سوق صابرين: بداية بالـ “كوريك” ونهاية مجهولة

أم درمان ? عمار حسن
يقع سوق صابرين شمال أم درمان على امتداد شارع الشنقيطي، وأسس على يد مجموعة كانت تعرف باسم الكوريك ومهمتهم شحن القلابات بالرمل والتراب من تلك المنطقة الخالية تماما من السكان في ذلك الوقت، وحديثا انضم إليهم الحرفيون والسباكون وعمال اليوميات، والآن تجدهم كل صباح عند مدخل السوق من الناحية الشرقية على أهبة الاستعداد للعمل.
آخر محطة اتغيرت
حينها كانت الشنقيطي المحطة الأخيرة للمواصلات، والعمال هم أول من أطلقوا اسم صابرين على هذا السوق، وذلك لاضطراره لمكوثهم في تلك المنطقة الوعرة آنذاك، وذلك في عهد الرئيس الراحل جعفر نميري كان السوق عبارة عن راكوبة واحدة تحتضن هؤلاء العمال، وغربه يوجد دكان الماحي الذي يوفر لهم الفول كما يقولون، وعندما اشتدت وطأة الكشة بالشنقيطي من قبل المحلية على عمال الشنقيطي اضطروا للرحيل شمالا تجاه صابرين.
الرحيل شمالاً
بدأ السوق يأخذ نوعاً من الحركة وباتت الزاوية الشمالية الغربية لتقاطع السوق الحالي مكانا لبيع البهائم، أما العمارة الحالية المطلة على الجهة الجنوبية الغربية كانت استراحة للعمال ملحقة بمسجد. وقال العمال: سلمتنا المحلية أكشاكاً صغيرة في العام1999م، وذلك لإضفاء نوع من التنظيم، وفيما بعد أنشئت سلخانة غرب السوق أو غرب موقف المواصلات الحالي، وما إن لبثت قليلا حتى تم ترحيلها ومع زيادة التمدد السكاني أصبحت الأحياء مجاورة للسوق مما زاده حيوية ونشاطا، وعند دخولك السوق من الاتجاه الشرقي تتعالى صيحات الميكرفونات كيلو اللحمة بـ 40، في هذا المكان تكثر الجزارات أو كما يعرف بسوق الجزارين، وكان يفتقر للنظام، ولكن المحلية تدخلت وشيدت دكاكين، على حد وصف جمال حسن (صاحب جزارة)، وإلى وقت قريب اعتاد بائعو الخضار العمل بجانب الجزارات نسبة لارتباطهما ببعض.
إلا أنه تم ترحيل كافة بائعي الخضار فجأة وبدون سبب معقول على حد قول (مبارك عبد الله) الذي أضاف قائلاً: تم ترحيل جميع الخضرجية إلى (جملون واحد) غرب السوق مكان السلخانة القديمو، بجانب تجار اللحوم البيضاء وهم بدورهم أبدوا استياءهم وقلقهم الشديدين من المحلات التي تسلموها من المحلية، وهي عبارة عن مساحة لا تزيد عن ثلاثة أمتار بداخلها تربيزة مغطاة بعريشة زنك، وفوجئوا بطلبات وزارة الصحة التي اشترطت عليهم أن تكون لديهم ثلاجة وأن يرمموا المحلات بالزجاج بشكل دوري رغم صغر حجمها.
الهروب من الإيجارات
وفي السياق ذاته، يقول عبد الرحيم آدم إنه كان يعمل خضرجي بسوق صابرين وبعد نقلهم للجملون الغربي تحول إلى بائع متجول بعربته اليدوية (الدرداقة) هروبا من غلاء الإيجار. وقال إن هذه الطريقة تدر أرباحا أكثر من المكان الثابت، وعلى الشارع المؤدي لموقف مواصلات الإسكان توجد بعض النساء يفترشن التوابل والدكوة وغيرها، ويقابلهم تجار الفاكهة، وفي ذات الشارع تنشط بقوة تجارة الأواني المنزلية وتجد رواجا واسعا وحركة متواصلة طوال العام كما يقول التجار.
أكثر هدوءً
عند مدخل موقف مواصلات (الفتح 2) يتسم الشارع بالهدوء، يجلس ماسحو الأحذية على جنبات الطريق، تحدث إلينا (الطيب وادي) ماسح أحذية، قائلاً إنه ظل يعمل في هذا الشارع لمدة ست سنوات متواصلة، لافتا إلى أنه كان في السابق يعتمد على سكان الحي المجاور للسوق في عمله قبل نقل الموقف شمال الموقف القديم. وقال حذيفة عثمان صاحب بوتيك “تنتشر محلات الملابس في السوق وتمتاز بحركة وإقبال كثيف”، مشيرا إلى أن السوق له مستقبل كبير في السنوات المقبلة وأكثر الوافدين إليه من النساء والأطفال وفي أقصى الجهة الغربية يوجد عالم الميكانيكا حيث تتوفر فيه صيانة واسبيرات العربات، وهي آخر جزئية أنشئت في هذا السوق الذي أصبح قبلة لمظم سكان العاصمة.
اليوم التالي