ليتك أبكمٌ .. أصمٌ و أعمى

ليتك أبكمٌ .. أصمٌ و أعمى

شريفة شرف الدين
[email protected]

أكثر الوسائل فعالية لفقع المرارة الاستماع للبشير و هو يتحدث عن قضايا السودان .. طرح الطاهر التوم بقناة النيل الأزرق جملة من الأسئلة ذات العيار الثقيل و لكن بنعومة لم نعهدها فيه و هو يرفع الذي يرفع حدة نبرته و أحيانا كثيرة يطلق ابتسامته و ضحكته الساخرتين عندما يكون ضيوفه من غير البشير .. أكثر ما ساءني في الحوار هو ارخاء حبل الضغط على إجابات البشير بعيدة المنطق و الواقع .. يطرح التوم السؤال فيجيب البشير كيفما اتفق ثم يمضي .. لم تكن هناك استطلاعات مسبقة عن أيما قضية طرحت في البرنامج خاصة قضية أحداث جنوب دارفور و كاشا .. مذكرة الألف و ما حوتها .. قضية المناصير و مؤسسية حزب المؤتمر الوطني .. الخلاصة انتهى البرنامج و البشير (الفالح الشاطر) أجاب عن كل الأسئلة التي كُشفت له قبل أسبوع و (ذاكرها كويس) و لم يكن هناك أي سؤال مباغت.

لم أسمع في حياتي تبريرا هشا كالذي قال به البشير في قضية تقسيم ولايات دارفور .. قال إن التقسيم جاء إرضاء قبليا محضا للفور و ضرب بعرض الحائط رغبات مواطني جنوب دارفور و كاشا معا في فرض والي آخر غير مرضي عنه و لم ينتخبه أحد و يدعي من وجه آخر أن حزب المؤتمر الوطني أكثر الأحزاب شورية و مؤسسية!! لو فطن المنتمون للمؤتمر الوطني لما قاله البشير لعلموا أنهم لا إرادة لهم إلا ما يريده الرئيس الذي اعتبر كاشا أداة طيعة في المؤتمر الوطني و أن الحق كل الحق للمركزفي التصرف فيه و في خيار قواعد الحزب بالكيفية التي يراها .. و هنا نسأل: ما فرق هذا عن التعيين؟ هل كان ثمة داع أن تهدر ملايين الملايين في انتخابات لا تلبي رغبات القواعد؟

هل كان من المهم التطرق لمذكرة الألف كمذكرة أم محتوى؟ نقول للبشير ردا على عدم قبوله و قبول حزبه لسياسة المذكرات مجهولة المصدر .. نقول له و هل دفع كاتبي المذكرة ? على فرضية أنها كتبت ? إلى التخفي إلا سياسة الضرب و الاغتيال و الإقصاء الممارس داخل حزبكم؟ كم طالبا معارضا لكم قتلتموه و ألقيتم بجثته في الشارع؟ ألا ترى كيف هو أسلوبكم الخطابي؟ قاعدة ثابتة: كيف تقول يدلل على ماذا تفعل و قد برهنتم قولا و فعلا.

عليك أن تعرف أيها البشير أن كل ما تقوله حجة عليك .. أنت لا تكاد ترتكز على حال .. أنت أس المشكلة و سبب البلاء .. مُنحت صلاحيات دستورية لا تتفق مع تفكيرك المحدود فصرت كأحمق مُنح سيفا فصار يجرب مضاءه هنا و هناك دون أن يكترث لدم سال أو دولة اقتطعت. إن كنت لا ترى الفساد فذلك لأنك غارق فيه و إطلالاتك التلفزيونية المطبوخة هذه لن تقنع بها إلا نفسك .. نريدك في مناظرة وجها لوجه مع الخصوم و ليس على قناة سودانية .. عبت على الصادق المهدي كثرة الكلام و لكنك زدت على كثرة كلامه بذاءة و فحشا في القول.