كيف انبنى النظام الطفولي في السودان؟!

سعودي دراج

تقريباً ينبني النظام الطفولي الحاكم في السودان حاليا على ستة مرتكزات أساسية هي:-

اولا: دور الرأسمالية الطفولي في تجفيف منابع نشاط القوي المناوئة للرأسمالية المتمثلة في مجالات العمل، صناعي، زراعي، السيطرة على حركة السوق وجلب البضائع والسلع الفاسد منها والصالح لتغطية كل احتياجات المواطنين باسعار التراضي وتفريغ السلع والبضائع المكدسة بمخازن الراسمالية العالمية.

ثانيا:- دور السلطة الحاكمة في حراسة وحماية النشاط الراسمالي الطفيلي من النواحي الامنية، قمع اى نشاط بكل الإمكانيات المتوفرة وبأيدها. التضييق على الراسمالية الوطنية أي طردها من أي نشاط إستثماري.

ثالثا:- بيع وشراء اصول كل المنشآت والمصالح التي بيعت وخصخصة بابخس الاثمان وتشريد كل العاملين بها. شراء بعض القيادات الحزبية السياسية، وتشجيع الانقسام داخل الاحزاب، وبعثرة النشاط الحزبي، وسن القوانين الرادعة لقمع اي تحرك مناوئ لها وحصر نشاط الاحزاب في اضيق نطاق وصلتها بجماهيرها.

رابعا:- الجانب الاعلامي، احتكار معظم الصحف المقروءة منها والمشاهد والمسموع، وكتاب الاعمدة، واغراء مظمهم باي وسيلة للكتابة لتزيين وجه السلطة أمام الرأي العام المحلي والاقليمي والعالمي، حتى تبدأ وكأنها مبرأة من أي عيب. إضافة إلى كل ذلك فرضت سيطرتها على الحركة النقابية بواسطة العناصر الانتهازية والقوانين المقيدة للحريات، كما شهرت في وجه العمال سلاح التشريد في لحظة من الخدمة.

خامسا: كل هذه الاجراءات مكنت الرأسمالية الطفيلية الناشئة والقديمة من تجميع وتركيز راس مال في ايديها حتى تتمكن من تنفيذ برامجها والقيام بدورها الموكل لها.

سادسا: تحويل ما تحصلت عليه من أموال بيع الإصول من الشركات والمؤسسات والسطو على الميادين العامة وبعض الأراضي واستثمارات خاصة وبناء عمارات ومزارع وقيام شركات تقوم بالإشراف على كل السلع الفاسدة ومنتهية الصلاحية إضافة إلى جلب الخمور والمخدرات . . . الخ.

وكل حلقة إرتكازية لديها مهام محددة ومربوطة بشكل محكم مع الحلقة التي تليها، وفي إعتقادي أن إتباع هذا التاكتيك هو الذي أتبع مع النظام السوفيتي وكل المنظومة للدولة الاشتراكية، بعد نجاحها، واليوم ينفذ بدقة مع الدول التي كانت مستعمرة وتبحث عن طريق آخر بخلاف طريق المستعمرات السابق.

بفضل الثورة العلمية والتقنيات العالمية تغمر الرأسمالية العالمية أسواق العالم بسيول وفيضانات من السلع والبضائع تفوق احتياجات القوى البشرية التي لا تقوى على استهلاكها خاصة نتيجة الفقر والبطالة وحياة البؤس.

بينما تحتاج مصانع الرأسمالية الى كميات هائلة من المواد الخام، حتى لاتتوقف وتجعلها تلهث وراء ايجاد المواد الخام وفتح مزيد من الاسواق في جميع انحاء العالم وإستعباد المزيد من الشعوب واستعمارها، بل وتعمل جاهدة للتخلص منها وذلك بخلق وتشجيع الفتن بين القوميات والقبائل ضد بعضها البعض. وكذلك بين الدول والحكومات واضعاف الشعوب وتفرض عليها ظروف حياة تجعلها تتعايش مع الجراثيم والامراض الفتاكة وفضلات وبقايا المصانع دون حرج، وتعيش على بعض المساعدات التي تقدمها لها الشركات الراسمالية الكبيرة. ووسط مناخ كهذا نجعل من السهل جدا على بعض الناس ان يكونوا حقول تجارب، مثل جرثومة الايبولا ومن قبلها جرثومة الايدز، والتجربة التي لا يمكن ان تمحي من ذاكرة البشرية القنبلة الذرية التي اسقطت في الاربعينات على مدينتي نجازاكي وهيروشيما اليابانيتين.

وهذه المساعدات التي تقدمها الشركات للشعوب الفقيرة تقدم عن طريق حكوماتها الوطنية وبطلب منها بإعتبارها مساعدات وعون من جانبها للشعوب الضعيفة، وتظهر كأنها المنفذ لحياة البشر المستضعفة، من الهلاك المحتم وتقتل فيها روح المقاومة والإيمان بالوطن والوطنية ونكره اليوم الذي طردت فيه الاستعمار من بلدانها طلباً للحريةِ والتقدمية والديمقراطية والتنمية كبقية خلق الله المرفهة، وأكيد تنعكس هذه الروح السلبية على القوى الوطنية الديمقراطية في معظم البلدان، وتفتح لها أكثر من جهة وخلق مناخ يلائم الانقسامات وسطها وفتح مجال رحب للمغامرين الذين يكون ضررهم للقضية اكثر من نفعهم، وذلك بقيام اعمال طائشة، بسبب فشلها تجر الشعوب للخلف وتعرض ثوراتهم للانتكاسات واتاحة فرص واسعة امام اعداء التقدم للتخلص من قادة حركات التحرر وإبادتم.

الميدان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..