أخبار السودان

شكراً لمناخ الإنتخابات ..!!

الطاهر ساتي

:: أخيراً، أصدر والي الخرطوم قراراً بفك إحتكار إيجار الدرداقات بأسواق الخرطوم المركزية..وما كان يحدث بهذه الأسواق لم يكن إيجاراً للدرداقة، بقدر ما كان رقاً وإضطهادا لأطفال وصبيان أخرجهم الفقر من المدارس إلى عالم العمالة المحفوفة بالمخاطر الصحية والأخلاقية،والممنوعة بالقوانين والمواثيق الدولية، ألا وهي (عمالة الأطفال)..ولو ذهب أحدكم إلى أي سوق مركزي بالخرطوم، ووقف على حال أطفال وصبيان الدرداقة، لأجهش بالبكاء.. نعم، بتحالف إنتهازي ما بين سلطة مطلقة و تجار العرق، كانت – ولا تزال – محليات الخرطوم تشرف على ( أسواق الرق)..!!

:: في طرف السوق، يستقبلك الأطفال والصبيان، ويترجونك بالتجوال وهم يدفعون عربتهم الصغيرة (الدرداقة)..وبعد أن تضع عليها سلعك يتم توصيلها إلى عربتك أو محطة مركبتك العامة نظير جنيه أو جنيهان، حسب إستطاعتك و(درجة إنسانيتك)..وقد لاتحتاج إلى هذه الخدمة، ولكن حال الفقراء الصغار بحاجة إلى بعض الكرم والعطف، ولذلك يجدون عند الناس إحسانا، ليعودوا إلى أسرهم بما جادت به رحمة أهل الأرض عليهم بفضل الله.. فالمهنة تكافلية، والحياء وحده من يمنعهم عن مد الأيدي للناس ليعطوهم أو يمنعوهم، ولذلك إستبدلوا اليد السفلى بيد أخرى ( تلز الدرداقة )..!!

:: ولكن، دائما هناك من لايرحم الناس ولاتدع رحمة بعضهم لبعض في إنسياب..أي، لتطبيق نهج الرق، تحالفت محليات الخرطوم مع فئة إنتهازية، وأسموا التحالف ب (الشراكة)..وهي الشراكة التى ترغم الطفل على دفع عشرة جنيهات يوميا – بلامقابل – لتتقاسمها المحلية وإحدى شركات السحت.. يدفعها الطفل صاغرا – يوميا – تحت مسمى ( رسوم الدرداقة)..وقد لايجد قيمة هذه الرسوم، و ما يجمعه من الناس قد لاتبلغ القيمة، ومع ذلك يجب أن يدفعها (كاملا )..وليس مهما – لتحالف السلطة المطلقة والإنتهازية المفسدة – كيف يدفع ؟.. فالمهم يدفع وإلا تُحجز الدرداقة لحين الدفع .. !!

:: والأدهى والأمر في أمر هذا الرق، قد يشتري الطفل درداقة بواسطة أهله أوبعض المحسنين ويمتلكها، ولكن يصادرها تحالف المحلية والإنتهازية ، ثم يغرمونه، وبعد ذلك يلزمونه بأن يستأجرها (يوميا)..نعم، تُصادرعربته، ويُغرم، ثم يعمل أجيراً في (عربته المصادرة)..هكذا حال الأطفال والصبيان بأسواق الخرطوم، وبلاحياء أسست المحلية لهذا الرق إدارة مسماة ب (ادارة الدرداقات)، وهى الإدارة التي تستعبدهم حالياً.. وعددهم أكثر من (1500 طفل وصبي ) ، بأسواق ولاية الخرطوم ..وكل طفل يدفع للمحلية وشريكها في الإسترقاق ( 300 جنيه شهريا )، بلامقابل ..!!

:: المهم..كان يجب رصد هؤلاء الصغار الفقراء وحصرهم بواسطة أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني، ثم تصنيفهم حسب أعمارهم و عناوين أسرهم وأوضاعها الإقتصادية، وبعد ذلك كان يجب توزيعهم في قاعات الدراسة و معاهد التأهيل..وقبل التوزيع، كان يجب إستيعاب أسرهم في مشاريع وصناديق الرعاية الإجتماعية..أوهكذ ترصف السلطات الراشدة طرق الحاضر والمستقبل للأجيال، بالتخطيط الذي يُكافح تسرب الصغار من مدارس التعليم و معاهد التأهيل، وبالتنفيذ الذي ينقذهم من مخاطر الجهل والفاقد التعليمي..ولكن هنا، تقزم سقف الطموح بحيث صار أن يتركهم تحالف المحليات وشركاء الإسترقاق يأكلون من خشاش الأرض.. وعليه، شكراً لمناخ الإنتخابات..!!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..