الى المتحاورين النخبة الاقلية مرة أخرى

د.عبد القادر الرفاعي
لقد كتبتُ بقدر ما استطعتُ عن الحوار ولم أشف غليل نفسى أو غيرى وما أن فكرت فى الإنتقال الى زاوية من قضايا الأزمة الوطنية، الإ وحوصرت بقضية الحوار. النظر للحوار من كل الزوايا ذات الصلة كمستقبل الوطن معنى خاص. لقد بدأ الحوار فى يناير مطلع هذا العام وتعاقبت الشهور لكن نتيجته ما زالت معلقة و لا علاقة لها بمستقبل الحرية الديمقراطية. ان علاقتها المباشرة برؤية المؤتمر الوطنى و فى كسبه الوقت دائماً لا يقدم حلاً للأزمة الوطنية. إذاً لابد من طرح وقائع وتفاصيل الحوار أمام الناس قبل إعلان نتيجته خصوصاً وأن المعارضة وهى طرف أصيل فى حل الأزمة آراؤها منشورة في العلن، وهو منشور كله على الناس فى كل أجهزة الاعلام المتاحة على أوسع نطاق.
مشاركو المؤتمر الوطنى لم يتوجهوا للعلن بقدر مايجرى حوارهم فى دوائر الصمت الذي ربما يكون حصن أمان له. إذاً، المناداة بإعلان التفاصيل بشفافية يعنى ضمناً أن الناس ينشدون وربما يلحون على التواصل مع قضاياهم التى هى قيد النظر على جدول الحوار بين المؤتمر الوطنى ومن يحاورونه لأن ذلك الطلب لهو من صميم ازالة الحواجز بين السودانيين ومستقبل الوطن. إنَّ الحوار الوطنى الذى يقيم الحواجز بينه وبين الجمهور لا يتعدى إن يكون حواراً نخبوياً محدوداً، كما أنه ليس حواراً مجرداً من فكر من لهم اليد العليا التى تتداوله أياً كانت الازياء والألوان التى ترتديها. وهى أيضاً آيديولوجية التعالى على ما يسمى: المواطن العادى، التعالى الذى يصطنع مسافة من المصطلحات والالفاظ الكفيلة بإبعاد الغالبية الساحقة من أبناء السودان عن التأمل والنظر والنقد فى قضية هى من صميم اختصاصهم وليست حكراً على النخبة مهما نظرت النخبة إلى نفسها كاستحقاق زائف أم حقيقى تُمثيل الصفوة وحدها. أقول هذا لأن الحوار بالطريقة التى يدار بها ليست اكثر من موجة عابرة تصوغ إحدى لمحات زماننا المتدهور الذى نعيشه. ولكنها تصوغ اولاً إحتجاج على ما آلت اليه مناخات السياسة السودانية من تدنٍ، ذلك التدنى الشنيع فى رؤية الذين يدعون أنَّهم الأولى بتوجيه مصير شعب عظيم. ولكن ليتذكروا مصالحة الطاغية النميرى والطريقة التى ابرمت بها فى العام 1977م.
الميدان