ارتفاع سعر الألبان في الخرطوم.. الحليب يستعصي على الفقراء

تقرير: عبد القادر العشاري
يبدو أن رفع الدعم عن المحروقات في العام الماضي، وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، قد ألقى بظلاله السالبة على أسعار السلع الاستهلاكية، والتي تأتي على رأسها أسعار أهم سلعة استهلاكية لأهميتها الحيوية والغذائية خاصة للأطفال.
لكن ثمة تساؤلات حارقة في الأمر، فهل يعقل أن ترتفع أسعار اللبن إلى هذا المستوى في بلد عرفت بأنها زراعية وغنية بالثروة الحيوانية كما عرفت بأنها سلة غذاء العالم؟، لماذا لا تشجع الدولة قطاع إنتاج الألبان؟، بعض التجار اشتكوا من ارتفاع الأعلاف والرعاية البيطرية، وآخرون اشتكوا من مشاكل الترحيل، فما هو رأى الولاية؟، وما هي الإجراءات التي ستتخذها للحد من ارتفاع سعر الألبان الذي وصل سعره إلى 4 جنيهات للرطل الواحد؟، وفي أحيان كثيرة 5 جنيهات في مناطق متفرقة من العاصمة؟، وهل اللبن السائل له علاقة بسعر الدولار أم أن الندرة هي السبب في ارتفاع السعر؟.
كل هذه الأسئلة حملتها (التيار) وطوفت بها مستطلعة المواطنين والأطراف ذات الصلة بارتفاع سعر الألبان السائلة، وإلى أي مدى ستستقر الأسعار في الفترة المقبلة؟ خاصة بعد تقديم مقترح للموازنة العامة للعام 2015م إلى البرلمان، يحمل في ثناياه رفع الدعم عن المحروقات، الذي لا شك أنه يؤثر على أسعار السلع الاستهلاكية.
وقالت المواطنة فاطمة أحمد- ربة منزل لـ (التيار) أمس (الثلاثاء): إن الزيادات الأخيرة التي طرأت على قطاع الألبان كبيرة، وغير مبررة، ومفاجئة للمواطن في ظل ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية الأخرى، مضيفة أن اللبن سلعة مهمة جداً ولا يمكن لأي أسرة أن تستغني عنها.
ومن جانبها قالت الأستاذة أسماء حسان: على الرغم من توفر الحشائش التي تقلل من تكلفة التغذية للأبقار إلا أن هنالك زيادات كبيرة في أسعار الألبان، ولو كنا نتوقع انخفاضاً أكبر في أسعارها في ظل فصل الخريف هذا العام ونموء الحشائش، ولكن صدمنا بالزيادات، وأضافت أنهم قللوا كمية الحليب اليومي المستخدمة لديهم نسبة للزيادات الكبيرة التي شهدها القطاع.
حليمة حماد- مواطنة، قالت: إن لديها ثمانية أطفال يحتاجون إلى أربعة أرطال من اللبن يومياً، إلا أنها قالت بعد الزيادة الكبيرة في سعر اللبن أصبحنا نشترى لهم فقط رطلين، وهذه الكمية لا تكفيهم إلا إننا نتحايل عليهم بزيادتها بالماء، وأحياناً بإذابة لبن البدرة بعد حله بالماء، مبينة أنها تعمل طوال يومها في بيع الشاي؛ لتوفير الحد الأدنى من معاش أبنائها بعد وفاة والدهم إلا أن أسعار المواد الاستهلاكية خاصة الحليب للأطفال أصبح لا يطاق، وأردفت أنه لا يوجد حل أمامنا غير الصبر إلا أنها عادت وقالت إن للصبر حدود، مطالبة المسؤولين بمعالجة الغلاء، وخفض أسعار المواد الاستهلاكية، خاصة أسعار الألبان؛ وذلك لأهميته الغذائية للأطفال.
وقال علي بلال- صاحب مزرعة لتربية الأبقار بحلة كوكو لـ (التيار) أمس (الثلاثاء): إن السبب الرئيس لارتفاع أسعار اللبن هو الارتفاع المتتالي في أسعار الأعلاف التي وصل سعرها إلى أسعار غير مسبوقة من قبل، مبيناً أن سعر العلف (الأمباز) ارتفع سعره ليصل إلى (750) جنيهاً بدلاً عن (250) جنيهاً قبل عامين، وارتفع سعر العلف (الدريش) من (150) جنيهاً في العام قبل المنصرم إلى (410) في هذا العام، وتوقع بلال ارتفاع سعر الألبان السائلة في الفترة القليلة القادمة، عازيا الأمر إلى الارتفاع المتواصل في أسعار الأعلاف؛ بسبب جشع التجار، وارتفاع مدخلات إنتاج مصانع الأعلاف؛ بسبب الارتفاع المتواصل لسعر الدولار، والجبايات، والضرائب، التي تفرضها الحكومة على تلك المصانع، إلا أنه عاد وأقرّ بأن السوق يعاني من الفوضى، وبات التجار وحدهم الذين يفرضون الأسعار دون أية رقابة من الدولة.
ومن جهته عزا الخبير الاقتصادي البروفيسور عبد الوهاب بوب ارتفاع أسعار الألبان السائلة إلى الارتفاع المستمر في أسعار المنتجات السودانية، وقال لـ (التيارا) أمس (الثلاثاء): إن ارتفاع المنتجات الحيوانية ومن أهمها أسعار الألبان تعتمد على ارتفاع أو انخفاض أسعار الأعلاف، والأدوية البيطرية، وأجور العمال، والتكلفة العامة للإنتاج الذي لا يختلف عن بقية المنتجات الاستهلاكية الأخرى، مشيراً إلى أن ما يميز سلعة الألبان أنها سلعة قليلة المرونة أي أنها ضرورية ولا يستغني عنها المستهلك، وفي حالة انخفاض إنتاجها أو ارتفاع سعر تكلفته فسوف تزيد أسعارها حتى يصل المنتج إلى نسبة معقولة من الأرباح، لافتاً إلى أن علاج هذه الزيادة يرتبط بالهيكل العام للاقتصاد الكلي، الذي يشهد انخفاضاً في قيمة العملة الوطنية، وزيادة حجم الواردات مع ضعف الإنتاج.

التيار