أخبار السودان

دعماً للتنمية أم للفساد ..؟

الطاهر ساتي

:: ( بتنفخ في قربة مقدودة)، هكذا يُعبر القارئ – للكاتب – عن واقع الحال، وهي من أصدق التعابير التي تعكس ملامح اليأس بلا رتوش..وصدقاً، لاتصلح الأقلام ما تُفسدها مراكز القوى والفساد بأي دولة، وخاصة حين تكون المراكز أقوى من الدولة..ولكن العزاء وما يُطمئن الأنفس المحيطة اليأس هو أن الغاية من أحبار الأقلام ليست الإصلاح فحسب، ولكن (التوثيق أيضاً)، وخاصة أنها لو دامت لغيرهم لما آلت إليهم.. والمهم، قبل ثلاثة أيام، آي الاثنين الفائت، كتبت ما يلي بالنص ..!!

:: عددهم يتجاوز الأربعمائة مواطن، ولكل منهم حكاية تُدمع العين و تُدمي القلب..وعلى سبيل المثال، محمد البشير ، من أبناء الكاملين بالجزيرة، وكان مغترباً لفترة تجاوزت العشرين عاماً، ثم عاد بحصاد الغُربة ليتابع تعليم الأبناء والبنات..وما أن طاب به المقام في بلده، فكر في مشروع يتناسب مع عمره بحيث يكون له عوناً بفضل الله في تكاليف تعليم الأبناء و (أكل عيش أسرته)..وقبل أن يكتمل التفكير، سمع البشير أن سلطات الدولة فتحت باب استيراد عربات النقل المتجاوزة لموديل العام، ولم يكن هذا الباب مفتوحاً..!!

:: قصد وزارة التجارة وتأكد من صحة الخبر، وغادر إلى أبوظبي وإشترى بحصاد الغربة (ثلاث دفارات)، وعاد إلى بلاده ليستلم عرباته في بورتسودان بعد أن يدفع ما عليه من (جمارك ورسوم).. ولكن بعد وصول شاحناتها،، قصد عمنا هذا سلطات الجمارك للتخليص، وهناك تفاجأ بصدمة مفادها : ( معليش، القصة دي وقفوها)..هكذا، بدون أي سابق إنذار أو إخطار أو تحديد (مهلة زمنية)، تم إغلاق باب إستيراد عربات النقل المتجاوزة لموديل العام .. ولم يجد حلاً للخروج من مخاطر المصادرة والغرامات غير إعادة تصدير العربات إلى ( ميناء جدة)..!!

:: ومنذ نصف عام ، يدفع البشير – و أكثر من أربعمائة مواطن – لسلطات ميناء جدة يومياً ( 30 ريال)، ولمينائي جيبوتي و العقبة ( 10 دولار)، كرسوم الإحتفاظ بالعربة الواحدة لحين سحبها، وكلها عربات نقل جماعي وشاحنات..وعليه، بكل وضوح، هؤلاء ضحايا سلطات بالدولة لم تفتح باب إستيراد السيارات المتجاوزة لموديل العام بالعدل والمساواة لكل الناس..نعم، تأملوا في (قسوة القرار)، إذ شمل قرار الحظر حتى العربات التي وصلت موانئ السودان بعلم السلطات، وكذلك التي تم شحنها في السفن ب (إذن السلطات).. ولاتفسير لهذا غير أنهم فتحوا باب الإستيراد لفئة ثم أغلقوا الباب أمام ( العامة)..!!

:: ولو كانت أجهزة الدولة عادلة في قراري ( الإستيراد والحظر)، لأعلنت فترة الاستيراد بجدول زمني حتى لا يتكبد المواطن خسائر الإستيراد بعد (إنتهاء الفترة المحددة)..ولدرست كمية السيارات المطلوبة لحل أزمة النقل، ثم حددت مواصفاتها وصدقت باستيرادها ثم بعد ذلك لأغلقت باب (استيراد المزيد )..ولكن للأسف، لكي تكون عامة الناس هي الضحية، فتحت السلطات باب الإستيراد وبعد إستيراد البعض أغلقتها – بقرار مفاجئ – في وجه البعض الآخر.. وعليه، لم يكن هناك عدلاً يساوى الجميع في (الإستيراد أو الحظر)..!!

:: تلك كانت قضية زاوية الإثنين 3 نوفمبر 2014..وفي اليوم ذاته، خاطبت وزارة التجارة هيئة الجمارك بالنص الآتي : ( السيد رئيس هيئة الجمارك، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الموضوع : إستثناء عدد 10 شاحنة من شرط الموديل.. بالإشارة للموضوع أعلاه، تقدمت شركة يونيون ترست المحدودة لإستيرد 10 شاحنة من شرط الموديل، ونفيدكم لامانع لدينا إستثناء هذه الشاحنات من شرط الموديل دعماً للتنمية بالبلاد، وتقبلوا فائق الشكر..جهاد حمزة حامد، وزير الدولة بوزارة التجارة)، هكذا النص الإستثنائي الخاص لاحد النافذين، بتاريخ الإثنين 3 نوفمبر 2014..وبقائمة العربات المستثناة عربات موديل ( 1985).. ولا تعليق ..!!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الأخ / الطاهر ساتي
    أكرر لك ماذكرته .. لا تنفخ في قربة مقدودة ..!
    هذه شلة عصابة لا أحد يستطيع أن يكسب مليم واحد إن لم يكن فرد في العصابة ..
    قبل ذهاب الجنوب كان المثل يقول إن داير تعيش في السودان يا تكون كوز أو حركة شعبية أما بعد أن خلا لهم الجو بعد إنفصال الجنوب فإن لم تكن مؤتمر وطني فلن تستطيع كسب مال حلال عن طريق تجارة أو عمل شريف فالتمكين قصدوا به التكويش على كل الوطن بأهله ويموت جوعاً من يخالفهم الرأي …

  2. وما الجديد في ذلك يا اخ العربالمشكلة ليست في النظام انما هي في المواطن الجبان الذي لايستطيع مواجهة رجال الامن بكل جرءة او علي الاقل المبادرة ومن ثم سيجد الناس اتوماتيكيا يتفاعلون معه فعندما تحصل مشكلة في الجمارك ومشكلة اخري في المطار مثلا واخري في الجوازات والمغتربين وديوان الزكاة و المواقف العامة سيحدث شلل كامل في البلد ولن تجد الحكومة مخرج لها الا ان تسمح وتفتح الابواب لكل المواطنين لانها ببساطة لاتستطيع ان تواجه الشعب في كل اركان البلد ستضطر مرغمة بتنازلات مؤلمة تقدمها حتي لا تخرج الامور عن خارج سيطرتها

  3. أحسب (حلوة احسب دي ولا أغيرها؟) ان الرجل وهو يطالع مقالك هذا سيبتسم ابتسامة (ترابية) عريضة تلك الابتسامة التي لا تحمل من مﻻمح الدنيا سوى الخبث و لسان حاله يقول “البحاسبنا غير الله يجي يجمركنا”.

    حدثتني محدثتي وهي ممن ﻻ اثق في قولها وتدعي قرأت المستقبل كونو اختار موديل 85 وبعد ثﻻثة ايام فقط من كتابتك لمقالك السابق فهذا إن دل على شئ فإنما يدل على أن انتفاضة ستحدث و عما قريب، انتفاضة سيتبدل بعدها الحال الى حال آخر، كل شئ سيتغير وقتها وستنقلب الموازين رأسآ على عقب الحﻻل يصبح حينها حرامآ والخير يصبح شرآ والناس سيتركون اكل لحوم الحيوان ليتفرغوا ﻷكل لحوم بعضهم بعضآ، ستغرق العاصمة والمدن وستغمرها المياه عن بكرة ابيها ومع هذا ﻻ شئ يجري في النيل وﻻ صنابير المياه، الصﻻة ستكون وقوفآ حينها فﻻ احد يطيق موضع السجود فالجثث باﻻسفل بعضها تحلل بعضها اﻻخر لم يسعفها حظها العاثر لتجد البكتيريا المناسبة، الباعة في اﻻسواق ينادون عشر عشر يااا (بضم العين) والناس يتعاركون ويتقاتلون للحصول عليها وﻻ شئ في اﻻسواق سوى العشر رغم أن هناك من اشاع بأن تاجرآ من نواحي مدينة الفاشر كان يبيع حينها لبن الطير لكن البعض اﻻخر روج ان هذا الطير ماهو إﻻ صقر الجديان.
    ويبقى السؤال
    هل لمحدثتي اي صلة تجمعها باسحاق فضل الله ؟

  4. هذا هو الواقع في بلدنا منذ الاستقلال و تضاعف أضعافا مضاعفة مع الإسلامويون ، لا وجود للعدل عندنا . معظم ان لم يكن كل من أغتني في عهد الإنقاذ البائس اغتني علي حساب اخرين ممن ليس لديهم نفوذ . لو كان للبشير ذمة او شرف لترك الحكم اليوم ، انه هو المسؤول عن هؤلاء النافذين . من ينتظر حوار مع حزب فشل حتي في تبديل رئيس فاشل عليه الانتظار كثيرا .

  5. * مع إقتناعنا بالظلم الذى وقع على هؤلاء الأبرياء, لكن الحقيقه ان عدد الذين ظلموا و افقروا و اضطهدوا و شردوا يفوق ال32 مليون هم سكان ما تبقى من السودان, و ليس ال400 (بتاعين العربات) يا ساتى, فهؤلاء حالهم احسن نسبيا.
    * كما ارجو ان “لا تنفخ فى القربه المقدوده!!” يا اخى. ذلك لأن “التوثيق” للظلم و الفساد و المحسوبيه و اللصوصيه حاضر تماما لدى الشعب السودانى. و “التوثيق” يتحدث عن ما يعادل موارد البلاد و العباد من الدخل القومى لمدة اكثر من 25 سنه.
    * ذلك هو الحجم المالى للظلم و الفساد و اللصوصيه الذى سيحاسبون عليه حسابا عسيرا, إنشاء الله, بخلاف حسابهم الذى سيكون اشد قسوه و إيلاما على الجرائم الجنائيه الكبرى التى إرتكبوها فى حق مئات الآف المواطنين الأبرياء.
    * ذاك سيكون يوما مشهودا يا اخى, فلا تنزعج!

  6. * مع إقتناعنا بالظلم الذى وقع على هؤلاء الأبرياء, لكن الحقيقه ان عدد الذين ظلموا و افقروا و اضطهدوا و شردوا يفوق ال32 مليون هم سكان ما تبقى من السودان, و ليس ال400 (بتاعين العربات) يا ساتى, فهؤلاء حالهم احسن نسبيا.
    * كما ارجو ان “لا تنفخ فى القربه المقدوده!!” يا اخى. ذلك لأن “التوثيق” للظلم و الفساد و المحسوبيه و اللصوصيه حاضر تماما لدى الشعب السودانى. و “التوثيق” يتحدث عن ما يعادل موارد البلاد و العباد من الدخل القومى لمدة اكثر من 25 سنه.
    * ذلك هو الحجم المالى للظلم و الفساد و اللصوصيه الذى سيحاسبون عليه حسابا عسيرا, إنشاء الله, بخلاف حسابهم الذى سيكون اشد قسوه و إيلاما على الجرائم الجنائيه الكبرى التى إرتكبوها فى حق مئات الآف المواطنين الأبرياء.
    * ذاك سيكون يوما مشهودا يا اخى, فلا تنزعج!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..