أخبار السودان

كان يشرب منها الحاكم الإنجليزي: أم روابة.. البحث عن جرعة ماء في خزانات الأسمنت

أم روابة – محمد عبد الباقي

لم يرغب مُحدثي في خوض نقاش صريح عن معاناتهم مع المياه، فأشار تلمحياً إلى أن سكان مدينة أم روابة، كانوا في حقبة سابقة يعانون أشد المعاناة من انقطاعها المستمر، تجاهل (س) للوضع الحالي سببه المنصب الذي يتبوأه حالياً ضمن تشكيل حكومة الولاية التي ظلت تُكثر من الحديث عن النهضة والنفير والتعمير دون أن ترى مئات القرى والمدن بالولاية أثراً للتعمير أو بوادر للنهضة، هذا ما قاله أحد الذين حضروا دفاع (س) المستميت عن تحسن الخدمات التي تقدم لإنسان المدينة !!

ما بين الدفاع الرسمي عن تطوير وتحسين خدمات مدينة أم روابة وما بين المشاهد اليومية لواقع الحال الذي لا يمكن تلوينه وتلطيفه بالتنظير والتحليل العقيم تظل الحقيقة لا تحتاج إلى تزكية من أحد، وهي تؤكد أن أم روابة لم تعد تلك المدينة التي رسخ جمالها ونقاء مياهها في المخيلة الشعبية منذ حقبة الاستعمار.

# الخزانات الجوفية

لم تذكر أم روابة في مجلس وإلا أثنى الحاضرون على جودة ونقاء مياه الشرب فيها، حتى الذين لم تطأ أقدامهم رمالها الذهبية، يمكنهم الحديث عنها بالشيء من التفصيل بناء على حكايات وروايات شفاهية التقطوها من أفواه غيرهم، فازدادت لديهم رغبات أكيدة في الوقوف على مكامن ذلك البهاء الذي شغل الناس منذ القديم، حتى أصبح البعض يصفها بأنها أجمل مدن السودان من خلال معطيات محددة منها نقاء مياهها والتي تشير روايات عديدة إلى أن حاكم عام السودان في حقبة الاستعمار كان لا يشرب إلا منها، ولكن هذا كله أصبح ذكرى تُحلى بها مجالس الأنس فقط، لأن أم روابة اليوم لا تفتقر إلى المياه النقية فحسب، وإنما تنعدم فيها المياه بصورة عامة، حتى تلك التي كانت توصف بأنها مالحة في سابق الأيام ولا تشرب منها إلا الحيوانات، أما البشر فلا يقربوها، اليوم نضب إناؤها بعد تزايد الإقبال عليها، فصار العطش السمة الدائمة لمدينة سارت بسمعة مياهها الركبان، فلم يجد سكانها بداً غير العودة إلى حيلة لم يمارسوها في السابق، فأصبح مصيرهم حفر الخزانات الجوفية بمساحات مختلفة داخل المنازل لحفظ المياه، وهذه الحيلة على بدائيتها لم تحل معضلة العطش حتى حينه.

# الحل بالمهدئات

ويشير سكان عدد من أحياء أم روابة إلى أنهم لم يعتادوا ندرة المياه إلا في السنوات القليلة الماضية، حيث كانت المياه قبل سنوات تتدفق من الصنابير دون موتور، ولكنها بسبب الأعطاب التي أصابت شبكات المياه والتوسع في الأحياء أطلت قضية العطش، مما جعل السكان يلجأون لفكرة حفر الخزانات الأسمنتية في المنازل، دون أن يتمكنوا من القضاء على العطش، وأوضحوا أن القضية في طريقها للاستفحال والخروج من السيطرة رغم وجود العشرات من مصادر المياه الموسمية التي تسببت في تهديد المدينة بالغرق أكثر من مرة في فصل الخريف مثل خور أبو حبل الذي يعد من أهم الأنهر وأطولها بولاية شمال كردفان، ولكن لم تتم الاستفادة من مياهه قط، ولم تُبتدع حلول أخرى لحل المشكلة التي أصبحت تؤرق مضاجع مواطنو مدينة لا أول مرة في تاريخها الذي يعود لأكثر من قرن يقوم سكانها بشراء المياه بواسطة التناكر.

# أزمة المياه وإصحاح البيئة وجهان للعملة

رغم عراقة المدينة التي يرجع تاريخها لحقبة التركية بحسب روايات ومصادر تاريخية، لكن سكانها يعيشون في انصهار تام، فيمكن للزائر الوصول لأي شخص مجرد ذكر اسمه، ولهذا فضل العشرات من الذين تحدثوا عن تدهور الخدمات بالمدينة حجب أسمائهم، ولكنهم اتفقوا على تدني الخدمات كافة بالمدينة، فبجانب مصاعب المياه، تعاني أم روابة من تدنٍّ مريع في خدمات أصحاح البيئة، ومشاهد جبال النفايات المنتشرة على طول الطرقات وداخل الأسواق التي لازال الكثير منها مشيد من المواد المحلية مثل جوالات الخيش والقصب، ولم ترتق بعد إلى مستوى يليق بسمعة أم روابة التي من أوائل المدن التي أعاد تخطيطها الإنجليز.

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. بلاد لا يستطيع مواطنوها من ذكر أسمائهم عندما يتحدّثون عن معاناتهم في سبيل تحصيل مياه صالحة للشرب لهو دليل على مدي الظلم والإيغال في كتم أنفاس الناس وحجب الحقيقة.

    لماذا لا نقول إن أمروابة المدينة تتعرّض للنسيان التام وأمّا القرى فلا ذكر لها إلّا قبيل الإنتخابات وتعود بعدها إلى غياهب النسيان؟. لا يزال بعيداً على تلك القرى الصابرة أن تحصل على حقّها في مياه الشرب والتعليم والصحّة ولا نقول الكهرباء والطرق فذاك أمر يقع خارج نطاق الأحلام بل وهو من الشهوات.

    هي دورة جهنّمية تتعرض لها المنطقة خاصّة وكردفان عامّة ولا سبيل إلى كسر هذه الحلقة الجهنّميّة المتقنة إلّا عندما يتحلّى المواطن فيها بالشجاعة اللازمة للمطالبة بحقّه في الخدمات وعلى رأسها مياه الشرب. ولا يكون ذلك إلّا بالسعي الجاد والصريح والشجاع لإمتلاك الأدوات اللازمة التي تمكّنه من أن يعيش ويحيا بكرامة كسائر خلق الله وليس أمامه إلّا أن يرمي عن قوس واحدة من عمل يده.

  2. امروابة قبل حكومة السجم والرماد الحالية كان بها ثلاثة اقطاب الاول : الطيب هارون احمدعمر ناظر عموم الجوامعة والرجل كان يعادل دولةكاملة فى الادارة وسطوة الشخصية والمهابةحتى من ولاة شمال كردفان جميعا ، والاثنان / رجل الاعمال عبدالرحمن الحاج سيمان ووقيع الله سيد احمد ، هؤلاء الثلاثة كانوا مشاعل امروابة وشمال كردفان ، الطيب هارون كان يرأس اللجنة الخارجية للبرلمان ايام الديمقراطيات ، وكان يدخل على زعماء السودان بدون استئذان ، ووقيع الله سيد احمد وعبدالرحمن الحاج سليمان ، كانوا بمالهم وجاههم يذللون كل صعاب المنطقة ، هؤء الثلاثة رحلوا من دنيانا ، واصبحت امروابة يتيمة لاأب ولا أم .. فصارت مادة القرعة شحاده لاهم الخدمات .. نظارة الجوامعة اصبحت فى يد افندي ساكن الرهد قالوا اسمه ( هارون الطيب هارون) لايهش ولا ينش وقالوا النار بتلد الرماد وهذه حقيقه ……
    وعلى ناس امروابة والرهد اذا كان فضل فيهم قليل من الرجوله ، فاليقطعوا الطريق بين الخرطوم والابيض ويتمرسوا فيه بالفوسة والفرافير والطواري ويوقفو الحركة لمدة شهر كامل ، مهما كانت التضحيات ، عند ذلك سوف ترون فى امروابة البشير وكبار الصعاليك فى الخرطوم ياتون لسماع الشكوى .. واذا جاكم البرقاوي والي الابيض سكوه بالفوسة والطوب حتى يخرج بلا عوده …, وغير ذلك فلا تحلموا باصلاح حال .. هؤلاء الجماعة لايفهموا الا لغة العكاز والفاس والكوريك . قيل ان انت اكرمت الكريم ملكته وان انت اكرمت اللئم تمردا .. امروابة تشكو من ندرة الماء وكانت بئر تلي الخواجة الايطالي لوحدها تسقى امروابة وجيرانها وكان الحاكم الانجليزي يشرف منها …
    الرهد ابو دكنه بكل العظمة والتاريخ الباذخ ، يشرب الماء كدرا وطينا ، يشرب من تردة الرهد مباشرة بدون ادنى تصفية للماء تخيلوا ، وكردفان تمطر الخرطوم بالثروة الحيوانيةوالصمغ وكل الحبوب الزيتية،، ياأمة ضحت من جبنها الامم …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..