(9) مهارات تطيل عمل زواجك

جاسم المطوع
شاب مقبل على الحياة ومتزوج حديثا قال: لقد وقعت خلافات كثيرة بيني وبين زوجتي وأخاف أن تفشل حياتي الزوجية، فكيف أطيل عمر زواجي؟ علما بأني أحب زوجتي ولا أستطيع الاستغناء عنها، فهل من طريقة سحرية أستطيع أن أحافظ بها على استمرار زواجي؟
ابتسمت له وقلت: أنا لست ساحرا، فضحك، ثم قلت له: نعم، هناك مهارات وأخلاقيات كثيرة لو عملتها فإن زواجك سيكون أبديا بإذن الله تعالي، فأخرج هاتفه النقال وقال: أريد ان أسجل ما تقول حتى أخبر زوجتي ونتعاون على الاستمرار.
قلت:
أولاً: كن كريما في تعاملك وأخلاقك مع زوجتك: فقد قيل: «السخاء والكرم يغطيان عيوب الدنيا والآخرة»، فلو كنت كريما فإن كرمك سيغطي كل عيوبك ويساهم في نجاحك واستمرار زواجك.
ثانياً: جرِّب كل شيء: فالتجارب تعطي للحياة طعما مختلفا، جرب مع زوجتك أصناف الطعام والملابس والرياضة، وجرب أن تسافر لأماكن غريبة أو أن تمشي معها في الجبال أو تسبح في البحر أو تنام معها ليلة بخيمة في الصحراء، مثل هذه التجارب تقوي العلاقة بينكما وتعطي للحياة طعما مختلفا كما كان يفعل النبي الكريم في سباقه الرياضي مع عائشة رضي الله عنها.
ثالثاً: المحافظة على النكهة: فلكل واحد منا له شخصية منفردة وهوية مختلفة عن الآخر، فلا تمسح هوية زوجتك أو تلغي شخصيتها، فإن الاختلاف بين البشر في الأطباع والأذواق والأشكال والأخلاق يعطي طعما جميلا للحياة جميلا، فلا تفرض عليها شخصية معينة لأنها لو مثلت عليك فإنها لا تستطيع أن تمثل على نفسها.
رابعاً: احترم المسافة: تنجح العلاقة بين أي طرفين عندما يحترم كل واحد منهما خصوصية الآخر بإعطائه الحرية في قضاء وقت خاص له، مثل ممارسة هواياته أو أن تكون هناك أوقات للراحة خاصة به، أو ممارسة الرياضة أو الخروج مع الأصدقاء، فكلما احترم كل طرف احتياجات الآخر وأعطاه مسافة خاصة به، طال عمر الزواج وشعر كلا الزوجين بسعادة.
خامساً: لا تكثر الهجر: تعلم كيف تعالج مشاكلك الزوجية مع المحافظة على العلاقة من غير مقاطعة أو هجر، فالقطع والهجر من أسهل الأساليب ولكنها تدمر العلاقة الزوجية وتقصر عمر الزواج إلا لو استخدمنا هذا الأسلوب كاستخدام الملح في الطعام، فقد استخدم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الهجر والمقاطعة لزوجاته مرة واحدة في حياته عندما اجتمعن عليه للمطالبة بزيادة النفقة، وذكر الهجر بالفراش كأسلوب تأديبي بالقرآن في حالة الزوجة الناشز وهي حالة فريدة ونادرة.
سادساً: تنازَل وضَحِّ بحكمة: التنازل والتضحية يعتبر تكتيكا ذكيا للحفاظ على استمرار العلاقة، خاصة في الأمور التي لا تستاهل أن نخسر بسببها من أمامنا وليست ذات أولوية في الحياة، وقد طبقت هذا التكنيك السيدة سودة بنت زمعة رضي الله عنها عندما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلقها، فقالت له: أنا متنازلة عن ليلتي لعائشة رضي الله عنها، فوافق النبي على استمرار العلاقة الزوجية في مقابل هذا التنازل، وهذا تصرف ذكي منها لأنها أرادت أن تحشر مع أمهات المؤمنين يوم القيامة، وهذا تخطيط استراتيجي ذكي للمستقبل.
سابعاً: قوِّ علاقتك بالأهل: فأحيانا يكون طيب أهل الزوج أو الزوجة سببا رئيسيا في استمرار الزواج على الرغم من وجود مشاكل كثيرة بين الزوجين، فالأهل والعائلة عندما يصعب وجود مثل أخلاقهما وطيبتهما وفهمهما، فإن التضحية بهما تكون صعبة جدا، وهذا سبب مهم في طول عمر الزواج.
ثامناً: كن مرحاً: فالمرح يخفف من الضغوط ويعالج الرتابة ويدخل السرور ويطرد الكآبة ويزيد الحب، فلو عمل الزوجان بمنهج «ساعة وساعة»، فإن هذا القانون سيسهم في طول عمر الزواج.
تاسعاً: عبّر عن اشتياقك وحبك: عبر عن اشتياقك ولو برسالة أو بكلمة أو بهدية أو حتى لو بإيميل ترسله للطرف الآخر، وعلى رأس ذلك الكلمة، فالكلمة عندما تخرج من الفم يكون لها وقع خاص مثل «اشتقت إليك، وحشتني، ولهت عليك..».
فتوقف الشاب عن الكتابة ورفع رأسه، وقال: هذه قواعد مهمة جدا سأذكرها لزوجتي اليوم، فهل هناك مهارة عاشرة؟ قلت له: نعم، فإن العاشرة هي: «حسن الظن والابتعاد عن الشك وسوء الظن»، فإحدى الزوجات تنتقد إخوان زوجها لأنهم يطلبون منه المال عندما يكون غنيا، وينصرفون عنه عندما يكون فقيرا، وتقول له إنهم يستغلون طيبتك، فرد عليها: بل هذا من حسن أخلاقهم لأنهم يطلبون مني المال عندما أكون مقتدرا ولا يحبون أن يحرجوني، فاستغربت من ردة فعله ونظرته للموقف بطريقة إيجابية، وهذا ما نسميه بحسن الظن، فتنتج عنه سلامة الصدر، وهو ما يريح الإنسان في الدنيا والآخرة، قال تعالي (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين- الحجر: 47)، فسلامة الصدر من نعيم الجنة، فكيف لو كانت في الأرض أو في العلاقة الزوجية، فإنها ستكون من نعيمها كذلك.
ثم وقف الشاب مودعا، فقلت له: قبل أن تودعني مادمت حديث الزواج فاعلم أن أول الزواج ليس مثل أوسطه أو آخره، فكل مرحلة لها معاناتها ومشاكلها وتحدياتها، فكن صبورا واستعن بهذه المهارات العشر مع الدعاء، فإن زواجك هذا في الدنيا، وهو مستمر معك في الآخرة بإذن الله تعالى.
drjasem@
الانباء