معضلة “دريم لاند” “… ماذا يقول “بهجت”؟ كيف يعلق “الخواض”؟ لوزير التخطيط العمراني بولاية الجزيرة إفاداته حول مشروع يلخص كل مشاكل الاستثمار في البلاد

اليوم التالي: صباح موسى
واجهته الكثير من العوائق من قبل، واكتنفت طريقه صعاب جمة في السابق.. الملاحظ أنه في كل مرة، ومن نفس البوابة يتسامع الناس أنباء المشروع، حتى بات من النادر أن تأتي سيرة (دريم لاند السودان) في غير ما مقام النزاع. حسناً، عادت قضية “أرض الحلم” إلى الواجهة مجدداً، بعد مرات عديدة اعترضت خلالها العقبات الكأداء المشروع. مشروع دريم لاند كان قد بدأ منذ عام 2004 لرجل الأعمال المصري أحمد بهجت. المشروع يعود لواجهة الأحداث من جديد إثر قرار ولاية الجزيرة نزع ملكية أرض المشروع بعد عشر سنوات من الشد والجذب.. القصة لدى البعض مرتبطة بفساد حكومي وتشويه كبير للاستثمار الأجنبي بالبلاد، ومرتبطة في أذهان أخرى بأن المستثمر المصري غير جاد، رغم أن الرجل لديه استثمار ضخم وكبير في مصر ومشروع مماثل لدريم لاند في القاهرة.. جهات أخرى أكدت لنا أن السبب الحقيقي وراء عرقلة المشروع يكمن في الخلاف الحادث بين بهجت وشريكه السوداني عصام الخواض، وهذا أمر أكده لنا بهجت في حين نفاه الخواض تماما. حاولنا أن نقترب من القضية أكثر ونحقق فيها، علنا نصل إلى نتيجة وأسباب.
1/
* مشروع وعقبات
حكاية أرض دريم لا يمكن ابتسارها في كونها (مشروع وبه عقبات)، بيد أن الموجز يلخص جانبا كبيرا من أزمة الاستثمار في السودان.
على طاولة الدكتور مصطفى عثمان وزير الاستثمار كان تساؤلي مبذولاً؛ إلى أي مدى يمكن أن تؤثر نهاية مشروع بحجم دريم لاند على الاستثمار؟ فأجاب الوزير: بالتأكيد أي عقبة تواجه أي مشروع كبير تلقي بظلالها على الاستثمار ككل. ويضيف عثمان لـ(اليوم التالي): إن أحمد بهجت من حقه أن يتقدم بشكوى إلى محكمة الاستثمار إذا شعر بأن الولاية نزعت منه الأرض بدون وجه حق، ومن حق المستثمر أن يتقدم بشكوى للجنة العليا للاستثمار حتى تفصل في هذا النزاع مع الولاية، وتابع: من الأفضل أن يحدث تفاهم بين بهجت وولاية الجزيرة وأن ينتهي النزاع بينهما لحل ودي، لافتا إلى أن هناك تعقيدات كبيرة في القضية ولكنها يمكن أن تحل عبر التفاهم، معلنا ترحيبه بأحمد بهجت إذا جاء إلى السودان في أي وقت، وقال: لكن ليس لدي علم أنه سيأتي قريبا.
2/
* المعضلة بعيون بهجت
خبر نزع الأرض الذي انتشر في وسائل الإعلام، تردد بالتوازي معه أن المستثمر المصري أحمد بهجت سيأتي إلى الخرطوم ابتغاء حل النزاع، قمنا بالاتصال ببهجت الموجود حاليا خارج مصر للتأكد من ذلك، فقال من خلال الهاتف لـ(اليوم التالي): نحن نتحدث مع الحكومة السودانية هذه الأيام لنعرف أسباب هذا القرار، مضيفا: ننتظر لنسمع الموقف الحكومي حتى يتم التوصل لحل نهائي لهذا الموضوع، موضحا أن محاميه يقوم بالاتصالات الآن مع كل الجهات بالسودان لمعرفة أبعاد القرار، نافيا وصوله للخرطوم هذه الأيام، وقال: أنا خارج مصر في رحلة طويلة، وسوف أصل الخرطوم إذا تطلب الأمر حضوري، مبينا أن شريكه السوداني عصام الخواض هو الذي يسبب عقبة كبيرة للمشروع، وقال إن هذا الشريك هو معضلة المشروع، مضيفا: بيننا نزاعات قانونية فله 50%، ولي 50%، موضحا أن نصيب الخواض الحقيقي 1% فقط وأنه لم يدفع أي فلس في رأس المال. بهجت يضيف بالقول إنه: منذ بداية المشروع في 2001- 2002 لم تكن العلاقات بين مصر والسودان على ما يرام، وأنه كانت هناك عقبات كبيرة أمام المستثمرين الأجانب تحسنت كثيرا الآن، وكان ذلك يتطلب وقتها وجود مستثمر سوداني أساسي في المشروع، فقمنا بوضعه شريكا على الورق لإنجاز المشروع، معربا عن أمله في أن تحل المشكلة مع الحكومة، وألا تلجأ دريم للقضاء لأنه يأخذ زمنا طويلا، وقال: نسعى لأن نصل إلى حلول ودية مع الدولة بعد أن وصلنا لكل أنواع المشاكل حتى نعاود البناء وننتهي من المشروع.
3/
* “بالونات إعلامية”
وعلى عكس ماذهب إليه بهجت تحدث عصام الخواض إلى (اليوم التالي) مؤكدا أن الشركة لم يصلها أي قرار رسمي من ولاية الجزيرة بنزع أراضي دريم، وأن المشروع مازال ملكا للشركة. مضيفاً بالقول: سمعنا بالقرار مثل الآخرين، واصفا ما يحدث بأنه مجرد بالونات إعلامية تضر بالاستثمار في البلاد أكثر من ضرر دريم لاند نفسها، مسترسلاً في حديثه بالقول: “الدولة لم تلتزم لدريم بأي التزام حتى هذه اللحظة وأرض دريم مازالت زراعية، رغم أن الدولة أعطتنا صك ملكية لأرض سكنية”، وزاد: “استلمت صك أرض سكنية من مسجل عام الأراضي وهو قاض في محكمة عليا، وفوجئنا بعد أربع سنوات، وبعدما انتهينا من المرحلة الأولى من المشروع تماما والتي بلغت تكلفتها 45 مليون دولار من مجمل 800 مليون القيمة الكلية للمشروع، أن الأرض زراعيه، فخسرنا حوالي 50 مليون دولار كل أرباح المرحلة، وتابع: لم نكن نصعد الأمور في الإعلام حتى لا نعطي صورة سيئة عن السودان، مؤكدا أن المجلس التشريعي بولاية الجزيرة ليست له أي علاقة بقرار نزع الأرض، موضحا أن المجلس قدم طلب إحاطة لوزير التخطيط العمراني بالولاية وهو من أصدر هذا القرار، معلنا أن الشركة ستتجه للقضاء الإداري بالدولة لحل هذا النزاع.
وعن اللجنة التي شكلها الرئيس بشأن دريم قبل عامين بعضوية د. نافع علي نافع، ود. مصطفى عثمان إسماعيل قال إن اللجنة أوصت بأن القطعة 804 جزء من دريم، كما أوصت بتوصيل الكهرباء والمياه للمشروع والابتعاد عن الرسوم ولم ينفذ أي توصية منها. ولفت الخواض إلى أن إعلان فسخ العقد مع دريم سيعتبر القشة التي تقصم ظهر الاستثمار بالبلاد. مؤكدا أن أحمد بهجت رجل جاد، وقال: رغم الخلافات بيننا إلا أنها تحل داخل مجلس إدارة الشركة، موضحا أن الشركة لديها إدارة قانونية هي التي تتحدث باسمها. وقال إن الوزير الذي أصدر القرار لم يذهب إلى المشروع ولم يعلم عنه شيئا، وإن الزبير بشير طه الوالي السابق للجزيرة لم يدخل هذا المشروع طيلة 4 سنوات.
4/
* فلاش باك
وكانت شركة دريم قد استلمت – من مسجل عام أراضي السودان – شهادة بحث الأرض التي تبلغ مساحتها (7.774.000 متر مربع)، بسعر (ثلاثة دولارت للمتر المربع)، لإنشاء (25.000 وحدة سكنية) في بدايات عام 2004 وبعد الاستلام، فوجئت الشركة بدأت رحلة الشركة مع التعويضات والمحاكم، لفترة تجاوزت الست سنوات حتى استقروا.. ثم سورت الأرض وشرعت في البناء، ولكن فاجأتها حكومة الجزيرة بمنع البناء قبل تحويلها من أرض زراعية إلى أرض سكنية، مقابل رسوم قدرها (10 مليارات جنيه).. ولأن الأرض في العقد وشهادة البحث سكنية ومقدرة بالمتر وليس بالفدان، رفضت الشركة هذا الأمر.. ثم فوجئت بأن تكاليف توصيل الكهرباء مقدرة بـ (40 مليون دولار)، فرفضت هذا التقدير، ثم فوجئت الشركة برفض السلطات توصيل المياه، وأن تكاليف إنشاء المحطة مقدرة بـ(12 مليون دولار)، بعدها شكلت رئاسة الجمهورية لجنة برئاسة الدكتور نافع علي نافع في مارس 2012، لحل مشكلة دريم لاند، أي لإزالة تلك المعيقات (خلال شهر).
اجتمعت اللجنة مرة وأخرى، وأوصت بأن تلتزم الحكومة بما عليها، وأن تلتزم الشركة بما عليها، ففرحت الشركة وشكرت في الصحف رئاسة الجمهورية ولجنتها التي أزالت تلك العقبات، ولكن بعد الفرح والشكر، فوجئت الشركة بأن توصيات اللجنة المركزية في واد وموقف حكومة الجزيرة في واد آخر!
5/
* المشكلة في الشراكة
وللرد على ما يتناقله الناس، وعلى ما نشر في الصحف حول هذا المشروع، وعن حيثيات قرار نزع ملكية (دريم).. تحدثنا مع الصادق محمد علي الشيخ، وزير التخطيط العمراني والإسكان والمرافق بولاية الجزيرة، فقال لـ(اليوم التالي) إن أحمد بهجت صاحب خبرة وتجربة وقدرة مالية في هذا المجال، واستطاع أن يؤسس مشروعا استثماريا كبيرا وضخما في مصر، مضيفا أن المشكلة جاءت نتيجة أن الشركة مناصفة بينه وشريكه السوداني عصام الخواض، وأن هذه المشاكل صعدت للمحاكم، ولم يستطع أحدهما الحسم لأن الأسهم متساوية 50%- 50%، مبينا أن أحمد بهجت طرد من المشروع منذ فبراير عام 2013 من قبل شريكه، وأصبح المشروع من غير إدارة ولا رؤية، وكل القضايا بينهم في المحاكم، وقال إن الخواض استطاع أن يحصل على حكم قضائي أولي بموجبه استولى على المشروع، ولكن من الصعب ترجيح مصالح طرف على آخر لأن الشراكة نسبتها متساوية، وتابع: أن هذه الخلافات كانت أكبر عائق في المشروع، موضحا أنهم لم يدفعوا سوى 3 مليارات جنيه سوداني من قيمة الأرض التي تقدر بـ(36) مليارات جنيه، بما يعادل 8% في ذلك الوقت، بينما قيمة الأرض حاليا تقدر بأكثر 900 مليار جنيه، وأنه طيلة هذه الفترة كانت الشركة متعثرة في السداد، لافتا إلى أن موضوع توصيل الخدمات للمشروع كان يمكن أن يحل بسهولة ووديا لو كان الشركاء متفقين، كما أوضح أن حكومة الولاية دفعت حتى الآن 100 مليار جنيه تعويضات لملاك الأراضي، وأنها لم تحصل سوى على مليارين فقط من الشركة، وقال خسرنا مبلغا ضخما، وفي هذه الحالة يعطينا القانون حق فسخ العقد من دون إنذار، مشيرا إلى أن حكومة الولاية لم تقدم على هذه الخطوة من قبل حتى لا يؤثر ذلك على الاستثمار الأجنبي، وحتى نعطي فرصة لحل الموضوع وديا.. وقال في حالة استحالة عدم اتفاق الشركاء وعدم قدرتهم على دفع المبلغ وعدم رؤية مستقبلية للمشروع، فما كان أمامنا سوى فسخ العقد، مضيفا يمكن أن نستأنف المشروع بعد أن تحدد المحكمة الممتلكات، لكن يتحدد ذلك قانونيا من قبل المحكمة، وزاد: الشركة الآن مدانة بمبالغ كبيرة جدا، وبهجت رافع دعوى على الخواض، والخواض رافع دعوى فض شراكة وأخذ حكما وتم النقض عليه. موضحا أن المشروع لم يكن به أي حراسة، ووضعنا عليه الحراسة، وأنه تم نهب كل شيء في الموقع. وردا على حديث الخواض بأنه لم يذهب إلى مكان المشروع ولا يعلم أي شيء عنه، قال إن المشروع معلوم ومكانه معلوم وهناك لجان عقدت حوله، مضيفا: جلست مع الخواض نفسه لأجد رؤية للحل، لكنه لم يعطنا أية رؤية، وانتظرناهم خمسة أشهر ليجد الشركاء حلا ولم يصلوا إلى أي حل، ولفت الوزير إلى أن النقطة الأساسية مرتبطة بالشركاء حال تم حسمها ووجد شريكا تستطيع الولاية التعامل معه وقتها سيكون سهل الاتفاق، مؤكدا أن قناعة حكومة الولاية أن الموضوع من السهل حله، وقال لدينا نظرة مستقبلية في المشروع بأنه سوف يطور، ونحن حريصون على وجود الاستثمار الأجنبي بالبلاد، وحريصون على بهجت وعلى المشروع ولكنهم تعثروا في الحل، وقال كما أن هناك قضايا عالقة لعدد من ملاك الأراضي لم يعوضوا حتى الآن، وبعضهم كسب قضايا من المحاكم وجزءً من القضايا على الشيوع، وزاد: كما أن أرض المشروع حجزت لبعض القضايا في المحاكم لعدم سداد بعض الالتزامات المالية، دون دفاع قيمتها، ولذلك أصبح المشروع مهددا.
اليوم التالي
الخواض في التسعينات كان صايع في مصر وكان مطلوب في قضيةنصب واحتيال وتزوير وكان هارب في ليبيا .