حدائق الشهداء..سوق واقف بفعل الأزمة الاقتصادية

الخرطوم : آدم القديل
ماتزال الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد تلقي بظلالها السالبة على قطاعات واسعة من المجتمع السوداني ، بالرغم من كثير من المبررات في سد تلك الثغرة، ولعل المشاهد للحالة العامة يقف عند حدائق الشهداء شاهداً على تلك المأساة التي يعاني منها الكل ، فعلى سبيل الذكر كانت حدائق الشهداء في السابق تعج بالحراك خاصة (الطلاب) الذين يتخذونها قاعات مراجعة بعيداً عن جداريات الأسمنت التي تشل حركة تفكيرهم في مراجعة الدروس سواءً كان تلك المراجعات بشكل فردي أو مجموعات، وكانت تعتبر سانحة حدائق الشهداء متنفس للطلاب باستذكار الدروس والترويح قليلاً عن بهو القاعات، ولكن كما يعرف أتت الضائقة لتحرم العديد من محدودي الدخل من تلك الترويحة، بل أضحت عائقاً يقف على عجز الدولة في إدراك الأمر والفسحة.
بدوري قمت بزياره خاطفة للحدئق وقفاً على الحال لأجدها خالية من الرواد والتقيت بمن أتى يرثي حقبة الماضي. وحدثني محمد ملاح الذي يعتبر “أهم المداومين” نسبة لعمله مراجعاً لمادة المحاسبة، وقال لي من جهته : كانت الحديقة في السابق “سنتر” نسبة لموقعها في قلب الخرطوم نسبة لأنها مركزاً لطلاب جامعات “الخرطوم” و”النيلين” و”السودان”، فقد كانت تحتوي كل هؤلاء الطلاب من “بحري” و”أمدرمان” بالإضافة لمرتادي مسجد القصر، وكانت أكبر مجمع لطلاب المعادلة والزمالة الذين يفضلونها محور التقاء، ومن أهم الأسباب التي جعلتها حلقة شاملة أن تسعيرة تذكرة الدخول توافق حال الطلبة.
وفي السياق ذكر محمد عبد الرحيم بأنهم طلاباً كانوا يفضلون حديقة الشهداء، لأنها مركز قلب، وأبسط مثال لذلك من يستذكر بها يعتبر ناجحاً ومتفوقاً كمان.
أما أميرة علي الماحي أكدت بأنهم يلجأون إليها حلقة مراجعة وسبيل لفك “التنشنة” من الجامعات، مشيرة إلى أن تكدس المعاهد والقاعات يقلل من قوة الاستيعاب والفهم، أما هنا الشارع متنفس وحلقة جميلة لمعانقة الحياة بطريقة مباشرة.
ومن جهتها قالت عائشة إبراهيم: إن حديقة الشهداء قد تغيير شكلها فمن بساطتها وجمالها أضحت كومة من الأوساخ وبركة للمياه الراكدة وتلفت أشجارها الظليلة مما جعل الدخول إليها مغامرة.
وقالت طالبة “جامعة السودان المفتوحة” خديجة عبدالرسول: إنها كانت تفضل الحديقة لقربها من مكان العمل، لكن قلة عدد الرواد أضعف حراك الكل بجانب عدم وجود الخدمات من مياه.
وحمامات ومقاعد وغيرها شل الحراك بصورة ظاهرة للعيان.
منها توجهت صوب بائعة الشاي “حكمة جمعة” وسألتها مستفسراً وبدورها أجابت: إن البيع كان ( كويس) ولكن قل الآن. وشخصاً واحداً كان يدفع للمجموعة، ولكن الآن لا يوجد من يدفع للظروف الاقتصادية.
وحتى تتكشف لي الحديقة أكثر ذهبت صوب المشرف للحدائق الشهداء “فتح العليم” وسألته عن كل ذلك، ولما القلة لعدد رواد الحديقة، فأجابني قائلاً: يرجع السبب الأساسي إلى انفصال الجنوب الذي ذهب بالأخوة الجنوبيين فقد كانوا في السابق الدينمو المحرك لنشاط الحديقة، وكانوا يأتون الحديقة بشكل ثابت وبذهابهم ذهب البريق،
ليشير “فتح العليم” إلى أن هنالك مساعٍ لتجديد الحدائق حتى تعاود حركتها من جديد، وذلك برعاية من وزارة الثقافة بولاية الخرطوم وهيئة ترقية السلوك الحضاري برئاسة “يوسف عبد الفتاح” وسيتم العمل حتى تكون على أهبة ويتم افتتاحها في الأول من شهر يناير من العام 2015، وفي سبيل الخطة ستكون من أكبر الحدائق العامة في البلاد.
التيار