خورطقت من مدرسة إلى جامعة.. فهل من إضافة؟ الماضي المضيئ.. والحاضر المظلم

الأبيض: مودة أحمد آدم

منبع الفكر ومشكاة العقول توافد إليها جميع أبناء السودان من شماله وجنوبه وغربه وشرقه، طلباً للعلم والارتقاء والثقافة، باحثين عن الارتواء من ظمأ الجهل، وخورطقت الثانوية فيما مضى فجرت ينبوع العلم الذي يتدفق ثقافة وعلم كـ (هبة) وهبها الله سبحانه وتعالى لأبناء هذا الوطن، لترفد الإنسان السوداني بأروع ما فيها من علوم أسسها المستعمر من أجل خدمة أطماعه.

ولكن خورطقت الثانوية لم تتوان قط في ممارسة وأداء واجبها الوطني، فقدمت أبناءً للوطن أفذاذاً من كرام العلماء قدموا للبلاد جهودهم المخلصة ومواهبهم الثرة، ما ميزهم حبهم للوطن وفنائهم في أداء واجبهم بأحسن وجه، مدرسة خورطقت احتضنتها مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، فكانت على مستوى عالمي، فأطلق عليها (خورطقت العالمية) بما تحتويه من علوم ومناهج، وتصميم داخلي، كما كانت مرتعاً خصبا لممارسة الأنشطة الرياضية.

كيف كانت

هي التي مدت السودان بعلمائه وكوادره من كافة التخصصات وتفرع أبناء المدرسة في جامعات الدنيا، يرتادون كل التخصصات بعد أن تزودوا في أركانها ببنية تحتية مهمة، سواء أكانت لغوية أو فكرية، في شتى التخصصات العلمية والأدبية، وهكذا أصبح طلاب مدرسة خورطقت فيما بعد، قادة للعمل السياسي والدبلوماسي والاقتصادي والتنموي والقانوني والصحي، ولم يتركوا مجالاً من المجالات إلا كان لهم النصيب الأوفر فيه، تلك كانت طقت الثانوية.

أين خورطقت الآن؟

المفترض أنها ارتفعت إلى أعلى بعد ارتقائها لجامعة، لكن الواقع يكذب ذلك فلا نكاد نلمس أثراً لهذه الجامعة يوازي أثرها حين كانت مدرسة.

استطرد عبد الرحمن محمد إدريس (درس بمدرسة خورطقت الثانوية) حين قال إن خورطقت الثانوية عندما يذكر اسمها، فكل خريج فيها تجده مشدود الذكريات، يطوف بها حد يتخطى الخيال ويفوقه علواً ورفقة تبعث في نفسه ذكريات رائعة بين كل لحظة وأخرى، يتنقل عبر مدارات رحبة غاية في جمال اللحظات في أركان تلك المدرسة الجامعة، لم يمحها الزمان من الذاكرة. ويواصل إدريس حديثه قائلاً: خورطقت الثانوية كانت جنة من جنات الدنيا، وواحة للطلاب الوافدين من شتى ربوع السودان، كل ما يحتاج إليه الطالب يجده من كتبة، وغيرها على النفقة العامة، وحالياً بعدما أصبحت الجامعة، صارت كابوس حقيقي للطلاب فتنفق كل ما لديك من أموال في سبيل الحصول على مذكرات وغرفة في داخلية، مضيفاً بأنه ليست هناك مقارنة إطلاقاً ما بين خورطقت المدرسة، وخورطقت الجامعة، فالمقاربة معدومة.. معدومة.

ملتقى الثقافات

طقت ملتقى للثقافات الإسلامية، هكذا ابتدر حديثه (محمد البشاري) الذي أفنى نصف عمره في حراسة مدرسة خورطقت الثانوية، وقال إن قرار تحويلها من مدرسة إلى جامعة خطأ فادحاً ارتكبته السلطات في حق هذه المدرسة، وحق الشعب السوداني. وذكر قائلاً: إن مدرسة خورطقت الثانوية خرجت أجيال تفردوا بشغف المعرفة، وسعة الإطلاع، وعشق نهل الكتب، فكانت عقولهم ملتقى مثير للثقافة العربية الإسلامية الأصلية، والثقافة الغربية، ولهم معرفة واسعة بالإنجليزية وأدبها، وحتى الفرنسية. وأردف: ليس كأبناء هذا الجيل الذين يتخرجون في الجامعات، وهم لا يجيدون اللغة العربية، فكيف تكون الإنجليزية والفرنسية.

سودان مصغر

الداخليات في خورطقت الثانوية كانت عبارة عن سودان مصغر، وبوتقة تفاعل اجتماعي وثقافي وطني امتزجت فيها كل السحنات السودانية، ولكن الجامعة اليوم انتقلت لها العدوى من السياسة بوجهها القبيح، فتشرد طلابها إلى داخليات عرقية وجهوية وعشائرية لا تعرف شيئا عن الثقافة أو حتى العلوم.

الصفرة البهية

رحلت الصفرة الجميلة التي تجمع أبناء السودان في مائدة واحدة، والتي كانت عبارة عن منتدى مصغر تتلاقح فيه الأفكار، وتتبادل فيه الخبرات والمعلومات والثقافات المختلفة من ربوع السودان لتتقاطع باسم الوطن الجميل.

أين أساتذتها الآن؟

فرقت بهم سبل الحياة، فمنهم لا تزال مسيرته مستمرة، فلا بد من الاستفادة من معلمي خورطقت القدامى، ومنهم من أقعدته الشيخوخة ومنهم من قضى نحبه، لذلك نعول على وزارة التربية والتعليم في إعادة تلك المنارات لتعين الأجيال الحالية بخبراتهم وإعادة ترتيب المناهج. وياليت خورطقت تعود مدرسة كما كانت.

قائدة العمل السياسي بكردفان

كان لمدرسة خورطقت الثانوية دورها الرائع في العمل السياسي والوطني، ووكانت قائدة لجميع ثانويات كردفان خاصة مدارس الأبيض (الخارجية)، لاسيما في (التظاهر) في عهد الرئيس الأسبق الراحل جعفر نميري، والتظاهرة التي تزامنت مع انتفاضة أبريل خرج طلاب طقت نحو الأبيض، وفي الساعات الأولى من الصباح أحاط طلابها مدينة الأبيض مرددين هتافهم الشهير (الكاكي جميل لابسنو حمير.. لكن معليش لابسنو الجيش) و(اتنين عقر غلو السكر)، وهكذا من هتافات في تلك الحقب التاريخية الفاصلة في عهد الرئيس نميري. أما الآن ليس لطقت الجامعة دور سياسي واضح أو مؤثر في السياسة السودانية.

السودان يفقد كل يوم جزءاً أصيلاً من صميم مكوناته التاريخية التي ساهمت في بناء السودان الحديث، وانتقلت الجرثومة للأسف إلى مرافقنا التعليمية، لتصبح خورطقت حطاماً منثوراً بعد أن كانت واحة مزدهرة، وما تحتاجه خورطقت الآن لجنة عليا تخضع إلى رئاسة الجمهورية، لدراسة أوضاعها والنهوض بها بدلاً من المعاناة التي تعيشها، والمشاكل والابتلاءات أخرتها عن أداء دورها السابق حينما كانت مدرسة رائدة.

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. قمنا وقتها بالتظاهر علي حكم المرحوم نميري الذي كانت حكومته توفر لنا ثلاث وجبات مجانية مع الشاي باللبن والسكن المجاني المريح اضافة للمنهج التعليمي الممتاز والاساتذة المؤهلين . انجرفنا وراء ساستنا الذين اوردونا المهالك وأوصلونا لهذه الدرجة من التردي المريع في كل شيئ .

  2. للأسف أن ساستكم الدمروا طقت العراقة معظمهم خريجوها ولا أدري الفكرة في تدمير المدارس التي كانت منارات للعلم هم العساكر البوكسينهم ما دخلهم خورطقت ولا كانوا من الصف أم هم أهل خورطقت وحنتوب ولا يريدوا للعلم أن يكون مثل ما كان في عهد الرئيس الراحل نميري ومن سبقوه ؟
    منارات مثل خورطقت وحنتوب ووادي سيدنا والمدارسس الثانوية في المدن السودانية جميعا .. حينها لما كانت العدالة وتفير المعينات كان جل طلاب الجامعات من الأقاليم المهمشة اليوم

    اللهم جازي الكان السبب !!!

  3. وزمن عبود كان احسن وهكذا . لاننا شعب لم يفهم معني الديمقراطية . اتيحت له الفرص فضيعتها الاحزاب الفاشلة . التي سعت الي مصالحها فقط . حليل خورطقت وحنتوب وكمان السودان الزمان .

  4. بلاش اعادة وهياج ذكريات جميلة ولت الي عير رجعة طقت حنتوب وادي سيدنا القديمة الجديده الاميرية الحلة الجديده نصب الجندي المجهول المسلة جوار المرور السكة حديد الشفيع االكاشف وردي العمارات الخرطوم عرب وشرق وشمال حي الزهور الديم ب افخاذه بحري القديمة الضواحي امدرمان التاج مصطفي عتيق التنقاري والتنقاري بطران عبدالرحمن الريح خلف الله حمد ومحمد احمد عوض و بادي القديمة العشش سوق العشره كتييييييييييييييير كتير البصات الفورد والهنقاري والبعيو الالوان الاحمر والازرق والزوزو والهينوا الغنم الجداد وبتاع البرسيم السبيل في الشاره القطار سفريات السمس المشرقة مشروع الجزيره عيييييييييييييييييييييييييييك حتي الهواء

  5. رحمة الله منارات التعليم السوداني لا أحد ينسى كيف كان التعليم آنذاك في المدارس العتيقة خور طقه خور عمر بس ما عمر البشير عطبرة الصناعية حنتوب الثانوية رمبيك الثانوية سنار القديمة والكثير كلها تحولت إلى ثكنات عسكرية وبيوت أشباح الله يلعن ابوكم على ابو اليوم اعجابكم يا صراصير المراحيض .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..