في «تابت» عارٌ لا يُغسل إلا بالانتقام

محجوب حسين

«تابت» القرية الريفية الواقعة شمال مدينة الفاشر، غرب السودان، ليست أحد المعالم الاثرية السودانية التي وضعتها «اليونيسكو» ضمن مواقع التراث الإنساني لتنال شهرتها، أو بالاحرى هزيمة الإنسانية فيها.
«تابت» هي الجرح والألم والحزن السوداني، بهذا المعنى «تابت» شكلت عنوانا للعار في ظل حكم إسلامويي الخرطوم، وحتما الموقع والحدث والاشياء والتاريخ الواقع محلا لذاكرة جماعية سودانية مؤلمة، ومدعاة في الوقت ذاته للتاريخ والتوثيق حتى يستحضر الشعب السوداني هذا اليوم، «يوم العار» ضمن تاريخ نُظم حكمه السياسية، شأنه شأن أيام الانتصارات والهزائم، فلا يكفي أن يستذكر التاريخ انتصاراته فقط.
الإشارة هنا للجريمة ضد الإنسانية المكتملة الاركان التي قامت بتنفيذها عناصر من الجيش السوداني ضد ساكنة قرية «تابت» من العنصر النسوي في 31/10، الركن المادي لهذه لجريمة يتمثل في اغتصاب جماعي لأكثر من 200 من النساء، فيهن قاصرات وفتيات ومحصنات، وحتى لا ندخل في التكرار، حيث قال الشعب السوداني عبر كل الوسائط المتاحة موقفه، إلا اعلام الخرطوم «المسؤول» الذي التزم الصمت، هذا فضلا عن الحملة الاعلامية النشيطة للشعب السوداني وقواه السياسية الوطنية الديمقراطية، كما ثبتت العديد من الدول الغربية مواقفها ما بين الاستنكار والإدانة والشجب والتعبير عن القلق، صاحبتها دعوات لإقرار العدالة ? كل على شاكلته ? ما عدا الدول العربية والإسلامية، سواء في هيئاتها أو بمفردها، لم تسجل كعادتها اي موقف.
الأهم في هذا السياق، دفعت تلك المجهودات الإنسانية مجلس الأمن الدولي إلى تخصيص جلسة يوم الاثنين 17.11.2014 ? مقالنا قبل جلسة مجلس الامن- للنظر في الاغتصاب الماثل في «تابت»، وهي الواقعة في الجغرافيا السودانية الممثلة عبر سلطتها السيادية كعضو دولي «محترم»، أُرتكب جرمُ دولي عبر ايدي قوات البشير ونظامه، يصنف جريمة ضد الإنسانية، بالطبع هي مخالفة للقانون الدولي والعرف والقيم والثقافة لكل المجتمعات الإنسانية، بل هي أكثر حدة وعمقا وتأثيرا وردة في الفعل في بعض الثقافات والاديان مثل الإسلامية، وبالاخص بين القوي التقليدية والقبلية مثل الحالة السودانية، على سبيل المثال. وهنا لا نستبق قرارات مجلس الأمن في التعاطي مع هذه الجريمة، التي نأمل ان تتخذ القرارات لمعالجة كلية للامن والسلم في اقليم دارفور، واعادة النظر في قوة «اليوناميد» الدولية الهجين، الفاقدة للمصداقية والواقعة تحت رشى الحكومة السودانية، وتشكيل لجنة دولية محايدة بدون مشاركة «اليوناميد» تتولى مهام التحقيق الدولي، ومن ثم إحالة الملف بكامله للمحكمة الجنائية وفق الفصل السابع، والعمل على تنفيذ القرار في مساءلة ومحاكمة دولية شاملة.
اغتصاب «تابت» لا يمكن النظر اليه بمعزل عن فلسفة عقل الحكم المهيمن القابع في السقوط والانحراف السياسي بشكله المعنوي والمادي، لقهر الروح والغائها، بل قتلها في مفارقة بين العقل والجسد والروح، لانتاج مجتمعات ذليلة قابعة خانعة مستسلمة منهــــزمة،لان هذا العقل السياسي هو المرجع الذي ينتج الفــــعل الإجرامي، ليتحول الامر إلى عقيدة ايديولوجية بامتياز، تمارس وتُطبق في كل المجالات من الاقتصاد إلى الثقافة إلى الاجتماع إلى الدين إلى الأمن، مضافا إلى كونه مرتكزا محـــوريا في ضبط ايقاع الهيمنة وفق اصول ومبادئ واسس حكم «الرذيــــلة» الإسلاموي الذي وقع في الســــودان، جاءت هــــذه الممارسات والتطبيقات في أشكال مختلفة، كالابادة الجمـــاعية الثابتة شكلا وموضوعا، وجرائم حرب ضد الإنسانية في عدد من اجزاء السودان، وسلاح التجــــويع إلى القهر وفق عقيدة الاغتصاب التي باتت نموذجا من نماذج القهر لنظام الحكم. الاغتصاب في «تابت» هو اغتصاب مادي يتحمله الرئيس السوداني ونظام حكمه، هذا هو الاغتصاب الاول.
اما الاغتصاب الثاني فهومعنوي/ رمزي، وقع على مؤسسة الدولة السودانية منذ وقوع الانقلاب علي الارادة الشعبية السودانية، فيها تم اغتصاب الدولة ومؤسساتها عبر مجموعة سياسات وقعت في العقد الاول للحكم، الذي سجل أسوأ تعذيب «إسلاموي» جرى في الارض السودانية في بيوت خصيصة سميت «بيوت الاشباح» فيها يدخل الإنسان إنسانا ويخرج شبحا، وهنا على الناظر التأمل. فيما العقد الثاني الذي امتد إلى العقد الثالث فيها، توسع العقل الإسلاموي المنتج للآفات البشرية ليضع منظومة القيم والاعراف والاخلاق على المحك.
ان الاغتصابين اللذين وقعا على السودان، جاء الاول في ماديته كما وقع في «تابت» ومثيلاتها الاخريات والسابقات، دورية أو يومية أو سنوية، ما زالت تتسم بالاستمرار والديمومة. اما الثاني فهو الاغتصاب الرمزي/ المعنوي الذي وقع على الوطن ككل، إلى ان تم تقسيم في ظل ادوات قهرية عاملة في الاغتصاب الشامل لكل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والقانونية.
انهما، اي الاغتصابين، لا يتم حلهما رغم توافر اسسهما القانونية الدولية الجنائية الا بفعل القوانين القبلية التقليدية، كأعراف شرعية، جوهر احكامها يقوم على فعل الانتقام، وهو فعل وعرف شرعي في منظومة القيم القبلية التقليدية التي توجه بالدرجة الاولى نحو رأس الحكم مباشرة، ودعوتنا هنا ان يكون يوم 31/10، من كل عام يوما «للعار السوداني» حتى يعرف الشعب السوداني ما حل به في تاريخه الحديث في ظل حكم الامبراطورية الإسلاموية الحاكمة في البلاد السودانية. إسلامويون منتجون لفعل الاغتصاب للنساء والاوطان.

٭كاتب سوداني مقيم في لندن

محجوب حسين
القدس العربي

تعليق واحد

  1. اخي محجوب البلد كلها بتغتصب منذ فجر 1989م وحتى الآن ، للاسف انتم والحكومة قمتم باغتصاب بلد كامل مع سبق الاصرار بل وتدميره وجعلتم من شعبه ازل الشعوب اليوم ، نعم الحكومة السافلة وانتم ايها المثقفون المتعلمون كنتم معا شركاء في اغتصاب وتدمير بلد اسمه السودان وشعبه ترون الناس بتموت من الجوع والفقر والمرض وما زلتم تتقاتلون من اجل من؟ انتم والحكومة تعيشون في افخر الفنادق في الدنيا وتاكلون ما لز وطاب واهلنا هناك وهنا ياكلون التراب ويفترشون الارض اليس منكم رجل رشيد اخي محجوب حسين انسوا مشاكلكم الشخصية واسمو جميعا حكومة ومعارضة من اجل ايقاف الحروب والاقتتال الذين دمر السودان وشعبه اشك انتم جيعا متضامنون من سفلة المؤتمر الوثني لتدمير كل شيء وهو كل شيء يدمر بطريقة ممنهجة لم يسلم شيء لم يتم تدميره حتى الاخلاق تم تدميرها إلا من رحم .

    اجلسوا واتركوا النزاعات رحمة بهذا الشعب الفضل ودعوا هذا الشعب يتفرغ للحياة وطلب العلم والتطور مثل سائر شعوب الدنيا .

    واعلموا لو دامت لغيركم يا حركات وحكومة لما آلت لكم ودوام الحال من الحال.

    فالموقع الذي انتم والحياة الرغيدة والسرير الذي تنامون فيه يا مسئولي الحركات والحكومة تاكدوا غدا او يوما ستكون تحته اي تحت التراب الذي تمشي عليه الآن .

    واعلم الموت لكم جميعا حكومة وحركات آت لا محالة وحيث حساب عسير .

    متى يا تضع الحرب اوزارها يا ترى اليس منكم رجل رشيد يا محجوب ؟

    من اجل شعبنا الفضل اوقفوا الحروب هذا ليتفرغ الشعب للحياة مثل غيره من الشعوب متى؟

  2. لإشارة هنا للجريمة ضد الإنسانية المكتملة الاركان التي قامت بتنفيذها عناصر من الجيش السوداني

    ما عدا الدول العربية والإسلامية، سواء في هيئاتها أو بمفردها، لم تسجل كعادتها اي موقف.

    في «تابت» عارٌ لا يُغسل إلا بالانتقام

    دى مقاطع من المقال و صراحة انا ما عارف الجريمة ارتكبت بالشكل دا و اللة الموضوع تضخين اعلامى و بس

    لكن لفت نطرى بالمقال
    اولا الجريمة ارتكبها الجيش السودانى (يعن عاوز تنتقم من الجيش السودانى مش الحكومة )
    ثانيا سكتت الدول العربية و الاسلامية (انا ما عارف الافارقة و الصين و روسيا ديل ما دول) و الموضوع مكتوب باسلوب عنصرى

  3. الاغتصاب مستمر في الشعب السوداني يااخي محجو منذ أن اتت ثورة الانقاص والمؤتمر الوثني اللاوطني واستمرت في اغتصاب المواطن آنى تحرك ، والاغتصاب له معاني كثيرة والذي نورده هنا سلب المواطن كل ما يملكه وترك القليل له ليعش به ذليل كما يحدث اليوم في عصر الهمجية التي تضرب البلد واهله ، وانتم شركاء يا محجوب وكل الحركات والدليل هو سلب المواطنين العذل اثناء تحركهم في كل مناطق غربنا الحبيب ، واوقفتم ومعكم الحكومة ودمرتم كل المشاريع القائمة من عشرات السنين ومعكم حكومة السجم هذه والدليل حتى الناس هناك لم تعد تزرع لانكم تأخذون عرق الفقراء والمزارعين هناك والحكومة كذلك وحتى سائقي السيارات الخاصة والعامة رغم انهم اناس يتجولون في السودان ويرحلون البضائع لشتى بقاع السودان عصاباتكم تضر بهم وتنزل بهم اشد انواع السلب والقتل اتلك رسالتكم حكومة ومعارضة لمصلحة من ولماذا تهددون مصالح اهلنا هناك ، قلتم حكومة ومعارضة انكم أتيتم من اجل المواطن الفقير واتيتم لرفع الظلم الذي لحق به ولكن افعالكم لا تتفق والواقع المرير المعاش اليوم.

    لماذا تشريد المزارعين واهل الحلال والطلاب والنساء انتم والحكومة سببا رئيسيا فيما يحدث لاهلنا في كل السودان الحبيب اليس منكم رجل رشيد؟

    لمتى التيه والغيء ومتى يطل فجر السلام ويعم كل السودان؟

  4. أولا إذا ثبت صحت عملية الإغتصاب الجماعي فيجب تحكيم حكم الشرع الحنيف في الفاعلين وذلك بالقتل والصلب لأن هذا الفعل لو تبت يعتبر إفساد في الأرض

    ثانيا هذا المدعو بحاول الربط بين هذه الفعلة الشنيعة والإسلام للطعن في الدين ووأد أشواق المسلمين في عودة التحاكم للشريعة الإسلامية السمحاء وأهل دارفور معروفون بالتدين ولايمثلهم هذا المتخنفس.

    ثالثا هذا الشخص أنا حضرت له لقاءات كثيرة وهو شخص خاوي الفكر يردد في كلام مكرر منذ عشرات السنين ولا أدري من الذي صدق أن هذا كاتب وأعطاه مساحة في جريدة القدس العربي
    رابعا هذا المقال يحتاج لويكة جديدة من تمبول عشان يلايقوه ويطلع منه ويكة صريحة مفهومة
    خامسا هذا الشعر المفلفل وهذه الحركة لاتأتي إلا من أناس راسهم فاضي يحاولون جذب إنتباه القراء والمتابعين بعيدا عن الموضوع وهو عدم الموضوع وخواء الفكر.

    لبرنامج الإتجاه المعاكس

    أختكم بت إبليس

  5. نريد اكثر من ذلك يا سيد محجوب نريد انتقام فعلي يقع علي الذين ارتكبوا هذا الجرم اليس في دارفور رجال ينتصرون لعروضهم ام ماتت القلوب بحب الدنيا؟؟؟ لقد فعلها من قبل القائد الهمام خليل ابراهيم و رفاقه الميامين.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..