“غرد حبابا” حسناء شمال كردفان.. حكاية مدينة اختارت أعالي الولاية لتعلن سفور طبيعتها وتبرج طقسها.. “أم روابة” وتخطيطها اللافت للنظر

أم روابة ? عثمان الأسباط

من بين الأشجار المخضرة وحبات المطر الندية، تطل المدينة الجميلة، حسناء شمال كردفان، تستقبل زائريها بكل دفء وترحاب حميم، تقدم للسودان كل ما تجود به بشريات السماء من المحاصيل، قدمت للوطن الكثير من الأفذاذ في مختلف ضروب الفن، الشعر، الرياضة، رمالها تدعوك إلى ممارسة الركض على الرمل البارد والتسكع في أزقة وساحات المدينة الهادئة كعادة خريفية محببة كما لقاء المحبين.

إنها مدينة (أم روابة) حسناء شمال كردفان، بلاد الخضرة والنسيم العليل، والتي تضم بين ظهرانيها العديد من الأحياء العريقة مثل الامتداد، حي حمو، الباقر، أديب شمال أديب وسط، البوستة، كريمة، الدرجة الشرقية، الدرجة الغربية، الفيحاء، طيبة، الصفاء، الرابعة، القادسية، القدس، حي السلام، خور عمر، المغتربين، عطرون، أنقليتي، الموظفين، كريمة، السكة حديد وإلى آخر القائمة.

أم روابة مدينة الشاعر عبد الله الكردفاني، عبد الرحمن حاج سليمان، ياسر ميرغني، أسرة كمبال، مأمون بحيري، (نصر الحاج علي، أول مدير لجامعة الخرطوم)، الغالي حامد، أحمد بلال عثمان، وزير الإعلام، لاعب المريخ العاصمي الجوهري، الفنان التشكيلي طلال الناير.. ومن الصحفيين محمد الفكي سليمان، محمد فايد، برعي الأبنوسي، إبراهيم الجيلي، أيمن أخرش، إقبال العدني، مشاعر العمدة، خالد بابكر، المخرج التلفزيوني مدلل أحمد عبد الله وغيرهم.. ورجالات الصوفية من أهل التقابة وخلاوي القرآن على رأسهم الشيخ العارف بالله المرحوم الشيخ النور الشيخ محمد وقيع الله والشيخ برير والشيخ أبو عزة وغيرهم من المشايخة.

أجمل “موية” في السودان

تتميز مدينة أم روابة بمياه شرب حلوة المذاق، بالغة الخصوصية، تنفرد بها عن بقية مدن السودان جميعها، والذي لا يعرف أهل (أم روابة) حسبه مياهها الجوفية التي تمتد داخل أرض المدينة التي فضل الحاكم الإنجليزي المستعمر ماءها في ذلك الوقت عن ماء النيل الذي كان ينوم بجانبه في قصر الجمهورية، وفي أم روابة أيضاً نهر نيل وهو خور كبير يمتلئ في الخريف بالماء.. وحكاية (موية) أم روابة التي يعرف حلاوتها ونقاءها كل أهل السودان، وتمثل لها نوعا من الرواج السياحي، إذا اهتمت الدولة بها وجعلت منها بركات سياحة وماءا معبئا مثل ماء البحر الميت وماء كثير من أنهار العالم التي يدعي أهلها بأنها للشفاء والجمال وأيضاً للاستجمام.

مدينة اقتصادية

تشتهر (أم روابة) بصناعة الزيوت وخاصة السمسم والفول، علاة على قطاع الثروة الحيوانية. وتعتبر البوابة الشرقية للولايات الغربية لشمال كردفان وجنوب كردفان وغرب كردفان، وهي بمثابة معبر اقتصادي لهذه الولايات، وكذلك تشتهر أم روابة بالخضر والفواكه الطبيعية الخالية من الأسمدة والمبيدات مثل طماطم الله كريم وجوافة أم دم الجناين وليمون جمجكة وغيرها من الخضر والفاكهة، وبها أطول مايكروييف في السودان.

تخطيط مدهش

تنفرد مدينة أم روابة عن سائر المدن السودانية بطريقة تخطيط لافتة للنظر، وقد حرص البريطانيون أيام الاستعمار على تخطيط المدينة عمرانياً، فاحضروا مهندسين لبنانيين من مصر لهذا الغرض، وتم تشييد المكاتب ومنازل الموظفين من الطوب الأحمر الذي تم جلبه من سنار، وشقت فيها سبعة شوارع رئيسية من جهة الشرق نحو الغرب، أكبرها شارع جيمس لونج (شارع الاسبتالية حالياً) الذي يفصل المدينة إلى قسمين، قسم يضم الأحياء السكنية والسوق في الشرق، وقسم غربي ضم مكاتب الحكومة بما فيها المحكمة والبريد ومنازل موظفيها وبئر المياه، وتم زرع أشجار النيم على جانبي الشوارع لتتكاثر غابات النيم حتى أطلق على (أم روابة) (عروس النيم)، كما تم تقسيم المدينة من ناحية التخطيط العمراني إلى خمسة أحياء رئيسية كبيرة، انقسمت بدورها إلى أحياء سكنية أصغر تعرف محلياً باسم الفرقان.

قبعة خضراء للرحلات

مدينة (أم روابة) التي اختارت أعالي (شمال كردفان) لتعلن سفور طبيعتها و(تبرج) طقسها، أضحت متنفساً لأسر الولاية كلها، فلا يكتمل إكرام الزائر إلا بتنظيم رحلة إلى جنائن قضيضيم وخور أبو حبل، ولا ينعقد فرح إلا وتكون حاضرة فيه أو حاضرا فيها. وتمتاز الجنائن بالخضرة الدائمة والأشجار الباسقات والماء الزلال، ولأنها كل ذلك وأكثر، ظلت (أم روابة) وجهة كل الذين يبحثون عن الجمال الساحر والأخاذ على مستوى كردفان، فنهارها بطقسه البديع يحرضك على أخذ قيلولة تحت ظلال الأشجار الوارفة التي يسعد بها الكثيرون، يقصدها الكثيرون من كل مكان خاصة فصل الخريف أروع ما في كردفان، إضافة إلى أيام الأعياد خاصة لدى شرائح الأطفال، الشباب، الأفندية والطلاب.. والرحلات هناك من أهم برامج الأعياد ولا تكتمل فرحة العيد إلا بالرحلة السعيدة إلى حدائق المنطقة وجداولها العذبة. يخرج الجميع للهروب من جو العمل الرتيب، ممنين النفس بتغذية الجوف بهواء نقي بعيداً عن هواء التكييف المصطنع.

الكفاح يناضل للعودة

لا زالت أندية أم روابة بعيدة عن حلم الظهور في بطولة الدوري الممتاز، خاصة بعد أن شهدت الرياضة تدهوراً كبيراً في السنوات الماضية، لكن اتحاد الكرة الحالي بقيادة السكرتير، حاتم ميرغني عبد الرحمن، ونائبه علوان صديق محمد ورفاقهم، أحدثوا نقلة نوعية في تطوير الرياضة، وعادت الجماهير للمدرجات بعد العزوف الأخير، وأعادت بطولة كأس دوري الأولى للمنافسات ألقها وبريقها، وينتظر جمهور مدينة أم روابة أن يترقى فريق المريخ، ممثل المدينة، بالتأهل إلى بطولة الدوري الممتاز، فيما يأمل الكثيرون أن يذهب الكفاح بعيداً في كأس السودان.

إسدال الستار

ثم كانت هذه الزيارة الخاطفة التي حولت الإشارات إلى تلك الأحلام التي ينام ويصحو عليها سكان المدينة وأريافها القريبة والبعيدة، وكأني بهم يرهفون السمع منذ زمن بعيد وإلى الآن لتلك الأغنية التي تعد من الأغنيات القلائل التي مجدت مدينتهم ? لكنها الأكثر شهرة قطعا ? يصغون إلى صوت ( عبد الرحمن عبد الله)، وهو يغني لهم أغنية (بلومي شيل السلال.. امشي بارا ومر بأم روابة والأبيض.. غرد حبابا) ويرنون لمستقبل واعد، وهناك رائعة الراحل سيد خليفة (بتقول يا حليل السادة السكن أم روابة) ونختم على هذا اللحن الخالد إلى أن نعود إليها مرة أخرى.

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. نعم انها دره شمال كردفان وقلبها النابض مدينتي الحبيبه ..وهنالك يعيش الناس في محبه ووئام وتجانس فان الفبليه البغيضه لم تدس اناملها ولاتجد اذن صاغيه لتلك النعرات… وتكاد الاميه ان تكون معدومه وهنالك الالاف من الخريجين الذي يتبؤن مناصب ومقامات عاليه داخل وخارج السودان..عروس النيم ادامك الله عزا لهذا الوطن

  2. ام روابة من اجمل المدن السودانية التي زرتها وتمنيت بالعمل والاستقرار بها فهي تبهرك بهدؤها وجمال طقسها وطيبة اهلها

  3. نعم ام روابة من اجمل مدن السودان ان من الذين درسوا فيها ايام مجدها وايامشبابها ولكن اصابها الاهمال في هذا الزمن نتمنى من الوالى الهمام هارون ان يعيد امجاد م روابة

  4. لم اتشرف بزيارة هذه المدينة ولكنني اعتقد بانها من اجمل مدن السودان واكثرها وعدا بامكانياتها الزراعية والحيوانية ..ارفع يدي الى الله ان يكرمنا بزيارتها كما لا يفوتني ان اشكر الكاتب الاستاذ عثمان الاسباط على هذا المقال التوثيقي الذي كشف لنا حقائق لم نكن نعرفها .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..