن تخطط لما بعدها) و قد تكررت السيناريوهات السياسية في كل الثورات السودانية في تشابهها مع الانقلابات العسكرية في ميلاد شمولية ما و قد تكررت هتافات الشعب باستقبال قادة الانقلابات حينما انسد الافق أمام شمولية الاحزاب بالتغطية بالجدل البيزنطي و البزاءات اليبرالية المنقولة عن البرلمان البريطاني هذا الاستقبال عادة ما ينتقل الى برود جنسي بين الحاكم و المحكوم الى أن تنطلق ثورة أو انتفاضة تسرق في وضح النهار بواسطة شمولية الاحزاب الطائفية .. الوضع الحالي تفردت فيه الانقاذ بقتل الحياة المدنية و السياسية فقد غربلت الخدمة المدنية بمسمى الصالح العام و امتد نفس الغربال الى الجيش وتمت تصفية الجنرالات في مذبحة الافيال و إدخال الدفاع الشعبي الى المعارك بعقيدة دينية لتستمر المقصلة عليهم باعتبار شهداء هذه المرحلة بالفطايس .. و اخطر ما جرته الانقاذ على الحياة السياسية هو تمزيق الاحزاب و النقابات (غندور) و الحركة الطلابية في غياب تام للمعارضة كما أن الحركات و ما أدراك ما المعارضة المسلحة و عموم العمل المسلح لم يجن منه السودان إلا تعميق المشكل السوداني و إقحام التدويل بدءا من الدول المجاورة التي تسند التداخل القبلي معها لتدخل القوى العالمية المساندة لها فتجزرت المشاكل الاقتصادية و السياسية و تكررت القرارات الدولية بمتوالية لم يشهدها السودان من قبل حتى أصبح مطار الخرطوم (السفريات الداخلية و الخارجية) حكرا لبعثات أممية و أفريقية إضافة الى مشاكل الفقر و معسكرات اللاجئين و انهيار القضاء… يجب أن ينصب الجدل السياسي الحالي في البحث عن آلية للتغيير لا الوثوب الى المعضلات المعروفة من هوية و .و الخ

  24. شكرا د.الواثق على هذا التوصيف والتحليل العلمى الدقيق والشامل لأزمة البلاد السياسية

    حقاً مثل هذه الاطروحات العلمية هى التى من شأنها أن تساهم فى حل المشكل الذى تعيشه بلادنا ويعانى أهلنا من نتائجه الويلات العظام.

    أقول لله درك من عالم نحرير.

    أسأل الله أن يمتعك بالصحة والعافية ويرد غربتك وأن يكثر من أمثالك.

  25. فقد سبق الشعب السُّوداني الشعوب العربية الأخرى إلى ?الربيع العربي? …الخ
    نقد هذا المقال يتوقف فى جانب اساس على تعريف(شعب, الشعب)
    الشعب المؤثر صانع الثورة هو ليس مجموعات من الاهالى على مساحة جغرافية.لكنه الشعب العامل المنظم فى مؤسسسات انتاجية. المنتج سواء كان عاملا او بياقة بيضاء يستطيع بناء نقابة ويستطيع الفعل الاجتماعي والسياسي. بشرط ان نسبة عائد اعمالهم على الناتج القومي واضحة. هذا كان الحال فى اكتوبر وابريل. والان لاشئ من هذا يتوفر.والطبقة الوسطى ليست بعددها بل بموقعها وفعاليتها فى نطاق العمل.
    الان , بدلا من ان يكون العمل محور الحياة الثقافية والاجتماعيةوالسياسية. محور الحياة الافكار الهلامية الغيبيات وغير الغيبية. والنتيجة لا شئ. وهذا ايضا ما يرجح الثورة المسلحة.
    والثورة المسلحة فى عالم الاستقطابات المحيط المتفشي تخرج من محركها الوطني لتكون حرب وكالة وتوهان وخراب.
    كانما نحن نتمسك بفهم للثورة انقرضت مقوماته. لا امكانية لتحققه.
    اذن تجدنى اتفق معك. لكن اعتقد انى اليوم فى حالة ياس, ربما سيكون ياسا عابرا فانقلب ضد نفسي وضدك قريبا.

  26. قارن ما جاء في الفقرة 3 ومنها فمثلاً، ودون تشكيكٍ في دور ومساهمة هذه الأحزاب في ثورتي أكتوبر وأبريل، إلاَّ أن هذه الأحزاب لم تصنع الانتفاضة الشعبيَّة في الحالتين، كما لم تكُن الأحزاب السياسيَّة في مصر أو تونس قد خطَّطت لتنظيم الانتفاضة، أو حتى نادت بها، أو جعلت إسقاط النظام شعاراً لها، إلاَّ بالطبع بعد أن أضحَت الكتابة واضحة على الجُدران. وأيضاً لم تُبادِر بإشعال أو قيادة الثورة الشعبيَّة في البلدين، بل التحقت الأحزاب بعمليَّة الانتفاضة، بعد أن اشتعل الشارع، وصمَّمت الجماهير على الإطاحة بالنظام. لذلك، فكُل التجارب المُقارنة تؤكِّد على أن الأحزاب السياسيَّة ليست هي التي تُسقِط الأنظمة الحاكمة الاستبداديَّة والقمعيَّة، ولكن الشَّعب، بقُواه المدنيَّة …………….رأيي، مفاده أن القوى السياسيَّة المعارضة هي التي تتكفَّل بالتخطيط والتدبير وصناعة الانتفاضة المُفضية لإسقاط النظام، ومن ثمَّ تأسيس البديل. ولا يعني ذلك، بأي حالٍ من الأحوال، التقليل من شأن، أو غضِّ الطرف عن وحدة المعارضة، فهي لا شكَّ ركيزة ضروريَّة لتحقيق التحوُّل الديمقراطي والاستقرار السياسي، إنما لم أجد حُجَجَاً قويَّة للتعويل على المعارضة، بتعريفها الضيِّق هذا، لإنجاز مهمَّة الانتفاضة وإسقاط النظام
    بوفيما يلي ما كتبناه في الراكوبة الأسبوع قبل الماضي :

    الصادق المهدي ما زال يتوهم أنه زعيم الحزب الأكبر وبدونه لن تقوم لثورة الشعب المرتجاة قائمة وهذا محض خيال تشاركه فيه للأسف المعارضة ولذلك ظلت تستميله وتسترضيه وتغفر له خطاياه وهو ظل يتقلب في نعمة هذا التقدير الخاطيء يتبسم ضاحكا منهم جميعا حكومة ومعارضة حيث يسعى كل طرف لاستقطابه واستعطافه.
    الأحزاب الكبيرة قد تصنع الانقلابات لكنها لا تصنع الثورات وإن كان من المرجح أن تحصل على نصيب الأسد من الغنائم بعد نجاح الثورة .. الثورات تصنعها الظروف ومتى نضجت فهي ليست في حاجة للمسميات الضخمة للأحزاب أو الشخصيات ولنا في انتفاضة أبريل شاهد حيث ركبت الأحزاب الكبرى آخر عربة في قطار الثورة التي أشعلها الشماشة وكان وقودها الطلاب وأنضجتها الظروف لينحاز لها الشعب بسبب المعاناة ومن ثم الجيش مرغما.
    ثورات الربيع العربي أشعلها بائع مجهول يدعى محمد البوعزيزي من مدينة صغيرة نائية ، لا حزب له ولا خبز .. ما كان يعلم أن عاقبة احتجاجه الشخصي عبر نار أشعلها في جسده النحيل ستمتد لهيبا يحرق أربعة أنظمة عسكرية في أربع دول ويشعل الخوف والهلع فيما تبقى من أنظمة غاشمة تمكنت من استخدام آلتها العسكرية لإخماد ثوراتها .. وما تزال تترقب تجددها فترتجف.
    لذلك علينا ألا نضخم حجم الصادق ولا الميرغني ولا غيرهم .. انتفاضة سبتمبر خرج فيها الغاضبون من القهر والجوع وضيق العيش دون أن تتداعى لها الأحزاب وسيخرج الشعب غدا ما دامت ذات الظروف باقية والحال في تدهور أكبر مما كان العام الماضي .. زيادة المحروقات التي أشعلت سبتمبر يبشرنا بها الآن وزير المالية في يناير المقبل ونبشره بثورة شعبية أخرى لا تبقي ولا تذر

  27. قد صبأ الواثق كمير وصار يخوفنا بما هو أقل شراً مما نحن فيه الآن، فهو يقول بأن التشظي يهدد السودان في حالة ذهاب المؤتمر الوطني بانتفاضة … إن كنت عاجزاً عن إطعام زوجتي وأبنائي وتدبير العيش الكريم والعلاج والتعليم اللائق لأسرتي بينما يعيش البشير وزمرته في رفاهية وكأنهم يحكمون دولة من أغنى الدول في العالم، فهل أتأسف على تشظي السودان؟ وما هو السودان بالنسبة لي؟ أليس هو أسرتي التي أنجبتني وربتني ثم أسرتي التي أعولها؟ فإن عجزت عن مد يد العون لهؤلاء فليذهب السودان والبشير وزمرته إلى الجحيم!! لأن أعيش في سودان مقسم وأنا قادر على إعالة أسرتي ومن يهمني أمره خير لي ألف مرة من أن أعيش في ظل سودان يحكمه البشير وزمرته الحرامية وأنا عاجز عن توفير العيش الكريم لأسرتي أو مد يد العون إلى أمي وأبي في كبرهم بسبب غلاء الدواء والمعيشةّ!!!

  28. ود العمدة انت نموذج مثالي للازمة التي شخصها الدكتور بوعي عالي وتجرد وشفافية متناهية لكن مثلك و للاسف هم كثر في المعارضة والحكومة علي حد سواء لا يحتلرمون وجهات النظر الاخري بصراحة

    انا لم اقرأ مقالا من الاف للياء لا في الراكوبة ولا في جريدة منذ فترة الا هذا المقال الذي شدني بترتيب افكاره الروح الوطنية العالية التي تخللته
    —————————
    شكرا يابو سعد لقد عبرت عني تماما…
    إن اصدق وصف لهؤلاء الذين يهاجمون رؤية الدكتور انهم انتحاريون مثل شمسون الجبار لا مانع لديهم من هد المعبد علي انفسهم وعلي الاخرين .. استدلال اسحق فضل الله بمقال الدكتور لا يقدح فيه وهناك حقيقة اكيدة لا مناص من الاعتراف بها .. اسحق والكيزان لن يرحلو من السودان ولا توجد قوة تستطيع الغائهم … كما ان الكيزان من واقع التجربة لم يستطيعوا الغاء الاخرين .. والوضع الحالي يؤكد ان القيادة الحالية لم يبق لها الا ان تهتف( النظام يريد تغيير النظام ) وما باقي المراوغة الا (حلاوة روح) فقط ان جاز التعبيرلتحسين شروط التسليم .. بكل اسف خطاب الوثبة تم الوثوب عليه في آخر لحظة من قبل الصقور في المؤتمر الوطني ومع هذا كان علي المعارضة في ظل معطيات عجزها عن اي فعل ذا اثر ان تطرق الحديد وهو ساخن بقبول التحدي وحشر النظام في الحوار..الاانها استعصمت بشعارات براقة اشبه بالامنيات فرجحت كفة الصقور داخل المؤتمر الوطني وعدنا بالوضع للمربع الاول.. فتفكيك النظام لن يأتي تبرعا من النظام ولا بضربة واحدة !!!
    احدي تعريفات السياسة هي انها فن الممكن والمال تلتو ولا كتلتو… ياخي الاحزاب السياسية القديمة فشلت في الحكم وفي حل معضلات البلاد والاسئلة التي تواجهها منذ رحيل الاستعمار وهاهي ٢٥ عاما من حكم الانقاذ لم تفلح في احداث التغيير و الاقتراب منه وما ازمة النظام في اكثره الا بفعل العامل الخارجي والاقليمي ..فقليل من التواضع ومعرفة قدر النفس اجدي … وكما ذكرت الاستاذة رشا عوض .. الحوار ايضا هو نضال لا يقل شراسة ولا شرفا عن الوسائل الاخري والوسائل ليست غايات في ذاتها… ارجو الا نساق الي مرحلة شيل الفاتحة علي السودان كما قال المرحوم يس عمر الامام … هناك مقالة سابقة قبل شهور للدكتور عبد اللطيف البوني عن التمكين يوضح حجم التعقيدات التي حدثت لجهاز الدولة وخدمتها المدنية فالمشكلة ليست من يجلس في القصر الجمهوري او علي سدة رئاسة مجلس الوزراء..
    فيا سادتي المعادلة الثأرية الفاضحة هي معادلة صفرية بامتياز… ناتجها صفر ليس الا وهذا لا ينفي ضرورة عدالة انتقالية منطقية… والبشير ليس الوحيد الذي سيواجه العدالة بخصوص حرب دارفور.. فهنالك الجانب الذي احتمي بالمدنيين واتخذهم دروعا بشرية والحساب ولد شئنا ام ابينا ..هي عدالة ولا كوار؟!!
    رعي الله المفكر الوطني الدكتورالواثق الذي تخطي كما العلماء كل انتماء في سبيل الوطن وكاني به زرقاء اليمامة يحذرنا من شجر يسير فهل نستبين النصح قبل ضحي الغد؟ اتمني ذلك
    شكرالله له جهده المخلص

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..