العافية درت: موسم الحصاد.. العنكوليب ولوبا عفن الما بندفن

القضارف ? حسن محمد علي
مطر البُخات، يقال إنه آخر الخريف، أو العوا والسماك، تبدو السماء كأنها تودع بذورا نسيتها بعض الغيمات ولم تظلل الأرض تحتها، أمطار الخريف الأخيرة، كأنها دموع الوداع ترسل قطراتها وحبيباتها، على الجميع أن يهيئ نفسه لرحلة الحصاد، لموسم القروش الجديدة التي تغزو الأسواق، وتملأ الجيوب وتسدل السعادة على وجوه التربالة الكادحين، الخريف ليس أوله فقط من يمنح النسمات والعبير، آخره أيضاً حصاد وفير وخير يخفف معاناة الوحل والطين.
في القضارف تنشط هذه الأيام حركة الحصاد، صبية صغار يوفرون مصروف أسرهم، وكذا كبار يقدمون أحلى ما تنتظره أسواق القضارف من خيرات الخريف الجميلة، الناس تتحلق حول بائع الفول, واللوبيا, وتنتظر منه أن يطلق صافرته معلناً أن الإنتاج الجديد قد أضحى في متناول الجميع.
موسم جيد :
عاشت ولاية القضارف هذا العام موسماً زراعياً فوق العادة، وهو بذلك يحقق رغبات المزارعين الذين هم غالب مواطني الولاية، نجاح الموسم الزراعي تشعر به على وجوه المزارعين، وتعبيرات الرضا، وأيضاً على الأسواق التي يغطيها الإنتاج ويفيض بكل جنباتها، الريف يبدو غارقا حتى النهاية في جمع كل تفاصيل الخريف من بداياته وحتى النهايات، وهو الموسم المهم لأهل الريف حيث يكتنزون منه قوت العام لعاديات الدهر ومشاكل الاقتصاد المركزية، فالنسوة منذ وقت طويل هناك بدأن في لقيط الويكة وتجفيفها لتصبح جاهزة، بعض منها للتخزين والآخر لأسواق المدن، وانخرطن في زراعة الفول السوداني وهذه الأيام حصدنه وهو يغرق الأسواق بإنتاج السنة الذي تبدو عليه آثار التربة والقلع الحديث وكذا بقية المنتجات المهمة التي عادة ما تظهر عقب انقضاء الخريف وحلول موسم الحصاد.
عنكوليب بشرايا :
بدأت حزم “العنكوليب” وهو المحصول الذي يشبه قصب السكر ويختلف في أنه أكثر هشاشة وأمضى طعماً، بدأت حزمه تغزو الأسواق هذه الأيام، تشتهر مناطق مثل الحمرة في جنوب القضارف بأنها من أشهر مناطق إنتاج العنكوليب، فيما تبدأ أسعار العنكوليب عالية وما تلبث أن تتراجع لإغراق الأسواق منه، الحزمة الملقاة في قارعة أحد شوارع سوق القضارف يقول بائعها الرضي حسن: “الربطة بمائة جنيه، لكن هنالك أيضاً تجار قطاعي للعنكوليب يقومون ببيعه داخل الأحياء في القضارف بواقع جنيهين للعنكوليبة الواحدة”، عرف العنكوليب بأنه إحدى أهم متلازمات مجالس أنس الحصاد في الليالي المقمرة حيث يتجمع العشرات من الشباب في ساحات كبيرة للأنس وأكل العنكوليب حتى ساعات الليل المتأخرة، بينما تحظر الأسر أكله على الأطفال وهو في بداية إنتاجه ويحذرونهم بأنه يسبب الملاريا، وهي أسطورة قديمة كذبتها نسب الوعي التي تزايدت في المجتمعات. لا تخلو كل السيارات القادمة من السوق ناحية الأحياء هذه الأيام من حزم العنكوليب، ويصبح تماماً كفاكهة أساسية في معظم البيوت.
لوبا عفن الما بندفن :
هو الآخر بدأ في غزو الأسواق فـ(اللوبا) أو اللوبيا أحد منتجات خريف القضارف المهمة ويدخل كغذاء رئيس وحده أو مضافاً لأطعمة أخرى مثل وجبة “النعيمية”، بينما يفضله آخرون وهو حديث الإنتاج بالماء الحار والملح، وحسب المزارعين فإن اللوبيا اشتهر باسم (لوبا عفن الما بندفن) لجهة أنه سريع النمو ولا يمكث كثيراً في باطن التربة، تحتفظ معظم الأسر السودانية باللوبيا في منازلها بصورة كبيرة وتبدأ منذ لحظة خروجه للأسواق في شرائه بكميات وافرة، ويباع المحصول المشهور بشكله اللولبي وحبيباته البيضاء الناصعة بواقع (5) جنيهات للكوز الواحد، بينما تباع الكيلة منه بحوالي (50) جنيها.
الفول فولي:
على ظهر الحاملات الصغيرة “الدرداقات” تجد العشرات من الصبية والكبار يجوبون سوق القضارف هذه الأيام محملين بمحصول الفول السوداني، وهو الأهم في الاستهلاك المحلي لجهة أن شريحة كبيرة تستخدمه خاصة الفول الجديد أو فول السنة، وفي الآونة الأخيرة انتشرت استخدامات الفول السوداني واكتسب شهرته العالمية بهذا الاسم، وقليلاً ما تخلو أيادي مرتادي السوق والأماكن العامة من أكياس الفول أو لفافاته الورقية، كمشهٍ وهاضم سريع للطعام أو (وجبة نص) لمن يرجعون إلى بيوتهم في نهاية يوم طويل من العمل، تشتهر نسوة الصعيد بزراعته والاعتناء به جيداً حتى موسم التسويق، وفي بداياته يدخل الأسواق في شكل “خبت” صغيرة من الخيش، وهو محصول يحقق عائداً مجزياً لزارعيه، وفي الآونة الأخيرة توسعت مناطق زراعته كثيراً، وأصبح الذهب الأخضر للنساء الريفيات.
اليوم التالي
شيخ حسن … السلام عليكم خضر الله ايامك … رجعتنا لزمن بعيد عشناهو نحن اطفال … ذاك هو السودان اهله الطيبون وارضه المعطاء وماءه العذب الزلازل … اللهم ادم هذه النعمة واحفظها من الزوال .. ولن شكرتم لازيدنكم ؟ وابعد عنا خبث اهل السياية … الله يسوس عظامهم وكسر كرعينهم ويكفينا شرهم
ليت السودان كله كالقضارف لكى لا يجوع الناس وحتى يشبع الجائعون من خيرات ارض السودان المليئة بالخير أبعد الله عنها إخوان الشياطين ..