وهرب العريس!!!

بدأت كالقمر الذي أكمل تمامه وهي تطمئن على اكتمال ترتيب المنزل وتنظيمه وتجهيز الحلويات والمشروبات والعشاء ومعها صديقاتها الثلاث اللاتي كن كالنجوم الزواهر من حولها ومن ثمّ دلفت هنادي إلى غرفتها لإكمال زينتها فلم يتبق غير ربع ساعة من حضور إيهاب وأهله فإيهاب هو ذلك الشاب الذي تربطها به علاقة عاطفية وتقدم لطلب يدها وقد اختار هذا اليوم كبداية لتلك الخطوة والتي سوف يكون من خلالها التعارف على أهلها وقد أخبرها بأنه سوف يأتي ومعه زمرة لابأس بها من أهله من الجنسين وبالفعل أخبرت هنادي والداها بهذا الحديث والذي كانا يدركانه فقد اتصل ايهاب بوالدها وأخبره. كان منزل هنادي به ما لا يقل عن خمسين فرداً من أهلها وذويها ومن تربطهم بها صلة رحم فقد أصرت والدتها على دعوة هذا الجمع بالرغم من معارضة هنادي ووالدها لذلك وبأنهما يودان أن يكون هذا التعارف في نطاق ضيق ولكن إزاء إصرار الأم التي بررت بأنّ هنادي هي الابنة الوحيدة التي لم تجنب غيرها ولابد أن تكون مراسم زواجها منذ البدء بأسلوب مغاير ومبهرج ! فرضخا لطلبها وأسلما لها زمام الأمور. مرت ربع الساعة ونصفها والساعة بأكملها ولم يأت أحد فتملك القلق هنادي ووالدتها التي طلبت منها بعد مرور الساعة والنصف أن تتصل على إيهاب لتعرف الخبر اليقين وبالفعل قامت هنادي بمهاتفته فوجدت تلفونه مغلقاً ومن ثمّ اتصلت بتلفون أخته فوجدته أيضاً مغلق فازداد قلقها ويمر الزمن والكل يتململ في جلسته ونظرات السخرية والشماتة تتبادلها بعض النسوة ممزوجة بابتسامة خبيثة فكانت هنادي ووالدتها في موقف حرج والأم تحاول أن تلطف من الموقف ببعض الدعابات التي كانت تختلقها خلال تناول الجميع للمأكولات والمشروبات، بينما في الجانب الآخر حيث كان والد هنادي يتصبب عرقاً فقد أصبح أقلّ من السمسمة في عيون بني جنسه الذين دعاهم والذين انفض معظمهم ومع دقات الساعة الحادية عشرة مساءً اصطنع أهل المنزل لعدم الحضور كذبه بيضاء بأنّ والد إيهاب قد أصيب في حادث سير فكان هذا هو سبب عدم حضورهم فتفرق البقية الباقية من الجمع بين مصدق ومكذب لتلك الحكاية التي حاكت والدة هنادي تفاصيلها بدقة وسردتها للحضور مع تأكيدها بأنها تسردها لهم كما جاءت على لسان والدة إيهاب التي أخبرتها القصة بالتلفون . وما أن أصبح الصبح إلا وادركت هنادي ووالداها أنّ إيهاب مخادع وكاذب ومنافق وغير مسؤول وازداد تأكيدها بعد ذلك من صديقه الوحيد الذي كان قد عرفها به وكان على سفر في ذلك اليوم . مثل تلك الواقعة أصبحت منتشرة في المجتمع أي هروب العريس المنتظر لأي سبب من الأسباب أو تلفيقه لبعض الأعذار وانسحابه تدريجياً فالذي يدعو للدهشة والتساؤل لما كل ذلك الإحراج الذي يسببه أحدهم لإحداهن أمام الآخرين وامام أهلها ولما لا يكون الواحد منهم منذ البداية واضحاً ؟ بالتأكيد عدم الوضوح يكمن وراءه الكثير من الغموض والالتباسات التي تحيط بمثل الذي على نهج ايهاب ونمطه، فمثل أولئك يفتقرون للضمير الحي وكذلك اللوم يقع على هنادي وأمثالها ممن لا يحسن الاختيار ويصدقن قول الجنس الخشن وتمثيله من غير تأني ودراسه للموضوع بكافة أبعاده وحيثياته. نهاية المداد قضينا مع الحب عمرا جميلا وفي آخر الدرب لاح الجدار لماذا تعربد فينا الأماني ويخدعنا وجهها المستعار ؟ لماذا نسافر خلف النجوم ونحن نراها تضل المسار هو الحب مهما حملناه طفلا و مهما طغى في دمانا و جار سيغدو مع البعد كهلا حزينا يخلف فينا الأسى والدمار

فـايزة إدريس..
صحيفة التيار