معاك.. مُحصن

معاك.. مُحصن

الصادق المهدي الشريف
[email protected]

?أغرب ما أدلى به وزير العدل عن الحصانة.. وحملته صفحات (التيار) بالأمس.. هو تصريح قديم.. قاله في البرلمان.. ثمّ مشت به الصحف في صدر صفحاتها الأولي.
?فلماذا وجدتُ التصريح غريباً بالأمس؟؟.. هذا عن الحاشية.. حاشية التصريح.. أمّا متنه فيقول انّ 25% من الشعب السوداني يحمل حصانات.
?فِعوضاً عن القوات النظامية في الجيش والأمن والشرطة والنيابة والقضاء.. والتي يكفل لها القانون في كلِّ دول العالم حصانةً تمكنُّها من أداء واجباتها.. وهي حصانة (يُفترض) أن تحميها من تغول الجهاز التنفيذي على إسلوب أداء عملها.
?انظر الى شرطة اسكوتلانديارد وهي تستجوب الوزراء.. والى الشرطة الإسرائيلية وهي تستوجب الرئيس الإسرائيلي في مكتبه.. هذه هي فكرة الحصانة لأجهزة تنفيذ القانون.
?عوضاً عن ذلك صارت الحصانات على قفاء من يشيل.. كلُّ واحدٍ يخرج لك حصانةً.. ويزعق كما في الكوميديا المصرية.. (إنت مش عارف نفسك بتكلم مين؟؟؟).
?وأذكر شجاراً دار في ساحة الشهداء بأمدرمان بين أربعةٍ سمانٍ.. كلُّ واحدٍ كان يظنُّ نفسه أبوعرام (من هو عرام؟؟).. وفي نهاية الأمر أخرجوا جميعاً بطاقات الدفاع الشعبي!!!!.
?والحصن في لسان العرب هو كلّ ما يستر، فالجدران حصن للاسرة، والمرأةُ حِصنٌ لزوجها وهو حِصنٌ لها.
?والحصانة هي ما يُمنح لشخص (وفق قانونٍ ما) ليستره من السؤال، كمثل الحصانة التي تُمنح للدبلوماسيين في غيربلدانهم.. أو التي تمنحها الأمم المتحدة لموظفيها في غير بلدانهم ستراً من قوانين تلك البلدان.
?والحصانةُ بِدعةٌ.. على قول السلفيين.. فما نال الحصانة أحدٌ من صحابة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم.. ولا العُمّال الذين إستعملهم على البلدان هو ومن بعده الخلفاء الراشدين.. هي بدعة.. وهي الى الضلالة اقرب. رغم أنّ لها فوائدها.. كما في حصانات بعض المهن.
?لكنّ قومي لم يرعوا لها حُرمةً.. ولا فهموا لها معنًى سوى الإستعلاءُ على إخوانهم في هذا الوطن.. يخرجونها لبني وطنهم مثلما يخرجُ الحكم الكارت الأحمر لللاعبين.
?تصريحُ وزير العدل يقول بين كلِّ اربعة سودانيين.. هنالك صاحبُ حصانة.. يستعلى على الثلاثة الآخرين.
?والحصانةُ دليلُ هلعٍ.. لا دليلُ طمأنينة.. فمن يمشي بين الناس بلسانٍ لطيفٍ.. وضميرٍ نظيفٍ.. وقلبٍ عفيفٍ.. لا يحتاجُ الى حصانة أكثر من ذلك.
?والعدل.. أعظم حصانةٍ يمكن أن يتحصن بها الحاكم.. فلا العسسُ تحميه إن كان ظالماً جائراً.. ولا الإختباء خلف الحصانات تقيه شرَّ أعماله.. فبقدر كسب يديه يكونُ إطمئنانهُ.
?وكلما زاد عدد الحصانات في بلدٍ ما.. تأكد أنّ الهلع قد إزداد.. قلّت الطمأنينة الفردية.. وتحولت الدولة الى (بوليسية).
?ولكنّ الأنكى.. هو أنّ وزير العدل قال انّ تلك الحصانات أعاقت العدالة.. ووقفت في طريقها.. فلا يكادُ ملفٌ من ملفاتٍ الجرائم يُفتح.. إلا وامتدت إليه يدُ الحصانة لتغلقه.
?فهل ستمنح الحكومة المزيد من الحصانات؟؟.. لتؤكد أنّ الإستقرار ما زال بعيداً.. أم تقلل منها آملةً في فرجٍ قريب؟؟.
?أشهر الحصانات غير الحكومية.. تلك التي حصن بها د.على الحاج آخرين بقوله (خلوها مستورة)..

صحيفة التيار

تعليق واحد

  1. ايها الشاب انك تكتب في زمن صعب فيه الحديث الحر الذي لا يجامل ولا يهادن لمصلحة شخصية بل للبلاد والعباد ان قلمك هو شرفك والكلمة الحقيقة هي كالسيف تعجب من تعجب وتخيف من تخيف لاكنها لا تخرج الا من بنان جريء وقلب متحرر من الخوف والتحيز الاعمي اننا نحسبك صادقا ومهدي وشريف قلمك لا يباع وعقلك لا يخدم مصلحة ولا تشفي في الغير نتمني ان يستمر هذا اليراع بمثل الينبوع الفياض ليسقي وينتج ثمارا لفائدة هذا البلد فيسعد اهله بعد شقاء طال عهده
    اللهم امين يا رب العالمين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..